لا ألوان في العراق


عبد العالي الحراك
2009 / 5 / 30 - 08:36     

علي السعيد يقول (لم ارألوانا في البصرة...) اتربة وغبار واوساخ وجفاف وانحناء..لا حدائق,لا مناطق خضراء( فقط منطقة خضراء واحدة في بغداد) لا شوارع نظيفة..انه مواطن من اهالي البصرة الصابرة سقمته الغربة وعاد به الحنان..لا الوان في الطبيعة , حتى هي الاخرى انطفئت بعد الحريق الذي احدثه الاحتلال والارهاب والطائفية..لا زرقة في السماء كما لا غيوم تمطر الا سوادا, لقد حجبتها انواع من متعددة من اشعاعات الحروب السوداء.. ولا خضرة على الارض,حيث لا مياه ولا وزارة ري او زراعة..لا وجه حسن الا وغطته كآبة وابتلاه حزن اوغطاه حجاب..لا الوان للأشياء ولا للبشر..لكن علي السعيد مقتنع بالعودة حيث يشعر بان الكولوسترول قد انخفض وهو يشعر ببعض الراحة النفسية,رغم انعدام الالوان ورغم جهنم (الشرجي) في البصرة التي كانت فيحاء بطيبة اهلها.
..السواد في كل مكان والرماد والغبار يتطاير..لا الوان في الافكار ولا في الرؤى,الا لون الطائفية..شعارات احزاب رمادية..لا الوان على وجوه الاطفال والنساء,الا لون الخوف الشاحب وعلامات التعب والارهاق..اين ذهبت تلك الالوان الزاهية..احتلوا البلاد ,قتلوا العباد, وجففوا الأنهار فانعدمت الزراعة واختفى الفلاح الذي اصبح ميليشياويا او رادودا او حماية لوزيراو لعضو برلمان, بدون معنى وبدون الوان..عمامة سوداء واخرى بيضاء ومآتم لطم وبكاء وجوامع وحسينيات تنشد وتهتف بلون واحد.
الصدر لا يحب الالوان فهو يلتحف كفنه الابيض وجبته السوداء يتنقل بين ايران وتركيا وبعض العواصم العربية.
لنسأل امريكا عن الوان العراق.. لماذا هاجر المسيحيون والصابئة؟ ولماذا الكرد الفيليين ما زالوا يطالبون بحقوقهم الانسانية والوطنية؟ اين الامم المتحدة ودورها في اعادة العراق الى مكانته الطبيعية ليأخذ لونه بين الامم؟ امريكا احتلت ودمرت.. والامم المتحدة ما زالت بعيدة عن العراق.. المهم هل نحن موجودون في احزاب تنظم وتطالب بحقوق الشعب والوان الوطن ؟ وجماهير تتظاهرمطالبة بحقوقها؟
الصدر يتظاهر ضد الاحتلال الامريكي في التاسع من نيسان, ولا يتظاهر ضد ايران وتركيا اللذان يقطعان الماء عن ارض العراق ويسببان اختفاء الالوان في العراق..( لا الوان في العراق) لوحة قوية تحتاج الى رسام عراقي يرسم عليها العراق بعد الاحتلال بدون الوان.. وشاعر يكتب عليها اشعارا جميلة تعيد للعراق الوانه, كأولئك الفنانين الذين رسموا على قطع الحواجز الكونكريتية الضخمة التي تقسم بغداد الى طوائف صغيرة, لوحات فنية جميلة كي يعيدوا للعراق الوانه, وكي يمتعوا الناس بها, الذين قطع الاحتلال والارهاب والطائفية اوصالهم الاجتماعية. بجهود العراقيين المخلصين الذين يؤمنون بالحياة ستعود للعراق الوانه, رغم انف الاحتلال والطائفية والظلام, فلا تحزن يا اخ علي السعيد وهنيئا لك في مدينتك البصرة.