كونوا مستعدين للموت لأجل الثورة


فنزويلا الاشتراكية
2009 / 2 / 2 - 08:26     

"لن نظهر لهم الرحمة" قالها الرئيس تشافيز أمام حشد من أنصار الثورة الغاضبين بعد إقدام المعارضة على ارتكاب عدة أعمال إجرامية عقب انتصار بعض من مرشحيها في مناطق محدودة.

فلم يكن رئيس الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا على خطأ أو بواهم عندما توعد مرشحي المعارضة المنتصرين بإدخال الدبابات إلى مناطقهم في حال سعوا للانفصال عن الدولة البوليفارية أو التخطيط للانقلاب على الحكومة الثورية المنتخبة ديمقراطياً. فلم تمر سوى بضعة أيام على إعلان النتائج الانتخابية التي أقرت وبكل نزاهة حصول المعارضة على خمس ولايات حتى بادرت المعارضة بالرد على ديمقراطية الحكومة و"شفافيتها المطلقة" بارتكاب عدة أعمال إجرامية وتخريبية في الولايات التي باتت تحكمها. إذ خربت مرافق حكومية واعتدي على أطباء كوبيين وارتكبت جريمة شنيعة على أيدي قتلة مأجورين ذهب ضحيتها ثلاثة من قادة اتحاد العمال الوطني UNT وتبدي المعارضة تصميماً على المضي بخطها الإرهابي وبمحاربة المشروع الاشتراكي بوسائل غير ديمقراطية واختيار الطريق العنفي للرد على المد الثوري في فنزويلا الأمر الذي دفع عددا من قادة الحركة العمالية المؤيدة للثورة الاشتراكية للمطالبة بالسماح للعمال بتشكيل لجان تحقيق خاصة بهم وبالتسريع من وتيرة العمل نحو تسليحهم وجعلهم نواةً للميليشيات الشعبية بما أن كل من جهازي القضاء والشرطة التقليديين قد أكلهما الفساد ولم يعد تبديل الأفراد يفيد لإصلاحهما بل لابد من إيجاد أجهزة بديلة تؤدي المهمة بشكل أفضل إذ غالباً ما يتواطأ رجال الشرطة مع القتلة وأحياناً يلعب الشرطي الدورين معاً. أما القضاء فلا يزال في جزء كبير منه أداة برجوازية تسعى للتحالف مع البيروقراطية وإن الخاسر من هكذا وضع هي الثورة.

إن السعي لبناء الميليشيات الشعبية ليس بجديد بل قام الرئيس تشافيز بتقديم قانون خاص بها من خلال الدستور المقترح للعام 2007 وبعد إفشال الموافقة عليه قام الرئيس بإقرار القانون من خلال حزمة من المراسيم الرئاسية التي أصدرها في نهاية الصلاحية التشريعية التي منحته إياها الجمعية الوطنية. إلا أن خروج القانون على الورق لا يعني أن يتم تطبيقه مباشرةً كما لا يعني أن تمر عقود قبل البدء بالعمل عليه، فلا يمكن الخوض في تفاصيل الزمن الكافي لتحقيق هكذا "مشروع" يتطلب درجة من الوعي لم تبلغها بعد كافة فئات الطبقة العاملة الفنزويلية وأصعب خطوة في تنفيذه هي الخطوة الأولى.

