تأهيل سجن نقرة السلمان في العراق مؤشرأخرعلى افلاس المالكي!


جمال محمد تقي
2009 / 12 / 24 - 19:03     

قلعة صحراوية يعود تاريخها لايام الحكم العثماني ، اعاد الانكليز تأهيلها مجددا لتكون مركز حراسة حدودي وواحدة من اهم قلاع الدفاع عن المناطق المدنية بوجه غزوات العشائر البدوية والمهربين من المنافذ الجنوبية الغربية للحدود مع السعودية ، استخدمها كلوب باشا بعد توسعتها كمعسكر حراسة ومراقبة لقواته جنوب غرب العراق ، ثم اعيد تأهيلها في العهد الملكي لتؤدي وظيفة جديدة لم تألفها من قبل ، السجن لاصحاب الاحكام الثقيلة من السياسيين ، والغرض من هذا الاختيار هو الامعان في تعذيب من يرسل لها وحرمانه من حقوقه في التواصل مع ذويه ، هذا اضافة الى اضعاف اي صلة تنظيمية سرية ممكنة بين المحكومين وانصارهم في الخارج ، ففي عهد نوري السعيد كانت اغلب السجون داخل او قريبة من المدن ـ سجن بغداد المركزي ، سجن الحلة ، سجن الكوت ، واخرى متوزعة باغلب المتصرفيات تقريبا ـ وتم ضبط صلات تنظيمية عديدة بين النزلاء والتنظيمات السرية المحظورة في خارج اسوارها ، ومنها مثلا ان فهد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي كان يساهم بقيادة فعاليات حزبه في وثبة كانون 1948 وهو في سجن بغداد ، مما جعل اجهزة ـ التحقيقات الجنائية ـ التي كان يتراسها بهجت العطية بتقديم طلب الى نوري السعيد بعد اعدام فهد ورفاقه عام 1949 بضرورة اتخاذ قرار بعزل السجناء السياسيين من ذوي الافكار الهدامة في سجون نائية ، واقترحت الهيئة الامنية الاستفادة من قلعة نقرة السلمان وتاهيلها لهذا الغرض لانها تلبي هذه الحاجة وبمثالية نادرة !
لقد استجاب نوري السعيد بلهفة لهذا المقترح وتم تنفيذه ليكون جاهزا لاستقبال السياسيين اصحاب الاحكام الثقيلة وتحديدا الشيوعيين منهم ، ومنذ ذلك الحين ونقرة السلمان يخفي بين جدرانه خيرة مناضلي الشعب ، حتى 14 تموز 1968حيث تم اطلاق سراح كافة اسراه ، وبعد انقلاب 63 اعيد فتحه ليستقبل من جديد اسرى جدد من الشيوعيين ، حتى 17تموز عام 1968 حيث تم اطلاق سراح من فيه واغلاقه تماما ، ثم اعيد استخدامه لاغراض عسكرية وامنية اثناء فترة الحروب الاحقة !
نقرة السلمان سجن حتى للسجانين فيه ، فمن يعمل به يكون مقطوعا عن العالم في صحراء قاسية لايسمع فيها غير اصوات الرياح الرملية المخلوطة ليلا بأصوات الذئاب الجائعة ، هناك مواعيد خاصة يتم فيها مجيء التموين والرسائل الرسمية وافواج المحكومين ، الماء يستخرج من ابار فيه وهي غير نقية بما يكفي لتكون صالحة للشرب ، مسافة ساعات طويلة بالسيارة وعبر طريق غير مؤهلة بين موقعه واقرب مدينة منه ـ السماوة ـ التابعة لمحافظة المثنى !
اليوم تعمل حكومة المالكي لاعادة فتح هذه القلعة الجحيمية لتستقبل المئات من المتبقين من سكان مدينة اشرف ـ معسكر بحراسات يقع في محافظة ديالى ـ مع عوائلهم ، كاستجابة لنزعة الانتقام الطائفي واللا انساني التي تغذيها في الاحزاب الطائفية الحاكمة بالعراق الحكومة الايرانية لان اغلب هؤلاء الاجئين هم من معارضي النظام الايراني ، والحقيقة ان هؤلاء الاجئين يعيشون اليوم اهولا لا تختلف كثيرا عن الاهوال التي عانى منها الاجئين الفلسطينيين في العراق بعد احتلاله وعلى ايادي نفس الاحزاب الطائفية !
