ماهي العلاقة بين موضوع الاستاذ عبد العالي الحراك ....و(الكسكسي)


ابراهيم البهرزي
2009 / 6 / 5 - 08:12     

حين سالت صديقا عائدا من أحدى دول المغرب العربي عن (الكسكسي ) وهي الأكلة الشهيرة لديهم هناك ....شرح لي حتى عجز عن إفهامي.....حتى سألته ان كان يجيدها فأجابني بالإيجاب محرجا !!!
فسألته أن نعمل (وليمة ) من (الكسكسي ) فكتب لي قائمة بالمتطلبات(وبعضها كان يثير ريبتي )...وحين جلسنا مجلسنا المالوف وجاء صديقنا بال(الكسكسي) الموعود تحيرت وانا اتناوله رغما عن انف فمي, بم اشبهه؟:
فلا هو (برياني )....ولا هو (دولمة )....ولا هو (شيخ محشي )....ولا هو (...حامض شلغم)....ولا هو(برغل وحبية )..ولا هو(معضوض اصبعه )....ولا هو(تاجينه )...ولا هو (دليمية )....ولا هو (مرقة هواء )!!!
فقلت له مجاملا بعد أن انتهيت وأنا أتضور ضجرا :

إنها والله أكلة طيبة !!......ولكن ألا ترى معي إن اسمها طويل بعض الشيء ....وان بالا مكان الاستغناء عن النصف الثاني من الاسم ؟!!!!!!!........
.........................................................................سيضجر الأستاذ عبد العالي الحراك من هذه المقدمة التي أسوقها بعد قراءتي لموضوعه (صراع الانانية والمصلحة الوطنية ) المنشورة في الحوار المتمدن عدد الاربعاء المرقم 2667 في 4-2-2009...من حيث انه يسمي المزاح على انه (كلام فارغ )في ثنايا الموضوع المذكور,وهي اشارة لا تخفى على لبيب من انه يقصدنا بذلك يوم تشنج ونحن نمازحه حول رغبته الأبدية المستحيلة في العودة إلى الوطن الأم من (منفاه ) في روما ....
الان وانا اقرا موضوعه المذكور اعلاه اقول له بصراحة :
لقد جاملتك يا أستاذ عبد العالي الحراك حين قلت لك إن الأمر لايعدو عن كونه مزاحا...ففي الحقيقة اعترف لك بان الأمر كان سخرية !!...بل (سخرية مرة ) ليس منك شخصيا ...بل من (بطر بعض أفكارك )...وللمناسبة فنحن الذين نعيش هنا في العراق نمارس السخرية المرة إلى أقصى مداها ..بل نعتبرها التعبير الأصدق عن حقيقة الواقع المعاش...شاء من يستسيغها أم أبى ....فلنا حالنا ولكم حال !!...
فلكل طرف طريقته الخاصة للتعبير...ولو اطلعت على أدب العصور المظلمة (وهي تشبه ما نحن عليه اليوم من فساد ومهازل في عراق الديمقراطية التوافقية )لوجدته زاخرا بافحش فنون السخرية من الزمان وأهل الزمان ..
ولأجل أن أريحك من بعض (تشنجات الجدية البطرة )أشير عليك ببضعة كتب قد تشفي غليلك وتريح اعصابك وتتخذ منها دروسا لهذا الزمان ...اقرا مثلا:
1-ديوان (عبد الله بن الحجاج ) بتحقيق الدكتور علي جواد الطاهر
2-(يتيمة الدهر )للثعالبي
3-(أخبار الحمقى والمغفلين )لابن الجوزي

وان شأت ازدناك بعشرات امهات الكتب التي لاتعاب مضامينها على سخريتها من أصحاب تلك العصور المظلمة حاكمين ومحكومين ..أدباء و(ادبسزية )...كعصورنا هذه التي غدت حتى السخرية ...تكريما لها ..ولأهلها
...........................................................................
أعود إلى مقالك المذكور وسبب تشبيهي له (بالكسكسي ) الذي صنعه صاحبنا المذكور ..
فهذه الأكلة بعد أن تناولتها في مطعم بأحد أزقة الضاحية الجنوبية من بيروت...كانت من ألذ ما تناولت من طعام ...
فعرفت أن مشكلة (كسكسي )صاحبنا هو انه لم يجيد وضع العناصر والمقادير وطرق الخلط ودرجة حرارة الطبخ وطريقة الطبخ إجمالا..فكان ما كان !!
.................................................................................
إن مقالك الموسوم(صراع الانانية والمصلحة الوطنية ) على قصره ,يحتوي من الجمل التي تستعصي على دقلديانوس الحكيم...ولناخذ مثلا جملتك الافتتاحية على طولها –وكل جملك طويلة والحمد لله- مع تصحيحنا لاخطاءها الاملائية- تقول :

