أسعار باهظة وخدمة سيئة.. روضات الأطفال زرائب أم سجون؟


عمار ديوب
2008 / 9 / 25 - 10:05     

يبدأ الأهالي مع بداية كل عام دراسي جديد بإعداد العّدة لشراء مونة الشتاء ودفع أقساط مدارس الأولاد وتأمين حاجاتهم التي لا تنتهي، إذ يشكل مستقبل الأطفال للعائلات الشغل الشاغل حتى عن أنفسهم ومستقبلهم العلمي والصحي وغير ذلك، وقد وجدت كثيراً من تلك العائلات يتذمر من هذا الواقع الصعب، والذي يزداد تعقيداً كل عام، حيث الغلاء الشديد في الأسعار، والأجور المنخفضة، وتزامن شهر رمضان مع بدء المدارس، وبذلك تبدأ مسيرة العناء التي لا تنتهي إلا لكي تبدأ.
وقد سألت من أجل تحقيقي هذا"لصالح سيريا لايت" مجموعة من الأهالي ممن سجلوا أولادهم في روضات مختلفة ومتباينة الجودة، فكانت الأسئلة عن كُلف الروضات وكيفية تأمينها وأعداد الأطفال في القاعات ونوعية المدرسات والمعلومات والمناهج التي تعطى، وعن البناء المعماري والألعاب وأخيراً عن المرغوب فيه من الروضات. وأجاب مدير أحد المعاهد التعليمية "السيد برهان" بأن ارتفاع الكلف غير مبرر، خصوصاً وأنها لا تتناسب مع أجور الكادر المشرف على الأولاد، كما أن الخدمة المقدمة إلى الأطفال لا تتحسن، ولا يوجد شيء قيّم شبيه بالروضات في الدول المجاورة. ومن تجربته مع أولاده أكد أن معظم الكادر حاصل فقط على الشهادة الثانوية، أو المعهد المتوسط، وذلك لانخفاض أجورهم. ومعظمهم من بيئة اجتماعية أقرب إلى الفقر ولم يخضعوا لدوراتِ تأهيل نوعيّة، وبالتالي يتركز الاهتمام الأكبر في الحصول على الراتب الذي لا يتعدى أربعة ألاف أو خمسة ألاف!!، فلا يستطيعون بواسطة هذا الراتب المتواضع أن يهتموا بتطوير وعيهم الذي يكون غالباً محافظاً ومغلقاً.
ويتابع برهان بأن: معظم الأطفال الذين يسجلون في الروضات يتم استقبالهم، إلا من قبل الروضات التي لا تلقى قبولاً والتي قد لا يكون طلابها كثر وهي بمثابة زريبة.
وأضاف برهان أن هذه الروضات تعلم الأطفال روح المشاركة والتنافس الأناني لا التنافس الشريف والمشاركة الايجابية، وفي موضوع الكلفة أكد أنها على شكل أقساط متتالية على مدار الأشهر، ويتم تأمينها من العمل الإضافي أو القروض، وقد شكل شهر رمضان هذا العام هم حقيقي على الأهالي نظراً لارتفاع أسعار كل شيء. وتابع برهان منوهاً إلى قضية خطيرة وهي محاباة بعض المشرفات للطلاب على أساس القرابة أو الطائفة وأيضاً سلوك الطفل. أما الألعاب التي تقدم للأطفال فهي غالباً أدوات رخيصة، وأما بخصوص البناء المعماري فعادةً ما يكون بناء مخصص للسكن وتمّ تحوّيله إلى روضة كغرض تجاري رابح فقط. كما رأى برهان أنه يجب على الروضات أن تعلم الأطفال اللغات الأجنبية حديثاً واستماعاً وتساعد على إكساب الطفل شخصية اجتماعية في المستقبل.
