قصتان قصيرتان عن الغزالة والجرذان وعشيرة الشجعان


صائب خليل
2008 / 12 / 29 - 09:34     

قصة الغزالة الصغيرة والضبع والتمساح والجرذان الثلاثة

بينما كانت الغزالة الصغيرة في طريقها إلى الإختناق بين فكي التمساح الذي تربص بها عند نبع الماء حدثت ضجة وحركة أعادت اليها الأمل في الحياة. انتفض التمساح وحرك رأسه بعنف فكاد يكسر عنقها، ثم وفجأةً، وجدت نفسها طليقة فسحبت بضعة انفاس قبل ان تفتح عينها لترى من بين الغبار والدماء المتناثرة ضبعاً كبيراً وقد عض التمساح عند رقبته القصيرة وأطبق عليه من الأعلى بفكيه القويين فلم يعد للتمساح طريق للخلاص منه رغم كل ما كان تثيره حركاته العنيفة المخيفةمن من غبار وضجيج.
حركت الغزالة رأسها غير مصدقة هذه الهبة السماوية المعجزة! وأدركت أن الضبع أرادها لنفسه، وهاهما يتصارعان على لحمها اللذيذ. تلفتت يمنة ويسرة تحاول أن تجد طريقها وهي تعرج بساقها المكسورة رغم الألم الشديد والدوار والرعب، مدركة أن عليها أن تسرع قبل أن تنتهي المعركة وتطبق عليها فكي الضبع هذه المرة.

لكن ما إن ترنحت الغزالة بخطوة واحدة حتى خرج لها ثلاث جرذان من تحت الأرض يعترضون طريقها وفي وجوههم غضب وانزعاج!
"ألا تستحين! لقد أنقذ حياتك، والآن هذا جزاؤه؟؟؟" قال الأول.
"لكن أنا...." أجابت الغزالة مرتبكة..
"لا تقولي "لكن"....قولي لي، هل كان بإمكانك أن تهربي بنفسك لولا السيد الضبع"؟ أكمل الجرذ الثاني.
" لا، إنما..."
"دعينا من الـ "إنما" يا ناكرة الجميل....اليس له حق عليك؟ قولي؟"..
"لكنه يريد..."
"....أن يأكلك أو ربما يريد أن يحصل على فخذ منك،...وماذا في هذا؟ من حق كل حيوان أن يأكل" قال الأول...
ثم صارت الجرذان المتشابهة تتبادل أماكنها وهي تتكلم لذا لم نعد نعرف رقم أي منهم ولن نشير اليه بعد الآن...
"لم يأت..."
"لم يأت لينقذك، بل من أجل مصلحته، طبيعي جداً أن يبحث كل حيوان عن مصلحته، وإلا كيف يعيش؟؟؟؟"..
"وأنا...."
"أنت...أنت يجب ان تعترفي أنك خسرت المعركة، هذه حقيقة واقعة، وأن تدفعي ثمن ذلك دون تذمر"!
"كان عليك إن لا تقعي بين فكي التمساح منذ البداية"
"تتصرفين بكبرياء وكأنك لا تتحملين أنياب الضبع بين أضلاعك، لكننا رأيناك جميعاً بين فكي التمساح، فأين كانت كرامتك المزيفة هذه؟؟ ها؟؟"
"لم يكن..."
"لا احد يدّعي أن فك الضبع مريحة، لكنها مهما تكن، أهون كثيراً من فك التمساح. ألا تعترفين بذلك؟"
"ولماذا..."
" لاتدوري حول السؤال: قولي هل كان الحال بين فكي التمساح افضل؟"
"هل هناك من يفضل التمساح على الضبع"؟
"كان يجب ان يتركها بين فكي التمساح لتتعلم جيداً"
"بالفعل...لايليق بمثلها سوى التماسيح!"

وقبل أن تفتح الغزالة فمها، قفز الجرذان في جحرهم فجأة، والتفتت خلفها لتجد الضبع قد انتهى من التمساح وفتح فمه بتكشيرة مرعبة!!!....

****

عار عشيرة الشجعان

بعد أن مزق قطيع الذئاب أشلاء من تجرأ منهم على الخروج من الكهف، حبس باقي الأحياء من العشيرة انفاسهم، ولم ينبس أي منهم بكلمة حتى أرسل الفجر أول خيوط الضوء. وعندما استيقظوا على صياح ديك، وجدوا أن القطيع قد غادر، فهموا بالخروج، ليكتشفوا أن كلباً كبيراً كان يقف مزمجراً عند فتحة الكهف! مرت ساعة ولم يقل أحد كلمة أو يأت بحركة، فمن يعلم ما يستطيع كلب بهذا الحجم، هبط من السماء، ان يفعله؟

وفجأت صاح شاب: "هذا أقدر عليه" والتقط حجراً وأرسله بكل قوة إلى الكلب فعوى هذا وقفز من مكانه وابتعد قليلاً...ووقف يراقب عن كثب.
تبادل الجماعة النظرات وقد احمرت وجوههم من الإحراج والخجل، لكن احدهم أنقذ الموقف حين صرخ بالشاب الذي ضرب الكلب:"أنك جبان! لو كنت شجاعاً لضربت الذئاب"!!
ذهل ا لشاب لحظة، فإذا بآخر يصرخ به بهستيريا: "لو كانت الذئاب محل الكلب لمزقتك تمزيقاً، لكنك تضرب الكلب دون الذئاب...إنك جبان...إنه جبان، ألا ترون كم هو جبان؟"
وتعالت الأصوات في الكهف تهتف "جبان، إنه جبان...، نعم جبان، لو كان شجاعاً لما......كان عليه أن يخجل....لو لم يكن جباناً لماذا قضى الليل في الكهف ولم يخرج للذئاب؟ إنه لايستحي لجبنه...إنه عار علينا.....إنه عار العشيرة!"