الانتفاضة الفلسطينية: ارهاب أم مقاومة وطنية؟


عبد الغفار شكر
2009 / 9 / 28 - 12:06     

تتزايد الضغوط الأمريكية والأوروبية على الشعب الفلسطينى للتوقف عن ممارسة حقه المشروع فى مقاومة الاحتلال الاسرائيلى واكراهه على الاستسلام لهذا العدوان المستمر منذ اغتصاب أرضه عام 1948 واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967. وقد اتخذت هذه الضغوط أخيرًا مظهر اتهام مقاومة الشعب الفلسطينى للاحتلال الاسرائيلى بالارهاب، وأصدرت وزارة الخارجية بيانا بالمنظمات الارهابية فى العالم شملت من فلسطين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) ومنظمة الجهاد الاسلامى، وتبعها الاتحاد الأوروبى الذى أصدر بيانا فى 10 ديسمبر 2001، باعتبار حماس والجهاد منظمات ارهابية. كما أصدرت الولايات المتحدة قراراً بتجميد بعض المؤسسات الشعبية فى أمريكا بتهمة تمويل حماس والجهاد. ولنا أن نتخيل حجم الضغوط التى يواجهها الشعب الفلسطينى من هذه الإجراءات إذا وضعناها فى السياق الدولى الحالى وما تقوم به أمريكا من عدوان وحشى على شعب افعانستان بحجة مواجهة الارهاب وما يحمله ذلك ضمنا من تهديد بأن تمارس أمريكا عدوانها على هذه المنظمات الفلسطينية ضمن حربها المستمرة على الارهاب التى ستطول كما أعلن الرئيس بوش ونائبه ديك تشينى أكثر من ستين بلدا تأوى منظمات ارهابية. ومن واجبنا أن تتصدى لهذا التوجه الخطير وأن نخاطب الرأى العام العالمى بالحقائق الأساسية حول القضية الفلسطينية وحول الصراع الفلسطينى الاسرائيلى، وهل ما يقوم به الشعب الفلسطينى وفصائله السياسية من أنشطة ضد الاحتلال الاسرائيلى ارهاب ام أنه مقاومة وطنية مشروعة؟
الحقيقة الأولى: التى يجب أن تتضح للرأى العام العالمى أن ما يحدث على أرض فلسطين الآن هو نتيجة لعدوان بدأته الحركة الصهيونية على الشعب الفلسطينى باغتصاب أرضه عام 1948 وأن القضية الوطنية الفلسطينية اتخذت أبعادها الشاملة من تمزيق وطمس الكيان الوطنى لشعب فلسطين، وتشريده من أرضه، وتقسيم بلاده، واخضاعها للاغتصاب والاستعمار الاستيطانى والاحتلال بالقوة. أن القضية الوطنية الفلسطينية هى فى جوهرها مسألة التبديد القومى لشعب فلسطين واقتلاعه من وطنه، وتقسيم واحتلال بلاده وحرمانه من حقه الطبيعى فى تقرير مصيره بحرية على أرضه، وهى نتيجة لمصادرة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطينى على أيدى اسرائيل الصهيونية بالتحالف الوثيق مع الامبريالية العالمية وان الاستعمار الاستيطانى الصهيونى يشكل العقبة الرئيسية فى طريق انجاز الحل الجذرى للقضية الوطنية الفلسطينية. وأن الصهيونية هى حركة عنصرية رجعية وثيقة الصلة بالامبريالية العالمية. وهى تقدم حلا شوفينيا، رجعياً، وزائفا للمسألة اليهودية فى إطار مشروع استعمارى استيطانى على حساب الوجود الوطنى لشعب فلسطين يرتهن بقاءه باستمرار تبديد الشعب الفلسطينى واغتصاب أرضه وحقوقه الوطنية.

