(لم يعد الصمت ممكنا) إجابات سريعة في اليسار العراقي الجبان


رياض الأسدي
2010 / 3 / 30 - 15:08     

قبل الإجابة عن سؤال وجهه موقعنا (الحوار المتمدن) عن سبب فشل اليسار العراقي في انتخابات2010 أقدم اعتذاري لكلّ اليساريين الديالكتيكيين الشجعان من سكنة فنادق خمس نجوم الذين أمعنوا كثيرا في حرث أست الرأسمالية الجديدة. أجل انتم أيها السادة الذين خرجتم من الغابة حفاة وسرتم على أسفلت الشوارع النظيفة. هاللللو أخيرا. لكنكم أحبائي, أيضا, صدقوني, ولأنكم عراقيين فقط. القضية تعنيكم هنا في الداخل : لماذا ظهرت (عورة) اليسار العراقي من جديد في انتخابات 2010؟ وهل من المعقول في بلد فيه ملايين العاطلين عن العمل وملايين الفقراء وملايين الذين فقدوا آباءهم يعجز اليسار عن تسيير مظاهرات يومية لهم؟ سؤال ضروري ومهم لهذه المرحلة الشائكة, يفكر به الجميع ممن تعنيهم قضايا العراق الوطنية والطبقية.. ألا فلتسقط كسفا من السماء على رأسي الآن لأني كنت أشعر أن لا جدوى من العمل بين الجماهير الفقيرة.
ينبغي علينا أن نسأل بجدية أيضا : هل يوجد على الأرض العراقية حاليا يسار عراقي ذو قدرات حقيقية وهو بمقدار مسؤوليته الإنسانية في تغيير العالم؟ هل يمكننا أن نلمس ذلك فعلا؟ وأين تلك المرابض الثورجية إذا ما وجدت قائمة؟ وهل استطاع (الشيوعجيه) من رفاقنا القدامى, وأصدقاءهم, ومناصريهم, ومسانديهم, وتابعيهم, ومثقفيهم أن يكونوا تيارا فعالا في هذا المجال؟ الجواب: اليسار العراقي بمختلف أطيافه وتنوعه – لا يرى بعضهم هذا التنوع!- قوي وفاعل وكبير وخطر.. على الضد مما ينظر إليه كثير من إخواننا في الخارج؛ لكنه في الوقت نفسه يسار ضعيف وهش وفردي ومتقوقع وأناني وجبان.. هذه الصفة الأخيرة مهمة وضرورية جدا. وهو يحتاج إلى العمل في مجال منظمات شعبية عريضة ممولة ذاتيا وحقيقية لا ترى إلا مصالح الفقراء والمعدمين والمشردين لاستعادة تنظيمه وفاعليته ومن ثمّ للخروج من الفردية والعزلة وإلى المزيد من الشجاعة الفردية والجماعية.
من الخطأ الكبير أن نعد الحزب الشيوعي العراقي ممثلا لليسار العراقي أو حتى فصيلا متقدما أو متأخرا عنه : تلك كانت أيام الستينات من القرن الماضي. لنغادر هذا المناخ رجاء. كما أن الحزب الشيوعي لا يتوجب علينا أن نجعل منه (كبش فداء) دائم لأخطائنا الإستراتيجية في العمل الجماهيري بين المعدمين والفقراء والعاطلين والنساء المعذبات والأطفال المشردين والهامشيين و والأرامل.. اكتب القصص عن هؤلاء وانشرها في الحوار المتمدن ليقال عني قاص جيد لتحلّ علي اللعنة!! القصص أخر ما يعمل به الواحد منا ويتوجب أن تكون جزءا من عمل أكبر.. وما لم تكن تلك القصص أنا نفسي وشعبي المعذب والمصاب بالعشو النهاري..فمن أكون؟ ليسقط أدب الكتاب المتبرجزين العراقيين الجدد.. المقولبين.. العالميين جدا! لازال الخوف قائما.. لازال الفاشيون يتربصون بنا الدوائر.. خفنا! : منذ أن وضعوا سلام عادل تحت الروله وهو لم يخف! خفنا نحن! لديّ أخوان واحد أسمه سلام تولد 1961 وآخر أسمه عادل! لم يمت سلام عادل إذا.. اليسار العراقي حي؛ لكن التنظيم غآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآئب. وإيصال الأفكار التنويرية بوجه الهجمة الظلامية الجديدة ضعييييييييف. كلّ (الصوج) من حميد ومفيد و.. و.. كل الصوج مني أنا ومن جماعتي اليساريين المتشدقين أيضا.. الحزب الشيوعي ليس الأخ حميد مجيد موسى ولا مفيد الجزائري ولا بقية أعضاء اللجنة المركزية؛ إنه هذا الكيان الكبير في ذاكرة العراقيين جميعا. نحن كأبناء شيوعيين لا نقبل في كلّ الظروف أن يشنع على منزلنا البسيط (الصريفة) أو (بيت التنك) أو (بيت الطين) أو (بيت البلوك بمساحة (50) مترا مربعا أو أقل)؛ أجل نحن ننتقد قيادة هذا الحزب لاقترافها أخطاء قاتلة - وربما مميتة بالدرجة الأساس وهذا من حقنا- أضرت كثيرا توجهات الحزب الشيوعي بعد الاحتلال باليسار العراقي وبحركته وديمومته, وأبعدت الجماهير الفقيرة عنه, وأولها, رضوخ قيادة الحزب الشيوعي- للأسف الشديد- إلى الاحتلال الأميركي الامبريالي المتوحش، ثم المشاركة في الجريمة الشنعاء ضد الشعب العراقي : أسقطوا صدام ونصبوا لطام!
