مرة اخرى... حول عودة العراقيين الى وطنهم


عبد العالي الحراك
2009 / 5 / 8 - 08:35     

يعتبرالحديث حول ضرورة عودة العراقيين جميعا في الخارج الى العراق,اضافة الى عودة اصحاب الكفاءات,من الاحاديث المهمة التي يجب ان تأخذ حيزا واسعا من اهتمام الكتاب والمثقفين,لما لهؤلاء الاخوة العراقيين الوطنيين ,وهم بالملايينمن أهمية ودور فعال في الاطاحة بالطائفية السياسية وبناء الوحدة الوطنية اولا,بالاضافة الى الاهمية القصوى لأصحاب الكفاءات في البناء المعنوي الوطني والانساني,للانسان والمجتمع العراقي,والبناء المادي والحضاري للعراق ثانيا,الذي يجب ان يوليه السياسيون والمثقفون الواعون اهتمامهم الجدي,قبل الطلب من الحكومة العراقية ان توليه اهتمامها المطلوب,لان الاهتمام الاول ورفع الاصوات والكتابة المستمرة,سيشكل حافزا ان لم يكن ضغطا على الحكومة,لأيلاء الموضوع اهتمامها العملي الجدي,ولتوفير مستلزمات التنفيذ والنجاح على المستوى الوطني,ابتداءا من ضمان عودتهم الى اماكن عملهم ودعمهم في توفيرالشروط الاولية الاخرى للحياة الاعتيادية كمواطنين عراقيين..ان العودة الى الوطن حق للعراقيين جميعا,وواجب على الحكومة القيام به وتسهيله,ليس في الاعلام فقط وانما في وضوح الموقف السياسي واصدارالاوامر والتعليمات الحكومية الضرورية للتطبيق,وفي واقع عمل السفارات العراقية في الخارج,وفي واسطة نقل العائدين وعوائلهم,وفي الحدود والمطارات العراقية,وعند مراجعة الوزارات والدوائر الرسمية العراقيةالمعنية.
ممارسة الاخطاء الكبيرة والخطيرة على حاضر ومستقبل العراق,اصبح ظاهرة عامة تنتشرفي العراق, فمنذ الاحتلال وخطأ انتشارالطائفية والتحزبية,وليست الحزبية,والمحاصصاتية والتوافقية والانحراف في مفهوم الفيدرالية,وسوء استخدام الديمقراطية,والايغال في تقسيم العراقيين الى شيعة وسنة وعرب واكراد ومختلف الاديان والمذاهب والعشائر والصحوات وغيرها مستمر..الى اطلاق العنان لتسميات مختلفة يقصد منها التجزئة والتقسيم,كعراقيي الداخل وعراقيي الخارج,المهجرين والمهاجرين, مهجري الداخل ومهجري الخارج,ابناء الجنوب وابناء المناطق الغربية,المناطق الساخنة والمناطق الباردة,ثم حدود الاقليم والمناطق المتنازع عليها,واخيرا وليس اخرا العراقي الوطني الذي يقررالعودة الى العراق على علاته,والعراقي الاخر(اللاوطني) الذي اندمج في المجتمعات الغربية,وتمتع بجناتها ونسي العراق..ثم توسع الحديث عن الحدود السياسية والاقتصادية للمحافظات والاقاليم,وليست الحدود الادارية,وصلاحيات المحافظين ورئيس حكومة الاقليم وخلطها بصلاحيات رئيس الوزراء,وهكذا.... فالاخطاء كبيرة وخطيرة على المستوى الآني والمستقبلي, , وليست هناك لغة مشتركة بين العراقيين تجمعهم وتوحدهم,وسببها سيطرة احزاب الطائفية السياسية والطائفيين على السلطة والمجتمع وتدخل الاعداء,مستغلين هذه الظواهرالمرضية الخبيثة.
ليس هناك نقاش حول رغبة الغالبية العظمى من العراقيين في الخارج بالعودة الى وطنهم,كل حسب ظروفه الشخصية والعائلية وما يحيط بها,وليس هناك مبررمن التقسيم والتصنيف على اسس غير دقيقة..فالذي اختار وطنا غيرالعراق بشكل دائمي,فهذا شأنه وهو ليس امرا جديدا ولا يتعلق بالعراقيين فقط وليس في هذا الزمن فقط,وانما اخرين غيرعراقيين وفي ازمان مختلفة,ولأسباب عديدة,لا يمكن خلطه مع من ابعد قسرا,اونجى من موت وقتل اواغتيال,او ذاك الذي منعت عليه أنفاسه,او من هرب بأعجوبة من سجن اواعتقال او تخلص من كمين..حتى الذين تركوا العراق لأسباب اقتصادية ومعيشية,فهم من ابناء العراق المخلصين,الذين يرغبون ويتمنون العودة اليوم قبل غد..المشكلة ليست في العراقيين في الخارج..المشكلة في العراق الذي مزق,الذي زرعت فيه البغضاء والحقد والكراهية,والذي انتشر فيه الجهل والامية,والسراق ومزوري الحقائق والشهادات وعملاء المخابرات الاجنبية,الذين يقتلون الابرياء من اصحاب الكفاءات وغيرهم,كي يستفردوا بالعراق وينهبوا خيراته..لماذا يلح العراقيون على الوحدة الوطنية,لانها الاساس القوي الذي يقفون عليه لمواجهة جميع الاعداء,وفي مقدمتهم الطائفيين الذين يمثلون اوسع واعمق ظاهرة خطيرة, قاعدتها الجهل والخرافة والشعوذة والعيش على الفتات والسرقات وقتل الابرياء..