حول الدايالكتيك الإلهي وقضايا أخرى


عدنان الظاهر
2010 / 3 / 5 - 18:29     

تعليقات عجلى على بحث الدكتور أنور نجم الدين الذي يرد فيه على من قال ب " الديالكتيك الإلهي " المنشور بجزأين في موقع الحوار المتمدن . لم أستطع نشرها في الحقل المخصص للتعليقات أسفل البحث لأنها تتجاوز الألف حرف المسموح بها :
أولاً / نسب الدكتور أنور إلى أحد الأخوة الماركسيين قوله [ ينتهي الوجود والدايالكتيك لا ينتهي . إنه الحقيقة المُطلقة وأصل الوجود ] .
إني أُخالف هذا الوضع وهذا الفهم للدايالكتيك ، لماذا ؟ كيف ينتهي الوجود وهو خالدٌ كالزمان أزليٌّ كان وما زال وسيبقى حتى الأبد . وكيف يكون الدايالكتيك أصل الوجود وهو أساساً مشتّقٌ من حركة الوجود ، فالوجود أسبق وأكبر من الدايالكتيك .
ثانياً / الدايالكتيك هو دايالكتيك هيكل أو إحدى صياغاته العامة ، وهو دايالكتيك مثالي ومقلوب على رأسه حسب تعبير ماركس ووصفه له . لذا فإني أرى من الخطأ تسميته بدايالكتيك ماركس الإلهي إلاّ إذا قصد الدكتور أنور إلتزام ماركس الحرفي بقوانين الدايالكتيك كما يفهمها هو .
ثالثاً / حقيقة ماركس المطلقة ـ كما أفهم الرجل ـ هي حقيقة مادية وليست إلهية . لا أحسبُ أنَّ ماركس كان قد تكلّمَ عن دايالكتيك مطلق إلهي أبداً.
رابعاً / قانون العرض والطلب
إذا كانت المقولة الشهيرة [ إذا زاد العرض قلَّ الطلب ] صحيحة ، وهي ليست صحيحة مائة بالمائة ، فإني أزعمُ أنَّ القانونَ الآخرَ أكثر صحّةً ومصداقيةً ... أقصد [ إذا زاد الطلب زاد العرض ] . وإذا حافظت هذه المعادلة على توازنها إستقرت أسعار السلع المطلوبة دون زيادات . أنا مع الدكتور أنور فيما قال من أنَّ علاقة قطبي العرض والطلب ببعضهما لا علاقة لها بقانون وحدة وصراع الأضداد . تربطهما علاقة أو معادلة خطيّة مستقيمة مباشرة والدليل القويُّ هو إختفاءُ ضد الضد فيها . لا وجودَ لبديل أو مولود جديد يحملُ نقيضه في أحشائه في حالة إنتصار أحدهما على الآخر .
فالدكتور أنور على صواب حين قرر بوضوح وجرأة علمية نادرة أنَّ [ قانون العرض والطلب والمزاحمة ليست وحدات جدلية / دايالكتيكية ] لخلوّ وحدتها أو رابطتها من عنصر التضاد والمتضادات .حركتها في السوق الرأسمالي ليست جدلية داخلية فالعرض ليس النقيض الجدلي للطلب . ثم َّ ، ليست كل قوانين الطبيعة جدلية ... فقانون الجذب العام لنيوتن مثلاً ليس قانوناً جدلياً / دايالكتيكياً ، ليس فيه نقائض أو وحدات متصارعة ينفي بعضها بعضاً ويتغلب أحدهما على الآخر حتى يتولد مولود جديد يناقض أباه حتى ينتصر عليه إذا تراكمت وتجّمعت العوامل والأسباب المؤاتية . دعونا نتفلسف فنذهب بعيداً لنقولَ : ما نتيجة تصادم القمر مع الأرض لو إختلَّ النظام الكوني الحالي القائم على مبدأ الجذب والطرد ؟ النتيجة هي تحطّم الكوكبين السيارين معا وتبعثرهما ً في الفضاء الكوني غير المتناهي رمالاً وتراباً وأجزاءً كبيرة وصغيرة . أين وما هو حاصل هذه العملية إذا كان الكون دايالكتيكي المنشأ وكافة حركاته تخضع حرفياً لقوانينه المعروفة بوحدة وصراع الأضداد ؟ هذا مثال واحد فقط وفي خاطري الكثير من عالم الفيزياء والكيمياء خاصةً حيث لا تجري التفاعلات الكيميائية بين العناصر والمركبات حسب قانون وحدة وصراع الأضداد إنما حسب قانون الإلفة الكيميائية والإستعداد لتقبل ألكترون أو أكثر لتأسيس روابط كيميائية تربط العناصر والمركبات ببعضها فأين ،تُرى ، الدايالكتيك هنا ؟ نتائج هذه التفاعلات ثابتة ليس فيها عناصرُ تناقض فصراع وناقض ومنقوض .
هذه هي تعليقاتي السريعة المركّزة وودتُ لو أستطيع المضي إلى أبعد من ذلك لكنَّ أحوالي لا تسمح ... ثم إنَّ الباحثَ الفذَّ الدكتور أنور نجم الدين قادر لا ريبَ على المزيد من التعمّق في قانوني العرض والطلب ثم ركني رأس المال الثابت والمتحول وكنت قد شجعته في واحدة من رسائلي الأخيرة على المضيّ في هذا الدرب الشائك وتحدّي المصاعب وحجج المحتجين .