الطبقة العاملة وأوضاعها المعاصرة


نجاة طلحة
2010 / 1 / 27 - 08:02     

لعلاقات الإنتاج الرأسمالية ثوابت بنيوية ملازمة لها لا يمكن أن تتأثر بأي تحديثات قد تدخل عليها طبقا للمتغيرات المرتيطة بمراحل تطور الرأسمالية. ومن أهم هذه الثوايت أنه ما دامت هنالك طبقة غير منتجة تتملك فائض القيمة تكون هنالك بالمقابل قوى منتجة (طبقة عاملة) تتعرض للإستغلال. تبيع القوى المنتجة قوة عملها لصاحب رأس المال فتقبض ما يقابل جزءا قليلا منها ويذهب كل الفائض ليشكل تراكم رأس المال لديه. وهكذا فإن عملية التكوين الطبقي والتي بدأت بظهور الملكية الخاصة البدائية وتطورت بالتحول للعمل المأجور قد قامت علي هذه القاعدة وتكونت بموجبها الطبقة العاملة فإستغلالها وإضطهادها سمة ملازمة للمجتمع الرأسمالي وفي حالات النمو الصناعي وكلما تطور التقسيم الإجتماعي للعمل زاد الفائض الإنتاجي ولكن تفاقم وتكرس بالمقابل إستغلال الطبقة العاملة. وبرغم أن الطبقة العاملة بجانب أنها القوة الخلاقة الرئيسية التي تنتصب عليها عملية الإنتاج وهي عنصر أساسي يدخل في علاقات الأقتصاد الرأسمالية في كل أقسامها فحصيلة العامل منها دخلا مستهلكا ينفقه علي وسائل الحياة اليومية بينما حصيلة الرأسمالي دخلا تراكميا. كذلك عندما يشتري العامل وسائل معيشته من الرأسمالي فهو يضمن له فائدة مزدوجة فبالإضافة للربح فهو يؤمن له بذلك بقاءه (أي العامل) كرأسمال متحول وبذلك تصب كل العملية في محصلتها النهائية في خانة تراكم الرأسمال. وهذا تناقض هو قانون ثابت جوهري لا يتغير بأي تغيير شكلي قد يحدث في علاقات الانتاج الرأسمالية مهما تطورت عبر العصور. ومنذ نشوء الصناعات الصغيرة (الميني فاكتورات) وحتي ظهور المصانع العملاقة إستمرت علاقات الإنتاج علي ديدنها في جهة الإستغلال الذي تعانية الطبقة العاملة وأي تطور في وضعها يكون محكوما بوجوده بإحكام داخل إطار من الإضطهاد. وعبر نضالها الطويل لم تحقق الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية تغييرا جوهريا غير تقصير ساعات العمل الي ثماني ساعات والذي حدث منذ قرون. حتي هذا الأخير قد إستدركته الرأسمالية وأصبح الأجر يدفع بحساب ساعات العمل ليستمر نفس الإستغلال وبنفس النسبة.

كل ما يذكر عن تغيير في وضع العامل المعاصر هو ملهاة إبتدعتها الرأسمالية فانطلت علي البعض معتمدة علي مظاهر التطور الآلي والذي صب بمجمله في مصلحة صاحب رأس المال إرتقاعا في الإنتاجية, والذي هو في الأساس فائضا في القيمة المغتصبة من المنتج الحقيقي (العامل) الذي لم يحدث أي تغيير في وضعه بل إزداد سوءا كما سيظهر من القراءة التالية لوضع الطبقة العاملة المعاصر. وإذا إتفقنا إن الطبقة هي وحدة إقتصادية إجتماعية أصبح من الساهل جدا أخضاع هذه المسألة للتحليل مباشرة وبدون الغوص في أعماق النظرية. سأعتمد النموذج الأمريكي هنا وبتفاصيل مرجعها معطيات معاشة علي أرض الواقع في محاولة لتسليط الضوء مجردا علي مجريات الأمور علي أساعد في إزالة هذا الغباش الذي قد يشكك في موقع الطبقة العاملة من الصراع الطبقي وإبتداع معايير جديدة لتصنيف الطبقة العاملة.

