التطور يتم بالعقل ام بالسمنت فقط..؟


عبد العالي الحراك
2009 / 5 / 31 - 05:31     

تتنافس دول الخليج في العمران المادي,كبناء العمارات السكنية والفنادق والمنتجعات من مختلف الدرجات ا لسياحية وزيادة اعداد نجومها, ظانة انها تنافس بذلك امريكا واليابان ودول الغرب في بلوغ التقدم والتطور, متناسية ان التقدم والتطور يتم بتطور العقل الذي يفكر ويبحث ويخطط ويستثمر اولا وليس ببناء السمنت ونسيان بناء الانسان..يفتخرالخليجي بماله وبعماراته ولا يفتخر بأنسانه.. فهل يتناسب بناء العمارات مع بناء الانسان من حيث العدد والتباهي في الارتفاع في الفضاء او الغوص في اعماق البحار؟ ماهي نسبة المتعلمين والمتعلمات في دول الخليج قياسا بعمارات دبي او غيرها؟ كم هم الخليجيون اصحاب الشهادات العليا في الاقتصاد والهندسة والفلسفة والطب وعلوم التكنولوجيا المختلفة؟ من سمع باسم عالم خليجي في اي فرع من فروع العلوم؟ من يبني هذه العمارات ومن يسكنها؟ من يعمل طبيبا في المستشفيات والمراكز الصحية في اي من دول الخليج وما هي اعداد الخليجيين فيها؟ هل هناك مراكز بحوث علمية في دبي يديرها ويبحث فيها انسان خليجي اماراتي..؟المال من نفط الخليج والبناء السمنتي صممه وبناه المهندس الامريكي او الياباني او الاوربي واليد العملة اسيوية شرقية..
بعض العراقيين يتمنى ان تكون البصرة دبي العراق, وهي تليق بهم وهم يستحقوها, لان العراقيين قادرون على البناء والعمران لو تركوا احرارا ولو سنحت لهم الفرصة دون الحاجة الى الغير.. فعلماؤهم في التخطيط والاقتصاد والهندسة والبناء يملؤؤن العالم ومن ضمنها دول الخليج..بعض العرب يضرب مثالا بتطورالخليج المادي,لكنه يتناسى التخلف المنتشر بين ابنائه, والامية بين النساء المحجبات اللواتي لا يحق لهن ممارسة كثير من حقوقهن ومن ضمنها المشاركة في الانتخابات والحياة السياسية,الا مؤخرا وفي بعض منها وليس جميعها وقد انتصرن اخيرا اربعة نساء في الكويت بعد معارك سياسية امتدت لعشرات السنين.لكن في هذا البلد مازالت عملية الفرز وعد الاصوات تجري يدويا ,وما زال الاسلاميون السياسيون يكشرون عن انيابهم تهديدا ووعيدا بالنساء وبالحكومة الكويتية القادمة.
حتى الديمقراطية هناك لم تتطور كما ينبغي قياسا بتطور بناء السمنت,فمنذ نصف قرن تقريبا على( استقلال؟؟) دول الخليج وتبني معظمها للديمقراطية,الا انها وما زالت مجتمعات بدوية تمارس الديمقراطية قبليا وعشائريا وتحتقر المرأة وينتشرالجهل
والامية, وحكوماتهم تعتمد على الكفاءات الاجنبية في ادارة شؤؤن الحياة, لانها حكومات تبنت تطورالسمنت وليس تطورالعقل , فالقيادات السياسية مفروضة بالوراثة ومضغوطة بالسياسة ومختزلة في العلم والمعرفة, وهذه صفات جميع حكام بلداننا العربية والاسلامية ولكن يوجد في الخليج مالا تحول الى سمنت في جدران عالية في الهواء وفي اعماق البحار ليثبتوا عظمة المهندس الامريكي والغربي..لو تم بناء العقل العربي والخليجي لكان ضمان كبيرلتطورالمجتمع وتقدمه الحضاري بشكل متوازي مع التطور والتقدم المادي العمراني المادي, فكارثة طبيعية واحدة او فعل انسان ارهابي مخرب اواختفاء البترول سيقضي على جميع جدران السمنت وستعيد الجميع الى حياة البدو وبناء الخيام.
قد يقول قائل ما شئنك والخليج وعراقك غارق في مأساته؟؟اقول ومأساته ايضا تدعو الى ان ينظرالمسؤؤلون فيه لبناء العراق بالسمنت (يا ريت) فهو ما زال مهدم وان يبنوا عقل الانسان فهو ما زال مغيب ويجهل .
التبعية الثقافية والفكرية والحضارية للقديم او للحديث واحدة, اذا لم تملك الشعوب ناصية العلم مستخدمة عقولها.. فلا السلفي قادر على قيادة الحياة في بلده لشدة تخلفه,ولا الاخرالتابع للاوروبي اوللامريكي قادر ايضا,لانه اهتم بالسمنت وترك تطورعقله. ليس هناك الا الوطني الكفوء,المتنور,المتفتح والمتطور,كما تنور وتفتح وتطور الاخرون,لقادورعلى بناء العقل ومعه يبني العمران والحضارة,اما الاهتمام بالقشور وترك البذورللرياح تتقاذفها دورة مغلقة من التخلف,لا ينفع معها الصبغ والتلميع مهما ارتفعت جدران السمنت..قد يغضب منا من يصفق لجدران السمنت هذه في دول الخليج,
وينسى مستوى تطور الانسان ..فلا ضرورة لضرب المثال بدبي او غيرها, الامثلة مهمة في كيف امتلاك الذات وانتشالها من قواعد الفقر والعوز وليس في تبذير الاموال في بناء جدران السمنت لأشباع الغرائز بالملذات.