ثورة 14 تموز والفرصة التاريخية لانتصار الاشتراكية


عودت ناجي الحمداني
2008 / 7 / 18 - 03:14     

لم تكن ثورة الرابع عشر من تموز انقلابا فوقيا منعزلا عن الشعب,فقد انطلقت شرارة الثورة نتيجة لاختمار الوضع الثوري ولابد للقوى الثورية من أستثماراللحظة التارخية لأجراء التغيير الثوري في الاطاحة بالسلطة بالملكية ركيزة الاستعمار والرجعية .
ان النضال الوطني للقوى والاحزاب الوطنية منذ الثلاثينات وفي طليعتها الحزب الشيوعي العراقي داينمو الكفاح الوطني قد أجج الروح الوطنية لأسقاط الطغمة الملكية المعادية لمصالح الشعب. وقد انتصرت الثورة بفعل تحالف الشعب المتمثل بجبهة الاتحاد الوطني والضباط الاحرار في شخص الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم.
وتتجسد عظمة الثورة بالانجازات العملاقة التي حققتها في فترة وجيزة من عمرها ,فمن بين الانجازات التي حققتها الثورة اصدار قانون النفط رقم 80 الذي امم من الشركات الاجنبية 95,5/ من مناطق البترول غير المستثمرة وبذلك وضع الثروة البترولية تحت السيادة الوطنية واصدار قانون الأصلاح الزراعي رقم 30 الذي تم بموجبة توزيع الارض على الفلاحين الفقراء وحررهم من عبودية الاقطاع, وقانون الأحوال المدنية رقم 188 الذي ما زال العراق بأمس الحاجة لمثل هذا القانون لضمان حقوق المراة التي صادرتها حكومة الوحدة الطائفية.
ومن الانجازات التي حققتها الثورة تحريرالعملة الوطنية من الكتلة الأسترلينية وفك ارتباط العراق بحلف بغداد العسكري , اضافة الى الكثير من الانجازات التي تتعلق بحرية العمل النقابي والديمقراطي وتحسين ظروف العمل ومجانية التعليم والصحة لجميع العراقيين وابداء الاهتمام الجدي باحوال الفقراء والكادحين حيت جرى تشييد الكثير من الوحدات السكنية للعمال والفقراء في كافة ارجاء البلد , ان مدينة الثورة في بغداد التي تضم اكثر من مليوني عراقي من الفقراء والكادحين هي نموذج للأنجازات
الكثيره التي تحققت في المدن العراقية الاخرى .

لقد اعلنت الثورة في ظروف دولية تميزت بالصراع الحاد بين النظامين الدوليين الاشتراكي والرأسمالي , و حضت الثورة منذ الساعات الاولى لأعلانها بدعم واسناد الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية العالمية , وبذلك ضمنت حمايتها من التدخل الخارجي والذي تاكد بصورة جلية في الموقف الاممي للاتحاد السوفيتي الذي افشل مخططات الحكومتين الامريكية والبريطانية لأنزال قواتهما في لبنان والأردن لؤد الثورة في مهدها .
لقد ادى التراخي من قبل زعيم الثورة وعدم يقضته تجاه المخاطر التي تشكلها المؤمرات الرجعية وتهاونه في أتخاذ الاجرءأت الرادعة لحماية الثورة ومنجزاتها الى تشجيع القوى الرجعية المحلية والدولية للأنقضاض على الثورة .
ان النزعة الفردية للزعيم عبد الكريم قاسم في قيادة الثورة قد ادى الى صراعات فكرية
بينه و بين الضباط الاحرار و بين قاسم والحركة الوطنية حول سترتيجية الحكم مما ادى الى انتكاسة كبيرة وبذلك لم يتحقق هدف الشعب بتحويل الحكم الى نظام ديمقراطي برلماني وهو احد الاهداف الرئيسية للثورة . ولم تتخذ الحكومة التحوطات الكافية لأنقاذ الثورة من تطاولات الاعداء وظلت القوى المعادية للتوجهات السياسية والأقتصادية والأحتماعية للثورة معشعشة في مراكز القرار في الاجهزة الادارية .
وأرضاءا للقوى القومية والبعثية وللقوى العميلة المتحالفه معها جرى محاربة لحزب الشيوعي وحل تشكيلات المقاومة الشعبية التي شكلها للدفاع عن الثورة مما شكل الخطوة الاولى لتراجع قاسم واذعانه للقوى المعادية للشعب والثورة.
لقد لعب الحزب الشيوعي العراقي دورا حاسما في تامين الدعم الجماهيري لنجاح الثورة .
ودافع الحزب كطليعة مقدامة منذ ولادته في الثلاثينات عن المصالح الاقتصادية والسياسية للشعب وطالب بالاستقلال السياسي والاقتصادي للعراق وبتحرير الثروة النفطية من السيطرة الاستعمارية .
ان نزعة قاسم الفردية وعدم انفتاحه على القوى الوطنية وابعاد الحزب الشيوعي عن
المشاركة بالحكومة واعتقال كوادره قد اضعف سنده الجماهيري .كما ان النزعة العسكرية لقاسم في قيادة السلطة وعدم قدرته على تحليل طبيعة الصراع السياسي والطبقيى الذي يدور بين الفئات الطفيلية من عملاء شركات النفط والقوى الاقطاعية والبرجوازية الكومبرادورية وبين فئات الشعب الكادحة وضعف ادراكه للمخططات المحلية والدولية الرامية للاجهاز على الثورة واعادة نفوذ الشركات الامبريالية التي فقدت امتيازاتها النفطية بالعراق جراء قرار تاميم النفط , وعدم اعتماده على القوى الاساسية التي يهمها نجاح الثورة قد ادى الى تسلل القوى الفاشية والاطاحة بالثورة واغراق البلاد بالدم وتشكيل سلطة دموية لا مثيل لها الا بالانظمة الاكثر فاشية في العالم .
وعليه فالتقييم الموضوعي للثورة وطبيعتها الطبقية يجعلنا تثبيت الآتي :
1- ان ثورة 14 تموز هي ثورة وطنية ذو طابع ديمقراطي بقيادة البرجوازية الوطنية.
2- اطاحت الثورة بالملكية واقامت على انقاضها النظام الجمهوري وبذلك تاسست جمهورية العراق.
3- حققت الثورة بعض الانجازات المهمة لصالح الشعب كما اشرنا لها في بداية الموضوع.
4- تميزت قيادة الثورة بالنزعة الفردية وبروز ظاهرة الزعيم الاوحد.
5- لم تستطع الثورة تحقيق الحكم الديمقراطي البرلماني الذي يحترم ارادة الشعب.
6- لم تشخص الثورةاعدائها الحقيقيين ولم تتخذ الاجراءات الضرورية للدفاع عنها وعن انجازاتها.