الحقيقة الثانية: التى يجب أن تتضح للرأى العام العالمى، أن الشعب الفلسطينى ظل ينتظر أكثر من عشرين سنة دون جدوى أن يعيد له العالم حقوقه التى انتزعت منه، وأخيراً قرر أن يقاوم الاحتلال بكل الطرق المشروعة سياسية ودبلوماسية واعلامية وعسكرية لاسترداد حقوقه المشروعة، وأن ما يفعله أمر مشروع طبقا للقانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة التى ساوت الصهيونية بالعنصرية، وأن مقاومته بما فيها الكفاح المسلح حركة مشروعة سبق أن كانت فى كل بلد تعرض للغزو، وقامت فى كل بلد تعرض للاستعمار والاحتلال ومجدها الرأى العام العالمى كله وما زال يحيى ذكراها مثال ذلك مقاومة شعوب أوروبا للاحتلال النازى فى فرنسا وبولونيا وروسيا وهولندا ويوغوسلافيا. وعندما انهزمت الجيوش العسكرية أمام الغزو الأجنبى قامت عناصر من المدنيين تقاوم الاحتلال وتقاتل من أجل الأرض ومن أجل استرداد الحقوق الوطنية المشروعة. وما يقوم به الشعب الفلسطينى حاليا فى مواجهة الاحتلال لا يختلف كثيراً أو قليلا عن هذه المقاومة التى شهدتها أوروبا ضد الاحتلال النازى فقضية فلسطين فى جوهرها هى قضية تحرر وطنى لشعبها مشروعية الكفاح بكل الأساليب من أجل استعادتها بما فى ذلك الكفاح المسلح. خاصة وأن استراتيجية اسرائيل تقوم على فرض الأمر الواقع بالقوة.
والحقيقة الثالثة التى يجب أن تتضح للرأى العام العالمى أن المقاومة الوطنية الفلسطينية هى رد فعل لارهاب مستمر مارسته الحركة الصهيونية على أرض فلسطين وضد شعبها للتمهيد لقيام دولة اسرائيل ولتعزيز وجودها بعد قيامها. ان أبسط تعريف للارهاب هو أنه نوع من العنف غير المبرر وغير المشروع بالمقياسين الاخلاقى والقانونى، وهو من ثم دائرة مفرغة إذا لجأ اليها أحد أطرافها حرض الباقون على أن يفعلوا الشىء نفسه. والارهاب بهذا المعنى جزء من العقيدة الصهيونية وأداتها الرئيسية لتحقيق أهدافها. كتب تيودور هيرتز أبو الصهيونية فى كتابه "الدولة اليهودية" "لنفترض مثلا أننا نريد أن نطهر بلدا من الوحوش الضارية طبعا لن نحمل القوس والرمح ونذهب فرادى فى أثر الدببة كما كان الاسلوب فى القرن الخامس فى أوروبا، بل سننظم حملة صيد جماعية ضخمة ومجهزة ونطرد الحيوانات ونرمى وسطهم قنابل شديدة الانفجار" هكذا تصور هيرتزل بناء الدولة اليهودية بالسلاح وبالعنف الجماعى المنظم غير المبرر اخلاقيا وقانونيا أى بالارهاب.
ومن بعده قال فلاديمير جابوتنكسى منظر الارهاب الصهيونى "نستطيع أن تلغى كل شىء القبعات والاحزمة والألوان، والافراط فى الشراب، والأغانى، أما السيف فلا يمكن الغاؤه. عليكم أن تحتفظوا بالسيف لأن الاقتتال بالسيف ليس ابتكار المانيا بل إنه ملك لأجدادنا الأوائل، إن التوراة والسيف انزلا علينا من السماء".
هكذا اعتنقت الصهيونية العنف غير المبرر أخلاقيا وقانونيا أى الارهاب طبقا للتعريف المتفق عليه دوليا وطبقته بكل قسوة على أرض فلسطين وضد المدنيين العزل فى مذبحة دير ياسين 1948 ومذابح الطيبة والطيرة وكفر قاسم 1956 وغيرها لارهاب الشعب الفلسطينى واجباره على ترك أرضه ووطنه.
فى 9 أبريل 1948 فوجىء أهالى قرية دير ياسين بمكبرات الصوت تدعوهم لاخلاء القرية بسرعة، فتدافع السكان يستطلعون الخبر فإذا هم محاطون من جميع الجهات بالعصابات الصهيونية التى قتلتهم دون أى فرصة للدفاع عن النفس. ذبح فى هذا الهجوم مائتين وخمسين إنسانا ذبح الشاه، قطعت أوصالهم وبقرت بطونهم قبل الاجهاز عليهم، أما الأطفال الرضع فقد ذبحوا فى أحضان أمهاتهم وأمام أعينهن. من هؤلاء المائتين والخمسين: خمس وعشرون امرأة حبلى بقرت بطونهن وهن على قيد الحياة برؤوس الحراب. اثنان وخمسون طفلا قطعت أوصالهم أمام أمهاتهم ثم ذبحوا ثم أجهز على الأمهات. قتل ومثل بنحو 60 أمرأة وفتاة أخرى.
