قصص قصيرة


نهار حسب الله يحيى
2010 / 3 / 5 - 00:18     

شذوذ

اجتمع عدد من المجرمين والقتلة في ساعة متأخرة من الليل في إحدى خانات المدينة..
غنوا ورقصوا مع طرقات الكؤوس كانوا يتباهون فيما بينهم بما ارتكبوا من جرائم.
قال أحدهم:
-سأروي لكم يا رفاق أهم جريمة في حياتي وهي ذبح خمسة أطفال دون سن السادسة بعد اختطافهم وابتزاز ذويهم.
وقال آخر:
-أما أنا فقتلت أكثر من خمسين طفلاً بسيارتي المفخخة التي عملت على تفجيرها أمام مستشفى للاطفال.. وقبضت ثمناً يستحق العناء ممن يحترم جهدي.
رد ثالث:
-انا لا يعجبني ان اقتل أحداً ولكني اعشق ان احرق، وفي الصباح حرقت ثلاثة منازل كانت مكتظة بالسكان العزل الغاطسين في النوم.
وقال رابع:
-أنا أك
ره أمي لانها تزوجت غير أبي.. لذلك قطعت رأسها دفنته في بطنها حتى لا يتعرف عليها أحد..
سمع كلامهم أحد الشباب السكارى الجالسين على مقربة منهم في الخانة.. وقال لهم بصوت متقطع:
-اسمحوا لي ان أشارككم السهرة.. كل منكم عرض موجزاً من سيرته الذاتية.. ولكن جميعاً لم تصلوا الى المستوى المطلوب أو الى اية درجة من الإبداع.. أنا أكثركم إبداعاً وشراسة..!
الجميع بصوت واحد: (كيف؟)
-أنا أعمل في الطب العدلي وأسكن فيه أيضاً أسهر طوال ساعات الليل بين أجمل الأجساد التي لا تعمل على مقاومتي عند اغتصابها والتشبع منها.. وبعد ان أريح نفسي عمل على اخذ قطعة لحم صغيرة من ذلك الجسد المغتصب واكلها وهي نية!!
أعجب الجميع بما قال ذلك الشاب، لان شكله لا يدل على الإجرام..
تساءل احد الجالسين:
-مادمت تعمل في الطب العدلي.. هل تذكر جثث النساء الفاتنات الثمان اللواتي افتقدن رؤوسهن
-نعم.. هذه الجثث وصلتنا في تموز 2006.. وكان يوم لا ينسى.. لقد اغتصبتهن جميعاً في ليلة واحدة..
-كيف.. وهن بلا رؤوس؟!
-بعد ان سئمت من تلك الأجساد التي أمارس معها الحب يومياً.. قمت بقطع رؤوسها وتركيبها على الأجساد الطرية الجديدة التي لا يزال دمها ساخناً.. ومارست هوايتي حتى الصباح.
-ألا تخشى ان يكتشف أمرك؟؟
-لا.. لا.. لأني ببساطة اكتب في تقريري صباح كل يوم.. ان كل الجثث الموجودة في الدائرة مجهولة الهوية.

صورة السلام

أقامت إحدى أهم المؤسسات الثقافية والفنية مسابقة الدولة السنوية لاختيار أفضل صورة فوتوغرافية تجسد السلام..
وكان ضمن شروط المساهمة في تلك المسابقة ارسال إسم المصور ومحل إقامته مع الصورة فضلاً عن تقرير موجز يتعلق بمكان وزمان التصوير ونوع الكاميرا التي استخدمها المصور.
تقدم للمسابقة عدد كبير من المصورين الباحثين عن شرف الفوز بمسابقة (صورة السلام)، كانت معظم الصور المقدمة مرشحة للفوز ولكن لجنة التحكيم في المسابقة ظلت تبحث عن فائز واحد.. حتى وقع اختيارها على صورة للمصورة الشابة (حياة حبيب)..
وكان من الغريب ان المصورة (حياة) لم تحضر حفل تسليم الجوائز..!
عملت المؤسسة على نشر أكثر من إعلان في الصحف والاذاعة والتلفاز.. تدعو فيه المصورة (حياة حبيب) الحضور الى مقر المؤسسة لاستلام الجائزة ولتتوج بوصفها أفضل مصورة سلام في العالم..
وبعد أيام من نشر الاعلان ارتأت المؤسسة السؤال عن المصورة الفائزة في محل إقامتها..
وتبين للمؤسسة في نهاية الأمر ان حياة.. اختطفت قبل عشرة أيام ومازال مصيرها مجهول إلى حد الان!
عندئذٍ منحت المؤسسة المصورة الفوتوغرافية (حياة حبيب) أفضل وآخر لقب (مصورة سلام في العالم).. واغلق ابواب المسابقة نهائياً.

