مصادر المعرفه والايمان وعاتق المسؤوليه على من؟

هاشم الخالدي
2008 / 6 / 21 - 02:13     

اثار موضوع السيد زهير الخويلدي مسالة في غاية الاهميه والحساسيه في مقاله على موقع البديل العراقي يوم18 حزيران حول ندوه نظمها منتدى الجاحظ الذي يرفع منذ انبعاثه شعار:"من أجل تنوير عربي إسلامي" يوم الأربعاء 4 جوان 2008 مناظرة بين فيلسوفين عربيين مميزين هما المصري حسن حنفي والتونسي أبو يعرب المرزوقي وختمها بملاحظته القيمه اذ يقول ... لقد حركت فينا جميعا هذه المناظرة الكثير من الأسئلة وحققت لنا الاستفادة لأن تقدم الفكر العربي لن يتحقق الا بتكرار مثل هذه المناظرات وبإجراء حوار نظري بين العلماء يقومون من خلاله بمراجعة جذرية للمشاريع السائدة قصد نقدها وتلمس بديل حضاري متوازن.

في الحقيقه ان مصدر المعرفه هو الادراك او الوعي الناتج من علاقة الانسان الذي يمتلك قدرة ادراك بالواقع وليس الفلسفه والدين,لذلك فالدين وهو المقدس مصدره الايحاء من علاقة الانسان الذي يمتلك قدرة ادراك مع الوجود ,ومقولتي الواقع والوجود هنا تعكس النسبي والمطلق على التوالي ,ولولا قدرة الادراك كخاصيه مميزه للانسان لما عرف الادراك وعيا ولا الادراك وحيا ,فالفلسفه ليست مصدر وحيد للمعرفه اذ ان هناك مصدر اخر لها هو العلوم ,اما الدين فليس مصدر للمعرفه بل ان المعرفه هي احدى مصدري الدين كفكر, اذ ان للدين كفكرمصدر اخر هو الوحي او الايحاء عن الوجود( المطلق)..وعندما ننظر الى الديني كمصدر للمعرفه فاننا نقصد الفكر الديني وهو مصدر هجين للمعرفه و غير مباشر,هجين لانه نتاج الوعي- المعرفه زائدا الوحي-المقدس , وغير مباشر لانه هو بذاته اخذ المعرفه وحمّلها واكتسبها من مصدر الوعي,فالدين غير الفكرانيه الدينيه ,ان الفكرانيه الدينيه هي ما تعارفنا عليه خطاْ دين وتوارثنا فهمه هذا,و ان المشكله الكبرى تكمن في ذلك بحيث اصبح الدين النقي يحمل معارف عصور سابقه اكتسبت اليقينيه بغطاء المقدس عبر حقب زمنيه متعدده ,وقبل أي حل لهذه المعظله لابد من تشخيص المقدس في سمته السكونيه الغير خاضع للجدل الا هذا التشخيص نفسه سوف يحمل ما يشوب الوصول الحقيقي اليه بسبب سمة المقدس المطلقه وعجزادراك الانسان له ادراكا وعيويا فالايحاء هو الاداة الوحيده لادراكه لذلك يبقى هامش او مدى معين بين المقدس والوعي هي من المحرم, وقد تم تشخيصه نصا في حدود الله لا تقربوها وكل ما عداها قابل لدور الوعي فيمد مع السيروره التاريخيه بقدر الموازنه بين مسارات النزعات الثلاث بما يحفظ اضطراد التقدم فيحتمل الخطأ والصواب مما يجعل المسيره معرضه للتراجع والمراجعه الدائمه ان المحرمات تكاد تكون واحده في جوهر جميع الاديان , وان حل هذه المعضله يكمن في اعادة استخدام المعرفه ولكن المعاصره لكي نكوّن فكر متصل بالمقدس أي فكر ديني معاصر,فالمقدسات غير اليقينيات لان الاخيره من النتاجا ت السلبيه للوعي فهي ليست من الدين وانما من اسر الدين بالفكر وعادة ما يكون فكرا سابقا قديما وهذا فعلا ما يجعل الحوار داخل الفكر الديني صعب وتلك هي الثنائيه كيف نتجاوزها؟؟؟ فالاصح ان نقول ان الفلسفه هي احد مصادر المعرفه اما الدين فهو مصدر الايمان ,ان الايمان والمعرفه هي نزعتين انسانتين مضافتين الى النزعه الغريزيه وان النزعات الثلاث هي مصدر التطور التاريخي للمجتمعات الانسانيه ,فبقدر نجاحنا في تجديد الفكر الديني بالمعرفه وبقدر استزادة معارفنا بالمعرفه الجديده نكون قادرين على اجتياز الثنائيه,فالدين تلبية واستجابة للمقدس وبتعبير اخر هو الاسلام للله ينعكس على ارض الواقع بدليل وهدى المقدس كقوه مهيمنه مطلقه لا يعلوها كلمة او اراده بالفضيله اي بالاستخدام الايجابي لتخادم المعرفه والغريزه مقابل الرذيله التي هي نتاج الاستخدام السلبي لتخادم المعرفه والغريزه فهو عمل و جهاد في الحق و العدل يتخذ صيغ تنفيذيه عبر الموازنه الزمانيه والمكانيه بين النزعات الثلاث بما يؤمن التقدم الاحسن والاصلح بالتأمل والبحث والدراسه , هو ليس نصوص مقدسه او معطيات تجارب السلف والتابعين انما تلك النصوص والمعطيات هي مزيج زماني ومكاني من الايمان والمعرفه ينبغي ان يرتفع انساننا المعاصر لانتاج نصوص ومعطيات محمولة على ذلك الايمان ,فكيف يتم ذلك حتى يكون الديني والفلسفي او الايماني والمعرفي محتفظين بتوافقهما ولا يتناقضان,ان الشرط هو وحدة الديانات مقابل وحدة المعرفه..فالوحده لا تلغي الاستقلاليه فلتكن تعدديه اذن شريطة من اجل الوحدة, ولن يكون ذالك الا ان تستوفي الوحده متطلبات بقائها وهو تجديد معارفها وتجديد وحدتها مع الايمان ,ان التخلف والتقدم هو مقياس قدرة المجتمعات على اجتياز تلك الثنائيه (فجوهر الإشكالية التي يعاني منها العرب تتمثل في كون الشخص العلماني يزعم أن الفكر الديني هو عائق أمام تطور الواقع والشخص الإيماني يدعي أن الفكر العلماني هو عائق أمام التمسك بالأخلاق هي دليل التخلف)وتلك مهمة الفكر الفلسفي فالخلل الفلسفي الذي تعاني منه الامه هو وراء ذلك الصدام المصطنع وهو ليس مقتصرا على العرب انما يبرز في بلاد العرب والمسلمين لتخلفهم وطغيان فلسفة البعد الواحد التي غزت ارضهم في حقبة سيادة الفكر الشمولي القديم والمقلدين له ومن يتخذه مرجع من حركات وطنيه وقوميه بقدراو باخر وانظمتها واحزابها فهم جميعا مسؤولون,فالفكر الديني التقليدي فكرا موروثا ينتظر التجديد,وان من يعاني الازمه ويضطلع بها هو الفلسفه فمتى ما استطاعت الفلسفه من استيعاب الدرس واقرت بان الادراك وعيا الى جانب الادراك وحيا هما ظاهرتان موضوعيتنان ويشكلان مسارين من السيروره التاريخيه للانسان منذ نشوءه وان الصراعات وقوانين الصراعات في الملكيه والمصالح وظهور الطبقات والامم في مستويات متعاقبه من تطور قوى الانتاج هو شكل للصيروره مستقل عن المعرفه والايمان رغم العلاقه الجدليه معهما فمتى ما حصل ذلك عبر عمليه نقديه جريئه للفكر المحتمي بالمقدس ,بينما لا زال الفكر والفلسفه بين خانة الرفض السلبي وبين الخشيه من نقد ه وبالتالي سيكون مسؤولا عن التخلف, ان المعرفه المصدر الدافع للانسان الى الضروره التعدديه والايمان بالمقدس المصدرالدافع للانسان الى الفضيله,و لا يمكن الاستغناء عنها في سيرورة متوازنه للتاريخ الحضاري.