تعيش الطبقة العاملة في الولايات المتحدة حالة من الفقر والبؤس فبرغم التضخم وحالات التدني المستمر لقيمة الدولار الذي إنعكس في موجات الغلاء المتسارعة ظلت الأجور علي حالها وظل الحد الأدني ثابتا لعقود مما جعل ما يتقاضاه العامل وإحتياجاته المتواضعة جدا مفارقة أبعد ما تكون عن الواقع. حتي عندما تكون هنالك زيادات فعلية تكون الحقيقة هي تدني نسبي بموازاة عوامل التضخم. وهنا تجدر الإنتباه الي حقيقة ملازمة لعلاقات الانتاج الرأسمالية فان العامل وهو المستهلك الاول والضامن للقيمة النقدية للسلع المنتجة تتدني القيمة النسبية لزيادة الأجر الذي يتقاضاه مع كل زيادة للأرباح التي تجنيها الرأسمالية لأن نسبة هذه الأرباح تكون أضعاف نسبة الزيادة في الأجور وبذلك يتكرس الإضهاد ويتسع البون الطبقي بين الرأسمالية والطبقة العاملة. وبمقارنة بسيطة بين معدلات النمو في الأجور في عام 2009 التي بلغت 1.3% بينما زادت معدلات التضخم بنسبة 2.9% في نفس السنة يتضح درجة العوز وحجم المعاناة التي يواجهما العامل لذلك ظلت كل القرارات حول رفع الحد الأدني للأجور عديمة الفاعلية علي أرض الواقع. وفي دراسة أجريت عام 2001 أكدت الأرقام أن الأجور قد جمدت لحوالي ثلاثين سنة بالرغم من أن متوسط ما ينتجه العامل في أمريكا قد بلغ ثلاثة أضعاف أكثر مما كان عليه قبل عشرة سنوات. فهذه الترسانة من رأس المال وبتضاعفها ثلاثة مرات لم ينل منها المنتج الحقيقي أي نصيب. بينما يكون نصيبه محفوظا حين حلول الأزمات الإقتصادية فيكون مهددا بالتشريد ويكون حينها مجرد المحافظة علي المسكن الذي يأويه وأفراد أسرته مهدد بالنزع كما حدث أثناء الأزمة الأخيرة. والعامل مواجه كذلك بتكاليف العلاج الخرافية والتي لا تقارن بأي شكل بالأجر الذي يتقاضاه مع العلم بأن الوسيلة الوحيدة لمقابلة هذه التكاليف في الولايات المتحدة حتي بالنسبة لميسوري الحال هي نظام الضمان الصحي فالصرف الشخصي علي تكاليف العلاج باهظا ومستحيلا بالنسبة لطبقة العمال. والنسبة التي يشملها الضمان الصحي وسط العمال أقل من 40% والبقية لها أن تدفع من دخل الكفاف الذي تتقاضاه علي علاج الأسرة وهذا واقع لا يحتاج لإخضاعه لأي تحليل أو عميق قراءة.

تمارس الرأسمالية في أمريكا إنتهازية إضافية في شكلين من أشكال التخديم. الأول هو إستخدام العمالة الوافدة بطرق غير قانونية وليس وارد هنا إطلاقا الحديث عن الحد الأدني للأجور فهذه العمالة مضطرة للعمل بأي أجر مهما كانت ضآلته فهي بجانب معاناتها مهددة بخطر الترحيل, مع ملاحظة أنه يتم تخديم هؤلاء العمال رغم تعارض هذا مع القانون وذلك يحدث رغم أن نظام السجل الشخصي يمكن أن يضبط الإلتزام بالقانون مما يؤكد أن المسالة تحدث بتواطؤ الدولة الرأسمالية ورعايتها. الشكل الإنتهازي الآخر من التخديم هو التخديم المؤقت وهو واقع أليم يعيشه قسم كبير من العمال في الولايات المتحدة فالغالب الأعم من المصانع في الولايات المتحدة يعتمد علي العمالة المؤقتة وهذا النظام للإستخدام لايلزم صاحب العمل بأي ضمانات تجاه العامل حتي تلك الشحيحة التي تتلقاها العمالة الدائمة لكن العامل لا يجد مفرا منه فشبح البطالة يهدده ويهدد أسرته.

