المنتدى الاجتماعي العالمي - عام آخر ممكن


فنزويلا الاشتراكية
2012 / 10 / 19 - 09:31     

كنا لا نزال ومنذ سنين طويلة نعيش فشل النظام الاقتصادي العالمي من الناحية الإنسانية، هذا الفشل المتمثل بالمجاعات الكثيرة في الأرض وانعدام الحياة للغالبية العظمى من سكانها ما عدا القلة القليلة منهم، وإذا بنا اليوم نفاجأ بفشله من الناحية العملية وبشكل واضح لا شك فيه من خلال ما آلت إليه حاله. ولعل أبرز الدروس التي كسبناها في هذا السياق، هي أن القيم المالية التي كان هذا النظام يتخذها هدفا ومسعى نهائيا له لا يمكن وبأي حسبة سواء إنسانيا أو نظريا أن تكون هدفا صحيحا. فالحالة الوحيدة التي يمكن لمصلحة الإنسان أن تكون محورا لها هي الحالة التي تبدأ باسم الإنسان ولأجله وتسخر كافة القيم الأخرى وسيلة لهدف واحد هو الإنسان والمجتمع بدلا من استغلال الإنسان والمجتمع لتحقيق أغراض أخرى أثبتت فشلها.

وإذ يعقد المؤتمر الاقتصادي العالمي للمرة التاسعة والثلاثين في سويسرا بمشاركة 40 دولة رأسمالية كبرى في وقت ظهر فيه زيف كل الجهود التي كانت ولا تزال تبذلها هذه الدول من خلال الأزمة المالية العالمية وحالة التخبط التي تعيشها كبرى الشركات، يأتي المنتدى الاجتماعي العالمي التاسع الذي كان واعيا للمسؤولية منذ البداية والذي أطلق أصلا قبل حدوث الأزمة المالية بسنين، أدرك أهمية دورته الحالية في هذه الفترة تحديدا وأدرك المسؤولية التي يحملها على عاتقه في زمن اختلطت فيه كل المعاني لتجعل من كلمة اجتماعي تيارا معاكسا تماما لكلمة اقتصادي وليس موازيا له.
ففي هذا العام على وجه التخصيص يحمل المنتدى الاجتماعي دلالات يجب استثمارها جيداً. لأنه يعقد في ظل أزمة النظام الرأسمالي وفي وسط انطلاقة جديدة.

"بعد 300 عام من الرأسمالية، يوجد 800 مليون جائع في هذا العالم. يجب أن نواصل نضالنا ضد الرأسمالية العالمية من خلال بناء اشتراكيتنا في كل الحكومات والثورات الشعبية. لا يوجد طريق آخر، إما الرأسمالية التي تدمر الإنسانية أو الاشتراكية." هذا ما قاله أحد القادة المشاركين في المنتدى الاجتماعي العالمي، الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز.

الرئيس الإكوادوري رافاييل كوريا، مشارك آخر في المنتدى الاجتماعي، قال "اليوم، أكثر من أي وقت مضى وفي ظل الأزمة العالمية، أصبحت الحاجة ماسة لإيجاد البديل."

في مدينة بيليم البرازيلية، بدأت فعاليات المنتدى الاجتماعي العالمي التاسع بعنوان "عالم آخر ممكن" يوم الثلاثاء 27 كانون الثاني/ يناير 2009 بمسيرة جماهيرية حاشدة وسط شوارع المدينة بمشاركة أكثر من 10 آلاف شخص نادوا بتشكيل جبهة معارضة لليبرالية الجديدة والعولمة، ويضم التجمع ممثلين ووفود ومستقلين من كافة القطاعات الاجتماعية والبيئية والإنسانية للتعبير عن الأهداف الأسمى التي ينبغي التوحد لأجلها غير الأرباح والمال. كما اتخذ المشاركين في مسيرة الثلاثاء فرصة للتعبير عن رفضهم للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.