كان حريا بهذه القيادة أن تكون أكثر تحسسا واستشرافا لمستقبل العراق السياسي. ثمة بدائل كثيرة عن موقف المشاركة في جريمة الاحتلال منها طبعا : رفض الاحتلال والعمل على استقلالية الموقف بعيدا عن موجة (القابلين) به. سيقولون: لا احد يقبل بالاحتلال.. هل هو مجرد كلام؟ الاحتلال يجب أن يزول الآن وفورا منذ 10/4/2003 هكذا هو موقف اليسار الذي كان يتوجب عليه أن يتخذه.. ويجب ان نقاوم.. سرق الظلاميون من القاعدة وغيرهم من الفصائل الطائفية القذرة القاتلة للشعب روح وجذوة المقاومة العراقية على وفق خطة مصممة سلفا كي يمنعوا قيام مقاومة حقيقية وطنية يقودها اليسار الوطني. هكذا هو اليمين واليمين الدينوي يعمل خادما مباشرة او على نحو غير مباشر للمحتلين.. فذهبت فرصة ظهور مقاومة وطنية يسارية بحجة أن شروط مقاومة الاحتلال المسلحة غير قائمة الآن؛ رغم قناعتي الدائمة أن اليسار الحقيقي لا ينمو إلا في ظروف قتال المحتل.. والمقاومة السياسية جناح للمقاومة وهو ضروري ومهم. هذا من وجهة نظري فقد أصاب اليسار العراقي والحزب الشيوعي مقتلا في الصميم. ثم خسر اليسار معركة الصندوق الانتخابي أخيرا ومن قبل بسبب تخليه عن دوره الطبيعي في المقاومة. وبقي الشعب يتخبط في وجوه الآتين من بعيد ممن لا يحملون برامج عملية واضحة للخروج بالبلاد من وحلها وبرك دمائها التي ملأت كلّ شبر تقريبا.
يجب أن نكون واقعيين في تشخيص الأسباب والتناقضات المركزية والثانوية, ووضع الحلول لها عمليا. مع من التناقض المركزي : بين الشعب الأعزل والاحتلال. الجلوس وراء المكاتب ليس مجديا.. (لم يعد الصمت ممكننا)هذا الكلام أوجهه إلى نفسي أولا. أيها الأخوة يجدر بنا أن نقدم نقدا ذاتيا لأنفسنا أولا ومن حين لآخر.. كما يتوجب ذلك على قيادة الحزب الشيوعي أيضا وأولئك اليساريين البطرانين وراء البحار والمحيطات. أولئك الذين يلقون باللوم على قيادة الحزب الشيوعي- وقد قرأت ردود أخواننا في الخارج خاصة- إنهم لا يقترفون خطأ فحسب بل يسهمون في تعميق الأزمة لا حلها. نحن هنا لا نريد أن نجرّح الرفاق في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي أبدا. وللإجابة عن هذا السؤال أيضا : على الأرض حقيقة وأنا أعمل في داخل العراق ولم أغادره إلا إلى سجون صدام؛ اليسار العراقي قوي, وفاعل, ومؤثر على الساحة.. وكل ما ينقصه (التنظيم) والجدية..
والحل: إنشاء حزب اشتراكي ديمقراطي عراقي
بالطبع ليس القصد من وراء إنشاء هذا الحزب أن يكون بديلا عن الحزب الشيوعي أو زيادة الفوضى السياسية في العراق على ما هي عليه من شرذمة بل للملمة تشرذم اليسار العراقي.. أولا.
يمكن للإخوة مناقشة هذا الموضوع والشروط الموضوعية والذاتية المتعلقة به أيضا.