السماوة الباسلة تفتخر بأبنها البار الشهيد ابو ظفر


عودت ناجي الحمداني
2008 / 10 / 17 - 09:11     

بالرغم من مرور ما يقرب من ثلاثة عقود على استشهاد المناضل الباسل الدكتور محمد بشيشي (ابو ظفر) الذي اغتالته الايادي السوداء لزمرة السلطة البعثية في منحدرات كردستان فأن شخصيته النضالية وشموخه السياسي وايمانية العميق بقضية الحزب والوطن وتفانيه الذي لا حدود له للقيام باي عمل كفاحي للاطاحة بالدكتاتورية الدموية يعطي المثل الذي يفتخر به كل مناضل غيور على شعبه ووطنه الذي تنهشه الذئاب الماكرة , وبهذة المناسبة الاليمه ننحني اجلالا واحتراما لتضحياته الجسمية و نحيي ذكراه الخالدة بالورود والشموع .
لقد اثار نشاط المقاتل المقدام ابو ظفر على الصعيدين العسكري والسياسي غضب الطغمة الدموية التي افلت من كمائنها في عام 1978 , فحشدت له ارتالا من جحوشها من العرب والكرد وهو متوجها الى كردستان للالتحاق بقوات الانصار العسكرية للحزب الشيوعي بعد عودته من اجازة قصيرة لزيارة عائلته ورفاقه في اليمن الدمقراطية. مما ادى الى استشهاده في كمائن جحوش السلطة التي اخذت تخطط لتنفيذ جريمتها منذ امد بعيد وتلاحق تحركاته في الساحة الكردستانية. لقد احبت جماهير كردستان الكادحة الشهيد واحتضنته لانه الاقرب الى قلبها والى اهدافها في التحرر من الاستغلال الطبقي والسياسي , فهو يقاتل من اجلها ومن اجل شعب كردستان على اختلاف مكوناته القومية والدينية والسياسية, فكردستان هي شمال العراق و جزء لا يتجزء من العراق الكبير الذي اغرقته الدكتاتورية الصدامية بالدم والنار وصادرت حقوقه و حرياته.
والشهيد غني عن التعريف فهو شخصية اجتماعية ومهنية معرفه في المناطق التي عمل بها بالعراق سياسيا ومهنيا وخصوصا في مدينة السماوة التي كانت في نظر البعث المنهار قلعة حصينة للشيوعية , فقد اعتنق الشهيد الفكر الشيوعي منذ صباه ونمت مواهبه السياسية و التنظيمية بانتمائه للحزب الشيوعي وانخراطه بالنضال السياسي , و برزت مواهبه وافاق تطوره السياسي والقيادي في صموده وعدم تخاذله امام الظروف القاهرة وفي تحدية لاجهزة السلطة القمعية , بل وفي اصراره على مواصلة الكفاح السري في اشد الحملات القمعية التي شنتها السطلة البعثية على اعضاء الحزب و كوادره واصدقائه ومناصريه, وعلى مقراته ومؤسساته الثقافية والصحفية , في محاولة يائسه لاضعاف دوره السياسي وتصفية وجوده على الساحة العراقية.
فقد تعرض الشهيد كغيره من الشيوعيين والتقدميين الى حملات القمع والملاحقة الا ان جبروت صبره وحنكته وفطنته السياسية اعمت عيون الجلاديين من اعوان السلطه ومرتزقتها وفوت الفرصه على اعدائه والافلات من قبضتهم الدموية , واستطاع بتوجيه من منظمته الحزبية الاختفاء عن عيون السلطة التي تطارده بالسفر لبلغاريا عبر دمشق ثم الانتقال الى اليمن اليمقراطية التي رتب وضعه فيها واتم تدريبه العسكري وانطلق مرة اخرى للعودة الى النضال في داخل الوطن رغم شراسة السلطة التي لا تتاخر لحظة واحدة ولا تتردد في تنفيذ الاعدام الفوري بالمناضلين الشيوعيين.
التحق الشهيد بقوات الانصار الشيوعية بروح نضالية تتدفق بالحماس والتعطش لمقاتلة اعداء الشعب من الصداميين وخونة الشعب الكردي من الجحوش الكرد.
في بلغاريا بذل الشهيد كل ما يستطيع ان يقدمه من خدمة للحزب وللرفاق الوافدين الى بلغاريا ممن استطاعو الافلات من طاحونة الموت التي يديرها الصداميون , وقد كلفه الحزب في صوفيا بترتيب اوضاع الرفاق الجدد من سكنة الفنادق ومعرفة احتياجاتم ومعاناتهم اليومية , وفي مرات عديدة قام الشهيد بتقديم اعانات مالية من جيبه الخاص لبعض الرفاق ممن عانو من ازمات مالية , ومن صوفيا سافر الى اليمن عندما قرر الحزب ارسال المهنيين من الرفاق والاصدقاء للعمل في مرافق الدولة في اليمن الديمقراطية .
في اليمن شاع صيت الشهيد ابو ظفر بين الاوساط اليمينية والعراقية والجاليات العربية نتيجة لتفانية ونكران ذاته في عمله وفي تقديم خدماته الطبية وزيارة المرضى لمتابعة ظروفهم الصحية واسعافهم , و بذلك حضى باحترام متميز في الوسط الاجتماعي , كما حضى باحترام منظمته الحزبية بسبب مواقفه المبدئية التي لا تعرف المساومة وبسبب جرئة الشيوعية في النقد المبدئي وفضح الانتهازية والذيلية في التنظيم وبنفس الجرئة المبدئية لم يتردد عن توجيه النقد لبعض جوانب سياسات الحزب فيما يتعلق بعقد التحالفات الساسية التي لا تستند الى افق سياسي واضح وخصوصا مع الاحزاب الكردية المعروفة بانتهازيتها وركضها وراء مصالحها الذاتية .
تميزت حياة الشهيد ابوظفر بنكران الذات من اجل مصالح الشعب والوطن , فقد كان شعلة وقادة من الحماس في صفوف الحزب وكان من المبادرين الى تنفيذ سياسة الحزب وقراراته ولم تثنيه الظروف القاهرة عن تنفيذ مهامه الحزبية بجدارة فائقة,
فقد كان يعمل بنشط على شد ازر الرفاق وتعضيد وحدتهم الفكرية وبعث الروح الجهادية والمعنوية في نفوسهم ولم يهب الموت او ارهاب السلطة من اجل مبادئه الاممية وقيمه الشيوعية .
كان الشهيد شجاعا وجهاديا لا تخفت عزيمته خصصا في المعارك العسكرية والسياسية الساخنة ويعتبر بحق كادرا من الطراز اللينيني , فهو يتميز بقدرات فكرية وسياسية مستقبلية واعدة , وكان رفيقا جريئا في الافصاح عن ارائه وافكاره , سواء في منظمته الحزبية أو في اللقآت الساسية , فقد كتب ذات مرة الى المكتب السياسي للحزب الشيوعي عندما كان في قوات الانصار نقدا لاذعا على احد قياديي الحزب المتواجد معه في نفس المنطقة القتالية و سماه بالاسم ( بانه يفشي اسرار الحزب ويتداولها بين الرفاق في سبيل كسب شعبية رخيصه , وهذا لا يليق بلقب الشيوعي خصوصا اذا كان قياديا بالحزب ), ولاهمية ذلك التقى بالشهيد عضوين من المكتب الساسي واقترحو عليه سحب رسالته الا ان الشهيد اصر على موقفه المبدئي بضرورة محاسبة الرفيق القيادي على خرقه للضبط الحزبي ورفض سحب رسالته , في الوقت الذي كان يتبارى بعض الانتهازيين لكسب ود الرفيق القيادي والتقرب منه لاسباب مصلحية وذيلية .

