لا نحتاج إلى كواليس أكثر من اللازم


رداد السلامي
2010 / 2 / 17 - 03:31     

على قدم وساق يمضون بنا نحو ذلك ، غير أن الأمور تبدو واضحة ، التعمية لأساليب اللعبة غير ممكن ، الانظواء في ركب النضال وتشكيل القوة الصاعدة من قلب الشعب وقاعة ، هو القادر على تجاوز منطق الاستغباء.

في لعبة السياسة يجب أن يسود منطق الشرف ، فاللعب الأرعن لا ينتج غير العنف ، لكن اللعبة الشريفة لا تتوسل بغير أدوات شريفة ، هذا منطق سياسي يجب أن يسود معادلة الصراع ولعبته.

لدينا شعب قادر على كسر أوهام قوى التوريث ، وما لم يدركه المتصارعون في ذات منظومة الخلل ، أن الواقع القوة الصاعدة التي تحمل معها نضالا لن يتوقف عند حد ، فهو منفتح نحو تصعيد متعدد ، وفي كل الاتجاهات ، لن يوقف إرادة الشعب أحد ، لن يجسد الشعب إلا إرادته ، لأنه مدرك واع ، أثخنه الاستبداد والإقصاء ، وعلمته التجارب حتى غدا ناضجا مستوعبا لما حوله.

ليغير المتصارعون قواعد اللعبة ، للتعمية ، إن ذلك وهم فقط ، لأنهم في مرمة بصر الشعب وضمن خارطة إدراكه ، يراهم ينقلون قطعة الشطرنج ، هنا وهناك ، ومع ذلك فإن ذلك لا يجعل الأمور غير مرئية أو مدركة.

يكذب من يقول أن ثمة ضباب هناك ، بل صفاء ورؤية ، هي انبلاجه ساطعة في قلب ما يتوهم البعض أن ثمة ما لا يدرك ، لسنا مغفلين ، نحن ندرك أن البلاد يدار فيها الصراع عمليا داخل منظومة الحكم ذاتها ، الخلل يصارع ذاته ، ثمة نقطة حساس ستقلب موازين المعادلات المختلة ، الاختلال المتنامي يتسع ، وهو في ذروته الآن ، الجنوب يرى أن 7-7 احتلال ، التوريث معاق مسبقا ، وهو غير ممكن ولن يكون بأي حال ، وإن بدى التمهيد له يتخذ شكل ترويج إعلامي ، البعض يهمس به ، والبعض يتناوله في غرف مغلقة ، الكامن سيخرج .

وإذا كان أحمد يريد أن تتحول تعز إلى محضن توريث مدني له ، فإنه واهم ، فليس جل تعز مع ذلك ، ولن يكونوا مغفلين أو مستغفلين البتة ، وتعز لا تختزل في أشخاص ، ذلك وهم يقتات منه أفراد فقط ، كما أن تعز ليس كل البلاد ، وإن كانت الأهم فيها ، ولو كان بعض أبناءها يمتلكون حنكة في المناورات السياسية ، لكن هؤلاء الأشخاص ليسوا مخولين بتقرير مصير وطن برمته ، وليس لهم أي وزن على الصعيد الشعبي والجماهيري .

ليركل أحمد والده كما توحي الصورة التي وضعها الزميل عابد في الصفحة الأولى من العدد (126) ولينظر إليه حميد بحقد قائلا مشكلتي شخصية ، ذلك لا يهمنا البتة..!!

ليحلق ذوي الاشناب أشنابهم تماما كما هو شنب العقيد القادم ، ليبرالية ذوي الاشناب المحلوقة غير مأمونة ، لأنها توريثية ذات مسار متوحش ، الليبرالي الحقيقي لا يمكن أن يكون توريثيا ، لكن اليمن وحدها أضحى ذلك ممكنا كما يبدو.

