اكواخ الواقع وقصور الدولة ضياعا


خليل المياح
2009 / 5 / 5 - 04:49     

بدءا لا اتماهى مع اطروحة شكسبير التي جاءت على لسان هاملت (ان تكون اولا تكون تلك هي المسألة ) وكينونة الدولة باتت مسألة رهان خلاف كبير بين الانتليجنسيا حتى ان العولمة راحت تنادي بتذويبها وصولا الى حذفها!
ومعروف ان النقد الفلسفي الذي تبناه كير كيجارد- بالضد- من هيجل عندما قال: "ان اكواخ الواقع تستمر في الوجود رغم القصر النظري الذي بناه الفيلسوف ...."
اثبت صوابيته الان بعد الارتكاسات المالية التي عصفت بالولايات المتحدة الامريكية جراء التحرش بماهية الدولة ومحاولات العولمة الوحشية لهدم كيانات الدولة القومية وتقويضها بفعل نداءات العولمة العابرة للقارات والحدود القومية بغية جعل العالم قرية عصرية يتحكم فيها دهاقنة المال الذين راحو يكتسحون الحدود بروحية كسموبوليتيه دونها محاولات الاسكندر المقدوني التي تقمصت رداء الانسانية!
ويبدو ان مقولة هيجل :"الوقعي عقلاني .......باتت مرجعية حتى لاصحاب نظريات البيت الابيض مثل فوكو ياما وهنتغتون مع انهما وقعا في تناقض شائك لاحقا!
واذ نعود الى الدولة وفهمها الفلسفي سنرى الى ان هيجل في فلسفة الحق قد سوغ لنابليون افعاله وقدس الدولة الابروسية الا انه سرعان ماتراجع عن ذلك التسويغ مما سهل على تلميذه اليساري الهوىماركس ان يبز ويناطح اراء استاذه بالقول :"لقد اقتصر الفلاسفة حتى الان على تفسير العالم ,الان ينبغي تغييره"
وفي محاضرة القية في جامعة سفيردلوف عام 1919 قال الثائر فلادمير اليتش " ان التعاليم بصدد الدولة تبرر الامتيازات الاجتماعية وتبرر وجود الاستثمار وتبرر وجود الرأسمالية لذا فمن فاحش الخطأ توقع عدم التمييز لهذه المسألة ,
وحتى نمسك بالحقيقة ينبغي عدم نسيان المرحلة التاريخية الاساسية اي كيف نشأت الدولة تأريخيا كظهارة معنية وما هي المراحل الرأيسية التي اجتازتها هذه الظاهرة في تطورها ..."
اما هنري لوفيفر المفكر الفرنسي المعروف فيرى ان الدولة العصرية تسير نحو التمركزوالهيمنة وتسيير المجتمع بأكمله تسييرا كاملا اي تقنيا ومعرفيا ......
لكن الفيلسوف التوسير يرى ان دور الدولة في المجتمع سلبي تماما .
ولابد من الالتفات الى ماتقوله مدرسة شيكاغو الاقتصادية :"لقد اصبحت الدولة في النظام الرأسمالي حاليا مؤسسة تعسفية تتدخل بي عنف في العلاقات الاجتماعية وفي السيرورة التاريخية .
وعودا على الفلسفة الهيجلية في الدولة كما تبدو في فلسفة الحق عام 1821 فسنراها تركز او بالاحرى تميز بين ثلاثة برهات في الاخلاق المشخصة والموضوعية والمعنى وهو يهيمن مبدئيا على البرهتين الاخريين.
والحقيقة انه لاتوجد مسألة شوهت عن عمد وعن غير عمد من قبل ممثلي العلم البرجوازي والفلسفة البرجاوزية والاقتصاد السياسي والصحافة الارجوازية بمقدار تشويههم لمسالة الدولة.