والشهيد ابوظفر ابن عئلة معروفه بالسماوة وابن عشيرة كبيرة من عشائر السماوة , و هو ابن السماوة المناضلة التي فجرت ثورة العشرين على الاستعمار البريطاني و قدمت عشرات الشهداء من الشيوعيين وظلت قلعة عصية على النظام المقبور , فقد احبت السماوة الحزب الشيوعي واحبت الشهيد ابوظفر وتشرفت باستشهاده , فقد كان استشهاده خسارة جسيمه للحزب وللشعب . . واحتراما لتضحياته وبسالته ولذكراه الطيبه وضعت اللجنه المحلية للحزب الشيوعي في السماوة صورته وسط عشرات الصور من شهداء الحزب الشيوعي في محافظة المثنى ومركزها السماوة .
ان هذة الاسطر الموجزة قليلة وقليلة جدا بحق مناضل كبير كله حماس وغضب ثوري على اعدائه الطبقيين من اعوان السطة التي اشاعت الخراب والدمار في بلدنا العزيز.
وان كاتب هذة السطور يعبر عن عميق حزنه واساه بفقدان صديقه ورفيقه الشهيد ابو ظفر ويعبر عن مواساته الحارة لعائلة الشهيد ورفاقه واصدقائه وسوف يبقى الشهيد خالدا في وجدان الشعب الذي ضحى بحياته من اجله ومن اجل تحقيق اهدافه في اقامة وطن حر وشعب سعيد.