لم يكتف الجناة القساة بهذه الجرائم، بل جمعوا من بقى على قيد الحياة من النساء والبنات العربيات وجردوهن من ملابسهن ووضعوهن فى سيارات لورى مكشوفة طافت بهن الشوارع اليهودية من القدس حيث تعرضن لسخرية جماهير اليهود واهاناتهم. قال مندوب الصليب الأحمر بعد رؤيته لجثث القتلى وما حدث لهم (لقد كان الوضع مروعا) وكتب جون كيمش اليهودى الصهيونى البريطانى الجنسية (لم تكن هناك مناسبة واضحة لمذبحة دير ياسين التى راح ضحيتها مائتان وخمسون من الأبرياء. كما كتب المؤرخ البريطانى ارنولد توينى يقول (أن من الأفعال الشريرة التى افترقها اليهود الصهيانية ضد عرب فلسطين والتى لا تختلف عن الجرائم التى ارتكبت ضد اليهود على أيدى النازيين، كان ذبح الرجال والنساء والأطفال فى قرية دير ياسين فى 9 أبريل 1948 وهى المذبحة التى عجلت بهروب أعداد ضخمة من السكان العرب من الأحياء التى تقع داخل نطاق مرمى القوات اليهودية المسلحة وما أعقب ذلك من طرد متعمد للسكان العرب من الأحياء التى اعتدت عليها هذه القوات فيما بين 15 مايو 1948 وآخر ذلك العام، مثال ذلك الذين طردوا من عكا واللد والرملة وبير سبع وعرب الجليل. وقد فقد نتيجة لذلك 684 ألف مواطن عربى من مجموع السكان العرب البالغ عددهم 859 ألفا كانوا يعيشون فى المناطق الفلسطينية التى احتلها اليهود الصهيانية بقوة السلاح فقدوا ديارهم وممتلكاتهم ووطنهم. وما تزال المذابح مستمرة حتى الآن مثل مذبحة الحرم الابراهيمى فى مدينة الخليل وما تزال هذه التقاليد مستمرة داخل جيش الدفاع الاسرائيلى. فلقد كتب الجندى موشيه إلى الحاخام شيمون ويزر يسأله عما يفعله بالعرب وعند تسلم رده كتب اليه مرة أخرى يقول فهمت من رسالتك أنه (خلال الحرب ليس مصرحا لى فحسب، بل مأمور بأن أقتل أى عربى أصادفه.. رجلا كان أو أمرأة، إذا كان هناك سبب للخوف من أن يساعدوا فى الحرب ضدنا مباشرة أو مداورة الأمر الذى يهمنى هو أنه على أن أقتلهم ولو كان ذلك يتعارض مع القانون العسكرى".
ليس ما أوردناه هنا إلا مجرد أمثلة تاريخية على ارهاب الدولة التى تمارسه اسرائيل ومن قبلها العصابات الصهيونية ضد شعب فلسطين الأعزل، بل ما يزال هذا الارهاب مستمرا.
وينقلنا هذا إلى الحقيقة الرابعة التى يجب أن تتضح للرأى العام العالمى، وهى أن مواجهة الشعب الفلسطينى للاحتلال الاسرائيلى هى رد فعل للعدوان الاسرائيلى القائم فى الضفة والقطاع، وما يتضمنه من ممارسات ارهابية لا مبرر لها إلا إكراه الشعب الفلسطينى على قبول الاحتلال والتسليم بالأمر الواقع، وأن الفارق الأساسى بين العنف الذى تمارسه اسرائيل والعنف الذى يمارسه الشعب الفلسطينى يتمثل فى أن العنف الاسرائيلى ليس له ما يبرره اخلاقيا وقانونيا لأنه يكرس العدوان واستمرار اغتصاب أرض شعب آخر وبالتالى فهو ارهاب، أما العنف الذى يمارسه الشعب الفلسطينى فله ما يبرره أخلاقيا وقانونيا وفق المقاييس الدولية لأنه يمارس دفاعا عن قضية عادلة هى استرداد الحقوق الشرعية الوطنية الثابتة واستعادة الأرض المحتلة من سيطرة الاحتلال.
