شارون العربي


صائب خليل
2009 / 1 / 1 - 06:29     

عندما أردت أن اشرح لصديقي الفلسطيني مدى كرهنا لصدام حسين، خاصة قبل أن يولي، قلت له: إن أنت وقفت مع صدام حسين، فلا تستغرب أن وجدتني اقف أنا مع "شارون"!
صفر صديقي مدهوشاً من كل هذا الكم من الكراهية التي تقارن بـ "شارون"، فمما لا شك فيه أن "شارون" رمز الدناءة والخسة الأعلى" بالنسبة إلى الإنسان العربي.
والحقيقة أنه ليس كذلك بالنسبة للإنسان العربي فقط، فالراحل الكبير غابريل غارسيا ماركيز قال أنه يجب إعطاء شارون "جائزة نوبل للقتل".

لكن ما الذي يميز شارون عن بقية القتلة من المجرمين بحق الإنسانية، على الأقل بالنسبة للضمير العربي؟ لا شك أنه ارتكب جرائم لا تحصى وارتكب دناءات من رشاوي وأموال غير شرعية وتصريحات وحشية وانطلاقات في منتهى العنصرية، لكن كل ذلك لا يميزه عن معظم القادة الإسرائيليين، فهذه الصفاة أعلاه تكاد تكون ضرورات النجاح بالنسبة للمرشحين للإنتخابات في إسرائيل.

ما ميز شارون عن غيره ووضعه في أعلى قائمة الوحوش هو عملية لم يقم فيها بأي قتل بنفسه، ولا أمر أحد فيها بقتل أحد. كل ما فعله شارون في فضحيته الأكبر بين فضائحه، هو أنه قام بمحاصرة الفلسطينيين في مخيمات صبرا وشاتيلا، لتدخل عليهم الوحوش في قفصهم المغلق بإحكام، وتقوم بافتراسهم الواحد تلو الآخر بدم بارد، ولم يكن المحاصرون يمتلكون ما يدافعون به عن أنفسهم امام ألمهاجمين الذين يفوقونهم قوة وسلاحاً بشكل مطلق. كان شارون على الأقل على علم مسبق بالمذبحة القادمة، ووافق عليها إن لم يكن قد شارك في التخطيط لها، وكانت مهمة جيشه تقتصر على أن لايسمح لأحد من المحاصرين بالفرار من الموت.

إن شئنا أن نلتزم العدل في تقديراتنا, ورفضنا أن نكون منافقين في توزيع أحقادنا حسب مشاعرنا القومية، فأتصور أنه من العدل أن نمنح هذا الجديد الذي تفكرون به الآن، لقب "حسني شارون" تيمناً بإنجازاته وأخلاقه، حيث أنه يستحقها تماماً كما استحقها الإسرائيلي، أم أننا سنكيل نحن أيضاً بمكيالين عندما يتعلق الأمر بـ "عربي"؟

لا بل يمكن القول بثقة أن "شاروننا" يفوق "شارونهم" بدرجة "شارونيته". شارونهم كان من الدناءة ليقوم بمحاصرة الضحايا لتفترسها الذئاب، وحرص على منح تلك الذئاب الوقت اللازم لإنجاز عملها كاملاً بلا تعجل، أما شاروننا، فقد أثبت للتو أنه مستعد ليفعل ذلك حتى حين يكون المحاصرون من نسبه وأهله، وتلك ميزة كبرى. فهو ليس طائفياً في شارونيته كما ترون، وهذا ما لايتصور أي منا أن شارون القديم قادر على القيام به!

بل أن شاروننا ليس متحيزاً قومياً أيضاً، فهو يبدو مستعد لكل شيء ولكل الأقوام. فمن منكم يتصور أن حسني كان سيتردد لو أن مهمته كانت تتطلب محاصرة لبنانيين أو عراقيين أو سوريين مثلاً؟ كان سينجزها بنفس الكفاءة إن أتيح له ذلك! ولماذا نذهب بعيداً؟ هل تتصورون أنه سيقول "لا!" لو "حتم عليه واجبه" أن يفعل ذلك مع المصريين انفسهم؟ أنتظروا حتى يأتيهم الدور....

الستم معي أن "حسني شارون" استحق اللقب عن جدارة؟...... إذن لا تحرموه منه!