ثورة على الثورة الخمينية (1/3)( نهاية الصمت الشعبي)


يعقوب الساهي
2009 / 6 / 30 - 10:23     

لقد عمدت الى إستخدام جملة الثورة الخمينية بدلآ من الثورة الإيرانية , ذلك لأني أشك بأن ثورة الإمام الخميني لا تمثل الشعب الإيراني بمختلف أديانه و مذاهبه بل هي ثورة تمثل إيدولوجية واحدة فقط تتمثل في سيطرة المذهب الواحد على مناصب الحكومة الوزارية و الإدارية فلذلك فإن جملة الثورة الخمينية أشمل و أدق معنى .

وقد كنت ولا زلت أتابع مجريات الأحداث التي تعصف بالجمهورية الإسلامية الإيرانية , فما تشهده إيران هذه الأيام من مسيرات شعبية واسعة المدى طالت جميع مدنها و قراها تقريبآ لم يكن لها مثيل منذ أن إنتصرت ثورة الإمام الخميني , حتى أن المحللين السياسيين شبهوها بالأحداث التي سبقت الإنقلاب على نظام الشاه.

وعلى ما يبدوا أن الشعب الإيراني كان يعيش في حالة كبت و إحتقان شديد فهو أشبه بالجمر تحت الرماد فنتائج الإنتخابات الرئاسية الأخيرة والتي تبدو بإنها جاءت على خلاف ما كان يتمناها الإيرانيين هي بمثابة الريح التي أبعدت الرماد و أظهرت الجمر.

و من خلال متابعتي للصور التلفزيونية و الفوتوغرافية لأحداث إيران تبين لي بأن هناك شريحة ليست بقليلة غير راضية عن نتيجة هذه الإنتخابات حتى أن العديد منهم يشك بنزاهتها و يتسائل أين ذهب صوتي ؟

فنسبة البطالة و الفقر و التضخم بلغت ذروتا في عهد الرئيس أحمدي نجاد فكيف سيكون وضعهم بعد فوزه مرة أخرى , فعلى ما يبدو أن الشعب الإيراني كان يعاني و يعاني و لكن بصمت .

ومن المثير ان عدد الذين تقدموا للترشح للرئاسة بلغ 475 ! و من المثير أيضآ أن من بينهم 42 إمرأة ! ولكنهم مروا بفلتر نظام الملالي فلم يمر منهم غير 4 فقط ! فمعايير الترشح للرئاسة لابد أن تستوفي على عدة أمور أهمها أن يكون المترشح شيعي المذهب !

لذلك نتسائل : ما فائدة فتح باب الترشح للرئاسة و إدعاء الشفافية ؟ فليرشح المرشد الأعلى أربع أشخاص للتباري فيما بينهم و يريح الإيرانيين و يكسب الوقت و يتخلص من وجع الرأس ؟

ثم إن السلطات الإيرانية عمدت الى تعتيم الإعلام قبل و بعد فرز النتائج بقليل فقامت بطرد الصحافة من مراكز الإقتراع قبل غلق عملية التصويت و من ثم قامت بتعطيل شبكة الإتصالات بما فيها خدمة الرسائل القصيرة .

وبعد إعلان النتائج و إشتعال فتيل التوتر في البلاد قامت السلطات بغلق مراكز الصحف التي تنتمي الى التيار الإصلاحي كما حظرت مواقعها الإلكترونية و إستخدمت تشويشآ إلكترونيآ لتعطيل إستقبال قناتها التلفزيونية كما انها شنت حملات إعتقال واسعة طالت العديد من رموز التيار الإصلاحي , و حقيقآ أن جميع تلك الأفعال تنبئنا بأن السلطات الإيرانية كانت ولا زالت تحجر على كل من يتعارض مع أهوائها فليس هناك شيء في إيران يدعى ديمقراطية و لا يتجرأ أحد هناك بمخالفة أهواء السلطة العليا المتمثلة في المرشد الأعلى للثورة و الذي سخرت له أكبر المزايا في الدولة من أجل المحافظة على شعلة الثورة فنراه يرأس جهاز أمني يدعى ( الحرس الثوري ) مهمته هي حفظ النظام الخميني على صورته الراديكالية التي تشكلت عليه.

كما أن الشرطة الإيرانية قامت بإستخدام الرصاص الحي فقتلت ما قتلت و جرحت ما جرحت غير مكترثة بأرواح الناس . ومن أكثر ما أثار عاطفتي هو رؤية الحظور النسائي الكثيف الذي ساند الرجل في جميع تظاهراته بما يوحي إلينا بأن المرأة الإيرانية قد ضاقت ذرعآ بسياسة الحكومة الإيرانية الحالية فنراها تناضل جاهدة الى جانب الرجل من أجل إسترداد حقوقها المدنية و الشخصية.

ويبدوا أن السلطات الإيرانية تسعى جاهدة لتظليل الرأي العام المحلي و العالمي خصوصآ , غير أن أنظار العالم أجمع وخصوصآ الولايات المتحدة الأمريكية أخذت تتوجه الى رؤية ما يحدث في الشارع الإيراني بقلق شديد وبإستغراب.



..... و للحديث تتمه ...