تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//وجهة نظر هيجل في الحضارة العربية الاسلامية .2/3 .


بلكميمي محمد
2009 / 1 / 11 - 09:19     

بقلم هيجل ( ترجمها عن الالمانية الفقيد عبد السلام المؤذن) .
هذا النص الهيجلي حول الحضارة العربية – الاسلامية ماخوذ من الفصل الثاني من المقالة الرابعة من كتاب « فلسفة التاريخ » .
ان القارئ العربي لهذا النص ، قد يرى بان هيجل لم يكن منصفا تماما في تقييمه للحضارة العربية الاسلامية ، والحق ان العديد من افكار هيجل التي تضمنها هذا النص ، قابلة للنقاش والجدال .
لكن الحافز الذي دفع الفقيد عبد السلام المؤذن الى تقديم النص الى القارئ العربي هو تمكينه من الاطلاع عن الكيفية التي ينظر اليها هذا المفكر العظيم الى حضارتنا .
***
ان التعصب لايعني من حيث الجوهر ، سوى التصرف اتجاه الملموس بطريقة تخريبية تدميرية . لكن تعصب المسلمين يتميز ايضا بالقدرة على صنع كل انواع العظمة . وهذه العظمة المتحررة من كل المصالح الدنيئة . قد تم اتحادها بكل فضائل سمو الروح والشجاعة . لقد كان مبداهم هو الدين والارهاب . تماما كما كان مبدأ « روسبيير» الحرية والارهاب ( بالفرنسية في النص الالماني .ع.م ) . ان الحياة الواقعية تتميز بماهو ملموس ، وتتالف من اهداف خاصة . وهي تتمكن من التوصل بواسطة الاخضاع . الى السيطرة والثروة . والى حقوق الاسرة السائدة ، والى رابطة بين الافراد . لكن كل هذه الامور هي مجرد اشياء عرضية قائمة على الرمال . وبالرغم من كل شغفه الحاد ، فان المسلم يتخذ موقفا لامباليا من كل تلك الامور بحيث انه يتحرك وفق متغيرات الثروة الاكثر اضطرابا . ان المذهب المحمدي قد شيد عبر توسعه ، العديد من الامبراطوريات والممالك وفوق هذا البحر اللامتناهي ، ليس هناك سوى صيرورة ابدية . اذ لاشيء راسخ . ففي الحالة التي يتخذ فيها شيء ما شكلا معينا بواسطة التجهد ، فان الشكل يبقى شفافا ، بل انه سرعان ما يذوب ، ان تلك الممالك تعاني من عيب غياب الرابطة التي تتميز بالصلابة العضوية ، وهذا هو سبب انحلال الامبراطوريات ، واضمحلال الافراد . مع ذلك فحين تثبت روح نبيلة ، التي تشبه موج البحر المرغية ، فانها تبدو ممتعة بالحرية ، بحيث ان لاشيء يضاهيهيا من حيث النبل ، والكرم ، والشجاعة ، والاستسلام . ان الفرد حينما يستوعب الشيء الخاص والمعين انما يستوعبه في كليته . ففي الوقت الذي يتوفر فيه الاوربيون على جملة من العلاقات التي هم ايضا طرف فيها في هذا الوقت فان المذهب المحمدي لايراعي الفرد الا بوصفه : هذا ، وبالتاكيد فان « الهذا » هو الى ابعد حد ، فرد قاس ، ماكر ، شجاع ، شهم ، اينما وجدت عاطفة الحب الاكثر ارهافا ، فالعاهل الذي يحب العبد يحبه بطريقة تمجيدية ، تجعله يتخلى عن عظمته وقوته وشرفه ، ناسيا التاج والصولجان . لكن العكس ايضا صحيح ، اذ سرعان ما يضحي به بدون ادنى اعتبار . ان هذه الرقة الغير متحفظة نجدها ايضا ، في حدة شعر العرب والمسلمين . وهذه الحدة هي الخيال الذي بلغ درجة الكمال في حريته . بحيث انها تعبر في كليتها عن حياة موضوعها ، وعن ذلك الاحساس الذي لايحافظ لديها عن اية انانية ولا خصوصية .
لم يحدث اطلاقا ان تمكن الشغف الحاد ، من تحقيق افعال بتلك العظمة . ثمة افراد في مقدورهم التحمس للعظمة منظورا اليها في اشكال متعددة ، كذلك هو الحال ، فان تحمس شعب لاستقلاله يكتسي غاية معينة . لكن الحماس المجرد الذي ، لانه بالضبط مجرد ، يشمل كل شيء ولاشيء يوقفه او يحده ، كما انه ليس في حاجة الى أي شيء .. هذا الحماس هوحماس الشرق المحمدي .