اوهام الشيوعيين الفلسطينيين والجبهة الديمقراطية


ابراهيم علاء الدين
2009 / 7 / 14 - 09:12     

بعد اتخذ حزب الشعب الفلسطيني (الحزب الشيوعي سابقا) موقفه غير الواضح والذي ينم عن ضبابية وعدم وضوح رؤيا وميل واضح باتجاه المهادنة مع اقصى اليمين الفلسطيني ممثلا بالاسلام السياسي وممثلته الشرعية والحيدة حركة حماس، ها هو الحزب يتصدر الدعوة لتشكيل تيار ثالث بالتحالف مع الجبهة الديمقراطية بعد ان تلقى اموالا من الحزب الشيوعي الالماني .
ومن حيث المبدأ لا اعتراض على أي مبادرة من أي جهة كانت لتشكيل قوى سياسية اكثر حيوية وديناميكية وقدرة على رصد الواقع والتعامل معه بعين بصيرة ، ويكون قادرا على فك عقد العقلية الفلسطينية الناتجة عن اعتقاد كل طرف من اطرافها بانه يمسك بمفاتيح الجنة والنار.
ولكن السؤال لماذا الان دب النشاط في صفوف الشيوعيين وفي صفوف الجبهة الديمقراطية لتشكيل فريق سياسي ثالث في الساحة الفلسطينية، وهل يا ترى ستكون تجربتهم مثيلة بتجربة ما سمي قبل سنوات بالطريق الثالث الذي تشكلت تحت مسمى المبادرة الوطنية التي تكرس جهدها في استدار عطف الاوروبيين للحصول على المعونات والتبرعات بحجة دعم مؤسسات المجتمع الوطني وتبين لاحقا انها "لهفت من بعض القيادات ولا داعي لتحديد اسماء فمعظم الفلسطينيين بالضفة يعرفونهم بالاسم والمسمى الوظيفي والكنية القيادية ايضا.
أم أن المحاولة الجديدة لحزب الشعب والجبهة الديمقراطية سوف تتعلم من دروس المبادرة الوطنية ومحاولات بعض الشخصيات التي ادعت الاستقلالية مثل المدعو أنيس القاسم كي تحوز على تقدير الجماهير الغاضبة من سلوكيات التنظيمات السياسية في الساحة الفلسطينية.
ربما واتمنى ذلك لكن كما يقال "المكتوب يقرأ من عنوانه" فالدافع الرئيسي لمحاولة التكتل اليساري الراهنة وبغض النظر عن الشعور الذي عبرت عنه قيادة حزب الشعب بموقفها من حكومة السيد سلام فياض، وعبرت عنه الجبهة الديمقراطية على لسان امينها العام السيد نايف حواتمة باتهامه بان فتح وحماس تحاولان اقتسام الكعكة في نقده للمفاوضات الثنائية في القاهرة.
والدافع الثاني لجهود حزب الشعب والجبهة الديمقراطية هي حالة التملل وبعض النشاطات الفردية والجماعية الصغير والمتناثرة التي حاول بعض اليساريين الديمقراطيين من خلالها حشد رأي عام حول موقف مستقل عن التنظيمات التي ينظر لها باعتبارها لا تبحث الا عن دور ومكانة لها تحقق لها فوائد سياسية تنعكس تنيظيما واداريا بتوظيف كوادرها في مؤسسات السلطة.
ولعل كل ما سبق يمكن ان يكون مبررا ويعتبر حقا من حقوق أي قوة سياسية لكن المسألة المؤسفة ان تبنى الخطوات على رؤى وهمية واوهام لا تعشش الا في رؤوس اصحابها، وهذه الاوهام التي نقصدها هي امكانية التوصل الى اتفاق فتحاوي حمساوي لاقتسام السلطة على حساب باقي التنظيمات الاخرى.
ويفترض الا يغيب عن بال الشيوعيين وانصار النظرية الماركسية اللينينة انه لا يمكن ابدا تحقيق تفاهم بين فتح وحماس لاسباب عديدة لطالما ذكرناها في مقالات سابقة منذ نحو سنتين.
وقد استفحلت العوامل والعناصر التي باتت تجعل الاتفاق بين فتح وحماس مستحيلا ومن اهمها ان الولايات المتحدة ومعها كافة دول العالم باستئناء قلة نكرة في مقدمتها حكومة طهران باتت تعمل بكل جد وقوة لاقامة الدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة بقيادة الطبقة البقرجوازية الوطنية الفلسطينية والليبراليين الفلسطينيين وعلى راسهم الرئيس محمود عباس ورئيس وزرائه الرئيس سلام فياض.
وتفيد معلومات مؤكدة ان السيدة هيلاري كلينتون وزيرة خارجية الولايات المتحدة اكدت للسيد فياض لدى زيارته واشنطن الشهر الماضي تصميم امريكا على اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة رغم انف نتنياهو وكل احزاب اليمين المتطرف الصهيونية .
وتلقى الجهود الامريكية تاييدا ومؤازرة ودعما من كافة الدول العربية بما فيها دمشق التي نقلت اليها الحكومة التركية استعداد اسرائيل لعقد صفقة مصالحة ، وتقوم الولايات المتحدة حاليا بدغدغة تطلعات النظام السوري بان تسوية مع اسرائيل لن تنزع منه بعض ما يعتقد انه يحقق له بعض الزعامة والتميز في المحيط السوري وتحديدا في لبنان والعراق.
وقد كانت نتائج الانتخابات في الكويت ولبنان والتي اطاحت بامال الاسلاميين بالبقاء عنصرا قويا في ساحة العمل السياسي مؤشرا مهما على التوجه العام ف يالمنطقة وعلى المزاج الجماهيري وعلى امكانية تنحية قوى الاسلام السياسي عن لعب دور مركزي في السياسات الداخلية.
وبالتالي فان من المنتظر كما تشيع بعض القوى السياسية الاردنية النافذة الى احتمال تفجر ازمة سياسية يقوم جلالة الملك على اثرها بحل البرلمان والدعوة الى انتخابات مبكرة لن يكون حظ الاسلاميين فيها شيء يذكر، كمقدمة لاجراء الانتخابات الفلسطينية والتي ستلحق بحماس هزيمة منكرة على الاقل بالضفة الغربية ، وربما في قطاع غزة الذي يعيش اسوأ حالاته في تاريخه كله.
اذن فان تصور حزب الشعب ومعه الجبهة الديمقراطية بان مصالحة فلسطينية باتت قريبة وانه سيتبع ذلك انتخابات للمجلس التشريعي وان حكومة وفاق وطني سوف تتشكل مما يستدعي التحضير لها بالطلب من الحزب الشيوعي الالماني تمويل حملة تشكيل الفريق الثالث هي مجرد اوهام لا اعتقد ان احدا مقتنع بها حتى الجبهة الشعبية باقسامها الاربعة الحماسية والسلطوية والايرانية والسورية.