صناعة الانسان ودوره في الارتقاء بالاوطان


ابراهيم علاء الدين
2009 / 8 / 3 - 08:00     

ذكرت وكالة انباء فرانس برس ان عددا متزايدا من المدارس والجامعات الامريكية يسمح بالحصول على المعرفة والتعليم عبر "الانترنت" من خلال دروس مجانية يوفرها اساتذة مرموقون ان كان المرء يرغب في ذلك ويريد تحسين مستواه دون الحصول على دبلوم رسمي.
واوردت الوكالة ان موقع يوتيوب لتبادل اشرطة الفيديو انشأ اخيرا محطة بعنوان "يوتيوب ايدو" اي "يوتيوب تربية " لاكثر من مائة جامعة تقترح تعليما مجانيا جول مواضيع مختلفة، وبين الاف الاشرطة المتوفرة على هذا الموقع الجديد اشرطة للفيزيائي والتر لوين من معهد ماساتشوستس المعروف عن حصصه الدراسية بانها مفعمة بالحركة والنشاط.
وتبث اعرق جامعات الولايات المتحدة مثل هارفارد وبيركلي وكولومبيا وبرنستون وستانفورد ويال اشرطتها على موقع اليوتيوب ايدو.
اثرت البدء بعرض الخبر اعلاه في سياق استكمال الحوار حول الموضوع الذي طرحه الاستاذ سيمون خوري بعنوان "نريد بناء دولة" (ولا داعي لذكر تتمته) وكنت قد بدأت الاسبوع الماضي بطرح عدد من النقاط التي لا بد من التصدي لها ووضع التصورات الخاصة بها حتى تتمكن حركة التحديث والتطوير المتنامية في عالمنا العربي من تحقيق اهدافها تدريجيا.
وفي سياق التعليقات التي اثارها عدد من الزميلات والزملاء بدا واضحا ان الجميع متفق حول شكل ومضمون الدولة التي نريدها وهي بصريح العبارة "الدولة الديمقراطية العلمانية والليبرالية" لكن الاستاذ سيمون اقترح ان نبدأ الحوار من البند رقم 3 وهو بند – تحديد الاهداف -- الذي ورد بالمقال ورابطه
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=1441&aid=179757
فيقول الاستاذ سيمون في مداخلته " حول الهدف العام . بريطانيا دولة ملكية ، لكن تحكمها قوانين ديمقراطية ، وفرنسا أيضا دولة جمهورية ذات نظام ديمقراطي متعدد ودفعت من موازنتها تكاليف بناء مسجد قي باريس.وتونس ايضاً دولة قد نختلف او نتفق حولها لكنها فرضت قانوناً لصالح المرأة بمنع تعدد الزوجات ، ولم يحول إنتمائها الديني دون تعديل دستورها . وأماكن العبادة حسب علمي مفتوحة للجميع .
من هذه النقطة ، وربما تنسجم مع المحور الثالث الذي يقترحة الزميل العزيز اقترح بداية الحوار . أولاً ماذا نريد بالتأكيد .... ويخلص الى القول " . لذا أعتقد أن تحديد النقطة الثالثة مما جاء في مداخلة الزميل إبراهيم الغنية قد تصلح بداية المشوار ، إلا إذا كانت هناك إقتراحات بديلة أو معدلة"
فيما رأت الزميلة رشا ممتاز "أن إزالة التشويش الذى لحق بالمفاهيم و طرح مصطلحات محددة واضحة المعالم هو أولى الخطوات الضرورية لإزالة اللبس وكسب ثقة المواطنين.." وتقصد السيدة رشا بقولها هذا التشويش الذي لحق بمفهوم العلمانية فتوضح فهمها لها بالقول " السيد سيمون خورى تفضل فى تعيقه بطرح ملاحظة هامة مفادها أن فرنسا دولة ديموقراطية ومع ذلك تبنى مسجدا وهذا يعود إلى طبيعة النظام الفرنسى العلمانى الذى لا يحارب الاديان والمعتقدات ويدرك ان حرية العقيده حق من حقوق الإنسان التى لا يجوز المساس بها.."
فيما اتفقت السيدة لميس مع الاستاذ سيمون على اهمية البدء من البند الثالث ، ولكن كان لها التفاتة تتعلق بالانسان عبرت عنها بقولها "الأنسان المناسب في المكان المناسب،إذا انطلقنا من هذه النظرية لن تكون هناك مشكلة أو معضلة في كيفية فهم الصورة المسقبلية".
لكن الزميل خالد عبد القادر اعتبر ان هناك "درجة من احلال الرغبة محل الواقع". اما لماذا اعتبر الاستاذ خالد ذلك فلانه كما قال " فليس هناك واقع تشخيصه واضح حتى يتم اعطاء اجابة علاجية محددة".
وبعد ان يؤكد على ان " الدولة هي من منجزات مسار التطور الطبيعي للقوميات مشروطا بظرفها الداخلي والعالمي المتغير ايضا" ويضيف " ان الشيء الاكيد الراسخ في مسار التطور العالمي ان الانجاز الموضوعي المتنامي بتصاعد لم يتراجع تاريخيا ولن يتراجع هو نمو الثروة الانسانية من الخبرة العلمية حقيقة ووسيلة ونهج تعامل".
