أين أنت يا حبيبي؟،،،


رامي مراد
2010 / 2 / 8 - 19:24     

جلست على شرفة منزلها تسترق النظر عبر فتحات السحاب الجارية، تحاول أن ترى نور وجهه الذي غاب قبل أن يودعها، تمطر السماء و عيناها معا و تصطف على وجنتيها قطرة نور تتلألأ تتغذى من اختلاط حبات المطر بدموع الحرقة و الشوق لترسل نورا خافقا عله يوصل أشواقها إليه، كان يحبها ولا تزال تعشق رائحته، تحدث نفسها، بل ترسل ترانيم الأشواق لحبيبها، أين أنت؟، ليتك معي اليوم، ليتك بجانبي لتتشابك أيادينا علنا نستطيع أن نمنع قطرة دماء لطفل بريء ربما تسقط في زقاق من أزقة المخيم، كنت شمعة تضيء طريق الحب لمن أحبو بصدق أرضا خضراء تكسو الزرقة سمائها.
أين هو؟ لا تدري، بل تدري، انه هناك في هذا الفضاء الغامض يراها ولا تراه، ألست أنانيا لتمتع عينيك برؤيتي وتحرمني عبق رائحتك؟، لا أنت لم تكن يوما أنانيا، أنت حبيبي لكنها قوانين ظالمه أخذته و لم تعطه إنذار، اقتلعوا منه قلبه، لا لشيء إلا لأنه إنسان حاول أن يجمع طرفي الثوب ليصنع مشهدا فنيا رائعا، كان بيته يتسع كقلبه الى الجميع....من يقول...من يتحدث...أوقفوا قلبه عن النبض... هذا لا يفهم معنى الفداء..لا يعلم أبناؤه لغة الحقد على الأعداء...من هم؟...كيف تميزوا بين عدو و صديق؟...أنا منكم...أنا أحبكم...لا تقتلوا الأمل...فجأة انتفضت الحبيبة وراحت تنادي عليه، اختلطت عليها المشاعر، دعته أن يعود فقط تخاطبه بقلبها لكن عقلها يقول هو اختار، اخذ فكرها يردد ترانيم الشوق و الحنين عله يعود ومعه أخبارا عن كل زهرة ذبلت في ارض لوثوها بدماء الأبرياء.. عله يمتعها بزيارة في الحلم يخبرها انه رحل ليزرع ثمار الحب بمكان لا يوجد فيه أخوة يقتلون بعضهم...وزهور لا تذبل... ومازالت تنتظر وهي تعلم أن حلم العودة بات ابعد بكثير مما كان فاليوم تريد عودة ما كان بيديها يوم الرحيل...اليوم تسعد حينما ترى شجرة مثمرة لم تسرق ثمارها.. وهناك.. بأيديها قتلت نفسها..راية ترفف، قلم يلوح، مذياع ينعق، وفضائيات تفضح... صرخت بصوت مدوي ألا يكفي؟، أسرعت نحو الداخل بعدما تبللت تماما بمياه السحابة وتذكرت أن ما جال بخاطرها إنما هو حلم.
أخذت تنادي الفتاة السمراء التي حملتها بأحشائها دون أن ترى والدها أو حتى يعلم بنبأ حملها، من أين يأتي الصوت يا سمراء؟، ردت مسرعة ماتت الأحلام...ماتت الأماني....مات الشعب و المستقبل.
عادت لحالة الشرود الذي اعتادت وقالت في نفسها هذه قصتي معه ومع فكري ومع بلدي فحري بي أن أموت خنقا بالتفكير وتبسما أمام وجه أي حقير، قبحتم وجه الوطن مسحتم صورة التاريخ وصوت الشعب، أصبح لا شيء أفضل من أن أكون بشرا في فلسطين.
يجب أن نعود لنزرع و نغرس الثمار فتكبر الأشجار لتطعم أبناؤنا ثمارها، ثم تبسمت عندما أيقنت أن نبأ موت الشعب والمستقبل غير صحيح...فالشعب لم و لن يرحل كما رحل حبيبها والمستقبل سيعطره الورد، فهذا الرحيق الذي يغذي الأمل ويعيد من رحل، و هو الرحيق الذي يقتل الآثمون الذين ما فتئوا يقتلعوا الأشجار و يذبلون الأزهار لأنهم يدركوا أن موتهم قد أزف وقته و لن تتسع ارض الحب و السلام إلا الى الحب و الأمل و الأمن و الأمان...فهنيئا لك يا أرض الأحلام مولدك الجديد القريب.