هناك قضايا سياسية تعمل بقوة ، ولها تأثير واضح في صياغة المشهد السياسي على نحو مختلف ، إلغاءها غير ممكن ، والرهان على عدم قدرتها في تأكيد ذاتها وتحقيق أهدافها خاسر ، فالقضية ليست مرتبطة برحيل زعطان ومجيء فلتان من الناس ، إنها مرتبطة بشرعية وجودها فيما الأخرى مرتبطة بالواقع وشروطه التي فرضته بقدرتها على ذلك ، وعلى قوى التوريث والمعارضة أن تعي أن البلاد لا تحتاج إلى مزيد من الحوارات العاقرة ، والمشاورات المغلقة ، وكواليس أكثر من اللازم .

آخر الحلول لن يكون ممكنا كما هو التوريث أيضا ، بمعنى أن ثمة حلول ما زالت قيد الإمكان يضرب إمكانية تحقيقها التأجيل ، والمراوغات وحسابات المصالح الضيقة وتلك الخاصة ، تلك الحلول لو تم الشروع بالعمل بها قادرة على جعل الوطن يتخذ دربا صاعدا باتجاه أفق أرحب وحل شامل .

والمدخل يأتي من الجنوب ، ابتداء ليستقر في صعده ، دون ذلك فرهانات أخرى هي أيضا فاشلة ، وعلى قوى 7-7 بكل حمولتها العفنة أن تنتشل ذاتها قبل فوات الأوان ، فالرقم 7 هو شؤمها الذي لن يدعها تمر كما يبدو.

ثمة خبر عريض حول أن حزب ديني يعلن الحرب على أميركا ، ذلك يقود إلى تساؤل مفاده ما المغزى من ذلك؟!

وهل ثمة هندسة لسيناريوه حرب قادمة ؟ تكون بابا لفتح التوريث ، بحيث يتم تتويج الوارث بنصر جديد متوهم كما هو نصر 7-7 ، تلك مجرد توقعات ، وهو أمر غير ممكن ، إلا إذا كان لدى الولايات المتحدة الأمريكية سيناريو احتلال لليمن ، بغرض تهيئة البديل المناسب لها ، كما كنا كتبنا قبل ذلك لأن الأمور لم تتمخض عن بديل مناسب لها ، ولذلك فهي تدعم بقاء النظام الحالي حتى يتهيأ بديلا مناسبا ، كما يمكن الاستشهاد بما قاله الزميل اسكندر شاهر في صحيفة الديار العدد (85) الذي قال "إن حدث أي تغيير فهو تغيير نوعي بإرادة أميركية وسيشمل المنطقة برمتها ، والضعيف سيزداد ضعفا " وهو برأيي سيناريو له هدفان :

التغيير النوعي المشار إليه سيكون توريثي بامتياز ، ونعود للاستشهاد بمقال للكاتب نجيب غلاب الذي قال "أن القوى القديمة في سلطة صالح تعتقد أن القوى العلمانية أصبحت قوية ومؤثرة على صناعة القرار ، وتسعى لدمج اليمن في المنظومة الدولية وفق الشروط الأمريكية ، وتتبنى أفكارا عصرية متناقضة ، مع تقاليد أبناء اليمن ، وتعمل على تغيير المنظومة الفكرية والتشريعية للنظام السياسي ، وتعتقد أن صالح لدية إستراتيجية واضحة تعمل على تقوية الاتجاه الليبرالي ، وتسعى إلى تمكينه من مؤسسات الدولة " وأكد غلاب في مقاله ذلك أن تلك القوى الليبرالية تتبنى أفكار التوريث السياسي لصالح ابن الرئيس القائد العسكري القوي الذي تلقى تعليمه في جامعات الغرب".

الأهم في ذلك في ذلك أن الإسلام السياسي يضعف ، وتفقد تفرعاته السلفية والوهابية زخمها ، كما يؤكد البعض ، تلك ميزة ، غير أن توحش الليبراليين هو تطرف نوعي آخر ، يراكم معه الجوع والجرع ، ومزيدا من الأزمات ، بل وسيتعمد إنتاج أزمات بغرض ترحيل أزماته الناجمة عنه ، هذا يتطلب بناء مؤسسات مجتمع مدني ونضال سلمي قوي ، وتحالفات قوية بين تلك المؤسسات والأحزاب المناضلة من أجل وضع أفضل للشعب .