أما الموظفة فاطمة فقد أبدت إعجاباً بروضة طفلتها حيث يهتمون بالجانب النفسي والتربوي وبناء شخصية الطفل ولكنها تذمرت من الكلفة العالية خاصةً وأنها تستأجر منزلها وتقول إن الكلفة فوق طاقتها نظراً لضعف الأجور وكثرة المصاريف. وأكدت أنها رأت روضات كثيرة ولكنها متواضعة والخدمة سيئة جداً والأهالي لا يثقفون فيها ووصفت روضات الاتحاد النسائي بأنه عبارة عن "زرائب" مشيرة إلى أنه يوجد كثير من الروضات الخاصة سيئة الخدمة أيضاً.
وأضافت فاطمة أن الأهالي كثيراً ما ينقّلون أطفالهم من روضة لأخرى نظراً لسوء معاملتها للأطفال. موضحة أنها تؤمّن كلفة الروضة عن طريق الجمعيات وتدفعه بالأقساط، وقد شكل مجيء شهر رمضان متزامناً مع بدء العام الدراسي مشكلة حقيقة لها ولعائلتها.
وتتساءل فاطمة أنه إذا كان البشر يجدون صعوبة في تأمين المعيشة فكيف سيؤمنون كلف الروضات؟! لافتة إلى أنها تضع طفلتها في روضة يبلغ قسطها أربعين ألفاً. لأنها تشعرها بالأمان والاطمئنان على ابنتها، ورأت أن الروضة النموذجية هي تلك التي يكون بنائها واسعاً وفيه الكثير من الألعاب، كما يجب أن توجد فيها الأشجار والأرض ترابية وألعاب مدرسيّة مما يساعد على تنمية خيال الطفل.
وقد اتصلت بزوجة صديقي السيدة انتصار وأجابت على أسئلتي حول هذا الموضوع، إذ رأت أنه كلما كانت الكلف أكبر كلما كانت الخدمة أفضل والعكس صحيح، مشيرة إلى أنها قد نقلت طفلها من روضة سيئة لا تقدم شيء إلا الـ"زعيق" على الأولاد وليس الصراخ فقط.
وقالت انتصار إن الروضات الرخيصة بكلفتها تحدث فيها تجاوزات كثيرة، ومشرفاتها عادةً حاصلات فقط على الشهادة الثانوية، وحين يمتنع الطفل من الدخول للصف قد يتعرض "للشحط" إلى داخله، وتابعت بالقول إنها عانت مع ابنها كثيراً فقد كان يكرر أنّه لن يذهب للروضة. وأضافت انتصار أن هذه الروضات تعطي كتباً للأطفال إلا أنهم لا يهتمون بها كثيراً و يُرمى بثقل التعليم على الأهالي، مؤكدة على ضرورة تعطى المناهج أو الدروس للأطفال عن طريق أمثلة من الطبيعة، وتعود للتأكيد أنها ليست روضات بل زرائب حقيقية "زعيق وشحط وضرب".
أخيراً.. ترى انتصار أن الروضة النموذجية يجب تكون ذات مساحة واسعة وفيها تراب ومعجون وأشجار وموسيقى وأغاني عن الطبيعة، وبذلك ينمو خيال الطفل، وتستطرد بالقول إن التعليم يجب أن يكون بعقلية الأطفال أنفسهم، وأن يتم تفهم الطبيعة النفسية لكل واحد منهم، ومراعاة أن له سلوك خاص يختلف عن زملائه. ومضت انتصار قائلة إنه من المفروض على الدولة أن تؤمن رعاية صحية كل ثلاثة أشهر على أقل تقدير. وبحديثي مع الصحفي مصطفى عن هذا الموضوع، تكلم مستفيضاً وبدأ حديثه بالقول، "إن ارتفاع كُلف الروضات هذا العام تزامن مع غلاء مادة المازوت والذي رفع كل أسعار كل المواد، بينما لم ترفع الحكومة أجور موظفيها بما يتناسب مع تلك الزيادات في الأسعار، إذ أن ذات الروضة التي كانت تكلفتها العام الماضي 20 ألف بلغت تكلفتها 40 ألف هذا العام، وأنا لا استطيع دفعها إلا على أقساط، وربما يغفر لهذا الارتفاع المعاملة الحسنة التي تظهر من خلال تعلّق الطفل بالروضة".
