شعب ايران يرفض ولاية الفقيه


عبد العالي الحراك
2009 / 6 / 20 - 08:53     

الولي الفقيه في ايران السيد على حامنئي ووزارة الداخلية الايرانية بالاضافة الى وكالة الانباء الايرانية الرسمية ينحازون جميعا الى جانب رئيس الجمهورية المنتهية ولايته محمود احمدي نجاد قبل ان تعلن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية في ايران ,حيث اعلنت وزارة الداخلية النتائج الاولية بصيغة دعائية استفزازية, ثم اعلنتها وكالة الانباء الايرانية رسميا وباركها الولي الفقيه, في وقت يجب ان يلتزموا الصمت لحين الانتهاء من عد الاصوات واعلان النتائج الرسمية ثم مباركتها رسميا من قبل الولي الفقيه,ايا كان الفائز دون انحياز مسبق, بعد مرور ثلاثة ايام بأنتظار رأي وموقف مجلس صيانة الدستور في حالة وجود شكاوى او طعون من قبل المرشحين , حيث احتمال الاعتراض كبير والطعون واردة ..هذا الموقف الرسمي للحكومة وللصحافة الرسمية ولأعلى سلطة سياسية ودينية يدل على قلق سياسي وخوف شديد من نتائج الانتخابات التي لم يطمئنوا لها , ولهذا يكون التلاعب بها امرا مؤكدا ,ارادوا التغطية عليه بطريقة غير ذكية عبرالاستعجال بالاعلان واتخاذ موقف رسمي مدعوم من الولي الفقيه مباشرة, الذي اكده اليوم خلال صلاة الجمعة في طهران حيث قال (انه لا يرضخ لضغط الشارع الايراني وسوف يحمل المعارضين مسؤؤلية الاحداث التي ستحصل نتيجة مصادمات متوقعة بين الاطراف المتناقضة وتدخل الشرطة وقوات الحرس الثوري الايراني وهذا دليل ضعف شديد وعدم تحمل للمسؤؤلية وقذفها على الاخرين ثم انه موقف استعلائي لا ديمقراطي ان لا يعترض الولي الفقيه رسميا وبصورة مباشرة على اعتراضات الشعب الايراني المنتفض ثم انه اي الولي الفقيه يؤكد على عدم حصول تزوير في الانتخابات متجاوزرا رأي وموقف مجلس صيانة الدستور الذي لم ينته بعد من الاطلاع على الحقيقة واعلان الرأي النهائي وهنا يصح القول بان الامر مرتبط بالولي الفقيه وجميع مؤؤسسات النظام الايراني لا تحل ولا تربط عندما تتعلق الامور بقضايا مصيرية ونتائج الانتخابات الان تعتبر مصيرية بالنسبة للولي الفقيه نفسه ونظامه وليس لرئيس الجمهورية او سواه الذي يكرر الولي تطابق افكاره وارائه مع احمدي نجاد لهذا يقف الى جانبه ويؤيده ولا يرضخ لرأي الشارع اي رأي الشعب.
الاغرب في الامر ان تواجه المظاهرات والاحتجاجات السلمية بسلاح الشرطة وقوات الحرس الثوري الايراني المأمورة مباشرة من قبل الولي الفقيه وهذا دليل اخر على قلة الحكمة السياسية وسوء التصرف من قبل اعلى سلطة في ايران..الاشد غرابة ايضا ان تنظم الحكومة مظاهرة مضادة احتجاجا على مظاهرة المعترضين الذين يساندهم الشعب الايراني, رغم القسوة والقمع العسكري وكانما في الساحة فقط قوتان متناقضتان وليست هناك دولة وحكومة مسؤؤلة عن السيطرةعلى الموقف بالحكمة السياسية المطلوبة.
الموقف الشعبي الحالي يدل على اعتراض الشعب الايراني على الولي الفقيه اكثر مما يدل على اعتراضه على احمدي نجاد وسياسته المتشددة, لان الكرة قذفها نجاد في ملعب الولي وينتظر منه ان يسجل الهدف النهائي لصالحه ولصالح سياسته .. لا يعرف كيف ستتطور الاوضاع في ايران, وفي كل الاحوال فهي تعتبر امتحان صعب للنظام السياسي ولمرجعيته الدينية وستترك اثارا سلبية على مستقبل السياسة في ايران داخليا وخارجيا وعلى سياسة الاسلام السياسي في المنطقة عموما التي تعاني من ازمات متتالية وحياة اجتماعية واقتصادية لا تحسد عليها شعوبها خاصة في عراقنا الجريح.