فى هذا الإطار سوف نلاحظ أن اسرائيل هى البادئة بالعدوان باحتلال الأرض بعد أن طردت هذا الشعب من جزء من وطنه سنة 1948 وهى التى تمارس ارهاب الدولة ضد المدنيين العزل الأبرياء لضمان استمرار الاحتلال، وما يقوم به الشعب الفلسطينى هو رد فعل للعدوان وللممارسات الارهابية، وما يقوم به من عنف له ما يبرره يجد جذوره فى مشاعر الإحباط واليأس والبؤس والمعاناة التى تفوق أحيانا طاقة البشر على احتمالها، ومن ثم فإنه ما لم تعالج الأسباب الحقيقية التى تضطرهم لانتهاج العنف فى التعامل مع الواقع البائس الذى لا يستطيعون التكيف معه، فإن كل ما يبذل من جهد لن يوقف هذا العنف. وبكلمات أخرى فإنه ما لم تجد هذه القضية العادلة حلا حقيقيًا بانهاء الاحتلال واعتراف اسرائيل والمجتمع الدولى بدولة فلسطينية مستقلة فإن الدائرة المفرغة للعنف والعنف المضاد لن تتوقف. وهناك من يرى أن شيوع العنف يعكس فى واقع الأمر أزمة ضمير واخلاقيات حادة ومستحكمة يعيشها النظام السياسى الدولى، وهى الأزمة التى يبرز فيها التناقض الفاضح بين ما تخص عليه مواثيقه من مبادىء، وما تدعو إليه من قيم ومثاليات انسانية رفيعة، وبين ما تنم عليه سلوكياته الفعلية من تنكر تام لكل تلك القيم والمثاليات. ومن هنا تبرز الممارسات العنيفة ليس كعنف مجنون لا هدف له ولا وجهة، وإنما كصرخة احتجاج مدوية على ما يحمله هذا التناقض الصارخ بين القول والفعل من معنى. وعلى سبيل المثال فإنهم يأخذون على النظام السياسى الدولى عجزه عن تحقيق المطالب النبيلة والمشروعة للعديد من القوى والحركات الوطنية التى تناضل ضد القهر الذى تفرضه عليها قوى امبريالية عالمية تنكر عليها حقها فى تقرير مصيرها وتسد كل قنوات التعبير المشروع ومنافذه أمامها، وهى لذلك تجد نفسها مكرهة على استخدام العنف الذى يعتبرونه نوعا من الارهاب لكسر طوق الجمود بل والتبلد الدولى الذى يخيم على قضاياها، وتحريك الضمير الانسانى فى كل مكان لجذب انتباهه إلى الفظائع اللا إنسانية التى تقترف دون رادع يضع حدا لتلك المعاناة. إن العمل الفدائى الفلسطينى يقدم المثل البارز على هذه الأوضاع الدولية المجحفة بحقوق أصحاب هذا النوع من القضايا الإنسانية. ومن بين الأعمال الفدائية الفلسطينية لا يجدون سوى العمليات الاستشهادية التى يصفونها بالارهاب وسوف نرى بعد قليل مدى انطباق هذا الوصف عيها رغم أنها لا تشكل سوى مساحة محدودة من المقاومة الوطنية المشروعة للشعب الفسطينى ضد قوات الاحتلال. ورغم أن معظم ما تقوم به قوات الاحتلال فى الضفة والقطاع يندرج تحت بند الارهاب بوضوح بمعنى أنها أعمال عنف ليس هناك ما يبررها بالمقياس الاخلاقى أو المقياس القانونى.
تفجرت الانتفاضة الشعبية الفلسطينية وتواصلت خلال العام الماضى احتجاجا على ممارسات اسرائيلية ارهابية فقد قتلت اسرائيل خلال هذا العام أكثر من سبعمائة شهيد منهم أكثر من مائتى طفل، وأصابت 35 ألف فلسطينى معظمهم من الأطفال. واستخدمت طائراتها المروحية والمقاتلة القاذفة فى قصف المنازل واصطياد القيادات الفلسطينة ودمرت كثيرا من المنشأت الفلسطينة كمحطات الكهرباء وميناء غزة ومطار غزة ونظمت عمليات اغتيال منهجية لقيادات سياسية مثل أبو على مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ويزيد عدد القيادات التى تم اغتيالها ما يقرب من مائة شخصية من خلال القصف الجوى والسيارات المفخخة والقنص ونصب الكمائن، هذا بالاضافة إلى تجريف الأرض الزراعية وتدمير المحاصيل وحرقها. وتحويل الضفة والقطاع إلى كانتونات معزولة عن بعضها وحرمان السكان المدنيين من أبسط ضروريات الحياة، وقد راح الآف المدنيين الأبرياء ضحايا القصف العشوائى الجوى وقصف الدبابات والمدفعية الثقيلة، وفى كثير من الحالات كان هناك ما يؤكد أن استهداف المدنيين الأبرياء مخطط له ومستهدف لاشاعة الفزع فى صفوف الفلسطينيين.
