تفسير مقولة - الدين أفيون الشعوب - لكارل ماركس


يعقوب الساهي
2009 / 2 / 17 - 09:42     

صَدقت يا ماركس العظيم, وها نحن مرة أخرى نشهد على تحقق تنبؤاتك.
( من وجهه نظري ) فلقد صدق كارل ماركس عندما شبهه الدين بالأفيون فعبارته الشهيرة هذه تنطبق على الواقع الذي تعيشه جميع الأديان , بل وأنها أيضآ تتناسب مع ما حدث في الماضي وما يحدث في الحاضر و بما سيحدث في المستقبل , ففي السابق عندما كانت الكنيسة هي سيدة الموقف و الحوار في أوروبا , كانت طبقة رجال الدين تتصدر المرتبة الأولى في الهرم الطبقي لمجتمع أوروبا , وكان رجال الدين هم الآمر و الناهي , حيث لايتجرأ أحد على مخالفة أمورهم , وإلا سيتهم بالهرطقة.
وكانت العلوم آنذاك محظورة , وكان التكلم عن الدين أو نقده يعتبر من التابو, فكانوا يريدون من الناس آنذاك تعاطيه كالأفيون دون المناقشة فيه حتى عندما إكتشف (جاليليو) أن الكتاب المقدس يحتوي على أمور تناقض الاكتشافات العلمية آنذاك كنظرية كروية الأرض مثلآ , قام عليه رجال الكنيسة.
فلم يجني المجتمع في تلك الفترة غير الفقر و الجهل والاستعباد إلى أن جاءت الثورة الفرنسية عام 1789.
إكتشف مؤخرآ العالم المعاصر(ريتشارد داوكنز) أن المجازر البشعة و التطهيرات العرقية التي حدثت في الزمن الماضي في شتى بقاع الكرة الأرضية و التي قضت
على مليارات من البشر حول العالم كان سببها الرئيسي هو المعتقدات الدينية المتطرفة والتي تعاطاها أصحابها زيادة عن اللزوم , ناهيك عن بعض المعتقدات الدينية التي تؤمن بأن هناك فئة واحدة هي التي يجب أن تسود العالم وأن تلك الفئة هي شعب لله المختار و ما سواها من بشر ما هم إلا عبيدا ومسخرين لها أو يجب تصفيتهم من الدنيا.

ما نراه اليوم أيضا من تصرفات المتدينين وعلى رأسهم رجال الدين اللذين نصبوا أنفسهم أولياء على الناس هو أشبه بمن تعاطي جرعة من الأفيون حتى أصبح لا يرى طريقا غير طريقه , فتراه تارةً يعتبر من حوله من الناس بأنهم خطاة وتجده تارةً أخرى يكفر من حوله .
فعلا أن الدين هو أفيون الشعوب, وانه كالنيكوتين في البدن لأنه مهما تعاطاه المرء
فسيظل يرغب في تعاطيه أكثر و أكثر حتى يهلك، فتراه إما أن يصبح ارهابيآ او طائفيآ أو عنصريا.
ويمكننا أن نلاحظ في مجتمعنا أن انسجام الأشخاص الأقل تدينا مع بعضهم البعض باختلاف دينهم أو مذهبهم يكون بسلاسة و سرعة كبيرة.
بينما نلاحظ أن الأشخاص المتدينون لاينسجمون مع نظيرهم لأنهم فقط يختلفون عنهم في الدين أو المذهب , فكلا الطرفين يعتبر نفسه مع الحق و يرى بأن الطرف الثاني ما هو إلا فاجر , كافر , رافض , ناصب و ما إلى ذلك من أوصاف.
فالصراع بين الإسلام و المسيحية صراع عقائدي, و الصراع بين السنة و الشيعة هو صراع ( مذهبي – سياسي), و لذلك نجد المتدينين تائهين و منشغلين في قتل و تفجير وتكفير بعضهم كما يحدث في العراق.

إن استمرار تعاطي البشر للأفيون الديني في المستقبل لن ينتج لهم غير المزيد من الحقد و الكره والعنصرية وقتل بعضهم بعضا ولا أستبعد أن يتسبب ذلك في حرب عالمية ثالثة.
أما من ناحية أخرى فإنني لطالما اعتبرت أن الدين هو فعلا بمثابة مادة الأفيون( التي كانت تمثل مصدر الدخل الاقتصادي الأول لحكومة طالبان) , و مايعمله الدين بدماغ الشخص المتدين كمثل عمل الأفيون بدماغ الشخص المنتشي .
كما أن المتدين يصبح بعد ذلك مدمنآ ! فكلما تجرع من الدين فإنه يجد نفسه بحاجة إلى المزيد ولن يشعر أبدآ بالاكتفاء كما انه لن يشعر أبدآ بالرضي عن نفسه .
وسيضل في صراع مع نفسه و في صراع مع مجتمعه متجاهلا التقدم و العلوم الحديثة و التكنولوجيا والإختراعات, وسيبقى معتكفا داخل قوقعته المظلمة دون إحراز أية تقدم , كل ذلك بسبب انشغاله في تعاطي الأفيون الديني .