بلغت الثورة اليوم حداً باتت ملزمة معه بانتقاء خيارات واضحة وأشد راديكالية من ذي قبل، تبدأ مع تطوير المجالس العمومية وتوسيع صلاحياتها والبدء بطرح تصورات للكومونات التي ستكون "أساس الدولة الاشتراكية" كما قال الرئيس تشافيز، والشروع باتخاذ خطوات عملية متمهلة ودقيقة كي لا نقع في أخطاء قاتلة لتشكيل الميليشيات الشعبية التي تظهر أهميتها مع ازدياد خطر المعارضة وتوجهها نحو البدائل العنفية بالرغم من أن الأدوات الديمقراطية تنصفها مما يدل على أنها لا تؤمن بالوسائل الديمقراطية ما لم تكن السلطة خاضعةً لها ولا يمكن التصدي لها بأجهزة الأمن التقليدية التي تسيطر عليها مع العلقات البيروقراطية الأمر الذي يؤكد على ضرورة وجود الميليشيات الشعبية خصوصاً مع بدء تدخل الميليشيات اليمينية الإرهابية الكولومبية في الداخل الفنزويلي في الولايات الحدودية مما يعني أن المعارضة لا تقف في مكان واحد بل تسعى لتجريب كل ما يمكن استخدامه لقمع الثورة ويعني أيضاً أن النظام الكولومبي العميل قد يحول الحدود مع فنزويلا إلى جسر عبور للقتلة المأجورين للدخول إلى فنزويلا وارتكاب أعمال وحشية إرهابية بحق الناشطين الاجتماعيين والعمال النقابيين والأعضاء الثوريين في الحزب الاشتراكي الموحد وكل من يقف إلى صف الثورة مستفيدين من تجربة اليمين الكولومبي القمعية.

حتمية الميليشيا الشعبية باتت واضحة بفعل ثلاثة عوامل أساسية لا يمكن للثورة أن تستمر دون مراعاتها:
1-تقوم البرجوازية مع كل تقدم وإنجاز تحققه الثورة بالتصعيد من أعمالها المضادة وإن صعود نجم الثورة في القارة وعالمياً وازدياد معاداة الامبريالية لها يعني بالضرورة أن هذه الامبريالية لن توفر الاستعانة بعملائها في الداخل والمنطقة وعلى رأسهم النظام الكولومبي وميليشياته الإرهابية.
2-إن الوضع الثوري الذي يسود فنزويلا في خضم مرحلة انتقالية نحو الاشتراكية يخلق حالة من الفوضى الجزئية والتي انحصرت في فنزويلا بالعجز عن محاربة الجريمة.
3-أجهزة الأمن الفنزويلية بغالبية أفرادها تعاني من تغلغل الفساد فيها وتبعيتها المستمرة للبرجوازية مما يجعلها عاجزةً عن مواجهة المشاكل الأمنية في المجتمع من جهة ويحولها لجسم منظم معادٍ يستعد للانقضاض على الثورة في أي لحظة من جهة أخرى.
4-إن بناء الميليشيات الشعبية هو الحل الثوري البديل لمواجهة معضلات الثورة الأمنية وقد يكون من أصعب المهام التي تواجهها، ويحتاج لعمل عظيم لضمان وصول السلاح للأيدي الثورية وعدم وقوعه بين أيدي أعداء الثورة المختبئين بعباءتها.

فبما أن الميليشيا الشعبية يتطلب بناؤها فترة زمنية تعتمد مدتها على التجربة والخبرات من جهة، والبرجوازية وأتباعها وحلفاؤها بدءوا بتصعيد أعمالهم مما يعني أن الخطر يزداد من جهة أخرى فلا بد من الاعتماد في المرحلة الحالية على عمال النقابات الثورية وأعضاء الحزب الاشتراكي الموحد لحمل السلاح دفاعاً عن الثورة في حال تطورت الأمور إلى الأخطر وهذا ما تتجه نحوه البرجوازية حتى الآن كما يبدو، لذا كان نداء الرئيس تشافيز لأنصار الثورة في هذه المرحلة أن "استعدوا للموت لأجل الثورة". فمجموعة من القوى قد تكالبت للانقضاض عليها وهي في خضم مرحلة حساسة وبأمس الحاجة لأنصارها في داخل فنزويلا وخارجها للاستماتة بالدفاع عنها وعما تحمله من انجازات وأمل باشتراكية القرن الواحد والعشرين.