التفاوت


لطفي الإدريسي
2010 / 2 / 9 - 20:58     

لماذا نجد أن بعض المجتمعات اغني من الأخرى؟ وكذلك كيف يمكن التغلب علي التفاوت العالمي؟. كما سنستكشف نجاح الاقتصاديات المصنعة حديثاً، ونناقش الفقرة الأخيرة الآثار المحتملة للعولمة على حياتنا مثل مساواة الأجور بين المجتمعات.
يشير مفهوم التفاوت العالمي إلى الاختلافات المنتظمة في الثروة والسلطة بين الدول. على المستوى الكلى نجد أن الأفراد في الأقطار الغنية يتمتعون بمستويات معيشة أعلي من نظرائهم في البلدان الأقل نمواً.
/1 التفاوت العالمي: الاختلافات بين البلدان
يشير مفهوم التفاوت العالمي إلي الاختلاف في الثروة والسلطة بين بلدان العالم. واحدة من الطرق البسيطة لتصنيف الدول من حيث التفاوت العالمي هي مقارنة الناتج القومي غير الصافي للفرد أو إنتاج البلد السنوي من البضائع والخدمات وفقاً للفرد.
يصنف البنك الدولي بلدان العالم إلي ثلاث مجموعات:
ـ الدول ذات الدخل المرتفع، و التي بلغ الناتج القومي غير الصافي للفرد فيها في عام 1999/ 9266 دولاراً أمريكيا أو أكثر.
ـ الدول ذات الدخل المتوسط، و التي بلغ الناتج القومي غير الصافي للفرد فيها في عام 1999/ ما بين 756 إلي 9265 دولاراً أمريكيا.
ـ الدول ذات الدخل المنخفض، و التي بلغ الناتج القومي غير الصافي للفرد فيها في عام 1999/ 756 دولاراً أمريكيا أو اقل.
/2 الحياة في البلدان الغنية والفقيرة
على المستوى الكلى يتمتع الناس في الأقطار الغنية بمستويات معيشة أعلى من نظرائهم في البلدان الأقل نمواً. وفيما يلي بعض المقارنات المحددة:
ـ الناس في البلدان ذات الدخل العالي أكثر صحة بكثير من نظرائهم في البلدان ذات الدخل المنخفض.
ـ الجوع، سوء التغذية والمجاعات مصادر أساسية للصحة المتدنية.
ـ 200 مليون من الجياع هم من الأطفال دون الخامسة كما أشارت لذلك دراسة لبرنامج الغذاء العالمي.
ـ الناس في البلدان ذات الدخل العالي لديهم مستويات تعليم ومعرفة بالقراءة والكتابة أعلي بكثير من نظرائهم في البلدان ذات الدخل المنخفض.
ـ في عام 1997 استهلك كل فرد في البلدان ذات الدخل المنخفض عُشر الطاقة التي استهلكها نظرائهم في البلدان ذات الدخل العالي.
/3 هل من الممكن أن تصبح الدول الفقيرة دولاً غنية؟ من الممكن أن تصبح الدول الفقيرة دولاً غنية. أحد أفضل الأمثلة موجود في شرق آسيا. تايوان، كوريا الجنوبية، هونغ كونغ وسنغافورة كانت بلداناً فقيرة عند نهاية الحرب العالمية الثانية. خلال الحقب الأخيرة استطاعت هذه الاقتصاديات المصنعة حديثاً أن تقفز خارج وضعية الفقر. النجاح الاقتصادي لدول شرق أسيا يمكن أن يعزى إلى مزيج من العوامل التالية:
ـ تاريخيا كانت كل من تايوان، كوريا الجنوبية، هونغ كونغ وسنغافورة مستعمرات يابانية وبريطانية. وكل من اليابان وبريطانيا شجعتا النمو الصناعي وقامتا بإنشاء الطرق ونظم المواصلات الأخرى، ذلك إضافة إلي بناء بيروقراطيات حكومية فعّالة نسبياً في تلك المستعمرات.