انه عار مزدوج ومضاعف ، فمجرد التفكير مجددا باستخدام قلعة نقرة السلمان ليكون منفى لبشر من دم ولحم هو جريمة بحق الانسانية ، ثم ان يتم التعامل بهذه الوحشية مع لاجئين تقر لهم منظمات الامم المتحدة المختصة ـ مفوضية الاجئين ، ومنظمة حقوق الانسان ، ومنظمة العفو الدولية ـ بحق الاقامة المشروطة في العراق ، فهو لوحده يعد خرقا مخزيا لابسط قواعد حقوق الانسان واستهتارا بالقوانين الدولية والاخلاقية وحتى الدينية التي تؤكد على اعانة المستجير وحمايته !
سكان مدينة او معسكر اشرف في محافظة ديالى يستغيثون من تجاوزات الميليشيات الطائفية التي تهينهم باستمرار وتعتدي على حرماتهم رغم انهم لا يخرجون ويدخلون من والى مدينتهم الا باذن وتفتيش ، واخر الاخبار تقول ان قوات الامن العراقية اعتقلت العشرات من رجالهم ونقلتهم الى اماكن مجهولة ، ويخشى ان تكون الحكومة العراقية قد سلمتهم الى ايران حيث تنتظهرهم هناك احكام جاهزة ـ الاعدام ـ !
ان الحفاظ على حياة وكرامة سكان مدينة اشرف من الاجئين الايرانيين ووضعهم تحت رعاية ومراقبة ممثلي منظمة شؤون الاجئين العالمية هو امر ملح للكشف عن حقيقة التعامل القهري بحقهم من قبل الحكومة العراقية المتواطئة من مثيلتها في ايران ، وكذلك الغاء بل واجتثاث الخطة المبيتة لنقلهم الى نقرة السلمان حيث الموت !
بهذه المناسبة ندعو كل وطنيي العراق والشرفاء فيه وكل شرفاء واحرار العالم لفضح هذه الممارسات المرفوضة ومنع تكرارها واجبار حكومة المالكي على الالتزام بمفردات القانون الدولي ، واصدار قرار من الامم المتحدة يمنع الحكومة العراقية من تنفيذ اي تصرف يسيء الى حياة الاجئين الايرانيين او يجبرهم على التنقل من اماكنهم الحالية ومن دون موافقتهم !
لقد تزايدت وتراكمت اساءات هذه الحكومة الطائفية بحق اهل العراق الاصلاء وبحق ضيوف العراق وبحق قيم الارض والسماء ، فهي تعاملت بروح اجتثاثية مع الاشقاء الفلسطينيين وهكذا تتعامل الان مع المستجيرين الايرانيين ، من فساد الى فساد ومن انتقام الى اخر ومن استهتار الى استهتار ، حتى اصبح العراق وكانه طارد لابناءه ومن يستغيث بهم ، كي يفرغ تماما للطائفيين والعنصريين والمحتلين من امريكان وايرانيين ، واصبح بنظر العالم دولة خارجة على القانون وهذا ما تؤكده اغلب المنظمات الدولية المتخصصة ، سلطة فاشلة وفاسدة ، حتى رياضيا ، فهذه الفيفا مثلا تستنكر التدخل الحكومي المخرب للشأن الرياضي ونتيجة لتعنت الحكومة واصرارها على فرض ارادتها على الاتحادات الرياضية عوقب العراق بمنعه من اي مشاركة خارجية في مجال كرة القدم ، وفي الوقت الذي تصمت وتتواطأ فيه حكومة المالكي الطائفية مع الممارسات الايرانية المسيئة للعراق وشعبه امنيا وسياسيا واقتصاديا وبيئيا ، وكان اخر ما عرف منها هو التلويث المتعمد لمياه شط العرب وحجز مياه نهري الكارون والكرخة الصابين في نهر دجلة ، ثم النوايا الايرانية المعلنة لاقامة مفاعل نووي قرب الحدود مع محافظة البصرة ، واخر المتمة احتلال بئر الفكة النفطي في محافظة العمارة ، والحبل على الجرار !

ان ايجاد حلول حقيقية لمشاكل العراق المعقدة والفوضى السياسية والامنية فيه ومعالجتها بروح من المسؤولية لا يمكن ان يتم بوجود حكومة طائفية فاسدة وجاهلة تبدد كل مصادر قوة العراق وشعبه وتستعدي الشعوب المجاورة من خلال التماهي مع سياسات حكامها الغادرة بشعوبها !