وهو بذلك يضع الوعي الانساني بالظروف الذاتية والموضوعية باعتباره شرطا شارطا لتطور الدول " هو نمو الثروة الانسانية من الخبرة العلمية حقيقة ووسيلة ونهج تعامل".
حتى عندما يستطرد الاستاذ خالد في عرض وجهة نظره ويركز على الظرف الخاص بكل قطر عربي على حدة بسبب الاختلافات الجوهرية في طبيعة انظمة الحكم في هذه الدول ويعطي لبنان مثلا على ذلك يرجع ويؤكد على " ويقع على عاتق النخبة الفكرية اللبنانية المسئولية التاريخية" لايجاد حل للمعضلة الطائفية .
اذن العامل المشترك او القوة الرئيسية المناط بها تحقيق البند الثالث ، أي تحديد الاهداف (بناء الدولة الديمقراطية العلمانية والليبرالية) هو الانسان ... وقد يقول قائل ان هذا الاستنتاج مفروغ منه .. ولكن كما بدا في جميع المداخلات تقريبا ان هناك ضرورة لتحديد نوعية الانسان الذي سوف تناط به مسؤولية تحديد الاهداف و كيفية التعامل مع الظروف الخاصة والموضوعية وعلاقتهما بالتطور التاريخي لشعوب المنطقة، وتقدير من هو الانسان المناسب الذي يستطيع ان يضع الاخرين في المكان المناسب ، بالاضافة الى تحديد باقي الخيارات والتصورات.
وهذا يطرح سؤالا مهما .. وهو .. ما هي مواصفات الناس الذين تتوفر فيهم المقدرة على تحديد مواصفات الناس القادرين على تحقيق الاهداف الكبرى ...؟ وعنوانها بناء دولة ديمقراطية علمانية وليبرالية...
اذن الأمر يتعلق اول ما يتعلق بالقوى البشرية التي على اكتافها تقع مسؤولية توفير كافة المقومات التي تمكننا في النهاية من بناء الدولة الديمقراطية العلمانية الليبرالية.
وبذلك ارى ان البند الاول الذي يجب نقاشه في سياق البحث عن شروط بناء الدولة الديمقراطية العلمانية هو البند الاول الذي ورد في مداخلتنا والمشار الى رابطها اعلاه.
ولاننا كما اشار الاستاذ سيمون لا نبدأ من الصفر بل من تراث غزير .. ولأننا لسنا في جزيرة معزولة الا من مجموعة شاركت بالحوار حتى الان .. ولأن هناك نخب على درجة رفيعة من القدرات والامكانيات فان الخطوة الاولى هي كيفية مساهمة هذه القوى في تحقيق الشرط الاول وهو توفير القوة البشرية التي تستطيع ان تحمل على كاهلها عبء تنفيذ مشروع الدولة التي اتفق الجميع على وصفها بالديمقراطية العلمانية والليبرالية.
فتوفر القوى البشرية .. وبالتالي وضع التصورات الخاصة بايجاد البرامج لتحقيق تنمية الموارد البشرية وتوفير كافة الشروط والامكانات التي تحتاجها عملية التنمية يمثل الشرط الاول والرئيسي لتوفير باقي المقومات ، لان الانسان هو الذي يبني الاوطان ويعلي العمران.
ومسالة التنمية البشرية ليست مطلبا او خيارا رغبوي او ترف اجتماعي .. كما انها ليست مطلبا لمجموعة دون اخرى من ابناء المجتمع فكل فئات المجتمع بحاجة ماسة الى التنمية البشرية بما فيها الحكومات .. و المؤسسات الخاصة والعامة والهيئات المدنية والرسمية والشعبية .. بالاضافة الى الافراد انفسهم.
ومن هنا ربما جاءت اهمية ان ابدأ مقالي بخبر وكالة الانباء الفرنسية .. فأي مجتمع من المجتمعات لا يمكن له ان يتطور دون موارد بشرية رفيعة المستوى .. ومن نافل القول ان البحث في موضوع تنمية الموارد البشرية سوف يدخلنا في مختلف المجالات ذات الصلة واهمها النظام التعليمي الجامعي والمدرسي ومناهج التعليم والمؤسسات التربوية واساليب التدريب .. ونظم وبرامج التعليم المستمر، والتطوير الدائم للقوى البشرية .
وتزداد اهمية الموارد البشرية كلما ادركنا ان الارتقاء بالقيم والمفاهيم والسلوكيات الاجتماعية ترتبط اشد الارتباط بتطور طبيعة الانتاج المادي للخيرات وتطور اساليب وادوات الانتاج وبدون هذا التطور لايمكن الارتقاء بالوعي الانساني .
اذن العلميتان متلازمتان ومتكاملتان تنمية الموارد البشرية يؤدي الى تطور قوى ووسائل الانتاج مما يؤدي الى تغيير طبيعته في مرحلة متقدمة، وايضا الارتقاء بطبيعة ووسائل الانتاج يؤدي الى ارلاتقاء بقوى الانتاج أي الموارد البشرية.
فهل نبدأ من هنا ايها الزملاء بمناقشة كيف نبني دولة الديمقراطية والعلمانية والليبرالية
مع الشكر والتقدير لكل من ساهم ويساهم في هذا الحوار