وفى مقابل هذا فإن المقاومنة الفلسطينية تركزت ضد قوات الاختلال وضد المستوطنيين وهم أيضاً من قوات الاحتياط فى الجيش الاسرائيلى وكما نعلم فإن جميع مواطنى اسرائيل حتى سن الخامسة والخمسين هم من الجنود والضباط العاملين والاحتياط فى جيش اسرائيل وفضلا عن هذا فإن سكان المستعمرات من غلاة الصهاينة الذين يؤمنون باحتلال كامل أرض فلسطين وطرد شعب فلسطين خارجها زاعمين أن دولة فلسطين يجب أن تقام على أرض الأردن أى شرق نهر الأردن وأنه لا يوجد أى امكانية لاقامة أكثر من دولة واحدة بين البحر والنهر، وتتنوع أنشطة الانتفاضة بين المظاهرات الجماهيرية والمواجهة بالحجارة فى مواجهة الدبابة والمجنزرة والمدفعية الثقيلة ونصب الكمائن لقوات الاحتلال والمستوطنين الذين نؤكد مرة أخرى أنهم جزء من قوات الاحتلال وأنهم يتسلحون بأسلحة متقدمة ويشاركون قوات الاحتلال فى قتل الفلسطينيين المدنيين. وكل هذه الأنشطة السلمية والعسكرية تدخل ضمن المقاومة الوطنية المشروعة لقوات الاحتلال تعترف بها الأمم المتحدة ويعترف بها القانون الدولى. ولا يبقى من أنشطة الانتفاضة سوى العمليات الاستشهادية داخل الخط الاخضر أى داخل اسرائيل والتى يجرى التركيز على أنها أعمال ارهابية لأنها تستهدف المدنيين الأبرياء، إلا أننا نلاحظ أن هذه العمليات تتم دائماً عقب سقوط أعداد كبيرة من المدنيين الفلسطينيين نتيجة للعدوان الاسرائيلى، وأنها تستهدف دائماً تجمعات الجنود الاسرائيليين فى محطات الاتوبيس أو محطات القطار وفى بعض المنتجعات لهؤلاء الجنود. وعندما يسقط مدنيون قتلى أو مصابين فإن ذلك يكون نتيجة كشف القائمين بها قبل بلوغ الهدف أو خوفهم من عدم الوصول إلى الهدف فيفجرون أنفسهم فى المكان غير المناسب. اسرائيل تقوم بعمليات عسكرية يسقط المدنيون ضحية لها ولا يختلف ذلك عن سقوط مدنيين من جراء عمليات استشهادية. ولا يختلف ذلك عما قامت به اسرائيل من عدوان على منشئات مدنية خارج اسرائيل مثل قصف مدرسة بحر البقر ومصنع أبو زعبل والأحياء السكنية للسويس فى مصر وقصف أهداف مدنية فى جنوب لبنان. إن الدم الاسرائيلى ليس أغلى من الدم الفلسطينى. وايقاف المقاومة الوطنية الفلسطينية المشروعة لن يتم بدون ايقاف الاحتلال الاسرائيلى للضفة والقطاع والاعتراف بدولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس. والكفاح المسلح الفلسطينى ومن ضمنه العمليات الاستشهادية له ما يبرره اخلاقيا وقانونيا لأنه يستهدف ايجاد حل لقضية عادلة أما العنف الذى تمارسه اسرائيل فليس له ما يبرره اخلاقيا وقانونيا لأنه يكرس العدوان والاحتلال. هذه الرسالة يجب أن تصل بوضوح إلى الرأى العام العالمى لأننا أصحاب حق ولسنا من دعاة الارهاب كما تزعم اسرائيل وأمريكا وقد انضم اليهم فى هذا الزعم الاتحاد الأوروبى وهم بذلك يزيدون النار اشتعالاً ويساهمون فى اتساع دائرة العنف.