كلمة موجزة في الحوار المتمدن


فنزويلا الاشتراكية
2009 / 12 / 8 - 19:26     

لا يخفى على أحد الحالة الإعلامية المتأخرة-مع جواز التطرف بوصفها بالمتخلفة-التي نعيشها في الوطن العربي بفضل وسائل إعلامية مسيطرة موجهة بأجندات مختلفة، وامتلاك هذه الوسائل لتلك الأجندات ليس هو المشكلة في حقيقة الأمر، فقد تتولى مؤسسة إعلامية ما مهمة نشر الفكر التقدمي فتقدم موضوعات بعينها على موضوعات أخرى أو تكون بصبغة دينية فتروج لمعاييرها الأخلاقية الخاصة بها، وهذا حقها. لكن المشكلة تكمن في رفع معظم وسائل الإعلام السائدة لشعارات تعدد الآراء وعدم التحيز، بالرغم من تحيزها وإنكارها لأي توجهات مسبقة وهي تغوص أحياناً في وحول أيديولوجياتها لحد مفضوح وتستمر برفض أي تهم تتعلق بحياديتها.

إن التحيز الإعلامي موجود في "كل مكان"، وإن اختلفت الوسائل الإعلامية بكيفية تعاطيها مع أجنداتها باختلاف كفاءات العاملين فيها أولاً وطبيعة جمهورها ثانياً. فنجد وسيلة إعلامية يمينية في دولة رأسمالية متقدمة تمتلك من القدرات المالية والبشرية الكثير ولكنها تعرض معلومات تخدم مصالح مموليها-كالمعلنين-دون إجهاد النفس بالبحث عن مدى صدقية المعلومة أو الخبر الذي تروجه وتستخدم إمكانياتها لترسيخ الأكاذيب والترهات في الأذهان، وبجانب الوسيلة الإعلامية تلك نجد وسيلة أخرى تميل لطرح أكبر قدر ممكن من التنوع في الأفكار-الذي قد يوصلها لنشر أكاذيب في بعض الأحيان-في موادها لتغطي نفقاتها وتحقق أرباحها بالوصول لأكبر قدر ممكن من الجمهور، أما في الوطن العربي فحتى القبول بالحد الأدنى أي بهذه الأخيرة فهو نادر، نادر جداً لحد أن البحث عنها هو كالبحث عن إبرة في كومة قش متعفنة.

ولا تقف المسألة عند هذا الحد فحسب، بل كذلك بدأت تنتشر العديد من المواقع الإلكترونية تحت مسمى "الإعلام البديل" وهي مواقع صحفية تمول ذاتها من خلال تبرعات قراءها، وبعضها بدأ يتطور لحد تقديم منح دورات صحفية لتدريب كوادر إعلامية تعمل وفق معاييرها الأخلاقية التي مهما كانت متنوعة إلا أنها تنأى بنفسها عن الوقوع في مطب السعي لإرضاء الممول، ويضاف لتلك المواقع الإلكترونية بعض القنوات التلفزيونية في الأمريكيتين التي تعتمد على تبرعات مشاهديها لتمويل نفسها وللمحافظة على استقلاليتها، وإن كانت بذلك تحظى بنسب مشاهدة ضئيلة إلا أنها بدأت تعمل وتوسع من نطاق عملها. وهي الآن مسألة وقت ومجهود ليكون في مواجهة إعلام الطبقات السائدة، إعلام حر من الاتجار بالقيم الصحفية، وإن استغرقت عملية التطور والتقدم عقوداً فإنها قد بدأت المسيرة.

وهنا تبرز أهمية "الحوار المتمدن" الذي يشكل خطوة غاية في الأهمية في مسيرة الإعلام البديل في الوطن العربي، فبالإضافة لكونه يشكل مساحةً لطرح الأفكار بكل حرية، فهو موقع يروّج لثقافة جديدة آن لنا أن نستوعبها، وهي الصدق مع الذات، إن أعلنت حياديتك من قضية ما فعليك فعلاً أن تكون كذلك وإذا ما انحزت لأخرى فأعلن عن انحيازك.

لم يتسنى لنا متابعة كافة مواد الموقع الإلكتروني، ولا تقييم آليات العمل بشكل كامل، وسمعنا انتقادات حادة بشأن بعض المواد المنشورة فيه، ونحن هنا لسنا بصدد ذكر السلبيات أو الإيجابيات ولا تقييم هذه المؤسسة بالمعنى الحرفي، بل نريد أن نشير إلى أهميتها الإعلامية. فغالباً ما تكون الجدالات، المنطلقة من أساس مطالبة الوسائل الإعلامية بالمصداقية والاحترافية معاً، بلا أفق، تنتهي بطريق مسدود، لأنها-أي وسائل الإعلام-وببساطة عالقة في زنزانة المال أو الحزب أو الجماعة في إطار من الإنكار، أما "الحوار المتمدن" فنجح بالإفلات من تلك الزنزانة وانطلق كتجربة إعلامية بديلة عربية حقيقية أولى وأبهر بنجاحاته وقدم الكثير من الدروس التي لابد من الاستفادة منها لإطلاق المزيد من المواقع الإعلامية البديلة المنحازة وغير المنحازة، مادامت تستمر بتبرعات قراءها أو تضامن العاملين فيها وتقوم على مبدأ الصدق مع الذات ومع الآخرين.

يتمنى فريق تحرير "رسالة فنزويلا الاشتراكية" المنحاز للديمقراطية الاشتراكية لمؤسسة الحوار المتمدن دوام الازدهار والتقدم والتألق وارتقاء درجات أعلى في سلم الإعلام البديل بما فيه أولاً وأخيراً خدمة الإنسان أينما كان.

كل عام والحوار المتمدن بألف خير.