في نادرة من نوادر الحكام العرب, حسني مبارك يكتب -كيف نحقق سلاما فلسطينيا-اسرائيليا-


أحمد جميل حمودي
2009 / 6 / 23 - 06:34     

بقلم حسني مبارك
ترجمة أحمد جميل حمودي
لم تختلف رؤية الرئيس حسني مبارك السياسية لمسألة الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي في كتابته لصحيفة وول ستريت جورنال الامريكية سوى في الدوافع التي وراء منها, وهي سابقة في عالمنا العربي, وهي ليس كذلك بالنسبة لحكام الغرب.
ومن هذه الدوافع التالي:
- الرد او الاستجابة لما طرحه اوباما في خطابه في جامعة القاهرة المصرية والموجه إلى العالم العربى والإسلامى بتاريخ 4-6-2009

- حث الرئيس اوباما في الضغط على الحكومة الاسرائيلية الجديدة.

- الرد على خطاب نتنياهو الاخير في جامعة بار ايلان الإسرائيلية

واليكم النص الكامل

" جاء خطاب الرئيس باراك اوباما الأصيل في القاهرة كنقطة تحول في علاقات أميركا مع العالم الاسلامي. الرسالة واضحة لا جدال فيها : إن قضايا السياسة والسياسات ، وليس صراع القيم ، هي التي تفض الاشتباك بين العالم الاسلامي واميركا. وإن حل هذه المسائل من شأنه أن يرأب الصدع.

جدول الأعمال الطموح الذي حدده الرئيس أوباما ينبغي أن يتبعه خطوات تطلعية لرسم مسار جديد في العلاقات الأمريكية مع العالم العربي والإسلامي. وأتطلع إلى العمل مع الرئيس لتحقيق هذا الهدف.

لعقود من الزمن ، والعالم العربي ، شارك في عملية مكثفة من المراجعة للذات بالنسبة لكيفية التعامل مع قوى التغيير في داخله، بما فيها زيادة التوقعات المتنامية بسرعة من جيل الشباب ، وزعزعة الاستقرار في تصعيد الصراعات الإقليمية ، و تضخم تيار التشدد والتطرف.

مصر منذ فترة طويلة في طليعة مواجهة هذه التحديات ، سواء في كونها أول من مد يده للسلام مع اسرائيل ، أومعالجة المخاطر التي يشكلها انتشار أسلحة الدمار الشامل ، أو مواجهة تهديد الارهاب من خلال الاعتدال والتسامح اللذين يشكلان جوهر تراثنا الديني.

من خلال هذه التحديات وغيرها ، شاركت مصر في عملية الإصلاح التي نجحت في توفير مزيد من الفرص لشبابنا ، وتمكين المرأة ، فضلا عن قدر أكبر من التعددية والحوار الداخلي. علينا الاعتراف علنا بأن هذه العملية لا يزال أمامها شوطا بعيدا في تحقيق تطلعاتنا.

لقد حان الوقت لتجديد التزامنا للتصدي لهذه التحديات العديدة. من بين طائفة التحديات التي تواجهنا ، القضية الفلسطينية التي تتطلب أكبر قدر من التحرك العاجل، نظرا لعدم استقرار حالة عملية السلام بعد سنوات من الجمود. الرئيس أوباما أبدى رغبة في تولي زمام المبادرة من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط ، العالم العربي يجب أن يتجاوب بشكل صريح مع قياداته.

على الرغم من الانتكاسات في السنوات القليلة الماضية ، من المهم أن نتذكر أن العديد من العناصر اللازمة للتوصل إلى حل قد تم التفاوض عليها. فبعد ما يقرب من عقدين من المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية منذ بدء عملية أوسلو للسلام ، فإن الكثير من تفاصيل التسوية النهائية معروفة جيدا. وعلاوة على ذلك ، مبادرة السلام العربية ، التي أقرت في قمة بيروت عام 2002 توفر إطارا إقليميا لمثل هذه التسوية. لأول مرة في تاريخ الصراع ، الدول العربية ملتزمة بالاجماع بالتطبيع الكامل والأمن لاسرائيل مقابل الانسحاب الكامل الى حدود عام 1967 والتوصل إلى حل تفاوضي لقضية اللاجئين الفلسطينيين.

الطريق الى تسوية نهائية يتطلب الريادة وتضافر الجهود من جميع الجهات. على مدى السنوات القليلة الماضية ، عملت مصر بشكل حثيث على توحيد القيادة الفلسطينية على نحو يدعم التزامها بالتوصل الى حل عن طريق التفاوض. وقد حاولت مصر التوسط للتوصل الى وقف دائم لإطلاق النار بين حماس واسرائيل ، بالتوازي مع وساطة لتبادل الاسرى. خلال زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو لمصر الشهر الماضي جددنا التزامنا الأول لاستئناف هذه الجهود.

هذه الخطوات يجب ان تتبع بعملية جادة للتفاوض بشأن اتفاق الوضع النهائي بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. ينبغي أن تكون الأولوية لتسوية الحدود الدائمة لدولة ذات سيادة ومتصلة الأراضي, دولة فلسطينية على أساس حدود 1967 ، لأن من شأن ذلك أن يفتح معظم قضايا الوضع النهائي الأخرى ، بما فيها المستوطنات والامن والمياه والقدس.

ونجاح هذه المفاوضات يتوقف على التزامات ثابتة من الجانبين لتعزيز مصداقية العملية. اسرائيل توسع المستوطنات بطريقة لا هوادة فيها ، التي تضاءلت من خلالها احتمالات الحل القائم على دولتين ، ويجب أن يتوقف معه حصار قطاع غزة. من جهتهم، فإن الفلسطينيين يجب أن يستمروا في تطوير قدراتهم المؤسسية مع التغلب على انقسامهم لتحقيق تطلعاتهم في اقامة الدولة.

في حين أن التطبيع الكامل مع إسرائيل لا يمكن إلا أن ينتج عن تسوية شاملة بما فيها المسارات السورية واللبنانية وكذلك المسار الفلسطيني ، فإن الجانب العربي في المقابل على استعداد لاتخاذ خطوات جدية نحو السلام الذي تقوم به اسرائيل. التسوية التاريخية في متناول اليد ، واحدة من شأنها أن تعطي للفلسطينيين دولتهم ، والتحرر من الاحتلال ، بينما يمنح إسرائيل الاعتراف والأمن في العيش بسلام.

مع اعادة تأكيد الرئيس اوباما زعامة الولايات المتحدة في المنطقة تبدو فى الأفق فرصة نادرة. مصر مستعدة لاغتنام هذه الفرصة,وأنا واثق من أن العالم العربي سوف يفعل الشيء نفسه".

صادر عن فريق الترجمة في شبكة العلمانيين العرب http://www.3almani.org

صحيفة وول ستريت جورنال, الجمعة, 19/6/2009

http://online.wsj.com/article/SB124536741783129309.html