مشانق

كان الموت مسألة عابرة جداً بالنسبة إليه، لأنه كان يعمل مُنفذاً لأحكام الاعدام في سجن (الشعبة الخامسة).. اعتاد الجلوس والنوم في حجرة الاعدام.. مثلما اعتاد حمل الجثث بعد إعدامها تنفيذاً للأوامر وتنظيفاً للمكان الذي يعيش فيه.
لم يكن لديه أي صديق أو قريب سوى حبل المشنقة الذي يقطف الأرواح بكل سهولة.
وفي ليلة كان صباحها شاقاً مليئاً بالمذنبين الذين نُفذ حكم الاعدام بحقهم.. نام كعادته تحت المشنقة كالقتيل.. وراى في منامه شيخاً طاعناً في السن.. كان قد أعدم أولاده في الشهر الماضي.. قال له:
-مشانق.. مشانق عُلق عليها الأبرياء قبل المجرمين والقتلة..
مشانق تَسع حبالها حتى رقبة الفيل..
مشانق.. يتدلى منها اطفال وطيور..
قاطع كلامه مُنفذ الاحكام قائلاً:
-لا أفهم ما تقول.. وعن اي شيء تتحدث ؟
-اتحدث عن إعدامك الورود البيض المتفتحة التي تحولت الى ورود حمراء اللون.. اتحدث عن بستان جميل احرقت كل اشجاره من دون سبب.. اتحدث عن اطفال خلقت من داخلي وتربت بماء العين وغابت عني من دون ذنب..
كنت ولا تزال سبباً في إعدام عديد من الابرياء الذين لم يرتكبوا جرماً يستحق الاعدام من دون محاكمة.. اتحدث عن جثث دُفنت مجهولة الهوية..
استيقظ من نومه فزعاً مرعوباً.. وبقي يفكر في كلام ذلك الشيخ حتى نفد صبره فعاقب نفسه وحكم عليها بالاعدام في تلك المشنقة.

أسئلة

بديع طفل بريء مرح يحمل ملامح الطفولة والبراءة الصادقة.. تعرقلت حياته منذ نعومة أظافره، حيث قتل والداه أمام عينيه على يد مجهولين جراء الحروب الطائفية والمذهبية والعرقية التي حلت في البلاد.
تربى في بيت جده وسط عائلة طيبة ومتعلمة ومثقفة..
تجاوز عمره خمس سنوات.. وصورة ذلك المشهد المرعب لم تفارق خياله..
كان ذكياً يحمل في رأسه مجموعة من الاسئلة التي يصعب الاجابة عليها..
وذات مساء كان بديع يسير مع جده في شوارع المدينة التي عرى الخريف كل أشجارها وباتت شبه ميتة..
سأل الطفل جده ببراءة: لماذا تموت الاشجار في الخريف؟
-لا.. يا بني إنها لا تموت ولكنها تبدل أوراقها في هذا الفصل.
•هل من الممكن ان ابدل أبي وأمي اللذان تركاني يتيماً؟
-لا.. لا يا حبيبي لا يجوز.. ان والداك يؤمنان بالله ولن يتركاك أبداً.
•ولماذا قتلهما الله إذن.. هل هما من الفاسدين؟
-ان الله لا يقتل.. وهو يحبهما فهما من عباده الصالحين.
•إذاً من قتلهما وهما من عباد الله الصالحين؟
-الارهاب يا ولدي يكره الطيب والصلاح.
•ولماذا خلق الله الارهاب ضد الصالحين؟
-ليختبرهم.. ولينالوا جنات الخلود..
بدأ الشيخ يعجل خطاه.. هرباً من أسئلة الطفل قائلا:
-كفاك أسئلة.. اسرع الى البيت الجو بدأ يبرد.
•سؤال أخير يا جدي.. هل سيختبرني الله عن طريق القتلة والمجرمين الذين لا يخافونه؟
لم يجد الشيخ إجابة مقنعة للطفل، واكتفى بالدموع والاسى..

