دكتاتورية البروليتاريا وأشياء أخرى ...في الرزنامة ..........وعيون زرقاء اليمامة...


عبد الفتاح بيضاب
2008 / 8 / 20 - 10:21     

أضحي(منهج) أطلاق الأحكام والوصفات المجردة الجاهزة على أثر (الانكفاء) حول التصور الذهني الخاص والخالص وعلى كذا الخلفية يعود إنتاج أزمة العنف الفكري ونموذج قتل الشخصية والمبادرة الفردية رغم تحذيرات وتوضيحات منظمات المجتمع المدني في ميس العنف في تمايز أشكاله من العنوفه البدائية(البهيمية) على الجسد، ولا تختلف المحصلات حتى ولو كانت الأشكال في غاية المدنية في مثل العنف الفكري والثقافي في اختلافات الفكر و السياسة....الخ.
كما نتفق مع الأستاذ كمال الجزولي في استحالة التطابق وندقق في مثالية الإطلاق كمنهج ليس للتطابق وحده بل في سائر التفاصيل الحياتية الدقيقة (والمطلق) في المفهوم الماركسي لا وجود له البتة حتى في أطراف فضاء الزمان والمكان ليستا يمكنان المعرفة والعلم إلا في نسبيتهما.فلم يعود الأستاذ كمال بمنهج الإطلاق في مثل حكمة على تعقيب أستاذ السر بوصفه(غير الموضوعي) فهذا راية الفردي فاستباقه بكلمة في اعتقادي (الخاص أو الشخصي) يفيد كثيرا، أو قوله (والآن لئن حدا بي ذلك للعودة هنا إلى كلمة قديمة سبق أن نشرتها تنويها بصحة (المنهج) الذي اتبعه الحزب في حسم موقفه (مرة وللأبد) من قضية أساسية بالنسبة لمستقبل التطور السياسي في بلادنا هي قضية(الديمقراطية)).
والبديهي أن المواقف الماركسية وجوهر منهجها المادي الجدلي تتغير بلا انقطاع تبعا لتثوير الواقع الموضوعي وأثر العوامل الذاتية وعقل البشر وصرامته وكفاءته و دوره التاريخي في جعل دالة التطور دوما في اتجاهها الموجب فعبارة(حسم موقفه مرة وللأبد) تصب في خانة نهاية التاريخ والمطلق.
ويعود أيضا ليصف اتجاهات الأستاذ بابو في تدوين أو الاحتفاظ بتصريحات القادة السياسيين والفكريين في الحزب مثل د. الشفيع خضر بالتربص بالرأي والترصد للفكر والمطاردة لـ(النوايا) والغريب أن يأت هو بمثل هذا الفعل في الاحتفاظ بتصريحات الأستاذ محمد إبراهيم نقد ويستند ويدعم به مسارات رؤاه فلم يعيب هذا على بابو ولا يلتزم بنهي نفسه عنه؟! أم أن التربص بالرأي والترصد للفكر والمطاردة لـ(النوايا) تصيب وتصح كأوصاف حين الاختلاف؟! وتصبح محمدة وايجابية حين تتسق مع رؤي المدون لها أو المحتفظ بها؟! وبهذه المناسبة نعرج على تصريحات السكرتير العام الذي أورده الأستاذ الجزولي والموثق في أغسطس 1985م بمجلة (بيروت المساء) والذي يقول فيه الأستاذ نقد حول الموقف من الديمقراطية الليبرالية (كما سماها الجزولي) (هذه تجربة خضناها ولسنا مستعدين لنخضع فيها لنصائح نظرية.....) وسماها الجزولى اختصارا للموقف.
والاسترشاد بمثل هذا الاختصار المخل لمبدأ النقد كأساس ثوري للتقدم أما يعد أيضا من الأساليب البالية في صمدية المركز والفرد القائد)(زيدا كان او عمر) حيث كان ومازال مدعاة للتكلس وانتظارا لبرشامات جاهزة فالبرغم من اتفاقنا مع الجزولي في النهي عنه والرفض له لكنه عاد ووقع في حباله وحتى لانتهم ونوضع في قائمة (المتربصين) و (التكفيريين)، من الأفضل والاجدي لجميع الناس وعضوية الحزب الشيوعي وكوادره القائدة والقاعدية أن لا تصدر مثل هذه العبارات القاتلة لكل أمل في الديمقراطية والمؤسسية في حياة الحزب الداخلية(فيما يشبه الاتجاهات السلوكية لمشايخ ومرشدو الطرق الصوفية) إلا بمعرفة زمانها ومكانها والمخاطب فيها وغير مفصولة البتة عن مجمل الحوار حتى لا تستخدم كعينة انتقائية تدعم رؤي الناس واتجاهات فكرهم في شكل (الصمدية المركزية) والاستقواء بها، والمرفوضة عند الكاتب حين الاستشهاد بمقولات وأطروحات أهل الجلد والرأس مثل ماركس وانجلز ولينين فلا تختلف (الصمدية المركزية) و(الانكفاء) أن كانت استقواء بماركس أو نقد أو غيرهما من القادة العالميين أو المحليين.
