العراقيون بين رأس (شو) ولحيته


عبد العزيز محمد المعموري
2010 / 1 / 31 - 08:15     

الكاتب والمعلم المتقاعد عبد العزيز محمد المعموري - ناحية العبارة - بعقوبة - محافظة ديالى
سئل المفكر الايرلندي المشهور برنارد شو : كيف ترى العالم يامستر ( شو ) ؟
فاجاب : ( ارى العلم بين رأٍسي ولحيتي وفرة في الانتاج وسوء في التوزيع ) وقد كان يتمتع بلحية كثة وغزيرة الشعر ورأس اصلع الا بضع شعرات وكان الرأس احق من اللحية بالشعر ولكن اين العدالة ؟ والعراق يمتلك ثروات هائلة تحت سطح الارض وفوقها وفيه رجال وعقول جبارة .. ولكن خيرات البلد تتدفق بلا حساب على اناس لا يمتلكون العقول ولا الشهادات ولا نزاهة الضمير وقد اصبح عدد غير قليل من حثالات المجتمع ومرضى الضمائر من طبقة المليارديرية فابتنوا القصور الفارهة وأمتلكوا السيارات الفخمة وأصبحوا ما بين ليلة وضحاها اصحاب خدم وحشم .
ولا لانجازات في مجال العلم والاختراع ولا لكفاءات فريدة في أي جانب من جوانب الحياة سوى الاصابة بفقر دم مزمن في صحة الضمير وصفة النزاهة !
في تاريخ العراق خلال اكثر من نصف القرن الماضي لم نشهد سوى عائلات لاتعد على اكثر من اصابع يد واحدة تعد من اصحاب الملايين وقد ورثت ملايينها ربما قبل تكوين الحكم الوطني وظلت عشرات السنين تنمي ثرواتها بالمعقول اما هذه الايام فخلال اشهر معدودة قفز الى خانة اصحاب الملايين مئات وربما الاف العراقيين الذين عرفوا من أين تأكل الكتف !
وليس هناك آلية تكشف سارقي اموال الشعب ، فلقد سمعنا يقانون او ربما مشروع يدعى ( من اين لك هذا ) تيمناً بمقولة الخليفة العظيم عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين اطلق هذه المقولة بوجه واليه عمرو بن العاص رضي الله عنه أوليس من الواجب محاسبة أي موظف وتسجيل املاكه يوم يتولى الوظيفة ويوم يغادرها ؟.
اذا كان يملك داراً متواضعة في بداية توظيفه واصبح يملك عشرات القصور بعد بضع سنوات ، الا يحق لممثلي الشعب ان يسألوه :
من اين لك هذا ؟. ان اصحاب محطات الوقود والمقاولين وبعضاً من الموظفين المقربين من مصادر الانفاق الحكومي ، ان هؤلاء قد ارتفعوا الى عنان السماء وظل ملايين المواطنين الشرفاء يعانون ضنك العيش وصعوبة تدبير مستلزمات الحياة الكريمة فهل يجوز مكافأة السراق وتجار السوق السوداء في وقت نضع فيه اللبنات الاولى للنظام الديمقراطي الذي يعني فيما يعنيه حكم الشعب بالشعب ولصالح الشعب ، كما يعني الشفافية ورقابة المواطن على حكامه وفضح السلوكيات الشائنة ومباركة العاملين لخدمة شعبهم والساعين في سبيل تعميم الخير والسعادة لكل المواطنين دون النظر لانتماءاتهم الدينية والقومية والحزبية ، وقد آن لكل حزب يصل الى السلطة ان يدرك بان الوظيفة خدمة للناس وليس امتيازاً وليكن شعار الجميع الرجل المناسب في المكان المناسب وليس الوظائف امتيازات توزع للاقارب والاصدقاء وأريد ان اشير الى ظاهرة غير مقنعة ذات اثار مقيتة هي الزيادة في رواتب المدراء العامين واصحاب الدرجات الخاصة ذات نفس رأسمالي كريه ، فلماذا ندفع لكل مدير عام حوالي ثلاثة ملايين دينار شهرياً ونبقى رواتب شرائح واسعة من المتقاعدين والموظفين يعيشون في مستوى الكفاف لماذا لانقتدي بغيرنا من دول العالم ، فنقلل الفوارق الطبقية بين العاملين في الدولة ؟
في الصين يتقاضى رئيس الدولة راتباً لايزيد عن راتب اربعة فراشين !! أنريد ان نجعل الناس في عراقنا بين رأس شو ولحيته ؟