(لو كان كل انسان وطني يعبر من خلال كتاباته الوطنيةانانيا لتبوء(تقصد لتبوأ)الجميع مواقعهم السياسية والوظيفية في زمن البعث,عندما كان الحزب يبحث عن النطيحة والمتردية ليزيد (تقصد ليزداد )بالأعداد ويتباهى بالملايين التي أجبرت على الانتماء الى صفوفه وكان بامكانهم ان يسعوا لمصالحهم الشخصية كما فعل الاخرون.
لو كانت للوطني المخلص مصالح شخصية تتعدى مصالح الوطن,لكان وزيرا طائفيابعد الاحتلال حيث الوزراء ووكلائهم لا يتقدمون عليه وعيا وثقافة والحكومة الحالية تحتاج المثقفين والواعين وقد عايشنا بعضهم وهم الان في موقع المسؤولية الكبيرة ,عن قرب في دولة اللجوء المجاورة للعراق وعرف كل مستوى الاخر وكان هذا البعض يستشير ويسمع الاخرين)..(انتهى نص الاقتباس الحرفي )...
ففي هذه الجملة الطويلة على ارتباكها الأسلوبي نستطيع أن نستشف في آن واحد انك :
1-تذم وتمدح الشخص الوطني
2-تذم وتمدح الأنانية
3-تذم وتمدح نظام البعث
4-تذم وتمدح الطائفية
5-تذم وتمدح الشخصيات الحاكمة الآن
وكل ذلك بسبب ارتباكات جملك وضبابية الفكرة المقصودة والافتراضات المفتوحة على كل التفاسير ...

*ولا أريد التركيز لإشارتك ذات النفس العبودي العنصري حول تسميتك شخصا ما بأنه (محترم اجتماعيا)...لأنه (سيد ..)!!!!
وهو ما يعني أن هنالك أناسا (غير محترمين اجتماعيا ) في العراق ...لأنهم ليسوا ب(سادة ) مثل صاحبك هذا ..أي أن هنالك في العراق طبقة من (العبيد المنبوذين ) تقابل طبقة (السادة المحترمين اجتماعيا )....واترك تقدير ذلك للقاريء ...

ثم لنقرا في موضوعك القصير هذه الجملة الطويلة :
(التربية والثقافة وارتقاء الوعي والشعور بالحاجة إلى الجماعة تساعد على قهر الأنانية وقد يسبقها بناء جيني كرموسومي(!!!!) يقوي الشخصية...الخ )
-للأمانة فقط نشير إلى أن علامات التعجب أضيفت من قبلنا –
ففي الوقت الذي تتحدث فيه عن البنية الفوقية –التربية والثقافة والوعي-تستدير مباشرة لإسنادها(بل استباقها) بالبناء الجيني الكرموسومي الذي يقوي الشخصية !!!!...
وها أنت تستسلم لأحدث وأحط أنواع العنصريات المستجدة والتي يتبناها ويمول بحوثها بالتشارك المحافظون والنازيون الجدد(وأرجو من الدكتور بهجت عباس –والذي سأعود للاستشهاد به-وهو المختص إضاءة هذا الموضوع الخطير وتنبيه الطبيب عبد العالي الحراك الذي وقع في مطبه ...)