أما وصف الأستاذ لموقف الحزب من الديمقراطية البرلمانية(بالبراغماتية) فالحديث يقود لجوانب هامة وعديدة وحتى تصبح النظرية الماركسية اللينينيه نظرية طبقية للثورة الاجتماعية مرت بمخاض تدرج معرفي من المادية (كمذهب) وقوانين التطور الجدلي وموضوعيتها(منهج) والممارسة الثورية للأحزاب الشيوعية وطلائع البروليتاريا(تطبيق) وانعكست هذه المعارف على العلوم كلها وحيث أن الجزولي رجل ضليع في مهنة المحاماة نقول له بالأثر العلمي للنظرية في حقل فقه الحقوق وتدرجه من الدستور إلى القانون واللوائح في فعل التنفيذ لولا هذا التدرج لأصبحت حاجة حكام كرة القدم، وسائقي الركشات، وبائعات الشاي والباعة المتجولين للتراص صفوفا أمام المحكمة الدستورية مما يلزم جيوش من قوات السواري لتنظيمهم أو أن تفتح المحكمة الدستورية ملايين الفروع لها بين كل شبر وآخر فما أشبه مقارنة آليات الممارسة بالمذهب الفكري في وصف الديمقراطية البرلمانية بالبراغماتيه كما في مقارنة اللوائح بالدستور، وحيث بات الفاصل بين العلم والفلسفة أوهن من خيط العنكبوت بما يعرف الآن بعلم الاستمولجي (فلسفة العلم)، كما استجلت العلوم مفهوم التطابق والتناسب (التنميط) بالية المقارنة كنسبة، ولا يكتب لها النجاح والصحة إلا أن كانت الأشياء المقارن بينها من نوع واحد، فلا يجوز علميا مقارنة الممارسة في الواقع (الميكانزم) كتطبيق بالفلسفة كمذهب في مستواه الأعلى حتى نصف ممارسة الديمقراطية التعددية وموقف الحزب منها (بالبراغماتزم) لتمايز المستوى المعرفي لكل منهما كما نود أن نضيف بان اتخاذ فلسفة ما مادية أو مثالية أو براغماتية أمرا يقع في خانة (التحكم الاختياري) بمعني أن الذات وكفاءتها المعرفية تلعب دورا أساسيا في اتخاذ مذهب ما ويقال ذلك أيضا على اتخاذ أي منهج شاء الإنسان اتخاذه حسب القدرات الفكرية وسعة الوعي الشخصية أما مفاصل فعل الممارسة (مثل التعددية الديمقراطية) هي واقعا موضوعيا بحتا منفلتا عن(التحكم الاختياري) ويصبح لا مناص من قبوله براهنه المعطي وفعل تحليل واقعه وفعل النضال والثورة فيه بأفق التغيير الايجابي حيث كذا يبيت لا يتحمل الرفض العدمي ولا القبول المطلق في شاكلة عبارات الجزولي (مرة وللأبد) أو نقد( لسنا مستعدين لنخضع فيها لنصائح نظرية).
أما المفيد جدا هو أن نعود مرة أخرى لاستجلاء فهم (دكتاتورية البروليتاريا) حيث هي غاية تتعدد أشكال واليات الوصول لأفعال جوهرها ومحتواها في استيلاء أكثر الطبقات والفئات المستغلة (بفتح الغين) لسلطة الدولة ورغم إني كما أسلفت من غير المحبذين لاستشهاد بقول الأفراد لكن تظل النصوص (المتواترة) غير مفصولة البتة عن قائلوها فالبيان الشيوعي الذي صاغاه الثوار ماركس وانجلز يقول في صفحته الـ52 ما يلي( بالرغم من أن نضال البروليتاريا ضد البرجوازية ليس في أساسه نضالا وطنيا وهو مع ذلك يتخذ هذا الشكل في بادئ الأمر ، إذ لا حاجة للقول بان على البروليتاريا في كل قطر من الأقطار أن تقضي قبل كل شئ على برجوازيتها الخاصة).
