جامعة البحرين: محاكم تفتيش


فاضل الحليبي
2009 / 9 / 16 - 12:06     

تقول المادة "23" من دستور مملكة البحرين في الباب الثالث، الحقوق والواجبات العامة "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب، وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية".

نص دستوري واضح، لا يريد له تفسير أو تأويل، هل تلتزم فيه الوزارات والمؤسسات الحكومية، وهي تعيش أجواء انفتاحية من المفترض أنها تختلف عن ما عاشته أبان الحقبة السوداء في بلادنا من القرن الماضي لأكثر من ربع قرن، أم هي مسكونة بروح الماضي القمعي والأمني، الذي جعل من البحرين سجناً كبيراً، ولا زالت تلك الروح الأمنية تعيش في داخل العديد من المسئولين في البلاد، والأكثر استغراباً ودهشة، يحدث ذلك في صرح علمي وهو جامعة البحرين، التي يجب أن تكون منارة للعلم والحضارة والتقدم، لأنها تخرّج أجيالا متعلمة وأكاديمية مميزة، هل هي حقاً تقوم بتلك الرسالة العلمية الحضارية، أم هي شيء آخر، فالحكاية أيها القراء الأعزاء، ما جرى مع الطالبة الشابة نور حسين، محكمة تفتيش أطلقوا عليها "لجنة تحقيق" من دكاترة وأساتذة عفواً "ضباط أمن" لأن البعض منهم كان يسأل أسئلة أمنية صريحة، من أنتِ، وما هو اتجاهك الفكري والسياسي، ومن معك، وغيرها من الأسئلة.
وبعد تحقيق أمني، حول التقرير إلى لجنة التأديب، وبدورها استندت اللجنة على التقرير المقدم إليها، وأصدرت قرارها التعسفي بحق الطالبة، فبعد أن عددت الأسباب قالت "واستناداً لهذه الأسباب قررت لجنة التأديب إلغاء تسجيل الطالبة في مقررات الفصل الدراسي الثاني 2008/2009، استناداً إلى المادة "3" الفقرة (جـ) من لائحة المخالفات المسلكية لطلبة جامعة البحرين.

هؤلاء الأفاضل من الدكاترة والأساتذة المحترمين، هل اطلعوا على حقيقة الأمر، وعرفوا ما قالته الطالبة وبالحرف في الاجتماع مع "لجنة التحقيق" عفواً "لجنة الأمن"، لان ما جرى هوغير ذلك على الإطلاق، حيث تم تدوين أقوال لم تقلها الطالبة، وأرادوا منها التوقيع على ذلك المحضر، إلا أنها رفضت التوقيع على أقوال ملفقة، وحتى لا ندخل في التفاصيل، سبب صدور ذلك القرار التعسفي، وهو توزيع بيان صادر عن قائمة الوحدة الطلابية، بمناسبة يوم الطالب البحريني "25 فبراير"، ووزع في الجامعة، وهي قائمة معروفة خاضت العديد من الانتخابات الطلابية في الجامعة، وأصدرت العديد من البيانات والنشرات الطلابية.
وحتى ذلك "الجرم" الذي تدعيه جامعة البحرين، بحق الطالبة نور حسين، لم تكن هي طرفاً أثناء التوزيع، بل قبض على طالب آخر، ولكن نور، قالت بأن البيان، يخص القائمة، وليس الطالب، وأعلنت مسئوليتها عن النشاط الطلابي في جمعية الشبيبة والقائمة، والبيان الصادر كان يعدد سلبيات الجامعة وما وصلت إليه في السنوات الأخيرة، ويذكر بعض النقاط التي يجب أن يعمل عليها الطلبة من خلال مجلس طلبة الجامعة.
والبيان لا يحرض على الفرقة أو الطائفية ولا يدعو للخروج عن أسس الشريعة الإسلامية أو شق وحدة الشعب، وفي جامعة البحرين يجب أن يكون فيها البحث العلمي متواصلا على كل المستويات وفي المقدمة من ذلك حرية التعبير وإبداء الرأي وممارسة النقد البناء والهادف،ولا يجب أن يتخذ مثل ذلك الإجراء الترهيبي ضد الطلبة.
قضية الطالبة نور حسين، قضية حرية رأي وتعبير، وهي لا تخرج عن نطاق تلك المادة المذكورة أعلاه، وعلى مجلس طلبة جامعة البحرين، أن يتبنى القضية ويدافع عنها، وإذا تقاعس أو تلكأ عن ذلك الفعل لن تقوم له قائمة لا في الحاضر ولا في المستقبل، فالدفاع عن حقوق الطلبة، واجب طلابي ونقابي، والخيار الأخير، على طلبة البحرين الاستمرار في النضال من أجل تحقيق حلمهم القديم بتأسيس الاتحاد الوطني لطلبة البحرين أسوة بأشقائهم وشقيقاتهم في الاتحادات العمالية والنسائية في البحرين التي وجدت لتدافع عن أعضائها ومنتسبيها.