وبتأريخ 11-4-2009 وفي الملتقى التربوي القى الاستاذ عبد الرحيم الحصيني -مستشار دولة السيد رئيس الوزراء المالكي -محاضرة بعنوان المقاصد في فقه الدولة عند السيد محمد باقر الصدر-قال فيها-:ان الدولة شيء ما الهي شيء ما خارق وانها قوة ماعاشت بها البشرية وانها تعطي الناس او ستعطيهم شيء ليس من الانسان !
وانا عقبت على المحاضرة بقول مفاده :لقد تحولنا من اخوة احرار في المدينة الرسولية الى رعايا عبيد في المدن الاموية السلطانية والبوادي العباسية وان تينك الدولتين قد قتلت وابادت الصالحين من البشر لمنداتهم بالحق والفضيلة والعدالة مثل ابي ذر وغيره ممن احتسبوا على ملة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام.
هذا وكان الفارابي يرى ان الدولة حتى المثالية منها هي وسيلة لان يحيا الانسان الحقيقة ولابلاغة سعادته الازلية .
والاسلام هنا اعلن ان الله هو المحور واراد تحرير الانسان من عشوائية الطبيعة وعشوائية النفس .
ويقول هنري لوفيفر: "ان الدولة في شكلها العصري بعد النمط الرأسمالي جعلت من فصل السلطات اكذوبة سياسية اذ الدولة اصبحت الان تعطي التوجيهات والتعليمات الخاصة لتلك السلطات وربما توحد بينها!
واستلهاما لهذا الرأي يكون البعض من المثقفين ممن يدعون الى انقراض الدولة والنظام حتى يستتب السلام والخير على صواب نسبي بالضد ممن يلحفون على تاسيس الدولة في كل الاحوال.
وحيث اننا نلاحظ ان الدولة الكليانية يتم فيها الاستحواذ على العقل مايجعل الاخير اداة هيمنة واستغلال , فالعلم والتكنلوجيا ينتجان اليوم عهد البربرية المعاصرة كما هي الحال في دول مثل الولايات المتحدة وبرطانيا العضمى مثلا.
والرأي اعلاه يمتح رؤاه من ان السلطة اغتراب في حين ان الحرية هي قبل الاجتماع بمثابة درجة الصفر لكل اجتماع ممكن .
ولايخفى عن ذوي الالباب ان التأريخ الحقيقي هو الم وتعب واستعباد وغطرسة واظطهاد يعيد نفسه! .
ولذا جاء التاويل من الارضية الفلسفية التي تترعرع فيها الفكرة بشرعنة فقدان الدولة لاهميتها وفي اعادة النظر بصيرورة التأريخ والواقع السعيد نراه يأتي كباب من ابواب الايديولوجيا الزائفة !
وهاهوالفيلسوف كانط يعرفنا الى ان (النومينات)هي" الاشياء في ذاتها" وهذه لايستطيع العقل الانساني الامساك بها او القبض عليها... وعلى المستوى الفردي (الانطولوجي) نرى بعضنا يهرع الى جاره ليفتش عن نفسه او يزور صاحبه لينساها !
وحيث اتينا على مقولة لوفيفر لابد من ذكر صاحبه التوسير فهو الاخر يرى سلبية دور الدولة في المجتمع ,لكن من الاصوب الالتفات الى احد المفكرين الروس الذي يرى ان مسألة الدولة قد شوهت من قبل الفلسفة البرجوازية لكونها تتعلق بالصراع الطبقي .
لكن اللافت ان الباحثين الاسلاميين عموما لم يشيروا الى كينونة العنف في بنية الدولة العصرية التي تقوم على ارضاخ الارادة الفردية وحتى قبل الصيرورة العصرية للدولة كان العنف واضحا منذ نشوء دولة الاسلام وحادثة السقيفة وعبارة عمربن الخطاب للانصار : لا يجتمع سيفان فب غمد واحد !
كان القصد منها قمع الرأي الاخر ببفذلكة لفضية باطلة !
وختاما فند ماركس اراء استاذه هيجل بخصوص خلود الدولة وكونه(اي هيجل ) قد سوغ الواقع الموجود بعقله عقلا فلسفيا بأن قال :الدولة صناعة تأريخية .