دخلت الاصلاح جائعا وخرجت جائعا


رداد السلامي
2010 / 1 / 31 - 22:43     

مسكين الكاتب عبد الفتاح الحكيمي ، كنت أظنه من الوعي بحيث يدرك أن ما يكتبه صادر عن وعي ، وليس لمجرد أن أحدهم أوعز إليه فعل ذلك فأقدم على الكتابة ، ولأني أدرك عبد الفتاح الحكيمي تماما ، فأنا أحيل تلك الكتابة التي أقدم عليها إلى وجود اضطراب سيطر عليه إثر منح ما ، وليس انطلاقا من إدراكه كما قلت بأهمية الكتابة.

عبد الفتاح المسخور منه من قبل الكثير ،كثيرا ما دافعت عنه ككاتب يقول أشيئا مهمة ، دافعت عنه منطلقا من صوابية بعض ما يكتب ، واتفاقي معه في ذلك ، لكن حين قرأت مقاله الأخير أصبت بذهول ، فجل ما كتبه كنت قد سمعته من البعض الذين ما أن تبادر إلى إعلان اختلافك معه يشخصن الخلاف ، لتصبح القضية شخصية ليس إلا .

لم أكن مهما في الإصلاح ، ولم تربطني به مصلحة البتة ، ولكن كانت تربطني بهم قيم ، أما اللقم يا عبد الفتاح فلا أحد يموت من الجوع ، وكذو قلم لا يمكن أن أخضع قلمي لغرائزي ، وأن أتمرد فهذا لأني حر يتمرد على وضع أو حزب يستثني الغالبية في صراعه كي يضمن لنخبته مصالح ، ويوظف الدين توظيفا يخضع الفقير لاستغلال الغني ، ويجمد نضال الناس لصالح مفاضلات مقرفة يبرر لها دينيا ، فقط لأن ثمة ما حقق رغبة الأقوياء المسيطرون.

لست خطيرا ، وكما دخلت الإصلاح جائعا خرجت جائعا ، لم أفقد فيه شيء سوى أن عقلي كاد أن يغيب في زحام أوهامه وصراع مصالح الأقوياء فيه ، وخروجي منه يعني أني فقط ربحت عقلي ، لكني أيضا وعيت كيف أنه تحول إلى عائقا أمام قدرة الشعب على تغيير أوضاعه ، وكيف صاغ كشريك في صناعة هذا الوضع ضياعنا ، وإذا كنت في نظر الإصلاحيين ساقطا ، فأنا أعتز بكوني سقطت منهم ، فقد اعتبرت نفسي ساقطا يوم أن قال أحدهم ذات يوم "أنت يا رداد زلة علينا " عندها أدركت ان هذا الزلة كان يراد توظيفه ليصبح مشروع تطرف قابل للموت أو الانتحار يشبه علي جار الله أو ضحايا القاعدة ، الذين يربطون على خواصرهم أحزمة ناسفة تحت وهم أن السماء تفتح أبوابها لهم.

يا عبد الفتاح ربما وجدت أن رداد السلامي كان مادة خصبة بالنسبة لك كي تثبت فيها تطرف الإسلام السياسي ، وربما كنت قد بدأت تتابع كيف يمكن أن يصبح هذا "الزلة" مادة تشبع نهمك للتأليف كي تخرج بجديد لم يأتي به غيرك ، ولذلك كتبت بحدة ، ووجدت في الذين شخصنوا خلافي معهم مصدرا ملهما لإفراغ احتقانك ضدي ،وأؤكد لك أن حارس البوابة الذي يغلق السكن من الساعة العاشرة على الطلاب بقفل ضخم هو تجسيد للقياديين الراشدين الذين قلت أننا حين لم نجد ما نختلف به معهم ، بحثنا عن حارس البوابة لنختلف معه..!!

كان سيعجبك وضع رداد السلامي الذي أراد المتطرفون مع بعض قوى نخبوية وأمنية وكتاب وروائيين متعلمين جره للتسلح بأدوات القتل ليترك قلمه جانبا ، وكان سيعجبك رداد لو أنه أقدم على الانتحار تحت وهم أن ذلك في سبيل الله ، وكان سيعجبك رداد لو أنه تحول إلى كائن متوحش ، وكان سيعجبك رداد لو أن انتمى إلى المؤتمر الشعبي العام ، أما وأنه اختار عن قناعة ورضى الانتماء إلى الحزب الاشتراكي اليمني حزب الكادح اليمني والفلاح والطالب والعامل حزب العدالة الاجتماعية فإن هذا لم يعجبك ، ولذلك فهو خطير ويجب الحذر منه..!!

عجيب أمرك يا عبد الفتاح ، أنا أدرك كرهك للإسلاميين ، أدرك كيف تتمنى لهم الزوال ، وأنا عكسك أتمنى لهم أن يعوا أن الجوع كفر ، والتخلف موت ، وتغييب العقل انتحار ، والبرجزة والاستغلال والتمايز جريمة تؤدي الى الجوع وتفشي لغة التناحر ، والدماء ، أنت تدرك من شارك وساهم وأفتى بضرب مشروع الوحدة التي تتعرض اليوم للتفكيك ، وأنت تدرك من أين جاءت فتاوي الحرب ، وأنت تدرك من يحرض الشعب ضد بعضه بطرق مختلفة، مفادها :نموت جوعا مع الوحدة ، على غرار من لم يعجبه هذا الوضع "فليشرب من ماء البحر " أنت تدرك كل ذلك ، ولذلك لم تدافع عنهم من إيمانك أنهم كما يجب ، بل من حرصك على أن يتحول كل فرد كان معهم ثم خرج حين أدركهم إلى قنبلة بشرية تؤكد تحليلاتك السياسية كباحث متخصص في الحركات الإسلامية وتدين تطرفهم الذي تعرف تفاصيله .

عبد الفتاح ، رداد السلامي رجل تعيش قضية شعبه ووطنه في كل خلية من خلايا جسده ، لا يطمح بأن يكون مهما ، بقدر ما يتمنى أن تصبح أن وأمثالك مهمومين بالشعب ، وليس بمصالح خاصة رتبت لكم بطريقة سرية ، لدس أفكار من وظفوكم بشكل غير مباشر ، أنا لا أستبطن شيئا ، أقول ما أراه ولو خالف مقدساتك ، وأتمرد على الظلم والاستبداد ، لأن تلك غريزتي ، وسنظل متمردين حتى تتحقق الشراكة الوطنية فإما وطن أو لاوطن..!!.