إضراب

انتفضت الكلاب السائبة في حي (سمسم) وأعلنت الاضراب عن الطعام والشراب لحين استجابة سكان الحي لطلباتهم التي تنص على توفير السكن اللائق والرعاية الجيدة..
وفي اليوم الاول من الاضراب كانت الكلاب تتجمهر في الشوارع وعلى الارصفة..
وفي اليوم الثاني بدأ الجوع والعطش يمارسان دورهما ويحولان دون استمرار ذلك الاضراب..
وفي اليوم الثالث أصدرت الحكومة قرار حظر التجوال في المدينة..
لم تلتزم الكلاب السائبة في حظر التجوال وأصروا على الاستمرار في المظاهرات والاضراب.
وأستمر الحال على ما هو عليه حتى اليوم العاشر..
أخذ التعب والارهاق يسيطران على الكلاب السائبة.. ولم يتقدم أحد من المعنيين لرعايتهم ومناقشة طلباتهم..
أمر كبير الكلاب والمنظم للاضراب السيد (كلوب) باجتماع عاجل لجميع الكلاب.
ابتدأ الاجتماع قائلاً:
-آمركم بوقف هذا الاضراب..لا جدوى مما نفعل.. مضت عشرة أيام ولم يتقدم أحد لمساعدتنا ولحل مشكلاتنا البسيطة..
ان هذه البلاد لا تهتم لاحتياجات البشر الملحة والضرورية.. فكيف ستهتم بنا نحن الكلاب السائبة..؟!

تذكار

لم يكن محباً للحياة العسكرية.. ولم يعتد على لغة الاوامر والاشارات.. لكنه اجبر على الدخول في الخدمة العسكرية الالزامية بعد ان تخرج من كلية الطب..
ثمان سنوات مرة من حياته قُتلت في الخدمة العسكرية.. ولم يتسلم كتاب تسريحه بسبب الاوضاع الطارئة والحروب التي كانت تشهدها البلاد.
مضت الايام سريعاً.. حتى اعتاد استخدام لغة السلاح والنظام العسكري.. ونسي انه كان طيباً في يوماً ما.
وفي أحدى هجمات الحربية، كان في مقدمة المجموعة وآمرها الرسمي.. وضمن تبادل إطلاق النار، تعرض لاصابة خطيرة برصاصة مزقت صدره وأبت الخروج منه وقررت الاستيطان فيه.
عولج سريعاً من قبل طبيب المجموعة.. ولكن دون ان تنزع الرصاصة من صدره.. خوفاً على حياته.. لوجودها في مكان خطر وحساس وتحريكها يسبب له الهلاك.
ولأسباب صحية تم تسريحه من الجيش وهو يحمل رصاصة قرب قلبه، عّدها تذكاراً دموياً مليئاً بالاسى..
استسلم للقدر.. وتحمل الالم رغماً عنه.. حتى اعتاد عليه وأصبح من اقرب اصدقائه.. كان الألم يسكن جوار قلبه ولم يغادره حتى اللحظة.

سهرة

دعا عدداً من أصدقاء الطفولة الذين ابعدهم الزمن رغماً عنه.. لسهرة في إحدى المراقص الليلية في المدينة (بناءاً على طلبهم)
ابتدأت السهرة بطرقات الكؤوس وكلمات الترحيب ثم عانقهم دخان السجائر الذي طغى برائحته الكريهة على المكان..
انظم إليهم أحد أصدقاء الدراسة.. الذي تغيرت حاله من طالب فقير مفلس الى رجال أعمال لا يعرف الحديث إلا بلغة الملايين.
بدأ يحدثهم عن نفسه ونجاحاته بطريقة مستفزة وغير طبيعية مخاطباً صديقه صاحب السهرة قائلاً:
-هل مازلت تعتمد مبادئ الصدق والاخلاص في حياتك؟
-طبعاً...
-اترك لنفسك القليل، اسرق ولو لمرة واحدة حتى يتغير حالك، هل انت راضٍ عن وضعك المادي؟
-الحمد لله.
قاطع كلامه أحد الاصدقاء:
-انظر كيف تطورنا وأصبحنا نملك القصور وباتت البنوك تغص بأرصدتنا..
أضاف آخر:
-العالم كله يكذب ولم يتوقف عن الكذب لحظة.. خذ فرصتك منه.. انت اليوم شبه مفلس.. وغداً سيكون أسوأ.
-لكني سأبقى كما أنا..
غص الجميع بالضحك.. والاستخفاف والاستهزاء مما قال صديقهم..
بعد ذلك استمع الجميع الى الموسيقى الصاخبة التي تملأت المكان.. كما استمتعوا بالنظر الى جسد الراقصة العاري الذي تشقق من كثرة نظرات الرجال إليه..
ظل الجميع في متعة غريبة إلا صاحب السهرة الذي فوجئ بالتغيرات التي حلت برفاق العمر.. الذين حولهم الزمن الى سراق وقتلة لا يجيدون سوى تمجيد أنفسهم التي اتخمت بالمال..

