الألبا تحتفل باستقلال فنزويلا بانضمام الإكوادور


فنزويلا الاشتراكية
2009 / 10 / 10 - 18:38     

قبل 188 عاماً وتحديداً في 24 يوليو (تموز) من عام 1821 اجتازت القوات البوليفارية ساحة معركة كارابوبو في فنزويلا محققةً نصراً جلب الاستقلال الأول لفنزويلا، كان المحرر العظيم سيمون بوليفار يقود قواته نحو مسيرة تحرير أمريكا اللاتينية وتوحيدها، وتلك المسيرة لم تتوقف "كارابوبو لم تنتهي، كارابوبو لا تزال مشتعلة على هذه السافانا وعبر كل هذه الأراضي، نحن في معركة كاملة لأجل الاستقلال." قال قائدة الثورة البوليفارية هوغو تشافيز للمحتفلين بذكرى الاستقلال ولعدد من القطع العسكرية التي جاءت لفنزويلا لتؤكد أن الذكرى ليست لفنزويلا وحدها.
عبر موكب من قوات دول الألبا ساحة الاحتفال كان من ضمنهم أعضاء من القوات المسلحة الثورية الكوبية وأكاديمية هندوراس العسكرية والجيش البوليفي ومن أكاديمية الجنرال خوزيه إسترادا العسكرية النيكاراغوية ليشاركوا في استعراض يوم الاستقلال، وتصدرت الاستعراض قوات من دولة ساينت فينسنت والغرينادينيز الكاريبية الصغيرة لتكون الأولى التي تظهر في الموكب الاحتفالي.
قال القائد تشافيز مخاطباً قادة دول الألبا الحاضرين وقواتهم العسكرية "إنها ذات المعركة.. لاستضافتكم هنا اليوم.. أهمية منقطعة النظير." ففي ذلك اليوم ارتفع عدد الأعضاء المنضمين للتحالف البوليفاري لشعوب الأمريكيتين ليصبح 9 دول مستقلة، بانضمام الإكوادور وساينت فينسنت والغرينادينيز وأنتيغوا وباربودا. كما حضر الاحتفال وقمة الألبا التي تبعته مسؤولون من البارغواي كمراقبين فاعلين. وليبدأ تطور الألبا، فكلمة الألبا كانت اختصاراً للبديل البوليفاري لشعوب الأمريكيتين، إلا أنه في هذه القمة قد طرأ تغيير على الاسم "له معنى عظيم.. إننا نبني حقيقة جديدة. صوت الألبا سيسمع أكثر يوماً بعد يوم بامتلاك المزيد من التأثير على الحقيقة الجيوسياسية لهذه القارة." هذا كان تعليق الرئيس تشافيز على الاسم الجديد الذي رافق البدء بمشاريع جديدة بديناميكية جديدة لآلية تكامل المنطقة، وبات الاسم "التحالف البوليفاري لشعوب الأمريكيتين".

الألبا، هي مبادرة تكامل روجت لها فنزويلا، تبحث عن الاتحاد من خلال آليات سياسية واقتصادية واجتماعية. مبادئها الأساسية: التضامن والتكامل والعدالة والمساواة والتعاون وهدف مشترك للتقدم والتطوير ينادي بالمساواة واحترام استقلال الشعوب وتقريرها لمصيرها مع التأكيد على التطوير الإنساني والاجتماعي وكذلك التطوير الاقتصادي والسياسي. يقول الرئيس الإكوادوري رافائيل كوريا إن الألبا "هي مشروع سياسي، قائم على التضامن والتكامل وأن نكون مالكين لمصيرنا.. علينا ألا نقلل من التكامل في سبيل البحث عن أسواق." فالألبا لم تقدم رؤية حالمة بشعارات التضامن والتآخي الإنساني بشكل واهم، بل قدمت بديلاً، بنتائج ملموسة أفضل، ومثالها مقايضة النفط الفنزويلي بالأطباء الكوبيين دون الحاجة لدخول متاهات العملات والأهم تجاوز آفة السوق بالعرض والطلب وجعل التقدير قائماً على الإمكانيات لدى الطرفين مما يعود بفوائد مضاعفة وأحياناً بفوائد ما كانت لتوجد لولا نظام الألبا التجاري، والبحث عن الأسواق الذي أشار إليه الرئيس كوريا لا يمكن أن يخدم تلك الدول، فلقد علقت في دوامة الأسواق لعقود وعقود طويلة وكانت تتجه حكومات اليمين بمجتمعاتها من سيء إلى أسوء.

