أخطبوط المنظمات غير الحكومية أختراع أمبريالي


نجاة طلحة
2009 / 9 / 11 - 12:25     

أن الحديث عن أستقلالية ما يعرف بالمنظمات الغير حكومية (منظمات المجتمع المدني) حديث يتناقض تماما مع الواقع, وأنها ذات أغراض أنسانية بحتة فهذا يجافي أي منطق واي حقيقة عن أهداف هذه المنظمات , فبنظرة مباشرة وبالعين المجردة تماما فأن كل هذه المنظمات تنطلق من قواعد موجودة في الدول الأمبريالية في غرب أوربا (انجلترا, هولندا. بلجيكا) , اليابان , كندا والولايات المتحدة الأمريكية. وبالتاكيد هذا ليس بمصادفة وليس هذا بسبب الأمكانيات المالية العالية لهذه الدول فان في العالم الآن أكثر من أقتصاد منافس في دول ذات منطلقات ايدولوجية مختلفة لم تحاول الدخول في هذا النشاط رغم المنافسة الواضحة بينها والامبريالية علي النفوذ الأقتصادي في دول العالم الثالث.
في البداية أستخدمت الأمبريالية سلاح المؤامرات و الأنقلابات العسكرية التي تدبرها أجهزة مخابراتها لضرب الأنظمة وقمع الحركات ذات التوجهات التقدمية في الدول النامية وبعد أن انكشفت تلك الأساليب لجأت الأمبريالية لوسائل أخرى منها دعم الجماعات الدينية المتطرفة فقدمت لها كل أنواع الدعم اللوجستي كي تستخدمها في تنفيذ مخططاتها لكن وبعد أن انقلب السحر علي الساحر وتحولت هذه الجماعات الي خطر يهددها كان لها أن تبحث عن وسائل أخري. تزامنت الحاجة لاختيار البديل مع أنتقال الأمبريالية لمرحلة العولمة فأصبح المطلوب من هذا التحول أن يستصحب معه خططا تخدم أقراض المرحلة الجديدة. أن الربط بين ظهور هذه المنظات ومتطليات مرحلة العولمة يبدو جليا فأن نشاط هذه المنظمات يتغلغل قي المجتمعات بحجة خدمة قضاياها لكنه في الحقيقة يشكل أختراقا لثقافات هذه المجتمعات ويسرب بدائل ممثلة في مكونات ثقافة النظام العالمي الجديد. فالامبريالية التي تقوم علي استغلال موارد الآخرين وتوظيفها لمصلحتها المباشرة لا يمكن أن تكون قد تحولت الي منظومة خيرية توزع الصدقات.
الخطر الذي يتهدد التنظيمات الديمقراطية في البلدان النامية كالسودان هو أن نشاط منظمات المجتمع المدني يشكل ثورة مضادة تطرح البديل للتنظيمات الديمقراطية ذات التوجه الثوري أو تخترقها للقضاء عليها أو أذا لم يتـأتي لها هذا تعمل علي تغيير مسار وتوجه هذه المنظمات وبذلك يمكنها أن ترفع سقف توقعاتها بأن ترث القواعد كذلك وهذا يمكن أن يتم بتوجيه هذه التنظيمات لتسترشد بالفكر البرجوازي وأتباع مناهجه ومعالجة قضايا المجتمع من هذا المنطلق. خير شاهدعلي ذلك تناول هذه المنظمات لقضية المرأة من ذاوية النوع وحصرها في هذا المفهوم عبر منظمات مثل ما يسمي بالجندر حيث تعالج هذه القضية علي أساس مرجعيته قواعد الفكر البرجوازي. أنه وبصرف النظر عن المخطط بعيد المدي والذي تنفذه الأمبريالية باختراقها للنشاط الديمقراطي مستخدمة منظمات المجتمع المدني, هنالك تأثير مباشر لهذه المنظمات يؤكد الاستهداف الايدولوجي ويجب الانتباه له بشدة فهذه المنظمات تعالج الفضايا المختلفة التي تخص المرأة مجزأة مما يشكل فك أرتباط النشاط في اتجاه تحرر المرأة وبرنامح سياسي عام يتجه لتحرير المجتمع كاملا وبذلك يفصل هذا النشاط تماما عن أي مرجعية ثورية. أن أستخدام هذه الوسائل يحول خط العمل النسوي من نشاط نضالي الي شكل من أشكال العمل الخيري وهذا غاية ما يرمي اليه هذا المخطط. كذلك فأن هنالك خطر أكبر تشكله ظاهرة المنظمات التي تعمل علي حل قضايا المجتمع من ذاوية النوع هو أن هذه المنظمات تجرجرنا الي بعد خطير يمثل شكل آخر من ادوات تسريب ثقافة العولمة فأن مفهوم الجندر في الغرب وحيث توجد رئاسة هذه المنظمات والأساس الذي تقوم عليه ليس هو النوع بالشكل الذي تعرفه الثقافة الشرقية عموما (نساء , رجال) فجل نشاط هذه المنظمات ينصب في خانة المثليين بأعتبارهم وحسب النظرة البرجوازية الليبرالية أكثر أقسام المجتمع تعرضا للتمييز والأضهاد وأي محاولة لمنظمات المجتمع المدني المحلية والمرتبطة بتلك العالمية لأقصاء هذا النوع يضعهم في خانة منتهكي حقوق الأنسان. هنا يجب الانتباه الي أن وجود أزع لهذا النوع من المنظمات العالمية هو اداة أختراق للعولمة الثقافية.
أن أستقطاب الطبفة المثقفة في الدول النامية للعمل في هذه المنظمات يوجه هذه الطاقات والكفآت لتنفيذ برامج ومخططات الأمبريالية ويبعدها عن الأنخراط في نشاط هو في النهاية يشكل ثورة تستهدف المصالح الأمبريالية, وتعمل علي أرساء قواعد لأستراتيجية قوامها مصلحة الجماهير الكادحة كما أن أتجاه مناضلي المنظمات الديمقراطية للعمل في منظمات المجتمع المدني أو أنتفالهم لها بشكل كامل وأنصرافهم عن النضال في التنظيمات الديمقراطية يخدم لمخططات الآمبريالية غرضا مزدوجا فهو من ناحية يعطل مساهماتهم في التنظيمات الديمقراطية وفي نفس الوقت ينقل هذا الرصيد لمنظمات المجتمع المدني. لايمكن الثبات في وجه مغريات هذا المد الا بقوة التلازم الثوري المتين بين الاهداف النضالية لهذه الكوادر وطموحاتها الشخصية فأن هذا هو أول الغيث وأذا لم تكن هنالك وقفة شجاعة لمواجهة هذا الخطر قد تصل الأمور الي حد قد يفوق كل التوقعات.