أزمات

لم تكن أحلامه في الحياة خيالية وغير معقولة؛ إنما كانت بسيطة وعادية.
كان يحلم بغرفة متواضعة حتى لو كانت تحت سلم العمارة أو خيمة على الرصيف يأوي إليها كلما تعب من التسكع والنوم في الطرقات وبين القمامة..
كان يحلم برؤية طفلاً يضحك.. بعد ان غرق بدموعه وآهاته.. كما يحلم بزوجة تشاركه ذلك الحزن العميق الذي حمله بداخله طوال حياته.
تجاوز عمره الاربعين عاماً ولم يتمكن من تحقيق ما كان يحلم به..
فكر في حل الازمة الكبرى وقرر السكن بأية وسيلة.. فبتر ساقه اليسرى غير آسف عليها ورماها مع القمامة التي كان يقطن فيها، ليضمن حق الاقامة في دار العجزة والمُعاقين.

الدم الأبيض

حنان طفلة صغيرة نباهة ذكية، كثيرة التساؤل.. تعشق الطبيعة وعلومها، تبحث عن إجابات لعدد من الأسئلة..
سألت معلمة مادة العلوم في المدرسة عن لون الدم..
أجابت المعلمة: كل المخلوقات تحمل الدم الأحمر اللون.
قاطع الطفلة المعلمة: لكني قطفت زهرة من حديثة بيتي باحثةً عن نزيف دمها الأحمر، ولم أجد ذلك النزيف حتى وهي تفارق أنفاسها الأخيرة.. وأنا اعتقد ان شرحكِ للموضوع غير دقيق ولا أرى ان كل المخلوقات تحمل الدم الأحمر اللون.. لأني أعرف لون آخر للدم وهو الأبيض، وقد تعرفت على هذا النوع من الدم من خلال شجرة التين التي تنزف دماً ناصع البياض عند قطف ثمارها.
هل من الممكن إعادة شرح هذا الموضوع بصورة دقيقة أكثر موضوعية ليتسنى لنا فهم الدرس والاستفادة منه.
قالت المعلمة: ان الورود تعبر عن السلام والمحبة وقد خلقها الله مسالمة حتى عند موتها فهي تكتفي بالدموع بدلا عن الدم.. أما بالنسبة للدم الأبيض فهو يعبر عن نقاء وصفاء تلك الشجرة التي عمد الله سبحانه وتعالى على اختيارها نموذجاً للطيبة والخير في كل كتبه السماوية.
قالت حنان: ولماذا لم نأخذ من الورود أو أشجار تين مثلاً نحذو حذوه.. ولماذا نعشق الدم الأحمر القاني لدرجة ان والدي كان يشرب الدم أكثر من عصير البرتقال !؟
المعلمة: لابد ان تعلمي اننا خُلقنا وسط صراعات الخير والشر والصالح والطالح ولذلك خَلق الرب الجنة والنار.
وختمت المعلمة كلامها بالقول: كفاكِ أسئلة ولا تحاولي الخروج والابتعاد عن موضوع الدرس.

