هناك من ليس لديه استعداد لتقبل فكرة أن الناس يتغيرون


رداد السلامي
2010 / 3 / 23 - 07:53     

عليك أن تكتب ما يستحق الكتابة ، في ظل وضع كهذا ، الاهتمام بإحياء الرفض لأشكال التخلف ، وتحقيق التقدم للمعرفة ، والوعي ، هو الأهم ، وتجاوز التحديات الماثلة يستلزم وجود الدافع القوي الذي يذيب منطق الجمود .

وإذا كان ثمة ما يراد الوقوف أمامه من قبل من لم يتضح له أهمية ما تقول ، فإن ذلك لا يعد مبررا للتوقف عن الكتابة ، صحيح أن الترصد المقصود فعل غير سوي يجابه الحرية ، ويسعى إلى إخراس الكتابة كالتزام تجاه قضايا الشعب ، فبعض العقول لم تنضج بعد ،رغم التصنع الذي يتمظهر به البعض ، والمعرفة التي ينط ذووها عن الواقع الموضوعي ، فمراعاة ثقافة المجتمع واحترام ما يعتقد به مهم ابتداء لتحقيق تقدم في وعيه وتفكيره بطريقة لا تتصادم معه ، وبالتالي تعيد تشكيله بهدوء كمن يعلم الجاهل أبجدية القراءة.

هناك من ليس لديه استعداد لتقبل فكرة أن الناس يتغيرون ولكن ليس بالطريقة الفجة التي يحاول بها فعل ذلك ، هناك أمور مراعاتها في تغيير التفكير ضرورة لتغيير أفضل ، إن فكرة التغيير بالمفهوم الأيدلوجي تنتج التصادم المضر والتمترس المخل الذي ينتج التصادم الحاد والذي تغدو معه السيطرة على الوضع غير ممكنة ، إنه يزيد من الفوضى ، والفوضى لا تخدم المجموع بل الأفراد المسيطرون ففي الصراع إلى جانب المجموع المتخلف ضد القلة المستغلة تكون الهزيمة نصيب من يعمل لصالح ذلك المجموع لأن وعيه لم ينضج بعد.

إن الوصول بحالة التناقض الى مداها قد حدث فعلا عام 94م، لأنه كان يعبر عن مظهرين مختلفين ، كانت الهزيمة في بدايتها لقوى التقدم ، لكننا في المستقبل سنشهد انصهار النقيض التقليدي والكمبورادوري لصالح تلك القوى ومشروعها الوطني ، الأمور تحتاج الى الإبداع في فن التغيير ، وليس الابتذال الليبرالي الفج الذي يتجاوز حتى مفهوم القيم الإنسانية الراقية التي تعتبر سياجا قويا أمام تغلغل فكر النقيض الخارجي المتوحش الذي يحاول بعض مثقفي البلاد العمل به ، إن التدمير لثقافة وقيم مجتمعنا الايجابية يعد عملا تخريبيا ليس إلا ، وهو ديدن قوى الكمبورادور والبراجماتية المبتذلة التي همها مصالحها بأي شكل كان، والربح ولو خسر المجتمع قلاع القوة الايجابية التي تحصنه من الانهيار أمام زحف التوحش الليبرالي .

إن المرونة التي تبديها قوى الهيمنة ، ليست مرونة حقيقية ، لقد وجدت ذاتها أمام واقع لا يصب في مجرى مصالحها ، ولذلك هي تناور وتبدي نوعا من ذلك ، لأسباب كثيرة ، إنها تدعم الحلفاء القدامى وتناور كي يتخلق جديد بديل يناسب أهدافها ، لكن ذلك غير ممكن ، لم يعد هناك سبب كاف لذلك ، فنضال الشعوب السلمي أعاق ممكنات نشوء ذلك البديل التابع.

وبالتالي فإن التغيير اليوم ممكن ، ولم يعد مستحيل ، إن حركة الشعوب ونضالاتها تحيل المستحيل الى هباء، وتصيغ واقعها ومستقبلها بإرادتها الجماعية ، وتناقضاتها التي تنغمها بطريقة لا تجعل يدا من خارجها تمتد لتعبث بها ، وهي تتعلم بالتجربة ولديها مخزون من الذاكرة الملهم لها في مسيرة التغيير ، تستفيد من ماضيها بإيجابية وتتجنب العودة إلى ما كان فيه سلبي .

إن هواة المخاطرة لايمكن الوثوق بهم كقادة للتغيير ، فالتغيير ليس عملا فرديا يخاطر به فرد أو أفراد ، إنه يأتي نتيجة واقع موضوعي ، تآزرت الجهود الجماعية المختلفة من أجل تغييره ، فأسباب ودوافع هذا التغيير كامنة في الواقع ذاته ، وهو من يحرك ابتداء الداخل الإنساني بسبب انعكاسه المؤلم عليها.