ثم وبقدرة جنية (وليس جينية ) ....-أي من الجن الذي يتحدث عنه (حزرت مولانا)ابو علي الشيباني من على شاشة قناة الديار- بهذه القدرة تستدير من دون (رماش ) او إشارة مسبقة من الانسان الوطني المخلص الى (السيد والعلوية ) الىالبناء الجيني الى ...الأحزاب السياسية في العراق حيث تقول ما نصه :
(قادة معظم الأحزاب السياسية في العراق الآن أنانيون,وهم السبب في صنع ازمة الحياة في العراق واستمرارها..ليس جميع البشر أنانيون فالقادة العظام في التاريخ قد ضحوا في سبيل شعوبهم ومبادئهم وبنوا حياة وتراثا مازالت آثاره باقية.....).....والغريب انك تكمل مباشرة بجملة مقطوعة الصلة بما قبلها حيث تقول :
(ليس صحيحا اتهام أصحاب التوجه الوطني بالبحث عن مصالح شخصية,بل تشجيعهم (!!) والأخذ بيدهم (!!!) نحو العمل المشترك وليس التشكيك بهم..)
عجيب يا أخي عبد العالي:
1-فأنت تتهم جميع القادة السياسيون في العراق بأنهم أنانيون ..ثم تقول أن ليس جميع البشر أنانيون ...إذن قادة العراق ليسوا من الجنس البشري ...وليتك تحدد ى لنا جنسهم –لو تركت الأمر لي لحددته – ولكنه موضوعك وعليك توضيح ما لم يكتمل من جمله..
2-ثم تعود وتقول بان(ليس من الصحة اتهام أصحاب التوجه الوطني الإنساني بالبحث عن مصالح شخصية (أي ليسوا أنانيين كما ذكرت )...صار من الصعب فهم من المقصود بالأناني..وكنت الذي اتهمت من اتهمت بالأنانية ...وها عدت لتعتبر اتهام هؤلاء بالانانية من عدم الصحة ...!!
ثم تطلب تشجيعهم (!!)..والأخذ بيدهم (!!)....
نقول رحم الله (عمو بابا) الذي كان يشجع من خلال مدارس الاطفال الكروية ويأخذ بيدهم ...وكم كان حريا بك طرح هذا الموضوع قبل رحيله لتكليفه بهذه المهمة اتجاه السياسيين الذين ذكرت ...!!
صارت السياسة واهلها يحتاجون إلى مشجعين وكأننا لم نعد نحيا في عصر منفتح على كل آفاق المعلومات والأعلام والإعلان..ولا زلت يا أخي عبد العالي تطالب بروابط شعبية للمشجعين ؟!!(....المجد والبقاء لك يا قدوري ..)

ثم في عبارة لاحقة تتهم الماكثين في بلادهم (بالكسالى النائمين في بيوتهم)مثلما تتهم اللاجئين(المتنصلين عن واجبا تهم الوطنية ويتخذون من دول اللجوء مستقرا آمنا لهم )!!!....ولا تفرق بين الحالتين ..كما تقول(فالبعض يعبر (تقصد عن حسه الوطني ) متفائلا ...والآخر متشائما محبطا
والعجيب انك تدعو(الأخوة المتفائلين إلى الصبر والتمسك بالأمل والتفاؤل )!!!!!!
وهذا من أعجب ما قرأت منذ القراءة الخلدونية حتى الآن وهو أن تدعوا (متفائلا) إلى(الصبر والتمسك بالتفاؤل )!!!!

وتتمنى (للمتشائمين )..أن (يخرجوا من بيوتهم ,فقد خف العنف ..)..
وأود هنا أن أسالك أستاذنا الكريم وأنت توجه هذه الدعوات بالجملة (للمهاجرين ) بالصفات المستهجنة التي ذكرت (والماكثين في بلادهم ) بالصفات الاهجن التي ذكرت , أود أن أسالك فقط :

وأنت يا حكيمنا أين مكانك من هذين الفريقين المخذولين ؟
هل تدور وحيدا بطائرة فوق البحر الأبيض المتوسط في (منزلة ) بين (منزلتين )؟
ثم طالما انك تدعو(الماكثين في بيوتهم ) للخروج صوب الحياة!!!.. بعدما خف الإرهاب واستتب الأمن ..لماذا لا تعود إلى حيث هذه (القمرة والربيع ) وتبقى خارج بيتك ما شئت في ظل الأمن والأمان وتعوض كل سنوات(التنصل عن الوطنية ) التي اتهمت بها اللاجئين في بلاد الغربة ..وأنت واحد منهم ؟
-أرجوك قبل العودة ان تقرا مقال الدكتور بهجت عباس المعنون (هل الليلة كالبارحة ام السماء كالحة !...) المنشور فوق موضوعك في نفس العدد ...لعله يشد من عزيمتك ويكفيك شر المتشائمين من امثالنا –

وبعد كل ذلك ؟(تدس ) فجاةجملة غريبة وسط المقال حيث تقول (كذلك لا ينتصر حزب يغلب قادته مصالحهم الشخصية على مصلحة جماهير الحزب وعموم الشعب..)
طوال ما سبق هذه الجملة لم تتحدث ولم تسم حزبا وفجاة(تخلط ) هذه الوصفة في (الروشيتا ) العجيبة التي كتبتها ...
ثم تتواصل في الحديث عن حزب ما لنكتشف انه حزب (فهد وسلام عادل )كما أسميته..
وتطالب قيادته بتسليم (المسيرة) الى الشباب في داخل الوطن(وكأنك لاتعلم عن امور العراق في السنين الخوالي شيئا وان من يتلفظ بمفردة شيوعي وطوال خمس وعشرين عاما لن يوجد له اثر حتى في مقبرة جماعية.....فكيف تكون لهذا الحزب قاعدة من الشباب وهو محظور ومهدور الرائحة طوال ربع قرن لم يتحرك خلالها بين صفوف الشباب ؟؟؟
كيف تطلب تسليم (المسيرة ) لشباب حزب يعاني للأسباب التي ذكرت من ارتفاع نسب الأعمار في صفوفه ؟
ليت احد أعضاء الحزب الشيوعي المخضرمين يجيبك ...فلست من أعضاء الحزب غير إن من الإنصاف أن لا نطالب البعض بما لم ولن ولا نستطيعه ..)