يتدخل مجلس صيانة الدستور موحيا انه مستقل عن تأثير الولي الفقيه ويقترح استدعاء المرشحين الثلاث والاستماع الى ارائهم واعتراضاتهم.. وقبل هذا رأى بالامكان اعادة فرز الاصوات في بعض المناطق وليس في اعادة الانتخابات, كما يطلب المعترضون الذيم يملكون موقفا قويا وسندا شعبيا لم يغادر الشارع رغم دعوات الولي ورغم السلاح الموجه ضدهم.
لا يمكن القول ان ايران في مفترق طرق, فالسلطة السياسية والعسكرية ما زالت قوية بيد الولي الفقيه والجيش الموالي له على اهبة الاستعداد لتنفيذ الاوامر عندما يطلب منه ,وكذلك الحرس الثوري المنفذ المطيع له, وانما هي في موقف صعب لم تشهده منذ استلام السلطة من قبل رجال الدين منذ ثلاثين عاما ,ومؤشرا سياسيا جديدا بيد الشعب الايراني لتنظيم صفوفه والتنسيق مع اطراف المقاومة الايرانية في الخارج, بعيدا عن التدخلات الامريكية او الاوربية التي ستسيء لمستقبل هذه الظاهرة الجديدة, حيث ان الشعب الايراني يتحسس منهما, وقد تستخدم السلطة في ايران اي تصريح لمسؤؤل خارجي باعتباره تدخل من الشيطان الاكبر وتعرض مصداقية المعترضين والتفاف الشعب حولهم الى الاهتزاز والضعف وهذا ما تنتظره السلطة في ايران حيث صرحت الحكومة بان التدخلات الامريكية هي التي تدفع بالمعترضين على نتائج الانتخابات الى اخراج انصارهم الى الشارع.
انه تعبير واضح وعلني ليس فقط في انقسام السلطة في ايران المقسمة اصلا منذ حكم الخميني المباشر والتي تعمقت بعد وفاته وظهور ما يسمى بالمتشددين والمعتدلين, وانما في تنامي الاعتراض الشعبي وظهورالناس في الساحات والشوارع, كما انه يعتبر رفض علني لولاية الفقيه من بعض اتباعها ومن الشعب عموما ,فرغم انحيازها بشكل علني لاحمدي نجاد وسياسته لسد الطريق على المعترضين الا ان الشعب خرج الى الشوارع معلنا عدم اطاعته للولي الفقيه واوامره ورفضه لسياسة احمدي نجاد التي تستمر بعزل ايران عن العالم منشغلة بتنمية القدرات النووية لاغراض عسكرية ولتلهية الشعب عن همومه الاساسية والهاب شعوره القومي بحجة الوقوف بوجه امريكا ومواجهة اسرائيل.
المهم في الموقف الشعبي الايراني الجديد يتمثل في ظهور الشباب ذكورا واناثا وبشكل مكثف معترضين على نظام سياسي قيد حرياتهم لثلاثين عاما اضافة الى ما كان يفرضه عليهم الشاه. لا اعتقد بان الوضع الحالي سيؤدي الى انهيار النظام وانما الى اضعافه بالتأكيد والحد من الغرورالذي اضيف الى عجرفته السابقة التي تعمقت بعد احتلال العراق وتعثر بوش وسياسته الخاطئة.
لابد ان تدخل المعارضة الايرانية في الخارج لدعم حالة الاعتراض في ايران وتدعمها اعلاميا وسياسيا ولابد للغرب وامريكا ان تغير موقفها منها وتدعمها دون ان تعلن موقفا جديدا من الاحداث الجديدة في الداخل الايراني.
رغم انها معارضة (خضراء) في الشوارع الايرانية, الا ان قوات الحكومة وقوات الولي الفقيه قد حصدت منها سبعة قتلى والعديد من الجرحى وتعرض بعض الشخصيات السياسية والثقافية الى الاعتقالات ومنع البعض من السفر خارج ايران ..فكيف اذا كانت معارضة( بلون اخر) او بدعم خارجي؟ لا مجال للمعارضة الصريحة في ايران وفيها تمنع الاحزاب السياسية وتسجن الشخصيات الليبرالية وتعدم اليسارية وتقبل للترشيح في الانتخابات فقط تلك الشخصيات الموالية للنظام ولكن الشعب يستغل اية معارضة او اختلاف ليجيره لصالحه ولكن نقص وجود الاحزاب يجعل الشك في النجاح امرا قائما..
انه مثال ايراني على بث الامل في النفوس وعدم اليأس ورفض التشائم من ظلامية الحالة في العراق, لأن انتفاضات الشعوب واعتراضاتها على من يصادر حرياتها واختياراتها تأتي في الوقت المناسب ووقت الشعب العراقي سيكون في الانتخابات القادمة اذ زورت لصالح الطائفية التي تعيد ائتلافاتها من جديد تحت تأثير رسائل وضغوط الولي الفقيه وهو في ازمته .