الأسرة كمؤسسة اجتماعية .


لطفي الإدريسي
2010 / 3 / 1 - 00:20     

الأسرة جماعة من الناس ترتبط ارتباطاً مباشراً بواسطة علاقات القرابة ويتولى أعضاؤها الكبار مسؤولية رعاية أطفالهم. أما الزواج فهو علاقة بين رجل وامرأة معترف بها قانونياً واجتماعياً وتتضمن اتحاداً طبيعياً.
/1 المداخل النظرية حول الأسرة
يرى المنظور الوظيفي أن الأسرة تؤدي مهاماً مهمة تساهم في احتياجات المجتمع الأساسية وتساعد علي إدامة النظام الاجتماعي. يرى تالكوت بارسونز، عالم الاجتماع الأمريكي، أن الأسرة تؤدى وظيفتين مهمتين هما:التنشئة الأولية واستقرار الشخصية. التنشئة الأولية هي العملية التي يتعلم فيها الأطفال القيم والمعايير والقواعد الثقافية للمجتمع الذي ولدوا فيه. واستقرار الشخصية يشير إلي الدور الذي تلعبه الأسرة في مساعدة أعضائها الكبار عاطفياً. يمكننا تلخيص أهم أفكار الكتاب الوظيفيين عن الأسرة فيما يلي:
ـ مؤسسة الأسرة يمكن أن تدرس وتفهم بشكل جيد عندما نختبر علاقاتها مع المجتمع العريض. هذا يشمل علاقاتها مع أجزاء النسق الاجتماعي مثل الاقتصاد، وعلاقتها مع النسق ككل. هذا ينطبق أيضاً علي دراستنا لبنية، وظائف، وأدوار الأسرة وأعضائها.
ـ الأسرة شيء جيد وهي ذات وظائف مهمة لأعضائها الأفراد ولكل المجتمع.
ـ الأسرة النووية المعزولة هي الشكل السائد في المجتمع الصناعي الحديث في حين أن الأسرة الممتدة هي النمط السائد في المجتمعات قبل الصناعية.
ـ هناك نزوع نحو المزيد من المساواة داخل الأسرة.
أما دعاة المساواة فيشيرون إلى علاقات السلطة غير المتوازنة داخل الأسرة والتي تعني أن بعض أعضاء الأسرة يحصلون علي فوائد أكثر من غيرهم. لذلك نجد أن دعاة المساواة يركزون علي ثلاث قضايا هي: تقسيم العمل المنزلي، علاقات السلطة غير المتساوية وأنشطة الرعاية.
/2 الأسرة عبر التاريخ
كما أسلفنا، الأسرة جماعة من الناس ترتبط ارتباطاً مباشراً بواسطة علاقات القرابة ويتولى أعضاؤها الكبار مسؤولية رعاية أطفالهم. وتشتمل علاقات القرابة علي روابط جينية أو روابط ناتجة عن علاقات الزواج والمصاهرة.
في المجتمعات الغربية يرتبط الزواج وكذلك الأسرة بما يعرف بالزواج الأحادي ( رجل واحد مقابل امرأة واحدة ). لكن هناك العديد من الثقافات التي تسمح بزواج التعدد وتشجعه. وقد مرت الأسرة في المجتمعات الغربية في الفترة من 1500 إلي 1800 بثلاث مراحل أساسية هي:
ـ المرحلة الأولى، الأسرة النووية (1500ـ 1600) وهي أسرة من رجل وامرأة يعيشون مع أطفالهم الذين أنجبوهم أو تبنوهم. الحرية الفردية في الاختيار عند الزواج والجوانب الأخرى من حياة الأسرة خاضعة لمصالح الوالدين، الأقارب الآخرين أو المجتمع المحلى.
ـ المرحلة الثانية، الأسرة الانتقالية ( من بداية القرن السابع عشر إلي بداية القرن الثامن عشر). في هذه المرحلة زاد التركيز علي العلاقة العاطفية بين الزوجين كما زادت من الجانب الآخر سلطة الوالدين.
ـ المرحلة الثالثة، الأسرة كجماعة تربطها العلاقات العاطفية. وفي هذه المرحلة تمتعت الأسرة بالخصوصية المنزلية والانشغال بتربية الأطفال. والزواج في هذه المرحلة يبني علي الاختيار الشخصي القائم علي الروابط العاطفية.
يمكن تصنيف الأسرة إلي عدة أنواع هي:
ـ أسرة التكيف، وهي الأسرة التي يولد فيها الفرد.