ويقول لينين( أن الماركسية تعادي كل الصيغ الجاهزة ووصفات المذهبيين وتقر بان التغيير في الأوضاع الاجتماعية يؤدي حتما إلى ظهور أشكال جديدة لا يعرفها مناضلو الفترة المعينة).(لينين-ماركس انجلز والماركسية صـ229).
ويتواتر النص وضوحا في قول لينين أيضا (أن الاشتراكية هي المطاف الحتمي الأخير لكل الأمم، ولكن كل الأمم لن تصل إليها بنفس الأسلوب، بل ستضفي كل امة بعض خصائصها على شكل معين من الديمقراطية على نوع ما من دكتاتورية البروليتاريا، على وتيرة ما من وثائر التحولات الاشتراكية في جوانب الحياة الاجتماعية المختلفة).(لينين-المؤلفات الكاملة-المجلد20 صـ123).
أما المفكر الماركسي المعاصر والشاهد لتجارب اشتراكية عديدة ومختلفة والذي اصدر كتابه في العام 1985م عن دار التقدم (موسكو) افاناسيف يقول(يعتمد شكل دكتاتورية البروليتاريا على الظروف التاريخية المحددة في البلد المعين، أي على مستوى تطوره الاقتصادي،وتناسب القوى الطبقية وحدة الصراع الطبقي، والتقاليد الوطنية والتاريخية للشعب وأيضا على الوضع الدولي).(افاناسيف-أسس المعارف الفلسفية صـ314).
أفما يتضح جليا من الشواهد أعلاه تساوق واتساق موقف الحزب في دورة اللجنة المركزية في 1977م من الديمقراطية البرلمانية و(المتواتر) من النصوص الماركسية !!؟ فيبدو لي أن الأمر لا يحتاج لكبير عناء أو فانوس.
يختم الأستاذ كمال الجزولي بسؤال خاص للأستاذ السر بابو فليس من حق احد الإجابة عليه،ولكن تضمنت لغته عبارات تلفت إليها الانتباه مثلا( بالأصالة عن نفسه لا بالإنابة عن غيره!!!!!) أو( بعيدا عما لم يعهد فيه !!!!) تملأني العبارة الأولى بالكلام رغم ذلك سأكتمه وأسره في نفسي حتى لا يصب في خانة زيادة الحساسية أما العبارة (بعيدا عما لم يعهد فيه !!!!) فالأستاذ السر بابو أكثر من يعرف قانون نيوتن الأول للحركة وهو قابل للتطبيق على المستوي الشخصي والمجتمع مثله مثل أي قانون طبيعي مهد لجعل الماركسية نظرية ثورة اجتماعية يعتمد هذا القانون على مبدأ ومعلولات القصور الذاتي.فحتما لا يقبل الأستاذ بابو أن يبقي كما عهده الأستاذ كمال الجزولي في الماضي لأنه بذلك يقع في مفهوم القانون الأول للحركة إذ يظل في حالته (أستاذ بابو) من السكون والحراك المنظم وكيف له ذلك في حين أن الحزب والسودان والعالم أجمع يعج بالمتغيرات وأثرها المدوي وإفضائها لاختلافات فكرية وتنظيمية عديدة، بجانب أن مثل هذه الدعوة تسوق الحوارات العقلية بإفاداتها وإمتاعها وتخصيب الرأي والرأي الأخر لخطاب وجداني ومشاعري على شاكلة سطحية علاقات الأطفال والصبية.
كل ذلك لا ينتقص من الأدوار وكفاءة الشخصيات في مثل العمق المعرفي والماركسي والفكري كناتج ومحصلة موضوعية عند أستاذ السر بابو اثر تخصصه في علم الفيزياء والرياضيات وما يرتبط بهما وثيقا من المنطق في حالتيه العينية والصورية،وأيضا ليس هذا حدثا منافيا لذلك الذي يحفظ للدكتور الشفيع تضحياته ونضالاته المشهودة وإسهاماته السياسية وكفاءته القيادية وبروز شخصيته وقبوله عند الآخرين.فلم المدارقة بينها !!؟ في مثل الدفاع أو النصح، وفي معيتنا (اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية) ولا نشك أبدا في علو الروح الرفاقية عندهما،وان ظهر بعض عداء خلف العبارات حتما في الباطن الود الجميل، ونستأذن الأستاذة رباح الصادق المهدي عنوانها (فليبق ما بيننا) الهم الواحد،والحس المشترك.