ليس من مصلحة الحكومة العراقية محاكمة بلير وبوش !


جمال محمد تقي
2009 / 12 / 7 - 15:02     




صرح السيد علي الدباغ الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية بان التحقيقات الجارية في بريطانيا حول لا مشروعية الحرب على العراق هي شأن بريطاني داخلي ، وان حكومته غير معنية بها ، مضيفا بان حكومته لا يسعها الا توجيه الشكر للاصدقاء البريطانيين الذين ساعدوا الشعب العراقي للخلاص من نظام صدام حسين !
الملفت ان الحكومة العراقية والرؤوس الكبيرة في العملية السياسية الجارية لا تكتفي فقط بالتظاهر بعدم الاكتراث بما يجري في لندن وواشنطن من نبش للحقائق الدامغة والتي تدين بوش وبلير وتحديدا في موضوعة الحرب على العراق وانما تبذل جهودا كبيرة للتغطية على اثار ذلك النبش ولو اعلاميا ، اضافة الى عمل ما يمكن لاسناد مواقف الادارتين المتورطتين بالمخالفات القانونية والسياسية والاخلاقية وذلك من خلال الايغال بتسويد صورة العراق ماقبل 9 نيسان 2003 وتبييض ما امكن من صورته بعد ـ تحريره ـ لدرجة تثير الضحك والشفقة على الطرفين ـ الحكومة العراقية وادارتي بوش وبلير ـ فهذا التبييض لا يصمد بل يفقس كالفقاعة امام ما تكشفه المنظمات الدولية المحايدة من حقائق فضائحية تجعل من العراق بلاد منكوبة وبامتياز منذ عملية تحريره وحتى الان ـ الاول في العالم بالفساد والهجرة ، والاعدام والتعذيب والهشاشة الامنية والسياسية والاكثر فوضوية في مجال الخدمات ، حتى بات شعبه يعاني من الجوع والتشرد والمرض والانحدار بمستواه التعليمي والانتاجي رغم رفع الحصار الدولي الشامل والظالم الذي كان يعاني منه ايام حكم صدام حسين !
عندما يصرح اوباما بان قرار الحرب على العراق هو قرار غير مبرر ودوافعه لا تخدم المصلحة القومية الامريكية وانما مراكز قوى لها اجندة متعلقة بالاحتكارات النفطية ، فانه يوجه بذلك لطمة للمدعين بان لا علاقة للنفط بالحرب على العراق وهي شهادة من اهلها تكنس كل الادعاءات الفارغة لصنائع بوش في بغداد الذين ينفون عن انفسهم انغماسهم بمؤامرة دنيئة ترهن العراق وثرواته في بنك الهيمنة الامريكية مقابل اسقاط نظام صدام حسين وتقلدهم للسلطة !
حرص المالكي في سفرته الاخيرة للولايات المتحدة الامريكية على زيارة مقبرة الجنود الامريكان الذين قتلوا في العراق ووضع اكاليل من الزهور على اضرحتهم وصرح هناك قائلا : ان شعب العراق وحكومته لن ينسيا هذه التضحيات التي كانت سببا في تحرير العراق ، وسنبقى مدينون لكم ولارواحكم الغالية !
لقد اعترض العديد من النواب الشرفاء في البرلمان العراقي على هذه الزيارة واعتبروها مساسا بكرامة وسيادة العراق !
المالكي فعل نفس الشيء في زيارته لبريطانيا ، وحتى صار تقليدا ان يقدم اي مسؤول عراقي زائر الى امريكا وبريطانيا فروض الشكر والعرفان لقرارهما بتحرير العراق والذي صاروا يصفونه بالقرار الشجاع !
بنفس الوقت يحاول هؤلاء المسؤولين النيل من مواقف فرنسا وروسيا والمانيا التي كانت تعارض الحرب على العراق او تتوددها لتعرب عن ندمها من تلك المواقف السابقة ، لكن التداعيات الصارخة لتلك الحرب جعلت هذه الدول تزداد ثقة بمواقفها وتعتز بها ، رغم تخرسات المستفيدين منها وعلى راسهم قوى العملية السياسية الجارية في العراق !
ليس غريبا اذا عرفنا بان ممثل العراق في الامم المتحدة وسفراء العراق في لندن وواشنطن وبعض الدول الاوروبية التي اشتركت بالحرب على العراق هم اصدقاء حميميين لكل جماعات الضغط التي ساندت الحرب على العراق وهم من المساهمين وبقوة في نشاطاتها التي تحاول هضم ما جرى واعتباره مكسبا انسانيا وليس العكس !
النتائج المتسربة من التحقيقات الحثيثة الجارية في لندن والتي تعتبر انجاز لضغوط الرأي العام البريطاني الذي رفض الانقياد الاعمى لحكومة بريطانيا وراء مغامرات بوش الطائشة والتي ازهقت مئات الالاف من الارواح وتسببت بمآسي انسانية واقتصادية لا مبرر لها كتمهيد لمحاكمة بلير ومعاونيه الذين تصرفوا باستهتار ازاء حياة المواطنين البريطانيين وهم يؤدون وظيفتهم العسكرية ، ، ادت الى اعادة اكتشاف الحقيقة التي ارادت ادارة توني بلير تغييبها عن الرأي العام ، فهذا المدعي العام البريطاني غولد سمث يشير بافادته الى ان قرار المشاركة بالحرب بدء يتخمر لدى توني بلير منذ 14 ـ 9 ـ 2001 بعد ان عرض عليه بوش الفكرة بعيد احداث 11 سبتمبر مباشرة ، ولكن بلير لم يجد هناك رابط قوي ومقنع بين نظام صدام واحداث سبتمبر ، اي انه لم يكن ضد الفكرة بحد ذاتها وانما ضد الحجة لانها لن تجد لها صدى وستثير اجواء من عدم الارتياح فافغانستان هي معقل القاعدة ومن المنطقي ان نهاجم هناك اولا ، وتمسك بلير بحجة اسلحة الدمار الشامل وتم التوافق على ذلك تماما مع بوش في اذار 2002 عندما قام بلير بزيارة تأمر الى واشنطن ،، وهذه الحقائق تدحض كل الادعاءات والاكاذيب التي سوقتها الادارتين لاحقا كاسباب موجبة للحرب !
الخلاصة ان حكام العراق الجدد لا يطيقون سماع اي نقد لادارتي بلير وبوش بخصوص الحرب على العراق فكيف سيطيقون محاكمتهم بسبب تلك الحرب التي يتحرجون من مجرد ذكراها السنوية والتي اصبحت مناسبة اممية احتجاجية يشارك بها الملايين حول العالم بالضد من سياسة الهيمنة والغطرسة الامبراطورية التي تنتهجها الطغمة الحاكمة في امريكا وذيلها البريطاني بالضد من شعوب العالم الثالث في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية ، وذروة عربدتها المتمثلة باحتلال افغانستان والعراق تحت حجج واهية واكاذيب عرفها القاصي والداني !