ورأى مصطفى أن تزامن شهر رمضان مع فتح المدارس وشراء المؤنة جعله شهر "كارثة" بالمعنى الحقيقي للأسرة السورية، فهو لوحده يحتاج إلى موازنة، كيف بمجيئه مع كلف الروضات. وهذا ما جعلنا نضغط كثير من النفقات لتأمين الأقساط. وأشار مصطفى إلى أنه ببحثه عن روضة مناسبة لطفلته رأى روضات لا تصلح إلا كزرائب للحيوانات وبعضها سجون حقيقة. وهناك روضات إسلامية يسيطر عليها متطرفون مسلمون وتضخ على الأطفال برامج ومعلومات دينية حصراً، أو تصب بالاتجاه الديني فتأتي مكمّلة لقناة طيور الجنة الفضائية، فيغدو الأطفال أشبه بقنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في المستقبل، أضف غلى ذلك روضات المسيحيين التي لا تختلف مواصفاتها كثيراً عن مواصفات عن تلك الإسلامية، في حين يجب أن تكون برامج الروضات نقيضة لذلك تماماً، إذ يجب أن تعمل على تنشئة جيلٍ منفتحٍ وغير متعصب، وأن تزرع لديه روح الحوار واحترام الآخر.
وحين زرت الكاتب والصديق فيصل وبحثت معه الموضوع، وجدته يلاعب طفلته ريثما تعود زوجته من العمل، كي يذهب هو لاحقاً لعمله، وصرح لي بأنه مضطر للبقاء عند الصغيرة، فهو لا يستطيع وضع طفلته في روضة بـ"ثلاثين ألف أو أكثر". وأضاف: "قد تتعقد المشكلة لو أن عملي لا يسمح لي بالبقاء"، معتبراً أن هذه الكلف غير مبررة إطلاقاً، وما زاد الطين بلة حسب قوله، هو مجيء شهر رمضان وارتفاع الأسعار، مما حوّل هذا الشهر إلى شهر "نهب إضافي".
ومن خبرته مع طفلته السابقة قال فيصل إن الأعداد في القاعات تشبه أعداد الطلاب في صفوف المدارس، أي أنها مرتفعة جداً، وعادة لا تكون المشرفات مؤهلات أو لم يكملن تخرجهن الجامعي، ويظهر التباين واضح في التعامل بينهن، لافتاً إلى أن بعضهن يضربن الأطفال،
ويرى فيصل أن تأثير المشرفات يكون بمقدار وعيهن، فإذا كان جيداً كان التأثير أفضل والعكس صحيح. وبموضوع الألعاب قال أن هناك تقصير واضح حيث يكتفون بـ"الزحليطة" والأحصنة والكمبيوتر والمرجيحة، أما بخصوص البناء فهو بالأصل مخصص للسكن وليس من أجل أن يكون روضة للأطفال. ويرغب فيصل بوجود معايير نموذجية من ناحية البناء والمساحة والمشرفين إضافة إلى الألعاب والكتب التي تطور العقل والخيال، وهي نادرة الوجود وإذا وجدت لا نستطيع إرسال أولادنا إليها، موضحاً في نهاية حديثه أن دفع الأقساط يكون عن طريق "التصميد" أو الجمعيات أو القروض.
أما نبيل الموظف في مؤسسة الطيران، فقال عند السؤال حول تكلفة الروضة التي يضع ابنه فيها إن كلفة روضته مقبولة لأنها تابعة لوزارة التربية ووالدته مدرّسة ويدفعها بالأقساط وليس كدفعة كاملة، وأن الكلفة تساوي عشرة ألاف، فشكلت بتزامنها مع بدء شهر رمضان مشكلة، إذ أن أن الأجور ضعيفة قياساً بالأسعار. وحول وضع الصفوف داخل الروضة أوضح نبيل أن عدد الأطفال كبير بالنسبة إلى مساحة الغرفة، وركّز على أن لمديرة أية روضة دور أساسي في كونها جيدة أو سيئة وأن ابنه "مبسوط" لوجوده الروضة أكثر من المنزل، كما أنها ساعدت على ظهور شخصيته الاجتماعية، ولكن نبيل لفت إلى أن ألعاب الروضة تكاد تكون هامشيّة كالتماثيل والزحليطة والمرجيحة.