وفي هذا المجال، يضيف الرئيس الإكوادوري "سنناقش اتفاقيات لتطوير الشعوب بعد الفشل الذريع لاتفاقية التجارة الحرة" تلك التي ترعاها إمبريالية الشمال الأمريكية التي ارتكبت إحدى الحكومات التابعة لها في البيرو مجزرة بحق مواطنيها لأجل الاتفاقية التي يفترض بأنها تخدم أولئك المواطنين أنفسهم وأكد الرئيس كوريا على أن الألبا هي دليل على "العالم الجديد المستقل والباحث عن التكامل دون وصاية أو تدخل."

دول الكاريبي الناطقة باللغة الانكليزية والتي سبق انضمامها لمنظمة الألبا أنها كانت منضمة-ولا تزال-لاتفاقية البيتروكاريبي التي ترعاها كذلك فنزويلا بتقديم نفط رخيص، أدى انضمامها رغم صغر حجمها وقلة تأثيرها الإقليمي لإثارة مخاوف لا الشمال الإمبريالي فحسب بل من كانوا يسعون لفرض هيمنات اقتصادية متفرقة هنا وهناك لتوكيد التبعية، فلقد عبر رئيس وزراء ترينيداد وتوباغو التي تنشط في caricom التجمع الاقتصادي الكاريبي عن أن عدداً من الدول المنضمة للألبا ستكون عاجزة عن تلبية متطلبات التجمع الكاريبي، ترينيداد وتوباغو هي واحدة من الدول التي لا تشتري النفط الفنزويلي الرخيص وكانت تسعى للتزعم في الكاريبي بتقديم غاز طبيعي أرخص لوقف التأثير الفنزويلي ولتلعب هي بدورها دور المسيطر بعرضها أيضاً تقديم مساعدات اقتصادية لعدد من تلك الدول المنضمة للألبا حديثاً، ولكن وبحسب جامايكا فإن ترينيداد وتوباغو تبيع دول التجمع الاقتصادي الكاريبي الغاز الطبيعي بذات السعر الذي تبيعه للولايات المتحدة الأمريكية.

هكذا أدوار تؤديها حكومات عدة لإيقاف النفوذ الفنزويلي المتنامي، نتوقع منها المزيد، وقد يبدو أن منها فائدة لشعوب تلك الدول في حال فعلاً تم تقديم مساعدات كتلك التي تقدمها فنزويلا إلا أنها لن تكون ذات نفع إذا ما استمرت على ما هي عليه، وهو ما يبدو كذلك حتى الآن، والدوافع وراء التخفيف من "النفوذ الفنزويلي" واضحة ولا تحتاج لبحث لا هي ولا من يقف وراءها في الشمال.

يرد أورتيغا، رئيس نيكاراغوا، أننا "سنضاعف أنفسنا بغية الترويج للتكامل لكل شعوبنا. في مناخ من الديمقراطية والحرية الحقيقيتين.." هذا التوسع الشعبي بالدرجة الأولى تهديده كان مردوداً عليه بالانقلاب العسكري في الهندوراس، وليس برد انتخابي ديمقراطي يعبر عن إرادة شعبية واضحة وصريحة برفض الألبا ورفض ما تقدمه وما تمثله لتلك الشعوب المنضمة إلى الحلف البوليفاري الذي يرى رئيس وزراء أنتيغوا وباربودا إحدى دول الكاريبي الناطقة بالانكليزية أن أهميته تكمن في أنه "يدعم التضامن بدل السيطرة، التضامن عوضاً عن الاستغلال، ويدعم احترام الاستقلالية.. أنتيغوا وباربودا تعتبره شرفاً أن تعد من الآن فصاعداً عضواً كاملاً في الألبا. نقبل دون تحفظات بالمبادئ التي يطرحها هذا البرنامج والتأثير الذي يحققه قد جلب الفائدة لملايين الناس."