يعيش العامل في رعب من خطر ماثل دائما وهو التسريح من العمل والذي برغم وقعه المدمرعلي العمال لا يحكم بأي ضوابط ويمكن أن يطال حتي الذين أفنوا عمرهم في المصنع المعين. يخضع هذا التسريح فقط للصعود والهبوط في معدلات الطلب فيكون العمال هم الضحية الأولي لأزمات فائض العرض وتسريحهم هو الأداة الأولي التي تلجأ لها الرأسمالية لمواجهة الأزمات الإقتصادية الناجمة عن الركود. وبالعودة للمتغيرات التي أحدثها التطور الآلي نجد أن معدلات الإنتاج الهائلة التي نتجت عن تدخل التقدم التقني قصرت من دورات الأقتصاد في الدول الرأسمالية وأصبحت فترات الركود متواترة وهي بالتالي تنعكس في دورات متلاحقة من التشريد للعمال.

إن الثورة التقنية والتي كرست لسيطرة رأس المال ولكن وإعتمادا علي أخذ الأمور بظاهرها كثر الجدل حول إنعكاسها في تحسين ظروف العمل بل ذهب البعض الي تقليصها للطبقة العاملة وحتي زوالها, هذه التقنية المتقدمة لم تحمل أي تأثير إيجابي علي وضع العامل ولم يلغ التوسع في إستخدام الآلة وتطويرها وجود الطبقة العاملة (الشغيلة وبدون أي طلاء) فلا زال الإنتاج يعتمد علي ملايين العمال في المصانع أو حتي في قطاع الخدمات الذي بدوره يعتبر صناعة رابحة, وملاحظة الإرتقاع الهائل في معدلات الأرباج الناتجة عن ثبات الأسعار رغم المنافسة في إمتلاك الآلات المتطورة توصل الي حقيقة واحدة لا جدال حولها وهي الإعتماد علي نسبة الأجور لإمتصاص هذا التناقض. وبذلك فالرأسمالي لا يمكن أن يستعيض بالآلة عن القوي العاملة لأنها تشكل رأس المال المتحول والعمل المأجور هو القسم الذي ينتج عنه فائض القيمة الرافد الوحيد لتراكم رأس المال. وحتى لو سلمنا بأن تطور الآلة قد يقلل من عدد العمال فأن هذا بدوره ينعكس وبالا علي الطبقة العاملة فهو يؤثر في المنافسة بسوق العمل ويضطر العمال لتقليل أجورهم للحصول علي العمل فهذا أو مواجهة البطالة.

التغيير الوحيد الذي أحدثه تطور الآلة علي وضع العامل هو أنها حلت محل مهارته وحرم بسببها العامل من أي فرصة للتدريب وتطوير قدراته أو إستخدام مهاراته فالآلات المتطورة تحول العامل الي متحرك آلي يقوم بحركة رتيبة أمام الحزام المتحرك أمامه فكل عامل, وفي خطة الأهمية الوحيدة أمامها هي زيادة حجم الإنتاج, يربط مسمارًا أو يضع جزءًا واحداً في القطعة المصنعة ويقوم العامل بنفس الحركة آلاف المرات في اليوم. هذه العملية الآلية لها تأثير نفسي مدمر فهي تقتل أي متعة قد يحسها العامل بإستخدام مهارته للمشاركة في تصنيع المنتج المعين, كذلك فتأثير الرتابة بتكرار نفس الحركة طيلة ثماني ساعات أو أكثر يصيب العامل بضغط نفسي يتراكم وينعكس سلبا علي حياته بكاملها. هذه الحركة المتكررة ويد العامل في نفس الوضع لهذه الفترات الطويلة ينتج عنها في الغالب آلام عضوية قد تتطور لعاهات مستديمة. ما هو أدهي وأمر فإن العامل في هذه الحالة لا يجروء علي الشكوي لأنه حتما سيواجه بالقاء اللوم عليه "لأنه لم يقم بالحركة الصحيحة" مع الواضح جدا بأنه ليس هنالك من وضع حركي يمكن أن يجنب الإصابة الناجمة عن هذا التكرار القاتل. ولأن العامل يعلم يقينا بأن أي تضجر سيضعه في رأس قائمة التسريح القادم, وبسبب الحاجة الضاغطة, فلا يكون أمامه إلا الصبر لأن الأسوأ سيكون بإنتظاره إذا فكر في ترك هذا العمل وسيواجه بمشكلتين الأولى أنه سيواجه نفس الظرف الصحي في أي مصنع آخر والثانية هي حتمية رفض طلبه لأي مصنع آخر إذ أنه لابد للمخدم الجديد من مراجعة العمل السابق. هذا هو التأثير المدمرلإستخدام الآلة المتطورة علي العامل والذي ينسف أي مدح زائف للتحسن الذي تدخله هذه الآلة علي ظروف العمل بل قد زاد من الإضهاد الوحشي الذي تواجهه الطبقة العاملة. وهذا الأمر ينطبق علي إصابات العمل حتي التي تصل لمستوي بتر الأعضاء حيث يخضع العامل الضحية لإستجوابات من مناديب شركات التأمين والممثلين القانونيين للشركات لإستغلال أي ثغرة ممكن الوصول من خلالها الي أن الحادث بكامله هو نتيجة لخطأ العامل. هذه هي ظروف العمل التي يعيشها الشغيلة في عالم الرأسمالية المعاصر وستظل الرأسمالية كما قال ماركس "فان رأس المال يولد وهو ينزف دماً وقذارة، من جميع مسامه، من رأسه وحتى أخمص قدميه" لم يغير تطور الآلة من هذه الحقيقة بل زادها تأكيدا.