ليس من السهل ان يطلب انسان يمثل الطائفية في العراق اوالذي يشارك معها في الحكم,ان يطلب من العراقيين ان يعودوا الى وطنهم,دون اية مقدمات اوتسهيلات اوضمانات العيش والعودة الى الوظيفة السابقة,دون تنغيص يومي ولأشهر طويلة,منتظرين في طوابيرعلى ابواب المسؤؤلين,تتخللها الاهانات والتأخيرات,دون ان يعرف النتيجة,بحيث يشعر بان هذا الموظف الذي يتعامل معه بجفاء وقسوة لا يرغب بعودته,او انه ليس ذلك العراقي المخلص لوطنه الذي ينتظر منه ان يؤدي واجبه الوظيفي كما ينبغي عليه وكما يتمناه..انه يرفضه ويؤخرعودته الى وظيفته,واضعا عراقيل لا دخل للعائد بها ولا يعرفها ولم يبلغ بها قبل عودته..نريد ان نقرأ تفاصيل اجراءات الحكومة العراقية ووزاراتها ودوائرها المعنية,حول عودة العراقيين جميعا,وفي مقدمتهم اصحاب الكفاءات,لحاجة الحكومة العراقية الماسة لهم اولا,وحاجة العراق لهم,وحاجتهم للعيش في وطنهم العراق..تفاصيل واضحة تبدأ من السفارة العراقية في البلد المعني وتنتهي في محل عمله,والمدة المطلوبة لذلك.اما معادلة الشهادات العلمية,فلدى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي/دائرة البعثات,مراجع وسجلات معترف بها ومتفق عليها,تحتوى اسماء الجامعات في دول العالم المختلفة,المعترف بها من قبل الوزارة, والشهادات والدرجات العلمية التي تمنحها,ولا يتطلب الامر مزيد من هدرالوقت والجهد للمعادلة,بل هو اجراء روتيني اقل بكثير من الجهد الذي يبذل في السفارة العراقية,التي يفترض ان تكون قد اطلعت على الشهادة وترجمتها الى اللغة العربية وصادقت عليها,ثم المصادقة عليها مرة اخرى في مكتب تصديق الشهادات التابع لوزارة الخارجية العراقية في بغداد...لا اعتقد بمصداقية صاحب العذرالذي يقول بضرورة اطالة وقت ومدة معادلة الشهادة للتأكد من صحتها ومصدرها والتأكد من عدم تزويرها,في وقت تنتشر ظاهرة التزوير داخل العراق,لشهادات لا يعرف اصحابها منها شيئا ولا يميزوا الفها من يائها ولم يعرفوا اسماء اساتذتهم الوهميين الذي تخرجوا على ايديهم وحضروا محاضراتهم ,حملتهم الى مواقع المسؤؤلية وضاعفت من رواتبهم وطغيانهم.
تعقيد مسألة عودة اصحاب الكفاءات وغيرهم الى وظائفهم في الوزارات والدوائرالرسمية العراقية ,يعبرعن النوايا السيئة لدى البعض من المسؤؤلين والموظفين,لأستقبال اصحاب الكفاءات وشعور بعضهم بالنقص ازائهم..ناهيك عن اصحاب الشهادات المزورة من المسؤؤلين الذين يشغلون المواقع الحساسة في تلك الدوائر منذ الاحتلال ولحد الان,الذين يخشون ان ينكشف امرهم وينتهي مصيرهم, مستقبلا خارج تلك الوزارات والدوائر,التي غزوها كما غزى الاحتلال الامريكي وغيره العراق, , بالاضافة الى المسؤؤل والموظف الذي يطلب رشوة,اويتبع تعليمات حزبه في قبول العائد ممن لديه توصية ما,اوانتماءا حزبيا ما.هذا التصرف يناقض مبدأ استقطاب اصحاب الكفاءات العلمية,التي يجب ان تكون بعيدة عن التوصيات والانتماءات.لقد ضحى اصحاب الكفاءات الموجودون في العراق ولم يتركوه,وضحى ايضا من عاد في الظروف الصعبة,وهؤلاء يسعون في سبيل تقديم خدماتهم بالشكل الافضل,لكنهم يعانون كثيرا ومهمشين,وقد خرج بعضهم من العراق مضطرا,وهكذا..فالعودة الى الوطن والعودة المضادة الى الخارج اصبحتا تتبادلان الادوار,تاخذ الاولى الى الوطن,الدوافع الوطنية الصادقة,وتدفع الى الثانية خارجه اسباب الرفض القاهرة..العراقي المخلص يتحمل المسؤؤلية الوطنية ازاء وطنه وما يؤمن في سبيله,ولا يمكنه البقاء محايدا ازاء ما يحصل منتقدا من بعيد..العراق يبقى في احداق عيون العراقيين,الذين تحركهم وتضغط عليهم ضمائرهم في كل يوم وكل لحظة,للعودة الى الوطن,كل حسب ظروفه الذاتية والعائلية,رغم الظروف الموضوعية الصعبة التي تهدد حياة بعضهم بالخطرالمباشرفي العراق,ليس فقط في صعوبة العودة الى العمل والوظيفة السابقة وعدم توفرالسكن,والمخاطر اليومية الطارئة,وهي كثيرة..لكن هناك عراقيين مهددة حياتهم عند العودة,بسبب كتاباتهم الوطنية المتواضعة على مواقع الانترنيت,التي تحمل الهم الوطني والتعبيرالصادق عن مشاعرهم,رغم وضوحهم وعلنيتهم في ذلك واستقلاليتهم الحزبية ومحاربتهم للطائفية..رغم هذه المخاطر فهم يخططون من اجل العودة ولا ينتظرون من احد تحفيز وتشجيع ولا يقف في طريقهم تهديد او وعيد ..