تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// في الذكرى المائوية للعيد الاممي للطبقة العاملة 1/3


بلكميمي محمد
2009 / 4 / 27 - 09:19     

في فاتح ماي من سنة 1884 ، شن البوليس الامريكي حملته الدموية الشهيرة على الطبقة العاملة الاميريكية بمدينة شيكاغو .
وفي فاتح ماي سنة 1886 ، ستتحول احداث شيكاغو من مجرد ذكرى تضامنية مع عمال امريكا ، الى عيد اممي سنوي للطبقة العاملة في كل مناطق العالم المتحضر ، وذلك بناءا على قرار صادر عن الاممية الشيوعية الثانية .
واذا كان الاحتفال بعيد الشغل ، في العقد الاخير من قرن 19 ، لم يكن يشمل جميع البلدان ، اما بسبب عداء بعض البورجوازيات الكبير له ( مثلا في فرنسا لم يتم الاعتراف به رسميا الا سنة 1947 ) ، واما بسبب انعدام وضعف انتشار النظام الراسمالي في العالم غير الاوربي – الامريكي .. فانه في الوقت الحاضر اصبح عيدا امميا فعلا ، ان عيد الشغل هو العيد الوحيد الذي تتوحد حوله الانسانية الكادحة جمعاء .
والان بعد مرور قرن كامل على تاسيس عيد البروليتاريا الكوني ، ماهي النظرة التقييمية التي ينظر بها انسان اليوم ، الى احداث شيكاكو ، ومن خلالها الى العلاقة بين العمل وراس المال ؟ .

-1-
من وجهة نظر بورجوازية ، فان الانسان البورجوازي يعتبر تلك الاحداث تنتمي الى الماضي ، لان الراسمالية الغربية في الربع الاخير من القرن العشرين ، ليست هي الراسمالية الغربية التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر فهذه قد عرفت تحولا عميقا في بنيتها ، ومن اهم مظاهر ذلك التحول هو اختفاء التناقض الحاد بين العمال والراسماليين ، وتؤكد الايديولوجية البورجوازية على ان تجربة القرن العشرين من عمر الراسمالية ، قد برهنت بالملموس على ان الراسمالية قادرة على توفير المطالب الاساسية للطبقة العاملة ، وهي من اجل التدليل على هذه الاطروحة ، تسوق تجربة احزاب الاشتراكية - الديمقراطية التي حكمت بلدان الشمال الاوربي وامريكا ، والتي اتسع نفوذها في هذا العقد لتشمل بلدان الجنوب الاوربي ( وصول الاشتراكيين الى الحكم في فرنسا واسبانيا واليونان ) .
ان احزاب الاشتراكية – الديمقراطية ( تقول الايدولوجية البورجوازية ) ، قد حققت المطلب الاساسي للعمال الذي هو التوزيع العادل للدخل القومي ، وذلك عبر تحقيق شعار : " رفع الدخل لكل فرد وضمان الشغل للجميع " .
من هنا فالعلاقة التي " اصبحت " في عصرنا ، تحكم الراسمال والعامل ، ليست علاقة الصراع التناحري التي كانت قائمة في القرن الماضي 19 في مرحلة ماقبل " النضج " الراسمالي ( والتي كانت مظاهرها احداث شيكاغو )
بل هي علاقة التاخي والتازر والتضامن بينهما ، برعاية واشراف الدولة .
اليست - ( تقول الايديولوجيا البورجوازية ) ، جميع المشاكل – الطبيعية والضرورية - بين العمال والراسماليين ، يتم حلها بطرق متحضرة من خلال الحوار الديمقراطي بين نقابات العمال وارباب العمل ، وبتشجيع من الدولة ؟ .
الم تعد ظاهرة الاضرابات العمالية شبه منعدمة ، بسبب انعدام الحاجة اليها ، بحيث اصبح من الممكن مقايضة السلم الاجتماعي بالزيادة في الاجور ، يتم تحديد معدلها السنوي عن طريق المفاوضات بين النقابات وارباب العمل ووفق عقدة طويلة الامد بين الطرفين يتم تجديدها باستمرار ؟.
الم تمثل امريكا نموذج البلد الراسمالي الذي نجحت فيه بشكل تام ، صيغة مقايضة السلم الاجتماعي بالزيادة السنوية في الاجور ، بفعل التكتل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين " الجبابرة الثلاثة " .
( رجال الاعمال )
( النقابات )
( الحكومة )
الا يعني ذلك ان مقولات : الصراع الطبقي والشيوعية ، قد اكل عليها الدهر وشرب ، وانها لاتعدو كونها مجرد اوهام طوباوية لبعض الماركسيين الحالمين ؟ وبالمقابل ، اليست مقولات : الاجماع الوطني والوفاق الاجتماعي والتراضي ، هي المقولات المطابقة لواقع الراسمالية المتطورة في عصرنا الحديث ؟ .