تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//التطور التاريخي للتشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية بالمغرب//4- طبيعة النظام الاقطاعي الناشئ.


بلكميمي محمد
2009 / 2 / 27 - 09:05     

ما معنى نمط الانتاج الاقطاعي بوجه عام ؟ أي ماهي الخاصية الجوهرية التي تؤسسه ، بغض النظر عن الاشكال العارضة التي قد تطرأ عليه هنا وهناك حسب تغير الظروف والملابسات التاريخية ؟
ان الاقطاع هو علاقة اجتماعية – اقتصادية ، بين الفلاحين الخاضعين المنتجين ، الذين لايتصرفون سوى بجزء الانتاج الضروري لمعيشتهم ، ولهذا فهم يعتبرون اقنانا وبين المسيطرين المباشرين على فائض انتاج الفلاحين بقوة الاكراه ، ولهذا فهم يعتبرون اسيادا .
ان القنانة اذن هي شكل وجود قوة العمل في النظام الاقطاعي تماما كما ان العمل العبودي هو شكل وجود قوة في النظام الراسمالي .
ماهو جوهري اذن في النظام الاقطاعي . هو الاستحواذ على فائض عمل الفلاحين من طرف الاسياد ، اما الاسلوب العملي لتنظيم ذلك الاستحواذ ، فيخضع لعدة صيغ متنوعة حسب شروط المجتمع ومراحل تطوره . في اوربا مثلا ، تجسد النظام الاقطاعي في ثلاثة اشكال رئيسية هي :
1) ريع العمل ( منح الفلاح بقعة من الارض يعيش من غلتها ، مقابل تسخير فائض عمله للعمل في اراضي السيد ) ..
2) ريع المنتوج ( تفويت السيد كل اراضيه للفلاحين ، مقابل الحصول منهم على فائض الانتاج ) .
3) الريع النقدي ( اخذ فائض الانتاج في شكل نقود بدل شكل منتوج عيني ) .
في المغرب ، في عصر الدول التجارية الكبرى ، كان الشكل الاول والرئيسي الذي تجسدت فيه علاقات الانتاج الاقطاعية ، هي الشكل الضريبي ، الا انه نظرا الى ان الارستقراطية التجارية الحاكمة ، كانت تستمد الفائض الاقتصادي من مداخيل التجارة البعيدة اساسا ، فبالتالي لم يكن ذلك الشكل الضريبي يبلغ حده الاقصى .
هذا الوضع سيتغير جديا ابتداءا من المرحلة الثانية من الحكم المريني ، ومن حكم الوطاسيين ، اذ في هذه المرحلة ، من جهة سيبلغ فائض الانتاج المنزوع من الفلاحين في شكل ضرائب مداه ، مما حوله الى ريع منتوج سافر . ومن جهة اخرى ، كانت ضرورة مراقبة الانتاج بشكل مباشر ، تقتضي امتلاك الاراضي ، وبالتالي السيطرة على فائض عمل الفلاحين في شكل ريع عمل . ان السهول الشاسعة التي كانت خاضعة في ذلك الوقت لسلطة الدولة ، كانت مليئة بالاقطاعات المفوتة لزعماء الحرب الذين تحولوا الى اسياد اقطاعيين ( رغم عدم استقرار الملكية الاقطاعية في ايدي نفس الاشخاص . لكن الثابت كان دائما انتزاع فائض الانتاج من الفلاحين ، سواء استحوذ عليه هذا الاقطاعي او ذاك ، ان ضعف استقرار الملكية الاقطاعية لايمس طبيعة النظام في حد ذاته ، بل فقط جوانبه المتعلقة بتطوير ( الانتاجية ) . ولقد كان الملوك هم اكبر الاقطاعيين ، ان محمد الشيخ مثلا ، مؤسس الدولة الوطاسية ، برفضه حمل لقب الخليفة ، او اية القاب ملوكية اخرى ، وتفضيله لقبا متواضعا هو لقب الشيخ ذي النبرة البطريركية القبلية . انما يعبر من خلال ذلك على ان عصر الامبراطوريات قد انتهى ، وبدا عصر اخر ، هو عصر الممالك الاقطاعية .

في الركن القادم : ظهور اقطاع الزوايا .