ونعتقد ان كل هذة التحليلات اصبحت من البديهيات للقاريء بعد مرور اكثر من خمسة
عقود على اعلان الثورة غير ان السؤال الكبير الذي يطرح نفسه بالحاح هو اين دور الحزب الشيوعي العراقي وهو يرى التدهور والتراجع الذي الت اليه الثورة؟
فالحزب الشيوعي في تلك الفترة هو الحزب الوحيد القادر على تعبئة ملاييين الجماهير خلال ساعات وجيزة وهو الحزب الذي يملك تنظيمات حزبية قوية في كافة تشكيلات الجيش العراقي وخصوصا في قيادة القوة الجوية و في قيادة فرق الجيش العراقي وفي مؤسسة الاذاعة والتلفزيون وفي كافة الاجهزة المدنية للدولة والاكثر من هذا ان الجماهير العراقية تنتظر اشارة واحدة من الحزب كي تقتحم السماء. وبأختصار كان على الحزب ان يدرك ان الاطاحة بالثورة يعني تصفية منجزات الشعب واعادة نفوذ الاستعمار واقامة دكتاتورية دموية تغرق الحزب الشيوعي والحركة الوطنية بالدم وبالتالي فالمستهدف من الاطاحة بالثورة قبل كل شيء هو الحزب الشيوعي لانه المدافع الحقيقي عن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي حققتها الثورة ولانه الحزب الذي يشكل اكبر قوة حزبية وجماهيرية على مساحة العراق من شماله الى جنوبه .وبالتالي فالحزب الشيوعي يشكل العقبه الكاداء في طريق المخططات الاستعمارية والرجعية بالعراق .

ان مصالح الشعب والحفاظ على انجازاته الثورية المتمثلة بتاميم النفط و الاصلاح الزراعي والمنجزات الاخرى و قطع الطريق على القوى الرجعية والاستعمارية من الانقضاض على السلطة السياسية كان الاجدر بالحزب الشيوعي التحرك بسرعة للحسم الثوري وتغيير الحكم وتحويله الى حكم ديمقراطي لان ذلك هو الطريق الاصوب لتحقيق اهداف الشعب واهداف الحزب في اقامة الاشتراكية بالعراق خصوصا بعد مظاهرالتذبذب
في مواقف عبد الكريم قاسم وقيامه باعتقالات واسعة في صفوف الحزب وتنامي نفوذ القوى القومية والبعثية وتحافهم مع القوى الاقطاعية والاستعمارية في جبهة العداء للشيوعية.
ان ملايين الناس من خيرة كادحي ومثقفي شعبنا وضعو ثقتهم بالحزب فالحزب بنظريته الثورية وبيقضته السياسية وتنظيماته القوية وبسياساته المعبرة عن المصالح الاكثر جذرية للمجتمع العراقي يكون امام مسؤولية تاريخية تفرض عليه الاقدام بجراة ثورية لوضع السلطة السياسية بيد الطبقة العاملة, واقامة النظام الديمقراطي المنشود الذي يعبر عن حكم الطبقة العاملة .
فالبرجوازية التي قادة الثورة لم تكن مؤهلة للمضي بالثورة حتى تحقيق اهداف الشعب
النهائية باقامة النظام الاشتراكي , وان القوى المتربصة بالثورة تمارس نشاطاتها العدوانية بدون رادع كما ان الموقف المتهاون لعبد الكريم قاسم شجع القوى الرجعية والعفلقية لتنظيم قواها وتحركها للاطاحة بالثورة . وكان على الحزب ان يدرك ان
استمرار نهج قاسم بهذه الدروشة السياسية سوف يؤدي الى الكارثة . وكان عليه ان يدرك ان الخسائر التي يتكبدها تنظيميا وسياسيا وما يقع على الشعب من اعباء كارثية هي اكثر الف الف مرة من الخسائر التي تكلفه لو بادر لتغيير الحكم ووضع السلطة بيد الشعب .