تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// وجهة نظر هيجل في الحضارة العربية الاسلامية 1 .


بلكميمي محمد
2009 / 1 / 10 - 09:55     

بقلم هيجل ( ترجمها عن الالمانية الفقيد عبد السلام المؤذن) .
هذا النص الهيجلي حول الحضارة العربية – الاسلامية ماخوذ من الفصل الثاني من المقالة الرابعة من كتاب « فلسفة التاريخ » .
ان القارئ العربي لهذا النص ، قد يرى بان هيجل لم يكن منصفا تماما في تقييمه للحضارة العربية الاسلامية ، والحق ان العديد من افكار هيجل التي تضمنها هذا النص ، قابلة للنقاش والجدال .
لكن الحافز الذي دفع الفقيد عبد السلام المؤذن الى تقديم النص الى القارئ العربي هو تمكينه من الاطلاع عن الكيفية التي ينظر اليها هذا المفكر العظيم الى حضارتنا .

***

ان موضوع المذهب المحمدي ، ليس سوى موضوعا فكريا . اذ لايمكن هنا للمرء ان يتقبل اية صورة ، ولا أي تصور لله ، ( كلمة الله ، بالعربية في النص الالماني ) . ان محمد هو رسول الله ، لكنه بشر غير معصوم من نقاط الضعف البشرية . ان السمات الجوهرية للمذهب المحمدي تتكون من التالي : ففي الواقع القائم ،لاشيء يمكن ان يترسخ ، بل ان الكل بوصفه فاعلا وحيا ، انما يتحرك نحو لانهائية العالم البعيدة . ان عبادة الواحد الاحد ، تبقى هي الصلة الوحيدة التي توحد كل شيء . وفي هذا البعد اللانهائي ، في تلك القوة ، تختفي كل الحدود ، كل تمايز بين الامة والعشيرة ، لاشيء له قيمة : لا عرق الجنس ، ولا الحق السياسي للانتماء الطبقي والملكية . فقط الانسان المؤمن له قيمة . ان عبادة الواحد الاحد ، والايمان به ، وصيام رمضان ، والتحرر من الاحساس الجسدي للخصوصية ، واعطاء الزكاة ( التي تعني التنازل عن الثروة الخاصة ) : هذه هي الوصايا البسيطة للمذهب المحمدي . لكن القيمة العليا هي ان يموت الانسان من اجل الايمان ، وكل من مات مؤمنا في معركة ، الا وكان جزاؤه الاكيد الجنة .
لقد ظهر المذهب المحمدي عند العرب . والفكر عند العرب هو فكر بسيط كليا ، ويتميز بانعدام الشكل المحدد ، لان في الصحراء لا وجود للاشياء القابلة ان تتجسد في اشكال محددة . مع هجرة محمد من المكة سنة 622 ، تبدا سنة المسلمين ، فمنذ كان محمد لايزال على قيد الحياة ، وتحت قيادته المباشرة ، ولكن على الاخص بعد وفاته ، استطاع العرب القيام بفتوحات ضخمة . فلقد انقضوا بادئ الامر على سوريا ، واحتلوا العاصمة دمشق سنة 634 . بعد ذلك ، وبعد ان اجتازوا دجلة والفرات ، حولوا رموحهم ضد فارس التي غزوها بسرعة . وفي الغرب ، فتحوا مصر ، شمال افريقيا ، اسبانيا ، واجتازوا جنوب فرنسا الى حدود منطقة «لالوار» لكنهم غلبوا في «تور» من قبل شارل ماراتل 732 . هكذا توسعت في الغرب سيطرة العرب : وفي الشرق اخضعوا ، كما راينا، فارس ،سمرقند ، وجنوب غرب العراق . لقد تمت تلك الفتوحات ، والتوسع الديني ، بسرعة خارقة ، ان كل من يعتنق الاسلام ، يحصل على حقوقه متساوية تماما لحقوق جميع المسلمين . اما الذي كان يرفض اعتناق الاسلام ، فقد كان في المرحلة الاولى يخضع للاعدام . لكن في فترة لاحقة ، اصبح نهج العرب تجاه المغلوبين على امرهم اقل صرامة . اذ كان في مستطاع الرافضين اعتناق الاسلام ، دفع جزية سنوية .
ان المدن التي استسلمت بدون مقاومة ، قد فرض عليها دفع عشر الثروات للفاتحين اما التي قاومت فقد فرض عليها الخمس .
لقد كان التجريد يسيطر على اتباع المذهب المحمدي ، ولقد كان هدفهم هو تغليب العبادة المجردة . وفعلا كان نزوعهم نحو ذلك الهدف يتم بحماس منقطع النظير .
ان هذا الحماس هو ضرب من التعصب ، بمعنى التحمس لما هو مجرد .. لفكرة مجردة ، هذا التحمس الذي يتصرف سلبيا في علاقته بما هو موجود .