شارك في هذا المؤتمر البديل 5 رؤساء دول من أمريكا اللاتينية وآلاف النشطاء من أنحاء العالم كله. الرئيس هوغو تشافيز الفنزويلي، إيفو موراليس البوليفي، رافاييل كوريا الإكوادوري، فرناندو لوغو الباراغويي ولولا دا سيلفا البرازيلي جلسوا ليستمعوا لمقترحات المشاركين ونشطاء حماية البيئة والاجتماعيين حول الحلول الأنسب لإنقاذ العالم وتحسينه في كافة المجالات.

مجموع المشاركين بلغ 133 ألف مشارك منهم 115 ألف من حركات اجتماعية ومنظمات غير حكومية وأفراد مستقلين و15 ألف من الشباب الذين شاركوا في مخيم الشباب بالإضافة إلى 3 آلاف طفل. وكان ال133 ألف قادمين من 142 بلد من حول العالم.

إضافة إلى ذلك، شارك 1900 شخص من السكان الأصليين. وقد بلغ عدد المنظمات المشاركة 5808 منظمة منها 4193 من أمريكا الجنوبية و489 من أفريقيا و491 من أوروبا و334 من أمريكا الوسطى و155 من أمريكا الشمالية و27 من أستراليا ونيوزيلندا بحسب المؤتمر الصحفي الختامي للمنتدى.

وضمن قرابة ال2000 من الندوات وورشات العمل والاجتماعات التي استمرت حتى يوم الأحد 1 شباط/فبراير 2009 كفعاليات للمنتدى، ناقش الحاضرون مواضيع عدة كان أبرزها حلول بديلة للأزمة العالمية عن النظام الرأسمالي، والمشاكل البيئية لاسيما في غابات الأمازون ومشكلة الغذاء العالمي بالإضافة إلى السلام العالمي والعدالة الاجتماعية.

حرص المنتدى على الاهتمام والاستماع إلى المنظمات الاجتماعية حول العالم باعتبارها أساسا لكل حل بديل فيه صالح للإنسان. بالإضافة إلى منظمات بيئية عديدة وجدت في المنتدى ملجأ لتحقيق أهدافها الصحية للمحافظة على البيئة العالمية. تضمن المنتدى 2400 نشاط مختلف خلال 6 أيام منها فعاليات ثقافية تشمل أغاني أفريقية وأخرى من ثقافة السكان الأصليين تستعرضها تجمعات مختلفة من سكان أمريكا الجنوبية الأصليين.

أتى كل رئيس مشارك في هذا المنتدى بقضية محورية يطرحها للعمل عليها بجهد واسع مستمدا تلك القضية من الحاجات والمتطلبات الأكثر إلحاحا لدى الناس. فالرئيس الإكوادوري كوريا أتى بقضية غابات الأمازون التي تشهد تدهورا بيئيا خطيرا ودعا للعمل بجهد على حماية الغابات لما لها من أهمية بالغة وعدم السماح لمن يسعى للربح من خلال البحث عن مصادر مربحة بتشويه البيئة وقطع الأشجار.

قال كوريا "إنه أمر مريح جدا بالنسبة للعالم الأول أن يقول "اعتنوا بالأمازون، لا تحفروا ولا تستخرجوا الموارد" في حين يفترس الكنوز الطبيعية فيها ويحقق لنفسه حياة فاخرة، بينما يقبع شعبنا في الأمازون في البؤس دون الحصول على أي شيء في المقابل." وأضاف كوريا "علينا أن نسعى وراء المسؤولية المشتركة."