واستكمالاً لهذا التحقيق زرت مكتبة متخصصة في رياض الأطفال يستأجرها السيّد عز الدين عبود، فشرح لي أن مكتبته متخصصة لاحتياجات الأطفال بعدة الرسم والألعاب والعمليات الحسابية وتعلم الأحرف واللغات والإبداع وأشرطة الغناء المخصصة لأعمار الأطفال. وحدد إجاباته على الأسئلة الآنفة الذكر بثلاثة محاور: أولاً الأهالي: فهو يعتبر أهالي الريف متخلفين في هذا الموضوع، واكتشافاتهم لهذه المكتبة لا تزال في بداياتها، رغم أنه ريف متقدم عن أرياف دمشق الأخرى، وربما يعود الأمر لغياب مكتبات بذات الاختصاص سابقاً. وثانياً هناك الإمكانيات المادية للناس: فهي أقل بكثير من قدراتهم على شراء هذه المواد لأطفالهم رغم وجود رغبة لدى الأهالي باقتنائها. ويؤكد عز الدين أن تلك الروضات كان عليها أن تتهافت على شراء ما في مكتبته وملأ مكتباتهم بها لضرورتها في تنمية عقول الأطفال .أما لماذا لا تهتم بها؟ فالسبب يعود برأيه إلى أن تلك الروضات مشروع تجاري رابح فقط وليست لديهم أية رغبة في تطوير أي أمر لأنه سيجّر خلفه إصلاحات متتالية. وأضاف أنه قد بذل جهداً كبيراً للتواصل مع تلك الروضات ولم يقوموا بأيّة زيارة لمكتبته، ولم يكن لديهم أي استعداد لشراء أي شيء منها. وأضاف: "يا أخي أصحاب هذه الروضات يرغبون فقط بالقبض لا بالدفع، فالتاجر يدفع التسعة كي يربح العشرة، أما هم فيرغبون في أكل العشرة".
ومضى عز الدين قائلاً: "من متابعتي وتجربتي مع الأطفال، أرى أنهم لا يكتسبون في روضاتهم شيئاً جديداً، فكما يذهبون يعودون إلى المنزل". مؤكداً
على وجوب أن تتضمن الروضة مكتبة مجهزة بكل الألعاب الحديثة الترفيهية والفكرية التي تنمي العقل والإبداع (كتركيب الخرائط، ومجسمات أعضاء جسم الإنسان، الأغاني التي تخص الطبيعة). وأردف عزالدين حديثه بواقعة حصلت معه، فقال إنه ذهب إلى إحدى الروضات مصطحباً معه "سي دي" للأغاني التي تخص الطبيعة، وجربه على الأطفال أمام كادر المشرفين، فما كان من الاطفال إلا أن بادروا إلى حفظها، ورغم ذلك لم يشتروه، لافتاً إلى أن كلفته لا تزيد عن 250 ليرة سورية!!..
