تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الانفجار العظيم ولحظة الفصل الثوري الاخيرة .2/2


بلكميمي محمد
2009 / 2 / 6 - 06:40     

في التحليل السابق للفقيد عبد السلام المؤذن راينا ان التقاطب الثلاثي الجدلي ، هو القاعدة الموضوعية ، التي قام عليها النظام العالمي خلال الفترة – الممتدة مابين 1945 و 1985 ( سنة وصول غورباتشوف الى السلطة ) .
لكن ماذا حصل ابتداءا من سنة 1985 ؟ .
حصل التالي :
ان التطور التاريخي الموضوعي للنظام الاشتراكي ، ادى الى انتقال الاشتراكية ، من شكل الملكية العامة لوسائل الانتاج ، الى شكل تاريخي جديد ، هو الملكية الخاصة لوسائل الانتاج .
وكان من اهم نتائج هذا التحول الكبير ، هو زوال حدة التناقضات السابقة ، وبين النظامين العالميين الاشتراكي والراسمالي ، الامر الذي نجمت عنه هذه النتيجة الحاسمة : انتقال المعسكر الاشتراكي ، موضوعيا ، من موقع الوسط الى موقع الحليف مع النظام الامبريالي .
وبزوال قطب الوسط ، سينهار النظام العالمي السابق ، ولقد عبر ذلك الانهيار عن نفسه ، من خلال الانفجارات الثلاثة العظمى التالية :
الانفجار الاول : ثورة المجتمعات المدنية في اوربا الشرقية ، ضد الانظمة الاشتراكية الكلاسيكية ، التي اصبحت بالية ومتجاوزة .
الانفجار الثاني : تشطيب امارة الكويت من الخريطة الدولية ، بفضل دبابات جيش صدام ، التي دكت دكا الحدود الاستعمارية ، بين اقاليم الوطن الواحد .
الانفجار الثالث : اندلاع حرب الخليج الحالية .
ان هذه الاحداث الثلاث ، ليست احداثا اعتباطية ، معزولة عن بعضها البعض ،، بل هي حلقات ضرورية ، ضمن سلسلة واحدة ، فجرها تفجيرا حتميا ، انهيار النظام العالمي السابق الناجم عن زوال قطب الوسط ، الذي كان يمثله المعسكر الاشتراكي .
ومما سبق نريد التاكيد ، على الخلاصات النظرية التالية .
اولا : ان المنطق الذي ادى ، الى نجاح الثورة في اوربا الشرقية في خريف 89 .. وادى الى نجاح ضم الكويت في 2 غشت .. هو نفس المنطق الذي سيؤدي حتما ، الى انتصار العراق في حرب الخليج الحالية . اذ لاقوة تعلو فوق منطق التاريخ . وما تعيشه حاليا ، سوى لحظة الفصل الاخيرة ، ضد القديم ، ضمن سلسلة من اللحظات ، ابتدات بلحظة اوربا الشرقية ، وتواصلت بلحظة الكويت ، وستنتهي بلحظة حرب الخليج .
ثانيا : لقد ادت ثورة اوربا الشرقية ، الى انهيار النظام الاشتراكي الكلاسيكي ،، وستؤدي ثورة العراق حتما ، الى انهيار النظام الامبريالي العالمي .
ثالثا : من الخطأ النظري الفادح ، القول بان النظام العالمي السابق ، كان ثنائي الاقطاب ، امريكا من جهة ، والاتحاد السوفياتي من جهة ثانية .. وان مشاكل الثاني جعلت النظام العالمي الجديد يصبح احادي الاقطاب ، بعد ان انفردت امريكا بالهيمنة عليه .
ويكمن ذلك الخطأ النظري في التالي :
ان أي نظام ، سواء كان عالميا او غيره ، لايتكون من قطبين ، او قطب واحد ، وانما من ثلاثة اقطاب ضرورية هي التي تمده بتوازنه ، وهذه الاقطاب الثلاثة هي القطب السائد ، والقطب المضاد المسود ، وقطب الوسط ، الذي يشكل الحل التركيبي ، للتناقض بين القطب الاول والقطب الثاني .
رابعا : لم يكن التناقض الجوهري ، في النظام العالمي السابق ، هو مابين النظام الامبريالي والنظام الاشتراكي ( كما روج لذلك الى حد الحقيقة البديهية ) .. بل بين النظام الامبريالي وبلدان الجنوب في العالم الثالث .. في حين ان النظام الاشتراكي ، كان يحتل موقع الوسط . ( فما ان زال هذا الاخير من موقعه ، حتى انفجر الصراع السافر والمصيري ، بين الامم الامبريالية وامم الجنوب البروليتارية ..) .
خامسا : ليست تحولات اوربا الشرقية ، هي الحد الاقصى للنظام العالمي الجديد ، الذي تريد كل من امريكا والاتحاد السوفياتي ، ان يقنعانا بضرورة الالتزام به وعدم تخطيه .. بل ما هي سوى لحظته الاولى ، التي تقود حتما الى لحظة اخرى ضم الكويت .
بالتالي ، ليس العراق هو الذي خرق الشرعية الدولية ، بضمه للكويت ، بل الاتحاد السوفياتي ، الذي انتقل من موقع الوسط ، الى موقع القطب الامبريالي ، مما ادى الى انهيار النظام العالمي السابق ،، وهو الانهيار الذي قاد الى تحولات اوربا الشرقية ، اولا ، والى ضم الكويت ثانيا .