فتأمل يا الهي البطل ..كيف يكون البعيد البطران مثيرا للسخرية المرة حين يستنوق الجمل !!!!
وبعد كل ذلك تلوم من من أكلت مرارته السخرية حتى أتلفت جل اعضائه لمرارتها وقسوتها التي لن تستطيع أن تتصور أسبابها مجرد تصور طالما تحيا في (روما )....ودليلي على ذاك ما تكتب من موضوعات كهذا الموضوع الذي (نحاول ) قراءته....

والأغرب انك تدعو (الجماهير ) للقيام بمسيرات لتغيير قيادة الحزب !!!!
صحيح انك تحبا في روما ولكن الذي اعرفه لحد أمس أن روما تقع في الأرض وليس في كوكب بلوتو ...
ألا تعلم إن الحزب الذي ذكرت ليس بحزب حاكم وان الجماهير التي تدعوها لإسقاط قيادته !!!....ستكون حقا جماهيرا مليونية كما أردت !!....اجل , ولكنها ليست جماهير هذا الحزب ...بل هي بقايا جماهير النظام السابق...وحشود الجماهير الطائفية المليونية المسرنمة..بل انك حتى لو طالبت هذه الجماهير ب (قتل ) هذه القيادات من خلال الطلب من صديقك (السيد ) المذكور في مقالك انفا باعلان فتوى لقتلهم ...فانهم سيسارعون لذلك ..بل سيقتلون الجميع قادة هذا الحزب وقواعده ..بل وتحت حراسة دبابات الاحتلال الامريكي!!!!
فهل يعجبك ذلك وهل سيشفي غليل نداءك في مقالك الذي ذكرناه ؟

وانك لكي تختمها ب.....(مسك )!!.فانك تدعو(المتشائمين ) أن يزيلوا عنهم التشائم (تقصد التشاؤم ) إن أرادوا العمل في السياسة لصالح الشعب والوطن وان يتركوا محاكاة أطلال تراث الماضي الذي يحجبهم عن رؤية الحياة الحاضرة وكيفية الخروج من معاناتها وان يفسحوا لغيرهم ان يحلم ان امتنعوا هم عن الحلم ,مفضلين التشاؤم )...

قبل كل شيئ أود أن اشيرك إلى التناقض الذي وقعت فيه اذ تدعوا (الى ترك محاكاة أطلال تراث الماضي ) وكنت قبل بضعة سطور قد دعوت نفس الناس إلى (العودة ) إلى تراث (فهد وسلام عادل )!!!

ثم انك تسمي الذين عاشوا حربين ظالمتين وحصارا كافرا واحتلالا وتمزيقا طائفيا عاهرا وشاهدوا سقوط الملايين من شعبهم وأصدقاءهم وأهليهم قتلى...بل قتلى بلا قبور وظلوا بلا قبور ولا شواهد ..
تطالب هؤلاء الذين فرغت قلوبهم جزعا على بلاد تكاد تضيع كحبات الماء بين أصابع دخيل وغبي ومحتل وساذج تريدهم أن يتفاءلوا كذبا ....
الحزن سيد الحقيقة العراقية يا عبد العالي :
فمن أين نأتي لك بشعب يكون كله فرقة (خشابة )..و(بزخ )؟

أيها الأخ عبد العالي ..لسنا بمتشائمين ..بل ساخرين سخرية أمر من المر ولن نتخلى عن سخريتنا هذه التي تمدنا بأسباب البقاء وتمنع عنا انفجار القلوب والشرايين ...فلم يبق إلا (السخرية ) حياة لمن استطاع إليها سبيلا....

ارايت أيها الاستاذ عبد العالي الحراك كيف ان موضوعك هذا يشبه (الكسكسي ) الذي طبخه صاحبي ؟
فهو يخلط الاخلاق بالوطنية بالجينات بالحالات النفسية بالتاريخ السياسي بالشعارات بالحكم دون معرفة المقادير اللازمة ونوعية المواد المطلوبة وطريقة التحضير .....
انه بصراحة نصف (كسكسي )....
أو (كسكسي )...-نص ستاو-