اني لأعجب من جائع لا يرفع صوته بين الناس


عبد العالي الحراك
2009 / 5 / 7 - 08:56     

لا اقول,لا يرفع سيفه بين الناس,كما قالها الداعي للثورة في الزمن القديم (ابو ذرالغفاري),لان السيف اصبح في هذه الايام,اداة ارهاب يستخدمه الارهابيون في قطع رؤؤس الابرياء,وليس لثورة الجياع ,التي دعى لها ذلك القائد الثوري في ذلك الزمن,الذي لم يبلغ صدق ثوريته احد من دعاته وتابعيه في احزاب الاسلام السياسي وغيرهم,كما يدعون..رئيس حكومتنا من اتباع ابي ذرالغفاري وقبله علي بن ابي طالب..لكن عندما يوجد جياع في العراق,بلد النفط ومليارات الدولات,فهذه مشكلة كبيرة لا تتفق معها تابعية احد لفكرابي ذر وندائه..ولا عذر قوي لرئيس الوزراء يبرر فيه حالة الجوع في العراق ولو لجائع واحد ..فالشباب العاطلين عن العمل هم جياع..والاولاد والبنات بدون مدارس,هم متاع للميليشيات وسلاح بيد الارهاب,لانهم جياع ايضا في الفكروالمعدة,والا لما توجهوا الى حمل السلاح,لقتل الابرياء مقابل ثمن بخس.ليس مقبول استمرارالقول,بان الاوضاع المعاشية للشعب العراقي قد تحسنت,قياسا بما كانت عليه قبل السقوط ,فالبطالة ما زالت موجودة ومخيفة بين الشباب خاصة,وهي جوع باشكال مختلفة,والاقتصاد الوطني متوقف,وصفوف المنتظرين على ابواب الرعاية الاجتماعية وشكاويهم على مسمع من آذان المسؤؤلين,والايتام كثر والارامل والاطفال الذين يبحثون في الازبال,اوالذين يتخذون من تقاطع الطرقات وفي الشوارع والاسواق الشعبية,مكانا للعمل والاستجداء,تاركين مدارسهم..اني لأعجب من حزب الجياع الذي لا يرفع (صوتيه)بين الاصوات المختفية لممثلي الاحزاب في البرلمان,حول رواتب البرلمانيين,مقارنة بجوع الجياع في العراق..اني لأعجب من اعضاء برلمان,معظمهم من انحدارات طبقية فقيرة,لا يهتموا الا بأنفسهم وعوائلهم, ورواتبهم وحماياتهم لا مثيل لها حتى في الدول الاجنبية..فراتب البرلماني العراقي يزيد على راتب اي برلماني اوروبي,رغم الفارق في مستوى المعيشة ومستوى الاسعارومستوى القوانين التي يناقشها ويشرعها الطرفان.
اقتلوا جوعكم في العراق ايها العراقيون,برفع مستوى وعيكم ومطالبتكم بالدراسة والعمل,وليس بقتل اخوتكم في المواطنة,مقابل ثمين رخيص يدفعه لكم سراق خيراتكم..تشبثوا بوطنيتكم ووحدتكم,لا تفيدكم طائفة ولا مذهب ولا عشيرة,الا في عراق موحد وطن للجميع,لا تقبلوا عذرا ممن تبرق ملابسه ويلمع حذائه,في بلد تغطيه الاتربة والاطيان,والنفط بحار تجري تحت اقدامكم,وسفن عملاقة تنقل نفطكم,تجوب المحيطات امام انظاركم,ولا حصة لكم بما تنقل,تقتل جوعكم لا ان تقتلكم..اسألوا ايها الطلاب الفقراء معلمكم,لماذا تجلسون في غرف مدرسة مبنية من الطين في زمن التكنولوجيا والعمارة الحديثة؟ اذا لم يعطكم الجواب المقنع,اطلبوا منه ان يذهب الى وزيرالتربية,ثم الى رئيس الوزراء,ثم الى خزينة الدولة مباشرة..لا تخافوا,فان سؤالكم هذا هو حق ديمقراطي اولي وتعبير سلمي حضاري عن حق الجياع.
لقد ظلم آباؤكم واجدادكم,فلا تقبلوا ظلما ولا تقبلوا جوعا لكم..ان هذا الثائرالعظيم يعجب منكم,كما عجب من جياع سابقين لم يرفعوا السيف..اتركوا انتم السيف وارفعوا اصواتكم, فسوف يحبكم المعلم ويخشاكم الوزير ويحسب حسابكم رئيس الوزراء.جائع من لم يتناول ثلاثة وجبات طعام في اليوم..جائع من نسبة خضاب دمه(الهيموغلوبين) اقل من 12% ..فكم هم الجياع والجائعات في عراق النفط والتمر ودجلة والفرات..؟ جائعون من تمتلأ بهم الساحات العامة بأنتظارعمل وقتي,ثم يأتي مجرم ليفجرهم جميعا.من المسؤؤل عن تجمع هؤلاء في الساحات العامة كل صباح,قبل المسؤؤل عن تفجيرهم؟ان المسؤؤل هو الوزير(اي وزير) ورئيس الوزراء,الذي لم يوفر لهم عملا مناسبا..انه وزيرالداخلية الذي لم يحمي الساحات العامة من الارهابيين,حيث يتجمع هؤلاء الجياع..جائع من لم يشعر بالدفأ في بيته وفي فراشه في شتاء العراق,و(البطانيات) توزع قبل الانتخابات فقط,ممن يستغل هؤلاء الجياع ليزيدهم بؤسا في مواكب اللطم والعزاء والضرب على اجسادهم النحيفة بالحديد والرماح تنزل منتقمة على الهامات..ان الجوع من النوع الاخر مخيف في العراق..انه جوع العقل وخمول الفكر بين الشباب,فهو اشد وطئة من جوع وخمول المعدة..اتصل بأناس كنت اظنهم يفهمون في وقت ما,اما الان فأشعر بمعاناة ثقيلة مما يطرحون ويفكرون..احدهم يقول,(انه وعائلته والعراق بخير,لانهم بنوا في حيه حسينية,جدرانها وارضيتها من المرمر,يوزع فيها (القيمة والهريس)في المناسبات الدينية التي بارك الله في كثرتها,كما يحصل الفقراء والارامل على بعض(الحقوق الشرعية) ايضا في بعض المناسبات وليس جميعها خاصة قبل الانتخابات...)ان الضياع في العراق خطير كخطرالجوع..احزاب لا تعرف واجباتها..جوامع لا يعرف خطباؤها الا الشحن الطائفي..هل تعرف يا ابا ذرالغفاري ان زماننا ليس زمانكم..لقد كنت ثوريا في ذلك الزمان, ولكن (لو جئت اليوم لحاربك الداعون اليك..)ان امامك وامامي علي بن ابي طالب كان يوزع الطعام على الفقراء ليلا في بيوتهم سرا,كي يحافظ على كرامتهم, بينما اتباعه اليوم في العراق يوزوعون القليل من (حقوق الفقراء الشرعية) عبرالتلفزيون,ودموع الفقراء من الرجال والاطفال والنساء تسيل.. يحاربك الداعون اليك اليوم يا ابا ذر,يسيطرون على الجياع محافظين على جوعهم,ليتبعوهم وليصوتوا لهم في الانتخابات,وقسم كبير من هؤلاء الجياع قد انتبهوا اخيرا فرفضوهم...
عبد العالي الحراك 4/5/2009