صراع الأنانية والمصلحة الوطنية


عبد العالي الحراك
2009 / 6 / 4 - 09:08     

الانانية والتضحية والايثار,صفتان تتناقضان وتتصارعان ضمن قانون وحدة وصراع المتناقضات.
لو كان كل انسان وطني يعبر من خلال كتاباته الوطنية انانيا,لتبوء الجميع مواقعهم السياسية والوظيفية في
زمن البعث,عندما كان الحزب يبحث حتى عن المتردية والنطيحة ليزيد بالاعداد وليتباهي بالملايين التي اجبرت على الانتماء الى صفوفه..وكان بامكانهم ان يسعوا لمصالحهم الشخصية كما فعل الاخرون.
لو كانت للوطني المخلص مصالح شخصية تتعدى مصالح الوطن, لكان وزيرا طائفيا بعد الاحتلال,حيث الوزراء ووكلائهم لا يتقدمون عليه وعيا وثقافة والحكومة الحالية تحتاج المثقفين والواعين وقد عايشنا بعضهم وهم الان في مواقع المسؤؤلية الكبيرة, عن قرب في دولة اللجوء المجاورة للعراق وعرف كل مستوى الاخر..وكان هذا البعض يستشير ويسمع اراء الاخرين..
لوكانت المصالح الشخصية تطفو فوق سطح المصالح الوطنية لأستغل منصبا مهما عرض عليه بصورة غير مباشرة في مجلس محافظة مهمة في الانتخابات الاخيرة, وكان ثمنه السكوت وعدم الكتابة بالمعاني الوطنية,دون ان ينتمي الى ذلك الحزب الفائز,الا انه رفض.
اعرفه انسانا كان ابوه رجل دين ومن نسب يحترم اجتماعيا في العراق ( سيد) وامه (علوية) وقد اعدم صدام من عائلته ثلاثة في ريعان شبابهم, لأسباب تتعلق بتهم انتمائهم الى احزاب الاسلام السياسي,وبواسطتهم جميعا يستطيع ان يدفع بمصالحه الشخصية نحو الامام ولكنه ما فعل ذلك ولن يفعل.. اذن هو ليس انانيا ولا يبحث عن مصالح شخصية عندما ينتخي للوطنية كغيره وينتمي اليها.
اعرفه انسانا عاديا جدا وبسيطا غاية البساطة وليس هو فقط وانما كثير من ابناء الوطن من لهم مباديء وطنية عامة مشتركة تضمحل فيها الانانية وتغلب صفة التضحية والايثار بمستويات مختلفة.. وامامنا حياة المناضلين العددين الذين رحلوا والذين ما زالوا باقين يعانون.. فلا تظلموا الاخرين بألصاق التهم الباطلة والصفات السلبية.
الانسان ليس انانيا فقط وانما يكون في صراع معها وان لم يحسم امره, وهو يحتاج من يشاركه الرأي والشعور ويحتاج الى تشجيع ومساعدة,وهو لم يبحث عن موقع قيادي وانما هو مواطن بسيط تفوق على بعض القيادات الانانية بحسه الوطني, فهو لا يحتاج الى تهمة محبطة او كلام متشائم فارغ يسمى مزاحا..
التربية والثقافة وارتقاء الوعي والشعور بالحاجة الى حياة الجماعة تساعد على قهر الانانية وقد يسبقها بناء جيني كرموسومي يقوي الشخصية ويزيد من صبرها وحدة رؤيتها للقيم والمبادئ الكبيرة التي تزرع زراعة على ارضها الخصبة, يرعاها بالسقي والارواء بمياه الثقافة الوطنية ومداراة المربي المخلص الى ان تصبح اشجارا جذورها عميقة وسيقانها قوية لا تقدرالانانية على اضعافها وقلع جذورها واسقاطها.
لقد طغت الانانية في عراق ما بعد الاحتلال وقبله ايضا كانت طافية, ويصعب الكلام عن الايثار والتضحية في عالم تكاد تختفي فيه المباديء الراقية وتعم الانانية والمصالح الشخصية التي نمت بسرعة في ظل التخلف والرجعية والطائفية.
قادة معظم الاحزاب السياسية في العراق الان انانيون,وهم السبب في صنع ازمة الحياة في العراق واستمرارها...ليس جميع البشر انانيون فالقادة العظام في التاريخ قد ضحوا في سبيل شعوبهم ومبادئهم وبنوا حياة وتراثا ما زالت اثاره باقية. ليس صحيحا اتهام اصحاب التوجه الوطني الأنساني بالبحث عن مصالح شخصية, بل تشجيعهم والاخذ بيدهم نحو العمل المشترك وتوسيع مساهماتهم وليس التشكيك بها,دون سبب الا تبني سياسة التشكيك والظنون او اليأس والأفراط في الأكتئاب والسلبية التي يتبناها مع الاسف الشديد بعض الاخوة العراقيين الذين يمتلكون وعيا ثقافيا وسياسا نظريا مناسبا يفيد في الارتقاء بالاخرين,لا قمعهم واحباطهم بالتهم الباطلة واستخدام الصيغ الاستهزائية والتهكمية وان صيغت بصيغ ادبية,لا يحتاجها الان المجتمع العراقي,لأن تسال فيه الدماء الوطنية وتهدر حقوق الجميع على مقربة ومسمع من بعض هؤلاء الاخوة المتهكمين النائمين كسالى في بيوتهم,مثلهم مثل المتنصلين عن واجباتهم الوطنية ويتخذون من دول اللجوء مستقرا آمنا لهم, فلا فرق بين الحالتين الا في التعبيرعن الحس والانتماء الوطني لا غير.. فالبعض يعبر متفائلا والاخر متشائما محبطا..ادعو الاخوة المتفائلين الى الصبر والتمسك بالامل والتفائل.. والمتشائمين اتمنى لهم الخروج من بيوتهم,حيث خف العنف والارهاب والالتقاء بالجماهير التي تحتاجهم متفائلين مبتسمين.