أما الرئيس الفنزويلي تشافيز فقد أتى بقضية التكامل كقضية أساسية واتباع إستراتيجية جديدة في النضال ضد العولمة. قال الرئيس تشافيز "لقد تغير الزمن، وينبغي أن ينظم المنتدى بطريقة مختلفة. ينبغي تغيير التوجه الاستراتيجي والأيديولوجي له ويجب البدء في الهجوم "
وأضاف "علينا الخروج من الملاجئ التي فيها أعلامنا، ويجب تعزيز الأفكار والبدء بأيديولوجية هجومية في جميع أنحاء العالم. هذا المنتدى لديه الوسائل الكافية للقيام بذلك."
وشدد تشافيز أيضاً على أن المنتدى الاجتماعي العالمي يشكل عالما جديدا، عالما على وشك أن يولد.
ووفقا للرئيس تشافيز، إن المنتدى الاجتماعي العالمي هو معقل آمال للقوى الناشئة في العالم.

الرئيس البرازيلي دا سيلفا ألقى الضوء على حماية العمال من خلال تنظيم وتشجيع الاستثمار الاقتصادي الثقيل التابع للدولة.

اختتم المنتدى الاجتماعي العالمي التاسع أعماله يوم الأحد مصادقا على عشرات القرارات والمقترحات لتشكل برامج تعبئة تنفذ في جميع أنحاء العالم خلال عام 2009. واتخذ المنتدى مواقف سياسية مشتركة طالبت بها الآلاف من منظمات المجتمع المدني حرصا منها على اغتنام الفرصة التي تتيحها الأزمة الاقتصادية العالمية من أجل إحداث تغيير حقيقي.

أسبوع كامل من المظاهرات وحملات التوعية سيجري بين 28 آذار/مارس و4 نيسان/أبريل من العام الجاري للضغط من أجل تعديل جذري في التوازن السياسي العالمي واتخاذ تدابير عاجلة لوقف التغير المناخي. المستهدف الرئيسي لهذه المبادرة هي قمة مجموعة ال20 للدول الصناعية التي ستعقد مؤتمرها في 2 نيسان/ابريل في لندن في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية. ومن المتوقع أن تقوم كل من الأرجنتين والبرازيل الأعضاء في مجموعة ال20 بحكوماتهم التقدمية، بطرح مطالب المنتدى الاجتماعي الأساسية كمطلب تفكيك أو إصلاح صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية.

30 مارس، هو يوم العودة للفلسطينيين إلى أراضيهم، وهو علامة بارزة أخرى في برنامج المنتدى، بهدف فرض سياسة المقاطعة التجارية، والعقوبات الدولية، وسحب الاستثمارات والسياسات، لإجبار إسرائيل على وقف الهجمات العسكرية ضد قطاع غزة والدخول في مفاوضات سلام حقيقية.

وبحسب ما أعلنه المتحدث باسم المنتدى الاجتماعي والعضو في إحدى الحركات الاجتماعية، فإن محتويات برامج التعبئة هي:

تأميم البنوك
لا لخفض الأجور في المؤسسات التي تأثرت بالأزمة العالمية
الطاقة والسيادة الغذائية للفقراء
انسحاب القوات الأجنبية من العراق وأفغانستان
السيادة والاستقلال للسكان الأصليين
الحق في الأرض والعمل والتعليم والصحة للجميع
دمقرطة وسائل الإعلام والمعرفة

المنتدى الاجتماعي هو تحرك كان قد ظهر في بورتو آليغريه في ريو غرانديه دو سول جنوب البرازيل في عام 2001 تحت عنوان ""عالم أفضل ممكن" وقد حظي بصدى عالمي كبير.

عقد المنتدى في البرازيل في دورته الثانية والثالثة والخامسة في عام 2002 و2003 و2005 على التوالي أما الرابع فقد جرى في مومباي في الهند عام 2004. والسادس في 3 دول مختلفة فنزويلا ومالي وباكستان في عام 2006. أما السابع فقد جرى في كينيا في عام 2007 والثامن عام 2008 في حوالي 80 دولة ولا يزال مستمرا على شكل فعاليات وتنفيذ توصيات. ومن المتوقع أن يعقد المنتدى الاجتماعي المقبل في أفريقيا، بعد عامين من الآن.