تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الوعي المطابق والوعي المتاخر. .


بلكميمي محمد
2009 / 4 / 9 - 11:53     

الضرورة الطبيعية ، التي تتحكم في تطور الجنين داخل بطن امه .. تشبه الضرورة التاريخية ، التي تتحكم في تطور المجتمع الجنيني ، داخل بطن المجتمع .. الام .
في الحالة الاولى ، تقوم الصيرورة الطبيعية على النحو التالي : بعد اخصاب بويضة الام ، تنطلق عملية تراكم ونمو خلايا الجنين.
وفي لحظة معينة من ذلك التراكم الكمي ، تحدث القفزة النوعية ، تحول الجنين الطبيعي ، الى كائن بشري مكتمل التشكل والتبلور .
ويتشكل هذا الكائن البشري الجديد ، داخل بطن امه ،، يبدا الصراع في الاحتداد ، بينه وبين الكائن البشري القديم الذي تمثله الام .
هذا الصراع بين الجديد والقديم ، الذي تتخلله اوجاع والام ،، يبلغ ذروته في مرحلة المخاض ، التي تؤشر لقرب ساعة الوضع ، حيث يظهر المولود المتحرر من جسم امه .
هذا بوجه عام ، هو القانون الموضوعي للضرورة الطبيعية .
ان القانون الموضوعي الاخر للضرورة التاريخية الذي يتحكم في تطور المجتمع ،، يشبه الى حد كبير ، القانون الاول .
في البدء ، يكون الانقسام ،، أي ظهور المجتمع الجنيني ، في صلب بطن المجتمع الام الحامل .
ثم تنطلق صيرورة تراكم ونمو وتطور خلايا طبقات المجتمع الجنيني الصاعد .
وفي لحظة معينة من ذلك التراكم الكمي ، تحدث القفزة النوعية ، المتمثلة في استكمال تبلور وتشكل المجتمع الجديد ، وداخل بطن المجتمع الام القديم .
الامر الذي ينجم عنه تناقض ، بين الجديد المتطلع الى التحرر والاستقلال ، والقديم الذي يعرقل ويعيق ذلك التطلع .
هذا التناقض ، هو سبب الازمة ( ركود النمو ) ، التي تعبر عن نفسها في شكل انفجار عنيف ، بين المجتمع القديم والمجتمع الجديد .
وهذا الانفجار هو المخاض ، الذي يعبر عن قرب ساعة ولادة المجتمع الجديد .
الى هنا يمكن الحديث عن التشابه ، بين منطق تطور الظاهرة التاريخية .
مع ذلك هناك اختلاف جوهري بين الظاهرتين ، يتحدد في التالي ، بالنسبة للطبيعة يحصل الوعي وقت جد مبكر ، قبل لحظة المخاض ، بالكائن الجديد ( انتفاخ بطن الام مثلا ) .
في حين ، بالنسبة للتاريخ ، يتم نمو الجديد في بطن المجتمع القديم في سرية تامة ، بحيث لايمكن الوعي بالكائن الجديد ، الا عند حلول لحظة المخاض ، أي انفجار صراع طبقي عنيف ، بين القديم والجديد ، الذي يؤشر لقرب ساعة الولادة .
لذلك من الناحية السياسية ،، ان الذي يميز بين الحزب الطليعي ، ( في المنعطفات التاريخية الحاسمة ) ، هو الذي تكون له حاسة الشعور والادراك الاستثنائية ، التي توحي اليه بان لحظة المخاض قد حانت ، ويالتالي يكون وعيه مطابقا للواقع الموضوعي ،، ومن ثم يكون قادرا ، بدون ادنى تردد ، على تحديد الشعار السياسي الجريئ الذي تقتضيه المرحلة .
وفي راي الفقيد عبد السلام المؤذن ، ان المجتمع المغربي دخل مرحلة مخاضه ، منذ انفجار اضراب 14 دجنبر العظيم .