ـ أسرة التناسل، وهي الأسرة التي يدخلها الفرد وهو بالغ كزوج أو زوجة.
ـ أسرة السكن الأمي، الزوجان يعيشان بالقرب أو مع أسرة العروس.
ـ أسرة السكن الأبوي، الزوجان يعيشان بالقرب أو مع أسرة العريس.
/3 التغيرات في أنماط الأسرة علي نطاق العالم
أسباب التغيرات في أنماط الأسرة متعددة ومتنوعة لكن أهمها: نشوء الحكومات المركزية، نمو وتوسع المدن والحواضر وفرص العمل في منظمات خارج نطاق تأثير الأسرة.
أنتجت هذه العوامل توجهاً عالمياً نحو الأسرة النووية حيث تتآكل أشكال الأسرة الممتدة والجماعات القرابية الأخرى. هذا وأهم التغيرات التي تحدث علي نطاق العالم هي:
ـ تضاؤل تأثير العشيرة والجماعات القرابية الأخرى.
ـ هناك اتجاه عام نحو الحرية في اختيار شريكة ( شريك ) الحياة.
ـ حقوق النساء في مسائل الزواج والأسرة يُعترف بها بشكل متزايد.
ـ أصبح زواج الأقارب أقل انتشاراً.
ـ هناك توجه عام نحو توسيع دائرة حقوق الأطفال.
/4 الطلاق
أشارت العديد من الدراسات إلي النتائج الاقتصادية السلبية للطلاق. وأظهرت تلك الدراسات أن مستويات المعيشة للنساء المطلقات وأطفالهن قد انخفضت بنسب أكثر من 25% في السنة الأولى بعد الطلاق. وفي مقابل ذلك ارتفع متوسط مستوى المعيشة للرجال المطلقين بنسبة 10% علي الأقل.
* أسباب الطلاق
ارتفعت معدلات الطلاق في المجتمعات الغربية في الحقب القليلة الماضية وهناك عدة أسباب لعل أهمها:
ـ التغير في القانون جعل عملية الطلاق أكثر سهولة.
ـ الاستقلال الاقتصادي للنساء.
ـ تغير وجهة نظر المجتمع نحو المطلقين من سلبية إلي إيجابية.
ـ تقييم الزواج أصبح وفقاً للمعايير الشخصية.
* تجربة الطلاق
غالباً ما يشكل انهيار الزواج ضغطاً عاطفياً وربما صعوبات مالية خاصة للنساء. ويرى العديد من الباحثين أن الآثار العامة للطلاق علي الأطفال تشمل ما يلي:
ـ يمر كل الأطفال تقريباً بفترة من القلق العاطفي بعد انفصال الوالدين.
ـ قلة من الأطفال يعانون من مشاكل طويلة الأجل نتيجة لانهيار الزواج وربما تستمر هذه المشاكل إلي مرحلة البلوغ وما بعدها.
ـ معظم الأطفال يواصلون نمواً طبيعياً من غير مشاكل حقيقة بعد عامين من الانفصال.
أشارت العديد من الدراسات إلي أن الأسرة الأمريكية والغربية قد تغيرت نحو الأسوأ منذ عام 1960. الزيادة في معدلات المواليد خارج علاقات الزواج أدت إلي ملايين الأسر التي أربابها من النساء وأبعدت الرجال من عملية رعاية الأطفال. ويرى بعض الباحثين أن هذه التغيرات مؤذية للأطفال, وأضافوا بأن الأب الشرعي يقدم مساهمات مميزة لا بديل لها في رفاهية أطفاله، فهو يعطى الأطفال نموذجاً للرجل القوى وتصوراً عن العلاقات مع الآخرين. وقد خلصت تلك الدراسات إلي التوجيه بإعادة تأسيس الزواج كمؤسسة اجتماعية قوية.
كما أشارت دراسات أخرى إلي ما أسمته أسرة ما بعد الحداثة، والتي من أشكالها الأسر التي علي رأسها نساء، والأسر الممتزجة، وأسر الزوجين العاملين وقد نشأت لمقابلة تحديات الاقتصاد المعاصر ولتوفير الإطار الأنسب لتربية الأطفال. لذلك، علي المجتمع ومؤسساته المؤثرة القيام بعدد من الإصلاحات في مجال مواقيت العمل، المساعدات الاجتماعية، الرعاية الصحية والتوظيف لمساعدة أشكال أسرة ما بعد الحداثة علي أداء أدوارها في المجتمع.