بلاغ الاجتماع الاعتيادي للحزب الشيوعي العراقي..ام استعراض روتيني للأحداث؟


عبد العالي الحراك
2009 / 5 / 12 - 09:12     

اعلن الحزب الشيوعي العراقي اخيرا وكان متأخرا,عن اجتماعه الاعتيادي,المنعقد في الرابع والعشرين من شهر نيسان المنصرم, في عراق استثنائي يفترض ان تكون اجتماعات الاحزاب السياسية الوطنية واليسارية في حالة انعقاد دائم..في العادة لم يعلن الحزب عن اجتماعاته الاعتيادية الا نادرا,اوعندما تتضمن احداثا طارئة ومهمة,تؤثرعلى مسيرة الحزب مباشرة,اوفي السياسة وحياة الناس بصورة عامة,اراد الحزب من اعلانها,الافصاح عن موقف وطني ما جديد. يفترض ان يكون الاجتماع ليس اعتياديا,بل طارئا اواسثنائيا,لولا ان اللجنة المركزية ارتأت ان تتأخر لتجمع الاراء والمواقف جميعها,الصادرة من داخل الحزب وخارجه وتدققها ثم ترميها في سلة المهملات,وتكون الحالة قد بردت واعصاب الناس قد هدأت..والا فقارئ البلاغ لا يجد جديدا ولا تأثرا مستجدا ايجابيا او سلبيا,بما قيل وما كتب,وليس هناك اشارة ما,من قريب اوبعيد تشير,بان هناك اخفاقا في الحزب اضطرت معه لجنته المركزية ان تعقد اجتماعا(ليس اعتياديا) من اجل معالجته والاستئناس باراء الكادرالجريء في الحزب والصديق الحريص في الهامش وحتى الشامت الخبيث..لم يكن اجتماعا استثنائيا,لان الفترة قد طالت منذ الاخفاق الكبير في الانتخابات المحلية وحتى تاريخ عقد الاجتماع (الاعتيادي),ثم ان للاجتماع الاستثنائي متطلبات ومهام,واحتمال ظهور(اصوات) جديدة تطالب باحداث انعطافة..مازال الحزب روتينيا في عالم سياسة يسحق المتأخر سحقا..في زمن يطير بالأحداث وهي تتوالى,دون ان يعطي الابصارالنائمة فرصة لأدراكها وتفسيرها..يتصرف الحزب بالزمن تصرفا كريما على طريقته المستجدة في هذا الزمن السيء,زمن العملية السياسية التي يتحمل الحزب نفسه جزءا من اخفاقاتها القاتلة,دون ان يقبل منه نقدا باردا ومتأخرا..انه زمن المعاناة التي قد يعتبرها الحزب معاناة اعتيادية,لهذ يعقد ازائها اجتماعات اعتيادية.قد يقول قائل,ليست مهمة التسميات,بل البحث عن الجوهروالمحتويات في بلاغ الاجتماع الاعتيادي..لقد بحثت وفتشت في عشرة صفحات تقريبا تضمنها البلاغ,فلن اجد فيها او بين سطورها,ما يشيرالى الدروس المستوحات من فشل تجربته والتيار الديمقراطي عموما في الانتخابات الماضية,والقرارات المتخذة للنهوض بها على الصعد المختلفة,وماهي الوقائع الجديدة التي تركتها على الارض..لاحظت استعراضا مملا ومكررا لأحداث سبقت,شارك الحزب في صنعها او سكت على سيئها اواقسم شاهدا عليها..لا يهمني كمواطن,كما لا يهم الكثير من ابناء الشعب العراقي الاطلاع على الاحداث المستعرضة في البلاغ,لانها مضت وعدت رغم الألم الذي تركته في النفوس,بل المهم ما دار ويدورحولها من نقاشات لتجاوز سلبياتها وما اتخذ ويتخذ من قرارات ومشاريع حلول..انا وغيري نبحث عن تغيير ونبحث عن انعطافة في الطريق, تخرج الحزب من ظلام شديد,فيه مطبات ورجات وهزات عديدة ..متى تتخذ القرارات المصيرية, ومتى يحصل التغيير في حزب يفترض ان لا يعرف الانغلاق والجمود..؟ يجتمع الحزب اجتماعا اعتياديا بعد اربعة شهور من احداث سياسية مهمة(الانتخابات المحلية),ليستعرض تاريخ مشاركته الطوعية وبملأ اختياره وارادته في عملية سياسية,ويبتعد عن دراسة اخفاقاته فيها مركزا جهده على اخفاقات الاخرين,ولابد ان يخفق الجميع,لان العمل السياسي(الجبهوي)عمل تضامني والعملية السياسية هي كذلك,رضي ام لم يرض منتقدوها المشاركين فيها,مركزها وهوامشها وحافاتها. لماذا يوجه الاجتماع النقد الى الفائزين في الانتخابات ويطالبهم بعمل تحالفات جديدة؟ ومع من ستكون هذه التحالفات؟هل مع الحزب الشيوعي الذي لم يأت بصوت؟ام مع الاحزاب الاخرى القريبة والأليفة؟ لماذا لم يوجه النقد الى الخاسرين ويطالبهم وذاته ان يدرسوا تحالفاتهم السابقة ويطوروها, دون ان يبقوها نائمة على حالها البائس,وان يعقدوا اللقاءات والندوات المفتوحة عبر وسائل الاعلام,كي يطلع الشعب ويشارك؟ أليس الافضل الالحاح حول ضرورة قيام احزاب وطنية لادينية ولا طائفية,وسن قانون لها,وقانون جديد للانتخابات,بعد ان اكتشف الحزب متأخرا خلل القانون الحالي الذي يخدم الاحزاب الكبيرة كما يقول؟ لم يستطع الحزب اتخاذ القرارات المصيرية,لانه ملتزم بتعهداته في هذه العملية السياسية,سواء مع احزاب الاسلام السياسي التي يجاملها في ندواتها واحتفالاتها ومآتمها,التي تستغلها للطعن به علنا وعلى رؤؤس الاشهاد,كما حصل في العمارة وفي النرويج اخيرا,دون ان يتخذ موقفا مناسبا الا عبر ردود فردية وشخصية,في وقت لابد ان يتخذ موقفا حاسما..كذلك تحالفه المصيري مع القيادات القومية الكردية,التي تسرح وتمرح في اخطائها بحق الوطن العراقي والشعب العراقي,بينما الحزب مستمر بتأييدها من خلال تأييده لمبدأ الديمقراطية التوافقية التساومية الانتهازية التي طال امدها او السكوت عن ممارساتها,ناهيك عن الفائدة المادية المحدودة من هذه المشاركة في وزارات الحكومة ودوائرها المختلفة التي تتعلق باشخاص قياديين معينين وليس جميع منتسبي الحزب واصدقائه,في وقت يجب ان يدافع الحزب عن حقوق الجميع,ويطالب بتخفيف معاناة بعض اصحاب الكفاءات العائدين الى الوطن,مما يدل على اهمال الحزب لهم اوعدم أستماع الحكومة التي يشارك فيها لصوته,رغم ان اصحاب الكفآت هم ذخيرة الحزب والشعب والوطن.لا يمكن اعطاء المهام الوطنية نصيبها الذي تستحق في وقت تزدحم فيه المنافع الشخصية والحزبية الضيقة بين قوى سياسية تتصارع على المواقع والنفوذ(حزب الدعوة,المجلس الاعلى,التحالف الكردستاني وجبهة التوافق)من جانب والشعب في قواه الوطنية والديمقلراطية من الجانب الاخر..متى يعقد اجتماع استثنائي ومتى يتخذ القرار الاستثنائي؟وما هي ملامح تطورات المرحلة الراهنة التي يتكلم عنها الحزب بعد الانتخابات المحلية,وهوعلى ابواب انتخابات عامة اكثر اهمية,وهو ما زال مهمشا لذاته؟ يشير بلاغ اجتماع الحزب الى ان هناك توسعا في القاعدة الاجتماعية للديمقراطية في العراق,عبرت عنها تلك الانتخابات,علما بان المشاركين فيها لم يتجاوزوا نسبة ال50 بالمائة,وان صحت هذه الاشارة لكان للحزب نصيبا منها,وهو حزب في مقدمة الواعين للديمقراطية والمعبرين على ضرورتها وفوائدها.