ولتكربس هذا الإستعباد وعلاقات الانتاج هذه التي هي أقرب للسخرة حيث لا يحصل العامل علي أكثر من الكفاف الذي لايفي حتي بإحتياجاته العادية حارب النظام الرأسمالي قيام النقابات ووجودها الفاعل بشتي الوسائل لكبح قوة الصراع الجماعي الذي تشكله وحدة العمال. فالرأسمالية تعي تماما الخطر الذي يهدد مصالحها ثم وجودها من النضال القائم علي إتحاد العمال. فعند بروز إتجاه لتكوين نقابة في أي مصنع تسرع إدارة المصنع بتقديم المحاضرات حول مساوئ النقابة, التشكيك في نوايا القادة المبادرين لتكوين النقابة وإقناع العمال بأن الإشتراكات ستذهب هدرا في أنشطة بعيدة عن مصالح العمال. ويلعب الإعلام الموجه علي تغذية هذه الأفكار المسمومة, كما تحمل هذه المحاضرات في الغالب تهديدا مبطنا بعواقب تكوين النقابات وعلي رأسها التشريد. كذلك إذا قوي الإتجاه لتكوين النقابة وتعذر إثناء العمال بادر أصحاب العمل بشراء العناصر الإنتهازية ودعمها لقيادة النقابات. أما الإضراب وهو السلاح الأمضي لإنتزاع حقوق العمال فهو محاصر بترسانة من القوانين التي تخلص في النهاية الي منعه بالقانون. فهنالك قوانين مفصلة لجعل الإضراب جريمة علي شاكلة تلك التي تربط الاضراب بالإضرار بمصالح المواطنين العامة, وتتفنن الرأسمالية في تصوير أي إضراب علي إنه يهدد هذه المصالح. وتضع علي هذا الأساس عقوبات قاسية علي من يشارك أو يحرض علي الإضراب. لكن إختراق ترسانة القوانيين والتهديدات لم يكن عصيا علي العمال. وفي أكثر من تجربة تحدي العمال الصلف الرأسمالي ونفذوا إضرابات كسرت حواجزه. ففي عام 2005 نفذ 33700 من عمال النقل بنيويورك إضرابا للمطالبة بزيادة أجورهم ولتحسين خطط الصحة والمعاشات. لم يستجب العمال وقياداتهم للضغوط والتهديد بالسجن وواجهت النقابة تحدي بغرامة مليون دولار عن كل يوم إضراب. رغم كل ذلك نفذ الإضراب فشّل حركة المواصلات في نيويورك معقل رأس المال الأمريكي وأصيبت الأعمال بخسارة قدرت بأربعمائة مليون دولار يومياً. ولم يرفع الإضراب الا بوساطة من الدولة وتوصلها لإتفاق مع شركات المواصلات. إنفجر غضب العمال إذاء جشع شركات المواصلات التي قلصت الضمانات الإجتماعية للعمال في نفس الوقت الذي جنت فيه أكثر من مليار دولار فائضاً في الأرباح. وفي دولة الليبرالية الأولي والديمقراطية المزعومة تم فرض حظر إعلامي على نتيجة المفاوضات خوفا من تمدد المعركة وشمولية الصراع.