كذلك لا ينتصر حزب يغلب قادته مصالحهم الشخصية على مصلحة جماهير الحزب وعموم الشعب.
فهد وسلام عادل لم يغلبا مصالحهما ا لشخصية على مصلحة حزبهم ومصالح الشعب العامة ايامهما, لهذا تقدم الحزب واحترم وخلد ذكرهما الطيب في نفوس الشيوعيين العراقيين جميعا وحظيا بأحترام الحركة الوطنية العراقية لهما..اما الاخرون بعدهما فقد غلبوا مصالحهم الشخصية والقيادية الحزبية ومصالح اللعبة السياسية المتحكمة دوليا بمصيرالحزب في كل مرحلة.. فخسرالحزب كثيرا وعانت جماهيره معاناة قاسية, ولكن لم تبلغ معاناتها تلك ما تعانيه الان ومنذ الاحتلال لأشتراك قيادة الحزب في العملية السياسية التي لوثته واقعدته عن النشاط المعهود والمتوقع..لا امل في التطوير نحو الافضل الا باحداث تغيير جذري في قيادة الحزب لان الاخطاء ليست ثانوية وانما اساسية لا تقدرالقيادة الحالية الانقلاب عليها وعلى ذاتها والاعتراف الصريح وليس المبطن بأخطائها وتسليم المسيرة الى شباب الحزب المتجدد في داخل الوطن الذي يمسك معاناته بيديه ويدعو رفاقه المتحمسين في الخارج للعودة الى الوطن للعمل سوية, لان معظم الموجودين في الخارج يرغبون في العودة ولكن لا يعتقدون بسلامة البرنامج ولا ضمان نضالي وصوت قيادي مسموع ومهاب لحمايتهم او المطالبة بحقوقهم.. وكامل شياع ومن سبقه مثال يشهد على ذلك. لقد أصبح اسم الحزب ونشاطه السياسي والفكري والجماهيري المتدني مدعاة للنقد المستمر والتقليل من القيمة الاجتماعية والثقافية بين الناس.. فهو لم ينشط لحدالآن عبر المظاهرات والحملات السياسية المنظمة كما ينبغي, للمطالبة بتشريع قانون للاحزاب الوطنية يقف في طريق احزاب الطائفية ويجبر دعاة الوطنية الجدد على تبني مشروع القانون ان صدقوا في دعوتهم للوطنية والوحدة الوطنية, وقانون مدني حديث للانتخابات لا يبخس حقوق الاحزاب الحديثة والصغيرة, ولم يتقدم ببرنامج عملي لائتلاف سياسي مع الاحزاب الوطنية الاخرى التي تحتاجه ان يتقدمها لخبرته وتجاربه السابقة, لا ان يتعثر في العملية السياسية منحازا الى التأثيرات السلبية للقيادات الكردية التي تبحث عن مصالحها الشخصية والعشائرية والقومية, والانتخابات البرلمانية قادمة في الطريق.. ولم يتقدم الاخرين او يشاركهم و يحثهم للمشاركة في حملات سياسية وتظاهرات جماهيرية متواصلة لاسقاط الفاسدين الذين بدؤا يتساقطون من شدة فسادهم وليس بفعل نشاط الاحزاب التي يفترض بها ان تكون معارضة للارهاب والطائفية والفساد عمليا..الحاجة ماسة الى تغيير جوهري في الحزب يشمل القيادة والبرامج والنشاط واماكن التواجد واخراج الطاقات الكامنة التي يخجل اصحابها من انفسهم,لانها طاقات كامنة لم تتحرك في وقت غليان العراق وتحويلها الى طاقات حركية فاعلة تقودها قيادات جديدة تحركها المصلحة الوطنية العامة لا المصالح الشخصية والافراط في الانانية. كما ادعو الاخوة المتشائمين ان يزيلوا عنهم التشائم ان ارادوا العمل في السياسة لصالح الشعب والوطن وان يتركوا محاكاة اطلال تراث نضال الماضي الذي يحجبهم عن رؤية الحياة الحاضرة وكيفية الخروج من معاناتها وان يفسحوا لغيرهم ان يحلم ان امتنعوا هم عن الحلم, مفضلين التشائم .