إقصاء الشعب العراقي !


حسب الله يحيى
2010 / 1 / 26 - 08:39     

منذ الصغر.. علمونا على اقصاء من لايتفوقون معنا ،ومن لا يلعب معنا ،فهو بالضرورة على الضد منا وخصم لنا ،وعلينا اقصاءه من ساحة اللعب .
وعندما كبرنا ..علمونا ان نقصي كل رأي وكل فكر لايستجيب لآرائنا وافكارنا ،واصبحنا بالنتيجة خصوماً ألداء للشيوعية والشيوعيين ،وصار كل وطني ..شيوعياً.
وتغير الزمن وكبر معنا وعينا ،ونفخوا في آذاننا ان كل من يجاهر بالاسلام ينتمي الى حزب الدعوة ،وكل دعوة تقود صاحبها الى الاعدام .
وعرفنا جيداً ان هناك قوم نحبهم ويحبوننا ،ولكنهم يتحدثون بلغة خاصة بهم يطلقون عليها الكوردية ..ومن يتجاسر للحديث بها ونطقها يعد (بارتياً) وكل بارتي لابد ان يدفن في مقابر جماعية او يموت بالغازات السامة .
واختلفت الاحوال ،ودارت الايام وصار كل داعية للقومية بعثياً ..لابد ان يتم اقصاؤه عن المشهد السياسي العراقي الراهن .
وامتلأت رؤوسنا بالبحث عن دفاتر الماضي بهدف من هم في الحاضر ..حتى اصبح اللون والشارب واللحية والخاتم والمسبحة ..والسيد والشيخ والمولى والملا والرفيق والزميل والاخ.. كلها رموز سياسية يتم فهم واستيعاب هوية الآخرين من خلالها .
وعلى وفق هذا الحال تم اقصاء الكثيرين وابعاد من هم في قلب الحدث وفي تماس مع حركة المجتمع ،حتى تحول الاقصاء الى :الطبيب الناجح ،والمهندس المبتكر ،والاستاذ الجامعي الحريص ،والفنان المبدع ،والصحفي الصادق وحتى الطالب المجتهد ،والرضيع الذي يتمتع بصحة جيدة في ظل ابوين مستقيمين لم يصابا بعدوى البحث عن المال والسلطة والوجاهة .
ووجدنا انفسنا في نهاية المطاف قد بقينا مجموعة صغيرة لانسمع سوى صدى أصواتنا بعد ان اقصينا واستبعدنا كل اطياف الشعب العراقي !
ولما وصل الحال بنا الى هذا المقام ،بتنا نأكل بعضنا ،ونتآمر ضد اقرب الناس الينا ،وتمزقت وتشظت عوائلنا ،حتى صار الاخ يكيد لأخية ،والاب لأبنه ،والزوجة لبعلها ..واتسع الاقصاء حتى اصبحنا نجد انفسنا في وضع بتنا نكره فيه ذواتنا .. !
فهل كانت الايام المرّة التي هيمنت على عقولنا في كل حقبة زمنية ،هي الايام التي ينبغي ان تبسط ظلها علينا الى الابد ،وتجعل منها واقعاً يمتد الينا طوال اعمارنا ،بحيث لانرى بيننا خلاً ولا حبيباً يحتملنا ونحتمله على رأي وعلى حجة وعلى محبة كذلك ؟
أمامنا ان نسال انفسنا ..هل نتخلى عن الجميع ونقصيهم ،من دون ان نتعلم من أوجاع الماضي ونعالج به أمراض الحاضر ،ام ان نفتح صفحات بيض على كل الناس ونعيش في فردوس وحدة وطنية متآخية ..؟
هذا هو السؤال وجوابه عند كل الخيرين .