تطويق سلاح الإضرابات بكل قيود الإرهاب يتأتي من هلع الرأسمالية ليس فقط من الأضرار الآنية لمصالحها إنما كذلك من الخطر الإستراتيجي الذي تساعد في تنميته الإضرابات, فالاضرابات ترسخ عند العمال إيمانهم بقوتهم وفعالية نضالهم الموحد المشترك وتطور فهمهم بالقضية المشتركة والذي به حتما يتنامي الوعي الطبقي. وكما قال لينين " إن كل إضراب يدفع بأفكار الإشتراكية بقوة شديدة إلى رأس العامل، أفكار نضال الطبقة العاملة بأسرها من أجل تحررها من نير رأس المال." وللتشويش علي تنامي الوعي الطبقي ولصرف العمال عن المفهوم الطبقي للنضال يفتعل في مجالات العمل التمييز بأشكاله المتنوعة: العرقي الديني والنوعي لينصرف العمال الي صراع وتناحر داخلي فيما بينهم يشغلهم عن قضيتهم المشتركة فيمنع توحدهم ويكبح تنامي الوعي الطبقي لينحرف الصراع عن مساره الحقيقي. كل هذا يتم في خطط مدروسة تشكل تيارا يعمل علي فرملة تطور الوعي عند العمال.

و من كل ما تقدم يتضح أن التقسيم المعاصر للعمل لم يؤثر في موقع الطبقة العاملة الرئيسي في علاقات الانتاج الرأسمالية وكل التغيير الذي حدث ضمن علاقات الانتاج الرأسمالية المعاصرة قد كان وبالا علي طبقة العمال تمثل في أوضاع كرست لإضهادها .ولن يتغير التوصيف الطبقي للعمال إلا بنهاية الرأسمالية وزوال الطبقات والخلاص من عبودية العمل المأجور. إن تحوير مفهوم الطبقة العاملة وتعويمه بإطلاقه علي كل من يعمل بأجر قد بني علي معطيات خاطئة عن الوضع الحديث لعلاقات الأنتاج في الدول الرأسمالية, منها أن تطورالتقسيم الإجتماعي للعمل صب في إتجاه مصلحة العامل وأن الآلة قد حولت العمال لفنيين. والشاهد أن هذه القراءة الخاطئة لوضع الطبقة العاملة تتناقض تماما مع أطروحات اليسار في الولايات المتحدة إذ لازال اليسار في أمريكا يخاطب قضايا الطبقة العاملة علي أنها طبقة العمال (الشغيلة). فالطبقة العاملة هي تلك القوى الخلاقة التي تدخل في علاقات الإنتاج الرأسمالية رأسمالا متحولا ينتج فائض القيمة وهي عنصر أساسي في تركيبة المجتمع الطبقي ولا تزول إلا بزواله. ومهما إجتهد مفكرو الرأسمالية للي عنق هذه الحقيقة ومحاولة كبح قوة الصراع الطبقي بالتركيزعلي الطبقة الوسطي وإظهارها بشكل الغالب المؤثر في علاقات الإقتصاد الرأسمالية المعاصرة فهندسة التكوين الطبقي المفتعلة هذه تصتدم بحقيقة لا يمكن تجاوزها وهي أن العمل المأجور هو الأساس الذي ينتصب فوقه تراكم رأس المال. حتي إذا سلمنا بتحسن في وضع العامل المادي فهذا التحسن محكوم بمسافة تضمن تفوق الأرباح عليه وبذلك يثبت ويكرس البون النسبي ما بين الطبقة العاملة والطبقة الرأسمالية ويحافظ بالتالي علي التناقض بين مصالح الرأسمالية والمصالح الحقيقية للطبقة العاملة ويكرس للفرز المؤدي للصراع الطبقي.