ـ استفاد إقليم شرق آسيا من فترة طويلة من النمو الاقتصادي العالمي. الاقتصاديات النامية في أوروبا والولايات المتحدة وفرت أسواقا كبرى للملابس، الأحذية والالكترونيات التي تصنع بتزايد في شرق آسيا.
ـ انطلق النمو الاقتصادي في الإقليم في قمة الحرب الباردة. ووفرت الولايات المتحدة وحلفاؤها المساعدات الاقتصادية والعسكرية السخية. العون المباشر والقروض شكلت الوقود للاستثمارات في أجهزة الترانزستور، أشباه الموصّلات والالكترونيات الأخرى مما ساهم في نمو الاقتصاد المحلى.
ـ يرى علماء الاقتصاد والاجتماع الفيبريون (نسبة إلي ماكس فيبر) أن دول شرق آسيا تشترك في الفلسفة الكنفوشية التي تدعو إلي احترام الأكبر والمتفوق، التعليم، العمل الجاد والاستعداد للتضحية باليوم من أجل الحصول على مكافأة أفضل في الغد.
ـ العديد من حكومات جنوب شرق آسيا اتبعت سياسات قوية داعمة للنمو الاقتصادي. ولعبت تلك الحكومات أدواراً نشطة في الحفاظ على تكلفة العمالة المنخفضة، وشجعت النمو الاقتصادي من خلال فترات السماح الضريبي والسياسات الاقتصادية الأخرى، كما وفرت التعليم العام المجاني.
/4 نظريات التفاوت العالمي
هناك خمسة أنواع من النظريات التي حاولت دراسة وتفسير موضوع التفاوت العالمي وهي:
ـ نظرية السوق، ترى أن أفضل النتائج الاقتصادية تتحقق عندما يكون الناس أحرارا لا يكبحهم أي شكل من أشكال القيود الحكومية في اتخاذهم لقراراتهم الاقتصادية. وترى نظرية التحديث مثلاً، أن العوائق الثقافية والمؤسسية للتنمية تفسر فقر الدول ذات الدخل المنخفض.
ـ نظرية التبعية، ترى أن فقر البلدان ذات الدخل المنخفض ناتج من استغلالها بواسطة البلدان الغنية والشركات متعددة الجنسيات التي تتخذ من البلدان الغنية قواعد لها.
ـ نظرية التنمية التابعة، تقول هذه النظرية إنه وفي ظروف معينة يمكن للبلدان الفقيرة أن تحقق نمواً اقتصادياً علي الرغم من أن ذلك يتم وقفاً لطرق تتشكل باعتمادها علي الدول الغنية.
ـ نظرية النظام العالمي، تنادي نظرية النظام العالمي بأن يُفهم النظام العالمي كوحدة واحدة وليس في إطار البلدان كل على حدة. وتقسم النظرية النظم الاقتصادية العالمية إلى ثلاثة أقسام هي: بلاد المركز، شبه الأطراف والأطراف.
ـ نظرية التنمية المرتكزة على الدولة، ترى أن السياسات الحكومية المناسبة لا تتدخل في النمو الاقتصادي وإنما يمكن أن تلعب دوراً أساسيا في تحقيقه.
/5 العولمة والتفاوت الاقتصادي العالمي
ظاهرة العولمة المتسارعة ستوثر بكل تأكيد على التفاوت العالمي، ولا نجد ثمة من يؤكد اتجاه هذا التأثير.
من ناحية، ونتيجة للعولمة المتسارعة فإن عالمنا سيسيطر عليه بواسطة شركات عالمية ضخمة بحيث يتنافس العمال في كل أرجاء العالم علي أجر عالمي. وهذا سيقود إلي المساواة في الأجور علي نطاق العالم ويقلل من التفاوت العالمي.
ومن الناحية الأخرى، فقد تباطأ النمو الاقتصادي العالمي والعديد من الاقتصاديات الواعدة في آسيا يبدو أنها قد دخلت الآن في عدة مشاكل، كما أن الاقتصاد الروسي في انتقاله من الاشتراكية إلي الرأسمالية جعل العديد من الروس أفقر مما كانوا عليه سابقاً.