على هامش حملة المثقفين العراقيين هل هي مشكلة عدنان الظاهر فقط؟


زهدي الداوودي
2009 / 11 / 1 - 22:04     

نشر الصديق د. عدنان الظاهر رسالة مفصلة موجهة إلى السيد نوري المالكي رئيس وزراء جمهورية العراق في موقع "الهدف الثقافي"، يطالبه فيها بحقوقه التقاعدية المستحقة والتي حجبتها عنه الطغمة الدكتاتورية البائدة. قرأت الرسالة بإمعان وشوق وألم ووجدت فيها تشابها كبيرا ليس مع مشكلتي فحسب، بل مع مشكلة عدد كبير من المواطنين والمثقفين والأكاديميين الذين تجاوزوا سن التقاعد وظلت خدماتهم مبعثرة بين الداخل والخارج، بل وأن قسما من هؤلاء قد عاد إلى الوطن وتمت إعادة تعيينه وعاد قسم آخر بخفي حنين. ويتحدث هؤلاء في مجالسهم الخاصة عن الغبن الذي لحق بهم وعن مدى مرارة خيبة الأمل التي تعرضوا لها في عهد الانفتاح الديمقراطي. وإذا كانت المطالبة بالحق في زمن الطغمة البائدة، تعتبر أسطورة خيالية، فلماذا لا يمكن تحقيق هذه الأسطورة في زمن البرلمان والانتخابات الديمقراطية؟
ثم نشر د. عدنان الظاهر في نفس الموقع ردا وافيا يشكر فيه المؤازرين الذين أصدروا بيانا تضامنيا، ويرد فيها على فالح حسون الدراجي الذي يقول في باب التعليقات بأنه "المكلف رسميا من قبل فخامة السيد دولة رئيس الوزراء السيد المالكي، للنظر في ملفات أصحاب الكفاءات في الخارج، لا يؤيد البيان وأن على الموقعين أن يرجعوا إلى العراق ويساهموا في بناء البلد..". الدراجي نشر إيضاحا في نفس الموقع، نفى فيه كونه كتب مثل هذا التعليق وأتهم البعثيين بالدس عليه، مؤكدا أنه هو الآخر قد وقع على البيان.
ولكي يدعم الصديق د. عدنان صحة كلامه في رده الوافي، ذكر بعض الأمثلة، منها حكايتي مع الراتب التقاعدي اليتيم الذي لا يجد طريقه إلي. وفي الحقيقة كنت لا أنوي التحدث عن مشكلتي، كونها شخصية بحتة، ولكن تبين لي بعد انتظار دام أربع سنوات، أنها ظاهرة تشمل فئة واسعة من الجماهير العراقية المحكومة بالظلم الأبدي الذي لا تستحقه. وأن السكوت لا جدوى منه في زمن الفساد. وأن الحق لابد أن يعلو ذات يوم ولا يعلى عليه.
بعد سقوط نظام الطاغية عدت إلى الوطن في بداية 2004 وتمت إعادة تعييني في جامعة كركوك- كلية التربية وباشرت بالدوام في نهاية الشهر الثالث إلى شهر تموز 2005 ولما كنت في هذا التاريخ قد بلغت الخامسة والستين، لذا قدمت طلبا إلى رئاسة الجامعة أطلب فيها إحالتي على التقاعد. وافق رئيس الجامعة على الطلب وأرسلني إلى مدير الذاتية الذي طلب مني إبراز الأوراق التي تثبت خدماتي السابقة. ولما كنت أحتفظ، لحسن الحظ، بكل وريقة رسمية، لذا عرضت عليه ما يأتي:
1. الأمر الاداري الصادر من مديرية معارف كركوك في تشرين الأول 1961 بتعييني معلما على الملاك الابتدائي.
2. كتاب المباشرة في 18 تشرين الثاني 1961.
3. تركي للدوام في نهاية شباط 1963 بعد محاولة إلقاء القبض علي من قبل أوباش الحرس القومي والتجائي إلى كردستان حيث الأنصار البيشمه ركة.
4. فصلي من الخدمة لمدة خمس سنوات.
5. الحكم الغيابي الصادر بحقي لمدة سنتين ( 1964 – 1966 )، والذي نفذ بحقي عند إلقاء القبض عليٌ، حيث قضيت المحكومية في سجون بعقوبة والرمادي والحلة.
6. الدراسة في كلية علم التاريخ والفلسفة في جامعة لايبزك (1968 – 1972)
7. الماجستير في نفس الجامعة (1972- 1974).
8. 4/5/ 1976 دكتوراه فلسفة في فلسفة مناهج التاريخ.
9. حزيران 1976 شمولي قانون الكفاءات وإعادة تعييني في جامعة الموصل- كلية التربية.
10. 31. 1. 1979 ترك العراق مع العائلة واللا عودة بسبب التهديد بتسليمي إلى الأمن عند رفض الانتماء إلى البعث، تاركا أثاث البيت وقطعة أرض. وهنا لابد لي أن أشكر الصديق د. عبد الرضا علي الذي غامر واصطحبني إلى دائرة الجوازات وكفلني لإخراج موافقة السفر.
11. منتصف كانون الثاني 1980 فصلي من الخدمة بسبب عدم التحاقي بالدوام بناء على ما جاء في الإخطار الصادر بحقي.
12. تشرين أول 1979 – تموز 1981 محاضر في كلية التربية/ جامعة قاريونس – البيضاء/ ليبيا.
13. أيلول 1981 – مارت 1993 أستاذ مساعد في قسم التاريخ / جامعة لايبزك.
تمت إجراءات ملء الاستمارات المطلوبة على ضوء القانون الصادر في حينه والقاضي باعتبار كل السنوات الواقعة خارج الخدمة، خدمة فعلية لأغراض الترفيع والتقاعد. وأبلغني الموظف المسئول بأن سنوات خدمتي قد اجتازت 42 عاما. ورفع الملف إلى مديرية التقاعد العامة التي أيدت الفحوى وأرسلت الملف بدورها إلى مديرية التقاعد العامة في بغداد. ووكلت شقيقي د. بهرام، عميد كلية الزراعة في كركوك، لمتابعة المعاملة التي قدمت بصورة رسمية في شهر تموز 2005 . ومن الطريف إنه في آخر لقاء له مع مدير التقاعد في كركوك بشأن الاستفسار عن مصير الراتب التقاعدي، قال له المدير، إذا جاءت موافقة الصرف، فلا يمكنه أن يطالبه بالمستحقات المتراكمة منذ 2005. (خليهم يآكلون ما طول خالهم طيب) ولكن أين الصرف؟
لمن أحكي هذه القصة؟
إذا كانت معاملة راتب تقاعدي تحتاج إلى أكثر من أربع سنوات، فكم يحتاج بناء جسر؟ أو تبليط شارع؟ أو تحديث منشأة نفطية؟ أو توفير الأمن للمحافظة على حياة الناس؟
اللهم ساعد هذا الشعب في محنته وأنقذه من طاعون الفساد، آمين.