يفترض ان يكون الحزب في حالة اجتماع دائم,يناقش اشكالاته وازماته,اولا في نطاق اليسارالعراقي الذي يعاني,والقوى الوطنية والديمقراطية التي لم تجد قوة جذب سياسية تجذبها,كما كان يفعل الحزب في زمان مضى,ان اعترف بان هناك قوى يسارغيره,وقوى وطنية عديدة تحتاج الى تآلف وتحالف,لان العراق في حالة ازمة خانقة والاحزاب السياسية في حالة صراع على المكاسب والمصالح, وبديلها السياسي يجب ان يكون في حالة صراع من اجل مصالح الشعب,وعندها سوف يأتي الشعب اليه ليعطيه صوته وذراعه.
لقد توقف بعض اعضاء الحزب النشطين واصدقائه المخلصين عن التعليق والكتابة حول ازمة الحزب,لانهم اصيبوا بالاحباط واليأس,نتيجة عدم وجود الآذان الصاغية الى تستمع الى نداآتهم ومقترحاتهم..لكن هل يجب ان يتوقفوا؟ وهل ان حركتهم وكتاباتهم تعتمد سلبا على حركة القيادة اوسكونها؟
استعرض الحزب الجانب السياسي ووصفه بالركود والفشل,وهذا امر واضح ومعروف للجميع,بينما الصراعات على اشدها ومؤمرات البعض ضد البعض محتدمة على المواقع والمصالح.اما نقد اعمال البرلمان ونشاطه فيجب ان يوجه من ضمن نقد العملية السياسية ونتائج محاصصتها الطائفية,ولا يمكن ان تعالج ازماته واخفاقاته بصورة منفصلة ومستقلة عن اسبابها,فابسط عراقي يطلع يوميا على نشاط هذا البرلمان البائس,وهو ينظر الى الاستاذ حميد مجيد موسى سكرتير الحزب,متمنيا لو سجل نشاطا برلمانيا ملحوظا وهو يجلس في الصف الامامي,ولكن ليس له في ضجيج الأصوت العالية تأثيرا ايجابيا او صوتا اعتراضيا مسموعا.قد يكون هذا الاستعراض الوارد في بلاغ الاجتماع للاحداث وللظواهر السياسية والامنية والاقتصادية وعمل الجبهات السياسية الفاشلة مفيدا,لو ان الحزب احتل موقعه السياسي الطبيعي وحجمه الذي يمثل نضاله وتراثه,ولكان صوته مسموعا ولما اشتكى من تهميشه..انه استعراض ممل ومضيعة للوقت,استغرق وقتا طويلا منذ لحظة الفشل في الانتخابات التي لم يركزعليها والى حين عقد الاجتماع الاعتيادي,وهو استعراض ذواغراض تسويقية وليست سياسية عامة موجه لقوى سياسية وطنية ذات برامج واضحة مرحلية وبعيدة.اما موضوع الانتخابات الماضية والقادمة فلن يدرسها الاجتماع بالتفصيل,او لم يعلن عنها كما ينبغي وليست له رؤية جديدة حول المستقبل,بل يدعو الى تفعيل القديم من الجبهات والقوائم الانتخابية,ويدعو الى عدم التفريط به رغم فشلها الذريع. نأمل ان ينجح الحزب(كيف) في التحضير للانتخابات القادمة والقيام بحملة ناجحة لاصدار قانون جديد لها,لا يغبن حقوق الاحزاب والقوائم الانتخابية الصغيرة, وان يفعل نشاط التيارالديمقراطي,وان يتمكن من دعوة الجماهيرللمشاركة في تلك الانتخابات بعد الاقتراب منها والتعبيرعن مصالحها عبر برامج سياسية واضحة... لكن سيبقى موقفه الداعم والمساند للقيادات الكردية,رغم تجاوزاتها واطماعها,سببا رئيسيا في فشله على المستوى الوطني,اذا لم يتداركه.