وأكّد عزالدين أن الروضات الحديثة لا تختلف عن القديمة إلا بالدهانات اللماعة على الجدران والأبواب والمقاعد، وحتى لو توفرت المساحة الكافية فلا يتم استغلالها بشكل إيجابي، وبالتالي لا ضرورة للكلف العالية للروضات..!!. وأضاف أن الأطفال يعودون إلى المنزل محملين بالأغاني الدينية أو السياسية التي لا يرغب بها معظم الأهالي، وهذا أمر خطير، إذ أن اتفاقيات حقوق الطفل تكفل فقط للأهل الإشراف على تربية أولادهم وتعليمهم الأفكار التي يرغبون فيها، ووفق مشيئتهم. متسائلاً لماذا يطلب من الأطفال صور الجوامع أو بعض الرموز الدينية وما علاقة هذه الأشياء بتنمية عقل الطفل التي يجب أن تكون عن الطبيعة والحيوانات والنباتات والفقريات واللافقريات.. مشيراً إلى تلك الروضات التي تشرف عليها الهيئات الدينية "كالقبيسيات"، والتي تكرّس التزمت الديني الذي ينعكس سلباً على عقلية الأطفال والأهل والمجتمع في المستقبل، ويتابع مستغرباً: هل من المسموح الحديث مع الطفل عن الجنة والنار وهو لم يمتلك بعد المحاكمة العقلية. وإذ كان مجتمعنا متعدد الديانات والمذاهب فهذا يفترض أن يهيئ الطفل لتقبل هذا التنوع، لأن الفرد ملزم شاء أم أبى بالتعامل مع الآخرين في الجامعة والمدرسة والمعمل وغير ذلك.
وأشار عز الدين إلى أنه هو وضع طفلته عند مربية كبيرة في السن ولا تعرف عن التربية إلا كونها أم وأنجبت بعض الأولاد، ووظيفتها زرابة الأطفال وتأمين حاجتهم الأولية فقط. مع أن زوجته موظفة ولديه مكتبة إضافة إلى عمل آخر، كما أنه ليس مستأجراً لمنزله وإنما هو ملك له. الآنسة وداد طالبة جامعية في كلية رياض الأطفال وعاملة في إحدى الروضات، أكدت وجود منهاج عام يوزع على الروضات من قبل الدولة واسمه "كراس روضات الأطفال"، كما أكدت أن هناك مناهج عن الرياضيات ومادة الانكليزي والرسم والكمبيوتر والرياضة، مشيرة إلى وجود مكتبة لديّهم إلا أنها فقيرة بالألعاب. وأوضحت وداد أنه توجد حصتين لمادة الديانة تعطيان في الأسبوع ويفصل فيهما الأولاد المسيحيين عن المسلمين بدلاً من إعطائهم مادة الديانة بشكل مشترك أو حذفها، لافتة إلى أن فكرة تدريس المادة تعود إلى عقلية مديرات الروضات نفسها، فمنهاج الوزارة لا يتضمن ذلك؟!!
لقد حاولت في هذا التحقيق أن أقدم صورة موضوعية عن حال الروضات التي تعمل في دمشق، وتبين أن القسم الأكبر منها غير مؤهل بناءً وإشرافاً وعلماً، ناهيك عن أنها كانت بالأصل منازل للسكن ولكنها حوّلت إلى روضة كمشروع تجاري فقط. كما أن معظم المشرفات يتبنيّن العقلية المحافظة وأجورهن أردى من رديئة. وأما الروضات النموذجية فهي ذات كفاءة منخفضة مع توفر بعض المغريات كالمساحة الواسعة والألعاب الإضافية.
وقد لمست عند الأهالي الخوف على مستقبل أطفالهم وعدم الثقة بمعظم الروضات الموجودة، والتعب من نقلهم المتكرر للأولاد من روضة لأخرى، إذ أن معظمهم ذكر لفظة السجون والزرائب أكثر من مرة، قاصدين بها الروضات السيئة، وتبين أن هناك أعداد من كبيرة من الأهالي لا تسجل أولادها في الروضات ويضعونهم لدى نساء كبيرات في السن جار عليهن الزمن ويجتاحون إلى المال، وباعتبار السنوات الأولى من حياة الطفل ـ وفقاً لعلم النفس ـ أساسية لتكوينه المستقبلي بأكمله، فإن ما يعانيه هؤلاء الأطفال في بلادنا لا يؤهلهم سوى إلى إعادة تكريس كل ما هو متخلف من عاداتنا، بعيداً عن القيم الحديثة والمجتمع المنفتح والخيال المبدع والعقل الواعد.