وكما ذكرنا، فمع تغيير الاسم كان تغيير في الديناميكية باقتراحات عدة وتطلعات وأفعال باشرت فيها الألبا، مما دفع الرئيس موراليس للمطالبة بتشكيل لجنة سكرتارية لتجميع وتسجل المقترحات والنقاشات والقرارات التي تتم بين الدول الأعضاء. فاقترحت روداس وزيرة خارجية هندوراس أن تشكل دول الألبا "منبراً موحداً بخصوص مشاكلهم المشتركة" في المحافل الدولية وهو الذي أظهر مدى فاعليته فيها، ففي شهر أبريل (نيسان) الماضي رفضت دول الألبا وبشكل مشترك التوقيع على البيان الختامي لقمة منظمة الدول الأمريكية OSA لأن البيان "لم يتعاط مع الأزمة الاقتصادية العالمية" ومسألة "حصار كوبا" فدعمت فرضاً على المنظمة في قمة لاحقة بأن رفعت الحظر عن عودة كوبا للمنظمة وإن كانت دول الألبا متفقة على ضرورة إعادة بناء منظمتي الأمم المتحدة والدول الأمريكية التي يرى الرئيس تشافيز بأنها "بلا نفع على هذا الحال إنهم لا يخدمون شعوبنا.. إما أن نعيد بناءهما أو أنهما ستموتان كمؤسسات."

الألبا التي لم تعد "مقترحاً نظرياً بل منبراً للقوة الجيوسياسية" أكدت دولها الأعضاء على تقوية "المنطقة الاقتصادية التكاملية" وبدأت بتشكيل شركة إنتاج غذائية والتنسيق في الاستثمارات في القطاع الزراعي، وتم تقديم 7 مليون دولار أمريكي من صندوق تمويل الألبا المشترك خصيصاً لمبادرات الأمن الغذائي المشترك، كما فتحت فنزويلا المجال للدول الأعضاء باستخدام قمرها الصناعي الجديد الذي أطلق في نوفمبر (تشرين الأول) من العام الماضي لتقديم خدمات الاتصال المتنوعة في المجالات الطبية والتعليمية وسواها.

وشكلت مجموعة تعليمية لتخطيط بناء جامعة مشتركة ولبناء شبكة مؤسسات للتعليم العالي في المنطقة لتنسيق البحث والتدريب في مشاريع تروج لجوهر مبادئ الألبا، كما شكلت لجنة خاصة للدفاع عن حقوق المرأة.

الإمكانيات متواضعة، لأن المنظمة تضم بعضاً من أفقر الدول في القسم الغربي من الكرة الأرضية، ولكن العمل جيد جداً بثماره الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فإذا ما قارناه بين ما تحققه دول الألبا وتكتلات إقليمية أخرى تضم فيها دول ثرية عدة لتجاوزها بكثير، لاسيما على مستوى التنسيق وبناء جسور التعاون التي لا تزعزعها المزاجات بل تثبتها حكومات ديمقراطية منتخبة من الغالبية الشعبية التي على الرغم من سيطرة أكاذيب وسائل الإعلام البرجوازية على جزء كبير منها فقد فشلت في إقناعها برفض التقدم مع فنزويلا رغم التخويف والترهيب من ثورتها، وانقلاب الهندوراس والرد الشعبي عليه وقيام المقاومة الوطنية فيها برهان على من يشكك بالألبا وجدواها، فلولاها لما كان الانقلاب ولولا العاطفة التي تثيرها بمنجزاتها لما كانت المقاومة الوطنية والتحالف الاجتماعي.

اليوم كما البارحة البعيد، تكالبت قوى الرجعية العميلة في البلاد الملحقة والتابعة للإمبريالية الشمالية على جيش بوليفار لإيقاف كابوس نهوض أمريكا لاتينية متحدة ومستقلة، وكما ازدادت شراستهم الوحشية مع كل انتصار بوليفاري في السابق تزداد اليوم وستزداد غداً فالعالم القديم يصارع لاستمرار وجوده أصلاً، واليوم ينهض في "أمريكا تشي" العالم الجديد، كما لو أن كلمات ناظم حكمت تدوي فيها: "أيها العالم القديم، اركع أمام العالم الجديد."