تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// مفهوم الازمة2/2


بلكميمي محمد
2009 / 2 / 2 - 03:40     

في التحليل السابق انتهينا من الشكل البسيط لمفهوم الازمة ، والان ماهو الشكل المعقد للازمة من وجهة نظر الفقيد عبد السلام المؤذن ؟ .

انه يظهر عندما تنشطر الظاهرة الى شطرين متناقضين متصارعتين ، لكل منهما مشروعية الوجود . فالفرق اذن بين الشكل البسيط والشكل المعقد للازمة . هو ان التناقض والصراع بين الطرفين ، بالنسبة للاول ، يتخذ له كحل ، نفي واقصاء والغاء الطرف القديم المتجاوز ، والحفاظ بالطرف الجديد . بينما بالنسبة للشكل المعقد ، يتخذ كحل ، الحفاظ بالطرفين المتناقضين معا ، عبر الانتقال بهما الى وحدة اضداد جديدة ارقى .
لنوضح ذلك بهذا المثال الملموس : الراسمالية المغربية في الوقت الراهن ، ان الطابع المميز لهذه الراسمالية ، ليس طابعا احادي الجانب ، بل هو طابع مزدوج وتناقض ، انها في نفس الوقت ، راسمالية ذات طابع وطني وطابع تبعي . ان وحدة الوطني والتبعي ، ليست وحدة انتقائية ، بمعنى اختلاط عناصر وطنية بعناصر تبعية ، بل هي وحدة جدلية ، بمعنى انها وطنية بشكل كلي ، وتبعية بشكل كلي .
ان التناقض بين الوجه الوطني والوجه التبعي ، يؤدي الى صراع بين الوجهين ، والصراع يؤدي بدوره الى حل . والحل لايكمن في الغاء احد الوجهين ، لان ذلك مستحيل ( هل يمكن مثلا فصل وجه العملة التحتي عن وجهها الفوقي ! ! ) ، بل يكمن في الحفاظ عليهما معا ، لكن بعد الارتقاء بهما الى وحدة اضداد جديدة ارقى . وفي هذا السياق فان الحل الموضوعي ، يكمن في تحقيق الراسمالية المغربية المجردة . ان هذه الاخيرة تتضمن في نفس الوقت ، في اشكال جديدة ، كلا من الطابع الوطني ( في شكل التراكم الراسمال الوطني ) ، والتبعي ( في شكل تبعية الانتاج الوطني للبورجوازية المغربية ) .
بعض الكتاب يتحدثون عن نمط من الازمة ذات الافاق المسدودة . وهذا خطأ . ان الازمة لحظة ضرورية تنتمي الى صلب التطور نفسه . فكل تطور يفضي حتما الى الازمة ، وكل ازمة تفضي حتما الى تطور . فلا تطور بدون ازمة ، ولاازمة بدون تطور . ان الازمة والتطور ، هما لحظتان متلازمتان في جدلية الصيرورة ، لايمكن فصل احداهما عن الاخرى .
اما القول بوجود ازمة ذات افاق مسدودة ، فينبني على انطباع واهم ، مفاده توازن القطبين المتصارعين ، مما سيؤدي الى تمطيط لحظة الازمة .
ان الفكر العظيم هو الذي يستطيع اولا ، ادراك بعمق جوهر الازمة ، ويستطيع ثانيا ، استباق الواقع وارشاده ، عبر قدرته على رصد افق التطور الموضوعي لذلك الواقع .