تضحية

شابة جملية تفتن كل من يراها لجمالها وحسن أخلاقها وطيبة قلبها وشجاعتها التي يصعب وصفها..
أكملت العشرين من عمرها، تزوجت لفترة وجيزة وبسبب وفاة زوجها غير المتوقع رهبت حياتها لخدمة عائلتها والمكونة من ام وثلاثة أطفال..
عملت على إحكام إغلاق أبواب الحب والعاطفة والغريزة حتى باتت رب أسرة لتلك العائلة البسيطة..
حاول عدد من الناس من أشباه الوحوش التقرب منها والوصول الى قلبها لإغوائها وإذلالها ولكنها أبت الاستسلام لتلك العواطف الزائفة.
لم يكن يشغل فكرها سوى الحصول على مصدر لزرق شريف لسد ظمأ عائلتها التي وضعها الزمن في مثل هذا الحال.
عملت في إحدى المؤسسات وباجور يومية متواضعة..
كان حسن خلقها قد جعلها مصدر إعجاب الجميع.. حتى أعجب بها احد الزملاء ودعاها دعوة صريحة للزواج.. وكالعادة كان جوابها الرفض على الرغم من وثوقها بانه مناسب جداً لها ولعائلتها أيضاً.
بقي ذلك الشاب يبحث عن شتى الوسائل للوصول الى رضاها من دون ملل او كسل.
كان يراقب خطاها الحذرة من الجميع؛ مثلما يلاحظ ملابسها المحتشمة التي لا تسمح لاحد ان يختلس النظر إليها.
كان رفضها الجاد للارتباط به سبب لان يعشقها أكثر من ذي قبل.. حتى قرر ان يحبها عن بعد..
بقيت الحال معلقة لدهر من الزمن وبقي الشاب يترقب وينتظر ما يطمح إليه حتى أصبح شيخاً طاعناً في السن.
وبقيت رافضة الارتباط بأي إنسان.. وظلت مثلاً للتضحية والوفاء.

اللحم البشري

تعالت أصوات الجوع وصرخات الشكوى أمام قصر ملك البلاد وحاكمها الأوحد؛ بسبب الجوع والعوز الذي حل بالشعب.
أصوات طالبت الحاكم بسد حاجة شعبه وانتشاله من مجاعات أرهق من إحصائها وانتظار نهاياتها.
تصاعدت الصرخات أكثر وأكثر حتى خرج ملك البلاد الى باحة قصره وأمر شعبه بصوت صارم أن يأكل بعضهم بعضاً للحفاظ على ميزانية الدولة لأن أعدادهم زادت عن سعة الأرض الجغرافية!
كلمات الحاكم أصابت الجمع بالدهشة والخوف..!
وتابع الحاكم كلامه قائلاً:
-أرى في وجوهكم علامات التعجب والاستفهام.. ان اللحوم البشرية لها مذاق خاص ولا تسبب التخمة.
ولكن طهيها يحتاج الى عناية وتركيز وخبرة.. لذلك لا أمانع من اللجوء الى طباخي القصر الرئاسي للاستفادة من خبراتهم في طبخ اللحم البشري.

اعتقال الخجل

اجتمع حاكم البلاد اجتماعاً طارئاً بالقيادات الأمنية العليا؛ وذلك للقضاء على الخجل.. فأمر رجال الأمن باعتقاله لأنه مصدر إزعاج الجميع.
دخل رجال الشرطة والأمن وحرس الحدود حالات استنفار وتأهب تام وقاموا بعمليات تفتيش ومداهمة واسعة في جميع أرجاء المدينة بحثاً عن الخجل.. ألصقوا إعلانات تفيد بان أي معلومة تدل القوات الأمنية على الخجل ستكون مقابل مكافأة مجزية.
مضت الأيام سريعاً.. ولم يتمكن أحد من الوصول الى الخجل وإلقاء القبض عليه.
وذات يوم طلب شيخ طاعن في السن مقابلة الحاكم مدعياً انه يحمل في جعبته معلومات تفيد بإلقاء القبض على الخجل.. ولن يقولها إلا أمام الحاكم.
استقبله الحاكم بحفاوة وفرح وكأنه صديق عمره..
قال الشيخ للحاكم:
-يا سيد البلاد.. نساؤنا بتن يخجلن الخروج من البيوت حتى لا يتهمن بأنهن متسولات متزوجات من متسولين.
ضحك الحاكم بفرح وقال: جيد.. هذا خير إثبات على ان الخجل مذنب بحق البشرية.
تابع الشيخ كلامه قائلاً:
-يا مولاي.. نحن الآن حفاة عراة مرضى من شدة العوز ومن يوقف صرخاتنا ذلك الخجل.. ونحن لا نملك شيئاً في الحياة..
انتم أصدرتم قرارات باعتقاله.. فهل من بديل يكظم غيظنا.. قبل ان تتفجر عواصفنا تجاه قصرك؛ فنقتلعه من جذوره؟
صاح الحاكم بصوت خانق:
-أنت متعاون ومتساهل ومتستر على ذلك المجرم..
وأمر سفاحيه بقطع رأس الشيخ وسط المدينة، وأصدر حكماً بإعدام الخجل غيابياً.